هي المرأة التي سبقت زمانها.. القايدة حليمة التي أبانت عن صلابة وشجاعة، جعلتها اسما لامعا في التاريخ الوهراني الحديث، غرب الجزائر، وقد «كانت فارسة، من العائلات الريفية الأرستقراطية غرب الجزائر، سيّرت ثروة طائلة، من الممتلكات والأراضي والمزارع، جعلت الفرنسيين ينحنون احتراما وإجلالا لشخصيتها القوية». برزت القايدة حليمة كشخصية قوية في القطاع الوهراني غرب الجزائر، بعد وفاة زوجها»، وترك لها زوجها ثروة طائلة من الأموال والعقارات، آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، حيث كان والده يملك 13000 هكتار من الأراضي التي تمتد من وهران إلى عين تموشنت غرب الجزائر، أما القايدة حليمة، فتنتسب إلى عائلة محمد بن يوسف الزياني، حيث ولدت عام 1855، ببرج ولد المخفي، قرب مدينة معسكر. كان والدها رجلا متعلما، وقاضيا، ومؤلفا، صاحب كتاب «دليل الحيران، وأنيس السهران في أخبار وهران»، ويصفه ناشر الكاتب «بمحمد بن يوسف البرجي»، نسبة إلى البلدة التي وُلدت فيها القايدة حليمة. لم يُعمّر زواج حليمة من ابن عمها معطى الله طويلا، فقد تطلقت منه، ثم تزوجت من علي ولد السي أحمد ولد قادي، وهو الزواج الذي أحدث تحولا كبيرا في شخصية القايدة حليمة، التي ارتبطت بعائلة أرستقراطية، من كبار العائلات في الغرب الجزائري، خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين. وتنحدر من «قبيلة دواير التي ينحدر منها سي أحمد ولد قادي، الذي تقلد منصب باشا آغا فرندة، وحمل وسام جوقة الشرف. أما ابنه الأول علي ويقصد زوج القايدة حليمة، فكان قائدا على قبيلة شلاق، وعرفت هذه العائلة كلها بثرائها الواسع في المنطقة الوهرانية». واكتسبت القايدة حليمة زياني بن يوسف قوتها وهيمنتها في القطاع الوهراني، من نفوذ وثراء زوجها، الذي توفي عام 1931، وبوفاته تولت القايدة حليمة، إدارة أملاكه من الأموال والعقارات والأراضي الزراعية في سهل ملاتة، وتليلات، وعين تموشنت. ومن المفارقات، حسب المؤرخين أن المعمرين من الإسبان، والفرنسيين القادمين من جنوبفرنسا، كانوا يشتغلون في مزارعها كأجراء، بل «إن رجال الدرك الفرنسيين، كانوا ينحنون لها عند تحيتها، خشية غضبها وتقديرا واحتراما لها». ساعدت فقراء الجزائر ونافست القايدة حليمة، المعمرين الأوروبيين في القطاع الوهراني، بثروتها التي «وضعت جزءا منها في خدمة اليتامى والفقراء، عندما تكفلت بيتامى العائلات الجزائرية التي هاجرت إلى سورية خلال فترة تواجد الأمير عبد القادر هناك». كما أن زوجها تبرع ب 3560 هكتار من الأراضي للفرنسيين، من أجل بناء مدينة العامرية، حيث وقع نابليون الثالث على مرسوم تحويل الملكية. ويُعرف عن القايدة حليمة، أنها تبرعت بقطعة أرض شاسعة، حتى يتمكن «الوهارنة» من دفن موتاهم بعين البيضاء، التي تعتبر أكبر مقبرة في المنطقة، مثلما بنت مسجد بن كابو بمدينة وهران. كانت وفاتها في عام 1944، بوهران ودفنت قرب مسجد بن كابو الذي بنته، خلدت الأهازيج الشعبية في التراث الجزائري، شخصية القايدة حليمة التي اقترنت في ذاكرة الجزائريين خصوصا في الغرب بصلابة وقوة شخصيتها، وقد تغنى التراث الشعبي بها على لسان المطرب الوهراني أحمد بناصر.