مسجد سيدي عبد الله بن جعفر بتلمسان أو تافسرة القديم يقدّر عمره بأكثر من 900 سنة، حيث يعود تاريخ بنائه حسب بعض المصادر إلى القرن الثاني عشر ميلادي، هو مسجد ومدرسة قرآنية تخرّج منه معظم أئمة وشيوخ المنطقة، يعتبر مسجد تافسرة الواقع بمنطقة بني سنوس، من بين المباني الأثرية العتيقة التي تم تصنيفها ضمن قائمة التراث الأثري لمنطقة تلمسان. يقع هذا المسجد في الجزء الجنوبي الغربي من القرية، أي أنه يحتل منها موقعا طرفيا أين نجده يقترب من الحقول وبساتين الزيتون وقد عرفه سكان المنطقة باسم مسجد عبد الله ابن جعفر. يحتوي على قاعة مربعة مغطّاة بسقف من أربع زوايا مغطى ببلاطات «القناة» الحمراء على سرير من جذوع الأرز، وينقسم فضاؤه إلى ثلاث بلاطات متعامدة مع جدار القبلة، تتقاطع مع ثلاثة أساكيب، ترتكز أقواس حدوة الحصان على أعمدة قوية مربعة الشكل على شكل حرف T، مثل مساجد المتوكل وأبي دولاف (العراق) وابن طولون والحكم (القاهرة). وفيه مدخلان جانبيان يفتحان على غرفة الصلاة، لا يوجد باب في الجدار مواجه للمحراب، لكن يوجد في المنتصف عقدان متجاوزان على أعمدة صغيرة، أمام المحراب قبة تضخم المساحة، في معظم المساجد. ترتكز القبة على أسطوانة مربعة، لكنها هنا مستطيلة الشكل. هذه القبة، التي تقع على منطقة انتقالية مثمنة الأضلاع، مزينة بقوسين نصف دائريين متجاوزين يرتكزان على أعمدة صغيرة بدون تيجان، كما توجد قبة بيضاوية الشكل تغطي القبة ذات الجوانب الثمانية، مثل تلك التي تزين قبة الصخرة في القدس، هذه القبة مخفية عن الأنظار بسقفها القرميدي. يتّجه المحراب من الشرق إلى الجنوب الشرقي، عند 40 درجة شرق خط الشمال والجنوب، أكثر من تلك الموجودة في مساجد تلمسان، وكلها موجهة أكثر من اللازم نحو الجنوب، تم فتحه بواسطة قوس حدوة حصان. واجهة المصلى محاطة بمئذنة مربعة الزوايا تقع في الركن الشمالي الغربي من قاعة الصلاة، وجوهها الخارجية خالية من الزخارف فوق مستوى حوائط قاعة الصلاة، باستثناء لوحة مستطيلة من الآجر مزينة برواق مرتفع يتألف من تسعة عشر فصًا. ومن المؤكّد أنّ الأقواس المفصّصة تدين بانتشارها في مساجد الجزائر للمرابطين الذين استوردوها من جامع قرطبة الكبير، بالإضافة إلى الشرافات ذات الزوايا الأربع، زُيّنت منصة المئذنة بأربع شرافات ذات ست درجات. ويتميّز مسجد تافسرة بخصوصية وجود محراب ثانٍ بسيط للغاية، خالٍ من الزخرفة في الجدار الذي يحيط بالفناء (مكان الصلاة في بعض الأحيان)، كما هو الحال في عدد قليل من المساجد النادرة في المغرب العربي.