تنوّعت المنتجات الفلاحية بولاية ورقلة خلال سنوات الأخيرة، بين منتجات النخيل من مختلف أنواع التمور، وكذا الأشجار المثمرة كالإجاص والعنب والرمان والحمضيات، بشكل يعبر عن توجه جديد واهتمام كبير بالاستثمار في شعب فلاحية مهمة، كإنتاج الحبوب والسلجم الزيتي، مع إبداء عناية خاصة للحفاظ على نشاط زراعة النخيل وأنواع التمور المنتجة محليا من طرف الفلاحين. وفي هذا الصدد، أكد العديد من الفلاحين الذين استطلعت آراءهم «الشعب» اهتمامهم بتجربة بعض الزراعات، مع الاحتفاظ بالنشاط الأصلي لغابات وبساتين النخيل بالولاية. وأشار عدد منهم إلى تجارب خاضوها في مجال زراعة الأشجار المثمرة وأعطت نتائج مشجعة، على غرار الفلاح عز الدين بمنطقة حاسي ميلود والذي بدأ نشاطه بزراعة النخيل وإنتاج التمور، ثم توسع إلى زراعة الأشجار المثمرة وانطلق في تجربته لزراعة الإجاص منذ حوالي 4 سنوات والتي أعطت منتوجا جيدا من أول سنة دون استعمال أية إضافات. وذكر أن سر نجاح هذه الزراعة يكمن في اعتماده على تقنية خاصة من إنتاجه تعمل على تنظيم عملية السقي، ونظرا لما حققته تجربته من نجاح، أكد الفلاح رمضاني أنه يفكر في التوسعة مستقبلا بتكثيف زراعة الإجاص. من جانب آخر أشار المتحدث أن مزرعته تنشط منذ 12 سنة في زراعة النخيل وإنتاج التمور، حيث تنتج مختلف أنواع التمور منها، تمصريت وتاكرموست ودقلة نور وليتيم وغيرها، كما تتوفر على 70 نخلة غرس و60 نخلة دقلة، بالإضافة إلى 100 نخلة غرس جديدة سينطلق في زراعتها هذه السنة. المحافظة على إنتاج التمور كنشاط أصلي وفي سياق الحديث عن المحافظة على أصناف التمور بغابات النخيل التي تتوفر عليها الولاية وبمقابل تطوير بعض الزراعات الجديدة التي ينشط فيها العديد من الفلاحين بورقلة، يهتم بعض المزارعين بالحفاظ على أنواع النخيل والتمور المنتجة محليا، وفي هذا السياق تعد مزرعة بودواية في بامنديل بورقلة أحد المزارع التي تتوفر على ما يقارب 1600 نخلة، منها 1100 مثمرة ونحو 500 نخلة في طور النمو في جميع أصناف التمور. ويسعى الفلاح محمد بودواية من خلال نشاطه إلى المحافظة على بعض الأنواع من التمور الآيلة للندرة، منها «بنت خبالة» و»تاوذانت»، هذه الأخيرة التي تعد من النخيل التي تنضج متأخرة وتبقى حتى شهر جانفي في شكل رطب أو منقر. وبالإضافة إلى إنتاج التمور والحفاظ على مختلف أصنافها وتموين السوق المحلية والوطنية وتوجيه بعض الأنواع للتصدير، تنشط هذه المزرعة في تجهيز فسائل النخيل وزراعة البساتين والمساعدة على العناية بغابات النخيل ومعالجة داء البوفروة الذي استطاع الفلاحون الناشطون فيها إيجاد حلول عملية ساعدتهم على القضاء عليه بنسبة كبيرة جدا. من جانبه الفلاح الحاج الناصر بيات، صاحب مزرعة مختصة في تربية وتسمين العجول بمنطقة عين موسى ببلدية ورقلة، بالإضافة إلى إنتاج مختلف الفواكه والخضروات، ذكر في حديثه ل»الشعب» أنه اعتمد في تجربة خاصة كانت موجهة للزراعة المعاشية أكثر وليست للتسويق على زراعة الأشجار المثمرة بين النخيل من أجل توفير الأجواء الملائمة، وحققت تجربته نتائج مشجعة جدا، حيث أنتج الإجاص والرمان والعنب والثوم بنوعية وكمية جيدة، دون اللجوء لأية إضافات وبالاعتماد على الأسمدة الطبيعية فقط، بالإضافة إلى زراعة الزعفران التي انطلقت فيها المزرعة بكمية قليلة وكان الإنتاج جيدا وينوي الفلاح التوسع فيها أكثر خلال هذه السنة. الأعلاف والظروف المناخية أبرز التحدّيات أما بالنسبة لتربية وتسمين العجول فقد أشار المتحدث أن مزرعته تتوفر على عجول من أكبر إلى أصغر حجم موجهة لإنتاج اللحوم وتموين السوق المحلية، انطلقت المزرعة في نشاطها منذ نحو 6 سنوات ويصل عدد الرؤوس فيها لنحو 200 رأس وعن بعض التحدّيات التي تواجه هذا النشاط ذكر المربي بيات أن فترة ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف أكبر تحدي يواجه المربين، حيث تؤدي الحرارة إلى نفوق عدد من الرؤوس، كما أشار إلى ارتفاع في سعر الأعلاف في السوق، والذي أضحى يثقل كاهل المربين. وفي سياق نشاط المربين، ذكر مسعود بن الصيد رئيس المجلس المهني المشترك لشعبة الإبل لولاية ورقلة بخصوص نشاط حليب النوق أن هذا النشاط مازال محصورا بين فئة مربي الإبل فقط، مبرزا أهمية توفر مصنع خاص بإنتاج وتعليب حليب النوق يتكفل بتجميعه من المربين بالولاية بصفة منتظمة. وبالحديث عن هذه الشعبة الهامة، تطرق المتحدث إلى ارتباط إنتاج حليب النوق بتغذية الإبل والتي أضحت ترتكز أكثر على الأعلاف، عوضا عن المراعي نظرا لتراجع الغطاء النباتي بها، مشيرا إلى أن المربين يفكرون في تقديم اقتراح لوزارة الفلاحة من أجل استحداث محميات نباتية عن طريق الرش المحوري لتتغذى منها الإبل سواء على الشعير أو الخرطال، كما يتم تجميع الحليب يوميا من كل مربي لتوجيهه نحو المصنع الذي ينتظر أن يكون على مستوى الولاية، هذا على اعتبار أن توفير الأعلاف بالكميات الكافية للإبل أضحى ضروريا بالنظر إلى أن المربين يعتمدون في تغذية الإبل بنسبة 80 في المائة على الأعلاف و20 في المائة عن طريق المراعي عكس ما كان في السابق. وبالتعريج على أهمية التعاونيات الفلاحية التي توفر العديد من الامتيازات المهمة بالنسبة للفلاح كما تعد تنظيما فاعلا في تسهيل نشاطه، أكد المهندس الزراعي بالتعاونية الفلاحية المتعددة الخدمات سليم مدور أن عدد التعاونيات الفلاحية مازال قليلا على الرغم من المزايا الكثيرة التي يمكن للفلاح الاستفادة منها، حيث توفر التعاونيات العديد من الخدمات الهامة وبأسعار منخفضة للمنخرطين، بالمقارنة مع غيرهم من الفلاحين على غرار العتاد الفلاحي والأغذية والأعلاف الحيوانية ومختلف المنتجات الفلاحية، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات للفلاحين بخصوص استعمال الأدوية في كل أنواع المنتجات الفلاحية، كما تساعد التعاونية الفلاح بشراء منتجاته أيضا.