دقت الأممالمتحدة، في تقرير أمس، ناقوس الخطر من انهيار شامل لكل مقومات الحياة في قطاع غزة الذي يواجه كارثة انسانية غير مسبوقة تزداد تفاقما وتعمق مآسي وجراح سكان غزة في ظل مواصلة الاحتلال الصهيوني حصاره المشدد، وتعرض القطاع مجددا لمنخفض جوي بكل ما يحمله من برودة طقس وأمطار غزيرة لا تقوى خيام النازحين الهشة على مجابهتها. ودعت الأممالمتحدة، المجتمع الدولي إلى وضع "خطة تعافي شاملة" والتدخل "دون تأخير" وبطريقة منسقة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في القطاع الذي لا يزال جرحه ينزف بعد عامين كاملين من حرب إبادة شرسة خلفت حصيلة ضحايا جد دامية بلغت عتبة 70 ألف شهيد وما لا يقل عن 171 ألف جريح غالبتهم اطفال ونساء. وندد تقرير أصدرته "ندوة الاممالمتحدة حول التجارة والتنمية" بالعمليات العسكرية الاسرائيلية التي "أدت إلى تآكل كل ركائز البقاء على قيد الحياة" من الغذاء إلى السكن إلى الرعاية الصحية و"قوضت الحكم ودفعت" الأراضي الفلسطينية "إلى هاوية من صنع الإنسان". وحذر التقرير من أنه "ونظرا للتدمير المستمر والممنهج الذي تعرضت له غزة، فمن الممكن التشكيك بشدة في قدرتها على إعادة بناء نفسها كمكان للعيش ومجتمع"، موضحا أن العمليات العسكرية الإسرائيلية حولت غزة "من حالة تخلف إلى حالة دمار شامل". وبالنظر إلى حجم الدمار الهائل الذي خلفته آلة الحرب الصهيونية في غزة، حيث تقدر الأممالمتحدة أن إعادة إعمار الأراضي الفلسطينية ستتطلب حوالي 70 مليار دولار، فقد قدم التقرير تصوّرا سوداويا على مستقبل القطاع، مشيرا إلى أنه "حتى في سيناريو متفائل، حيث يصل النمو إلى معدل مزدوج الرقم وتتدفق المساعدات الأجنبية، فسوف يستغرق الأمر عدة عقود حتى تستعيد غزة جودة الحياة التي كانت عليها قبل أكتوبر 2023". وعلى إثر ذلك طالبت الوكالة الاممية بتنفيذ "خطة إنعاش شاملة" تتضمن مساعدة دولية منسقة واستعادة التحويلات المالية من الكيان الصهيوني إلى القطاع وتدابير لتخفيف القيود المفروضة على التجارة والسفر والاستثمار. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ستستجيب حكومة الاحتلال، التي تواصل خروقاته لوقف إطلاق النار من خلال عمليات قصف وغارات تسفر يوميا عن سقوط المزيد من الشهداء ومنع دخول مقومات الحياة الضرورية، للنداء الأممي بالمساهمة في تطبيق "خطة الإنعاش الشاملة" التي يدعو لها. والمؤكد أن الإجابة ستكون "لا" وهذا الاحتلال يتلذذ بتعميق مآسي سكان غزة ويحرمهم حتى من ابسط مقومات الحياة من إيواء وغداء وماء ودواء. وفي هذا السياق، حذر المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حازم قاسم، أمس، من أن قطاع غزة يعيش كارثة متصاعدة مع دخول منخفض جوي جديد تسبب في غرق النازحين من الأطفال والنساء والمرضى في خيامهم، مع استمرار غياب مقومات الإيواء الأساسية. وقال إنه "مرة أخرى يغرق سكان قطاع غزة في خيامهم بسبب الأمطار"، معبرا عن استيائه لفشل كل جهود العالم في التخفيف من الكارثة التي يتخبط فيها سكان القطاع، أمام مسمع ومرأى العالم أجمع، بسبب الحصار الصهيوني. وأوضح قاسم أن استمرار الحصار الصهيوني ومنع الإعمار، مع الدمار في القطاع والأحوال الجوية القاسية، يشكل امتدادا لحرب الإبادة الجماعية باستخدام أدوات أخرى، ودعا الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأممالمتحدة إلى اتخاذ خطوات جادة لإغاثة أهالي قطاع غزة في ظل دخول فصل الشتاء، الذي يضاعف معاناة النازحين بشكل غير محتمل. حوّلت مراكز المساعدات إلى مصائد للموت والقتل الجماعي "مؤسسة غزة الإنسانية" غطاء إنساني زائف أكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أمس، أن ما تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، التي أعلنت أول أمس، انتهاء عملها في نقاط توزيع المساعدات في القطاع، أنها كانت غطاء إنسانيا زائفا، وقد حوّلت مراكز المساعدات إلى مصائد للموت والقتل الجماعي. واتهم المكتب الإعلامي في بيان له ما يسمى ب"مؤسسة غزة الإنسانية"، بأنها "جهة تورطت بشكل مباشر في الاستدراج المنهجي للمدنيين المجوعين إلى مصائد موت منظمة، خطط لها وأُديرت ضمن المنظومة