تاريخ مشرف، سيبقى محفوراً بالذاكرة الفلسطينية والعربية والعالمية.، ستتناقله الأجيال بكل اعتزاز واحترام وتقدير، لقد لعبت الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة دوراّ هاماً في تجسيد معاناة الأسيرات والأسرى الفلسطينيين والدفاع عن مطالبهم والنضال من أجل قهر السجن والسجان. كما لعبت الحركة الوطنية الأسيرة دوراً مركزياً في الصراع مع المشروع الصهيوني وذلك بالمشاركة الفاعلة في انتفاضات وثورات شعبنا الفلسطيني. ومنذ ولادة المعاناة الفلسطينية استطاعت الحركة الوطنية مواكبة التطورات والمتغيرات الدولية التي يشهدها العالم، حيث اتسع نطاق مقارعة السجان لتنتج مدارس ثورية مبدعة. وبعد النكبة ونكسة حزيران سنة 1967 وحتى يومنا هذا، ذاع صيت الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة، حتى غدت منارة لكل أحرار وشرفاء العالم، واكبت الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة معاناة الأسيرات والأسرى وتناغمت مع كل المعطيات وانتهجت مساراً وطنياً عظيماً وقادت الوقوف إلى عائلات الأسرى وأدركت مبكراً أن لكل فلسطيني قصة ولكل أسير قصة، ولكل شهيد، فأخذت تكفكف الجراح وتواسي أسر الشهداء والجرحى، وشكلت في هيكليتها مفوضية الأسرى والشهداء، وأنا أكتب في هذا الموضوع تذكرت تأبين شهداء الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وتوجهت للمفوضية (مفوضية الأسرى والشهداء الذين باركوا تلك الخطوة وبفضل الله وبحمده كان حفلاً رائعاً لن تمحوه الذاكرة. أيها السادة الأفاضل: وتبقى معاناة الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال الصهيوني لها طعم مرّ كالعلقم، تذرف له أمه دموع والمتتبع لهؤلاء الأبطال يكتب بها عشرات القصص المؤلمة، حيث ترك أطفال رضع دون أن يضمهم حنان الأب إلى أن كبر الابن ولاقى والده الأسير في السجن بعد عشرات السنين أنهك الانتظار وألم المعاناة والدة الأسير كريم يونس ورحلت وهي تتمنى احتضان ابنها وخرج القائد كريم يونس الذي زار ضريح والدته، ففاضت دموع غزيرة لو نزلت تلك الدموع على صخرة لفتته، وما أن خرج ماهر يونس الذي كان يتمنى وداع والده، لكن الاحتلال الصهيوني الإرهابي النازي يأبى ذلك، وبخروج القائدين ماهر وكريم وكل الأسرى المحررين تتداعى الحركة الوطنية الأسيرة الفلسطينية لتقيم الاحتفالات ابتهاجاً بخروج المحررين ممن تحرروا، ثم تتوالى الزيارات، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل نسقت مع الجامعات الفلسطينية لالتحاق الأسرى لإكمال تعليمهم بعد أن حرمهم المحتل الغاصب ومما يبعث على الفخر والاعتزاز والشموخ أن الحركة الوطنية الأسيرة، تتابع عن كثب رعاية أبناء الأسرى وابتعاتهم إلى الجامعات العربية والعالمية وتوفير التأمين الصحي وكافة مجالات الحياة. زيارات كريمة يقوم بها قادة الحركة الأسيرة فالمحكوم عليهم بالسجن أحكاماً طويلة وتتمنى عائلتهم أن تفتح الباب يوماً وتحتضن أبناءها والذي سرقه الاحتلال منذ عشرات السنين يقومون بأرقي الأساليب من المؤازرة والمساعدة بحس وطني رائع، لأن أبناء الأسرى الذين يعيشون مرارة البعد في كل وقت وحين تزداد لوعة شوقهم عندما يحرم الاحتلال عائلاتهم، أبناء الأسرى الذين يطرقون باب الأمل علهم يعانقون آباءهم، إن ما تقوم به الحركة الوطنية عمل عظيم من المؤازرة والمساعدة، حيث إن هناك دموع لا تنقطع، ونفوس ضاقت بها الأرض وشوق يحرق القلوب كلما نظروا لصور أبنائهم. ترهف أٌذنهم لصوت الغائبين ورسائلهم التي لا تصل ومنع زيارتهم منذ أعوام عديدة حسرة ولوعة وحلم لا يغادر طيفهم كلما سمعوا عن معاناة أبنائهم. وفي الحقيقة كثير من أبناء الأسرى الفلسطينيين خرجوا على الدنيا ولم يجدوا آبائهم يحملونهم بين أكفهم، بل إنهم يسمعون بهم عبر حديث أمهاتهم وأجدادهم، أن الحديث يطول عن إبداعات الحركة الوطنية الأسيرة الفلسطينية، حيث تميزت الحركة الأسيرة في السنوات الأولى لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، بالتركيز على الأبعاد الوطنية والاجتماعية، الأمر الذي أسهم في صقل الطاقات وتهذيبها، بشكل أتاح الفرصة لبناء الكادر القادر على القيادة وتحمل المسؤوليات، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا.. نأمل من عمالقة الحركة الوطنية الأسيرة أن يسهموا بشكل فاعل في إنهاء الانقسام الذي ضرب القضية الفلسطينية في مقتل، وكما عودونا على إبداعاتهم الوطنية الخيرة أن يصبح الانقسام من مخلفات الماضي، خاصة أننا نعيش ظروفاً صعبة وقاسية بعد وصول الفاشيين الجدد إلى مقاليد الحكم.