على وتر الأمل في التحرر وألم الحرب واللجوء، استعاد الشعب الصحراوي أمس الذكرى الثانية لخرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار، واستئناف جبهة البوليساريو الكفاح المسلح في وجه الاحتلال المغربي. تأتي الذكرى الثانية للاعتداء الهمجي للقوات المغربية على المدنيين الصحراويين في المنطقة العازلة بالكركرات، في ظل إصرار الشعب الصحراوي على افتكاك حريته، وكله أمل في العيش كريماً فوق ترابه الوطني، سبيله الوحيد، مخطط تسوية أممي، وجيش تحرري يواصل دك تخندقات العدو على طول جدار العار، وسط تصعيد خطير وغير مسبوق لانتهاكات حقوق الانسان في المدن الصحراوية المحتلة، والتي راح ضحيتها عشرات المدنيين الصحراويين. قرار جبهة البوليساريو استئناف كفاحها المسلح في وجه الاحتلال المغربي، جاء كردّة فعل نتيجة فقدان الأمل فيما يطلق عليه مخطط التسوية الأممي الذي وافق عليه الطرفان سنة 1991، بالإضافة الى أن الشعب الصحراوي قد سئم من طول الانتظار، فثلاثون سنة كانت كافية للحكم على مشروع أممي يصفه الصحراوين بأنه مشروع وُلِد ميتاً. أشغال المؤتمر ال15 لجبهة البوليساريو المنعقد في شهر ديسمبر من سنة 2019، شكّل خارطة طريق نحو استراتيجية جديدة، تبنتها قيادات البوليساريو بتزكية من الشعب الصحراوي، والتي بموجبها أقرّت ضرورة إعادة النظر في التعامل مع البعثة الأممية المكلفة بتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية «مينورسو»، والذي شكّل بدوره بداية نهاية الهدوء الذي شهدته المنطقة، منذ سنة 1991. بالمناسبة، أورد يوسف أحمد سالم مدير المحافظة السياسية في الجيش الصحراوي، أن نية النظام المغربي قبيل الحرب لم تكن سليمة، وفيها الكثير من الخبث، واتضح ذلك جلياً من خلال ارتمائه في أحضان تحالفات مشبوهة، وهو ما جعل الشعب الصحراوي وجيشه الباسل يقرر استئناف الكفاح المسلح. مدير المحافظة السياسية أعلن في تصريح خص به «الشعب»، أن الجيش الصحراوي يعيش حالة تأهب قصوى، يراقب جدار العار، وينفذ هجمات يومية على تخندقات قوات الاحتلال المغربي على طول الجدار الممتد على مسافة 2700 كلم من أقصى الشمال الشرقي الى أقصى الجنوب الغربي من الصحراء الغربية. وأضاف قائلاً: «إن هذه الهجمات التي ينفذها مقاتلو جبهة البوليساريو، هي أعمال قتالية تصنف ضمن حرب الاستنزاف، هدفها التأكيد على أن الشعب الصحراوي لم يتخل بعد عن أهدافه ومبادئه التي يؤمن بها، وهي الحرية والانعتاق من أغلال الاستعمار، مجدداً التأكيد على أن القوات المغربية تتكبد خسائر فادحة وبشكل يومي على طول الجدار، وأن هذه الحرب قد أثّرت بشكل بالغ على معنويات العساكر والضباط المغاربة، وألحقت أضراراً جسيمة في البنية العسكرية التي أنشأها نظام الاحتلال المغربي منذ 1980. واستطرد مدير المحافظة السياسية قائلاً: «أن النظام المغربي بات يدرك جيداً عجزه وفشله في إدارة الحرب والصمود أمام مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، فلم يكن أمامه سوى الارتماء في أحضان تحالفات مشبوهة مع حليف قديم جديد لم يدخر جهداً من أجل انقاذ المغرب من الانهيار». كما أشاد السيد يوسف أحمد سالم بموقف الشعب الجزائري ومناصرته الدائمة لحق الشعب الصحراوي في الحياة الكريمة وكل الشعوب المستضعفة حول العالم، مشيراً بأن هذه المواقف البطولية ليست بالغريبة عن الجزائر حكومةً وشعباً، كما أشاد بمعنويات المقاتل الصحراوي على الجبهات الأولى للقتال، صاحب المعنويات العالية والإرادة القوية في مواصلة كفاحه المشروع من أجل استكمال السيادة الوطنية على كامل ترابه الوطني. وفي معرض حديثه ل»الشعب»، أكد يوسف أحمد سالم مدير المحافظة السياسية في الجيش الصحراوي، أن جبهة البوليساريو على مشارف انعقاد مؤتمرها 16، والذي يعد محطةً بارزةً ستضع الأسس والتوجهات بين المؤتمرين، مشيراً الى أن هذا المؤتمر سينعقد تحت شعار «تصعيد القتال لطرد الاحتلال واستكمال السيادة»، وهو رسالة قوية تؤكد بأن الشعب الصحراوي سيواصل كفاحه حتى تحقيق الغاية الكبرى وهو الاستقلال التام على كامل تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. وفي سؤال عن طبيعة ومضامين هذا التصعيد الذي ورد في شعار المؤتمر القادم، لمّح مدير المحافظة السياسية في الجيش الصحراوي الى أن كل الخيارات تبقى مطروحة طالما هنالك احتلال، فبالإضافة الى العمل العسكري المباشر ضدّ قوات الاحتلال المغربي، هناك ميادين أخرى ستكون محل دراسة.