الأمريكية–الإسرائيلية، تحت غطاء العمل الإنساني"، وأكد أن "هذه المؤسسة كانت شريكا أصيلا في صناعة مشاهد القتل الجماعي ومنفذا عمليا لأخطر مخطط استهدف المدنيين عبر أدوات التجويع والإبادة الجماعية في العصر الحديث". وبالأرقام الموثقة، أكد المكتب أن الاحتلال الصهيوني، حوّل مراكز توزيع المساعدات التابعة لهذه المنظومة إلى "مصائد للموت" و"مواقع قتل جماعي" استهدفت المدنيين بصورة متعمّدة وممنهجة، وقد ارتقى أمام أبوابها 2615 شهيد من ضحايا التجويع الذين وصلوا إلى المستشفيات، إضافة إلى 19 ألف و182 جريح سواء عند مراكز مصائد الموت التابعة لما تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" أو على مسارات الشاحنات التي استخدمها الاحتلال كأداة للقصف المباشر وإزهاق الأرواح. وأوضح أن من بين هؤلاء الشهداء 1506 شهيد قتلهم الاحتلال أثناء انتظارهم المساعدات في مشاهد تجسد جريمة تجويع وقتل مقصود. كما وثق المكتب 1109 شهيد ممن قتلهم الاحتلال داخل المراكز الأمريكية–الإسرائيلية ذاتها، نتيجة إطلاق النار والقصف خلال اقتراب المدنيين المجوّعين أو الدخول إليها من بينهم 225 طفل و852 بالغ و32 من كبار السن. وأشار إلى أن "كل نقاط تواجد هذه المؤسسة أصبحت فعليا مصائد موت وتعرض فيها المدنيون المجوّعون لإطلاق النار المباشر وحرمانهم من الغذاء وإجبارهم على التحرك ضمن مسارات يتحكم بها الاحتلال لخدمة أهدافه العسكرية خلال الحرب". وشدد المكتب الإعلامي على أن "هذه المعطيات تكشف بوضوح أن ما سُمي "مراكز إنسانية" كانت في الحقيقة مواقع استدراج وإعدام ميداني للمدنيين ومصائد للموت، وليست بأي حال من الأحوال نقاط إغاثة أو حماية". وأكد أن "هذه الانتهاكات تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجزءا من سياسة الإبادة الجماعية عبر التجويع"، محمّلا سلطات الاحتلال والمسؤولين عن "مؤسسة غزة الإنسانية" والجهات الأمريكية الراعية لها المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، والتي ستخضع للملاحقة القانونية على المستويات كافة". اغتيال واعتقالات بالجملة في الضفة الغربية "حماس" تندد بحالة التوحّش والدموية الصهيونية أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أمس، جريمة الاغتيال التي نفذتها قوات الاحتلال الصهيوني بحق الشهيد، عبد الرؤوف اشتيه في نابلس، والتي أكدت أنها تعكس حالة التوحش والدموية التي تتبناها حكومة الاحتلال المتطرفة في محاولة بائسة لكسر إرادة المقاومة المتجذرة في الضفة الغربية. ونعت الحركة الشهيد عبد الرؤوف اشتية من مخيم بلاطة، الذي ارتقى إثر عملية اغتيال وصفتها ب"الجبانة" تمت بعد خوضه اشتباكا مسلحا مع قوات الاحتلال خلال اقتحامها شرق نابلس، وقالت إن عملية اغتيال اشتية الذي كان من أبرز مطاردي الاحتلال في نابلس، تأتي "بعد مسيرة جهادية حافلة بالبطولة، حيث نفذ عملية الدهس على حاجز عورتا التي أدت إلى مقتل جنديين من قوات الاحتلال، إضافة إلى مشاركته في سلسلة من عمليات إطلاق النار التي استهدفت قوات الاحتلال ونقاطه العسكرية". من جانبه، أعلن نادي الأسير الفلسطيني بأن قوات الاحتلال الصهيوني اعتقلت منذ مساء الاثنين وحتى صباح أمس نحو 50 فلسطينيا على الأقل من الضفة الغربية بما فيها القدسالمحتلة. وأفاد بأن عمليات الاعتقال تركزت في محافظتي قلقيلية وأريحا، فيما توزعت بقيتها على محافظات جنين وبيت لحم ونابلس ورام الله، إلى جانب ذلك تواصل قوات الاحتلال تنفيذ عمليات تحقيق ميداني في بلدة بيت أمر في محافظة الخليل بشكل يومي. ولفت نادي الأسير إلى أن عمليات الاعتقال والتحقيق الميداني يرافقها عمليات تنكيل واسعة واعتداءات بحق المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب إطلاق النار بشكل مباشر بهدف القتل واستخدام المعتقلين رهائنا، بالإضافة إلى عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين. وأشار إلى أن الاحتلال ماض في تنفيذ عمليات الاعتقال، التي تشكل أبرز السياسات الثابتة والممنهجة التي تنفذها يوميا بحق المواطنين، شملت فئات المجتمع الفلسطيني كافة، وبلغت عدد حالات الاعتقال في الضفة بعد حرب الإبادة نحو 20 ألفا و500 حالة اعتقال.