صعوبة تجسيد نسبة 1 بالمائة في مجال توظيف ذوي الهمم تركّز كل التّوجّهات الحديثة وسياسة التشغيل الجديدة التي باشرتها السلطات العمومية، على إيجاد بدائل لامتصاص اليد العاملة العاطلة عن طريق تفعيل النّشاط الاقتصادي، ومحاولة التنقيب عن فرص العمل التي يوفرها هذا القطاع استجابة لحجم الطلبات المتزايدة خصوصا حاملي الشّهادات، حيث شكّلت هذه الانشغالات تحدّيا فعليا لم يعد يقتصر فقط على الأشخاص العاديين بل تعدّى إلى فئة أخرى هامة في المجتمع وهي فئات ذوي الاحتياجات الخاصة بكل أصنافهم، الذين يطالبون هم كذلك "بحق التوظيف والادماج الاجتماعي من أجل مواجهة ظروف الحياة الصعبة في ظل تدني القدرة الشرائية". لم تعد مسألة المنحة الجزافية أو الإعانة المالية الشهرية التي يتقاضاها ذوي الاحتياجات الخاصة بكل أصنافهم ونسبة عجزهم تثير انشغالات هذه الفئة رغم تدني قيمتها مقارنة مع القدرة الشرائية المرتفعة، بقدر ما يتساءلون في كل مرة عن حق الادماج المهني والاجتماعي في الوسط الاقتصادي للمساهمة في إنتاج الثروة، ولعب دور إيجابي داخل المجتمع ما قد يقلّل من نظرة الآخرين السلبية، ويعطيهم أكثر ثقة في أنفسهم مع تقدير الذات، خاصة في ظل تواجد عدة تجارب ناجحة لأشخاص معاقين اقتحموا بقوة ميدان الاستثمار، وإنشاء مؤسّسات مصغّرة مكيفة مع طبيعة الاعاقة رغم كل الظروف والصعوبات التي تواجههم في الميدان. كما تطرح خلال كل مناسبة وطنية كانت أو عالمية لفئة ذوي الهمم، قضية الادماج المهني ومدى احترام المؤسسات الاقتصادية والصناعية لنسبة التوظيف التي أقرها المرسوم التنفيذي المتعلق بحماية وترقية الأشخاص المعاقين لسنة 2002، الذي حدد نسبة 1 بالمائة من مناصب العمل المفتوحة لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصة من باب الدعم والمرافقة، لكن يبقى هذا الحق صعب التجسيد في الميدان حسب الكثير من الأشخاص الذين تحدّثوا ل "الشعب" في أكثر من مناسبة بسبب الظروف الاقتصادية، وضعف آليات الرقابة ومتابعة عملية التطبيق الصارم للقانون. التّكوين المهني..طريق مضمون للاندماج يشكّل قطاع التكوين المهني والتمهين أحد الطرق المفتوحة والمنفذ الوحيد تقريبا أمام فئات واسعة من الأطفال والشباب المعاقين الذين لم يسعفهم الحظ لمواصلة مسارهم الدراسي العادي، وهذا من أجل الحصول على تأهيل وحرفة يدوية تساعدهم على الانخراط في الوسط الاقتصادي، والعمل على تحسين ظروفهم المادية والاجتماعية، وهي التّوجّهات التي تحرص عليها السطات العمومية من أجل تشجيع هذا التوجه الكفيل بإدماج ذوي الهمم، وإعطاء فرصة إبراز المهارات التي يتمتّعون بها، وهو ما تأكّد من خلال عدد من التجارب الناجحة التي قدّمها متربّصون في مختلف التظاهرات وفعاليات التكوين المهني. وقد حظيت ولاية بومرداس في هذا الجانب بخامس مؤسّسة جهوية متخصّصة في التكوين المهني والتمهين لذوي الاحتياجات الخاصة، وهي مؤسسة محمد تاجويمات بقورصو، التي افتتحت سنة 2005، إلى جانب مركز القبة بالعاصمة، مركز غليزان، سكيكدة والأغواط، حيث يوفّر المركز مختلف التّخصّصات المكيفة مع طبيعة الإعاقات الحركية، الذهنية، المكفوفين وغيرها، من أهمها الحرف اليدوية للصناعة التقليدية ذكور وإناث كصناعة الفخار، الطرز والخياطة، النقش على الخشب، البستنة، الحلاقة الى جانب تخصص موزع هاتفي وإعلام آلي بتقنية البراي. وقد أثمرت هذه المجهودات المبذولة في مجال إدماج ذوي الهمم والقدرات في ميدان الشغل والاستثمار المحلي في بروز عدة تجارب لمؤسسات مصغرة ناجحة استفادت من عملية المرافقة والدعم في اطار تشجيع المقاولاتية، في حين تبقى عديد الأفكار المبتكرة الأخرى التي كشف عنها شباب من ذوي الإعاقة بحاجة إلى تشجيع وتكفل أمثل من أجل تجسيد المشروع وتوسيعه مستقبلا، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مشروع تجهيز وتكييف أجهزة قيادة المركبات لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصة بادر إليه شاب معاق من بلدية الناصرية كانت "الشعب" قد أشارت إلى تجربته في عدد سابق.