أدّت الحركية الاقتصادية، السياسية والاجتماعية التي تشهدها الجزائر إلى إحداث طفرة نوعية في المجال التقني، نقلت معها الخدمة الادارية العمومية من النمط الكلاسيكي التقليدي إلى شكله الرقمي المتطوّر، كآلية حتمية لتحسين الخدمة العمومية وتسريع إجراءات الحصول عليها، والقضاء على كابوس الطوابير الطويلة التي طالما أرهقت المواطنين. التحوّل الرقمي في الجزائر، جاء نِتاج تجارب سابقة لدول سعت لتغيير أنماط معاملاتها، وهي تجارب ناجحة دفعت بالجزائر إلى خوض غمار التجربة الرقمية الناجحة هي الأخرى، مدفوعةً بإرادة سياسية جادة لتعميمها على مختلف القطاعات والهياكل، خدمةً للمواطنين، وضمان الحدّ الأقصى من السير الحسن للمرفق العمومي. وفي خضم هذا الواقع، برزت بلدية أم العسل الواقعة على بعد 170 كلم شمال عاصمة الولاية كأحد أهم نماذج تطبيق الرقمنة بولاية تندوف، إلى جانب قطاعات أخرى، أثبتت حضورها القوي في مجال الرقمنة وقدرتها على مواكبة هذا التوجّه الجديد، في مشهدٍ كسر قواعد الصورة النمطية الموروثة عن مناطق الظل المرتبط عادةً بالتخلف والتأخر عن ركب التكنولوجيا والتطوّر. وأكّد رئيس بلدية أم العسل محمد حيداس، أن خَيار الدولة في رقمنة الإدارة وانتهاجها لهذا المسعى له أكثر من دلالة، خاصة ما يتعلّق بحرصها على ضمان الشفافية والسرعة في التعاملات بما يخدم مصلحة المواطنين. وأضاف رئيس بلدية أم العسل قائلاً، إن الرقمنة مصطلحٌ يرافق الشفافية والحيادية في توزيع الخدمات العامة، حيث تعمل هذه الخدمة على قدم المساواة والشفافية مع جميع المواطنين، ما يضع البلدية في موقف الحياد تجاه المواطنين. وأشار محمد حيداس إلى أن بلدية أم العسل كانت من بين أولى البلديات التي حظيت بفرصة لتوظيف الرقمنة في خدماتها الإدارية، من خلال تجسيدها للعديد من التطبيقات التي سهّلت على المواطنين الاستفادة من خدمات مصالح البلدية المختلفة بشكل مباشر، والتعاطي مع اهتماماته بشكل أكثر جديّة وبصورة أسرع من السابق، كما مكّنت الرقمنة - يضيف المتحدث - من "القضاء على العديد من الطابوهات التي كانت تعطّل مصالح المواطنين، وساهمت في تمكين المواطن من لعب أدوار مهمة في التنمية المحلية". أردف رئيس بلدية أم العسل قائلاً، بأن انخراط مصالح البلدية في التوجّه الرقمي وتعاطيها بإيجابية مع هذا الملف، مكّن من تحقيق العديد من النتائج والأهداف، من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث مكّنت هذه الخدمة يقول رئيس البلدية - من استفادة الأفراد والمؤسسات من الخدمة بشكل أسرع، بالإضافة إلى تحسين جودة الخدمات التي تقدّمها مصالح البلدية وتوفير وقت وجهد المواطنين. بلدية أم العسل بتندوف.. نموذج حي.. في معرض حديثه ل«الشعب"، أبرز رئيس بلدية أم العسل أهمية الرقمنة في حياة الفرد والإدارة، باعتبارها أي الرقمنة - إضافة هامة للنمو والتنمية المستدامة للإدارة المحلية، وهي كذلك تعتبر من أهم الطرق الناجعة في خفض التكلفة وتحسين أداء الموظفين. أضاف المتحدث قائلاً، إن "خدمات الرقمنة تمتاز بقدر عالٍ من قابلية التكيُّف، التعديل والتطوير، وهو ما من شأنه تسهيل استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى أقصى حد، وبالتالي، تقليل الاعتماد على الورق وربح كثير من الوقت والجهد". وقال رئيس بلدية أم العسل، إن الرقمنة التي تراهن عليها الدولة من أجل تحسين الأداء في الإدارة، من شأنها القضاء على الكثير من الوسطاء الذين يعطّلون مصالح المواطنين والتنمية بشكل عام، فهي بذلك تضع حداً للتماطل في العمل والبيروقراطية التي عشّشت لعقود داخل أروقة المؤسسات. وأشاد رئيس بلدية أم العسل بخيار الرقمنة كرؤية إستراتيجية وطنية تفرضها متطلّبات العصر، وبما تحقق من ثورة رقمية في العديد من القطاعات والمؤسسات مركزية كانت أو محلية، وأشار - في الوقت ذاته - إلى أن الاستفادة من امتيازات ومزايا الرقمنة بشكل كامل، تفرض علينا تطوير البنية التحتية التكنولوجية للإدارة وجعلها في مستوى هذا التوجه، "فلا يمكن تحسين جودة الخدمات المتاحة إلا من خلال التركيز على تحسين النظام الرقمي، وتطوير بنية تحتية تدعم الرقمنة"، إلى جانب العمل على توفير شبكة اتصال قوية تخلو من الأعطال، والتقليل من انقطاع التيار الكهربائي الذي قد يقوّض من فعالية الرقمنة ويجعلها دون فائدة.