قدّم أول أمس الدكتور مبروك زيد الخير من قصر الثقافة مفدي زكريا، محاضرة موسومة ب "أثر علوم اللغة العربية في فهم النص القرآني وتفسيره"، وذلك في إطار الطبعة الثانية من منتدى الفكر الثقافي الاسلامي الذي جاء تحت شعار "الحوار والتعايش"، حيث تناول بيان دور اللغة العربية في فهم النصوص الشرعية، وتقوية الملكة العلمية في الربط بين علمي اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وإظهار ثمرة الاختلاف اللغوي على الأحكام الشرعية. تطرّق الدكتور مبروك زيد الخير في مداخلته إلى بعض من النماذج البحثية في اللغة العربية، وأوجه خدمتها في تفسير القرآن الكريم، حيث ركّز على موضعين من المواضع التي تظهر فيها علاقة التفسير باللغة العربية، وبيان خدمتها للتفسير في بيان تعدد المعاني التي وقع الاختلاف فيها نتيجة تعدد المعنى اللغوي. أوضح الدكتور زيد الخير، أنّ أهمية فهم اللغة العربية إجازة قاعدية لفهم معاني القرآن الكريم، فهي من الأسس والأدوات التي يستطيع الباحث من خلالها أن يفهم النص النبوي فهما سليما، فيسلم من اللحن والتحريف ويستنبط الأحكام الشّرعية منها استنباطا صحيحا، وقال "من كان بعيدا عن فهم اللغة العربية فهو أقرب إلى الخطأ والوقوع في الزلل"، ثم ذهب المتحدّث لاستعراض أسماء لرواد المتفقهين في أسرار اللغة العربية الذين اجتهدوا في تفسير القرآن الكريم، حيث شملت الأسماء بعض من العلماء مثل سيبويه والزمخشري، الإمام الزرقاني، أبو موسى الاشعري، وغيرهم لاسيما بعض الصحابة على رأسهم الصحابي الجليل عمر رضي الله عنه صاحب مقولة "تفقّهوا في العربية فإنّها تشبيب للعقول وتزيد في المروءة"، وعلى ضوء تلك الثلة النيرة، ذكر في المقابل أسماء لبعض المستشرقين الذين كانت لهم محاولات في تفسير القرآن، إلا أنّ أغلبها لم تكن محل الأخذ بها، لما تحمله من نقص في بحور اللغة، ناهيك عن اللغط الذي لا يفيد إلا مصالح معادية للدين، وهو ما يفسّر حسب الدكتور مبروك زيد الخير، أنّ دراسة النصوص الشرعية تلزم الباحث أن يكون على معرفة كافية بقواعد اللغة العربية، ليكون فهمه دقيقا واستنباطه صحيحا، فإن اللّغة هي الأداة لفهم النصوص الشرعية، وكثير من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين الفقهاء يرجع إلى اللغة العربية، وأضاف أنّه لا شك أن الاختلاف اللغوي له أثر في فهم المعاني، وعلى الأحكام المستفادة من النصوص الشرعية. وأبرز المحاضر في الختام خدمة اللغة العربية لعلم التفسير لاسيما الحديث، مستشهدا ببعض أمهات الكتب في التفاسير التي مازالت وستظل كمناهج حية في تعليم تفسير القرآن الكريم، من أجل كسب البلاغة والاستزادة من دلائل الاعجاز الرباني، من بينها الكتاب لسيبوبه، والأجرومية، قطر الندى، أوضح المسالك، المغني اللبيب، معرجا عن الأصل في التفسير الذي ينبغي أن تتمحور دراسته حول ثلاثة عناصر هي: الأصل القرآني، الأصل النقلي، الأصل العقلي، كما أن له أربعة أوجه يضيف حيث نجد هناك تفسير تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهله، وتفسير لا يعلمه الا العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.