اعترف الدكتور لوصيف لخضر، الأستاذ بجامعة الجلفة على هامش الملتقى الوطني الثاني للموروث الثقافي الجزائري ببومرداس في حديثه ل "الشعب"، بغياب التشجيع من طرف الهيئات الثقافية المختلفة وعدم تثمين المجهودات التي يقوم بها بعض الباحثين في الميدان لحماية التراث الشعبي الجزائري اللاّمادي المنتشر في عدة مناطق من الوطن، خاصة وأنّ الكثير منه مهدّد بالزوال في ظل عدم وجود مدونة وبطاقة فنية شاملة عن أنواع الموروث الشعبي. كشف الدكتور لوصيف لخضر عن وجود صعوبات جمة تواجه الباحثين المتخصصين في تقديم حوصلة شاملة ودراسة عامة عن الموروث الشعبي الجزائري بكل اتجاهاته الفنية من شعر شعبي ملحون، روايات، ألغاز شعبية، أساطير وحكايات مرتبطة ببعض المناطق من الوطن وبالخصوص منطقة القبائل. وقد ربط سبب ذلك أحيانا بالراوي نفسه الذي قال عنه صراحة: "الراوي ظلم كثيرا القصيدة الشعبية وقصيدة الغزل بالخصوص، حيث لم يكن أمينا في نقل وحماية هذه القصيدة على مر الازمنة التي تشكل حوالي 90 بالمائة من الشعر الشعبي، ما أدى الى ضياع الكثير منها وذلك راجع حسب الباحث إلى الجانب الاخلاقي المهيمن داخل اوساط المجتمع، لأنه كان ينظر الى هذا النوع من الشعر وصاحبه بنوع من الريبة والرفض الضمني، ما جعل جلسات هذا النوع من الشعر تقام في اماكن خاصة وفي اوقات خاصة وحتى بكلمات لا تحمل الا المعاني عن الحبيب والاحاسيس العاطفية امام جور التقاليد في بعض المناطق". كما حمّل مسؤولية ضياع جزء هام من هذا التراث الوطني الى تقاعس بعض الهيئات الثقافية الوطنية التي قال عنها: "هناك نظرة دونية للتراث لأسباب مجهولة رغم ما يشكّله من بعد حضاري وثقافي ومعبر حقيقي عن مقومات الشخصية الجزائرية بكل مكوناتها الدينية والثقافية وحتى اللغوية، خاصة وأنّ العديد من الرواة من كبار السن يرحلون في صمت دون ترك بصماتهم في هذا الجانب وآخرون متردّدون في تقديم نصوصهم وإبداعاتهم لمساعدة الباحثين، وهو ما يتطلّب حسب الباحث تنسيق وتكاتف مجهودات الجميع لتجاوز هذا الاشكال الحقيقي والصعوبات الميدانية التي تحول دون جمع التراث الوطني". وفي سؤال عن الطموحات المستقبلية وسبل تجاوز هذه العقبات نحو انطلاقة جديدة لحماية الموروث الشعبي الجزائري، لم يخف الدكتور لوصيف لخضر تأكيده بوجود نية كبيرة وارادة لدى الباحثين المشتغلين على هذا الملف وبالخصوص منهم طلبة الجامعة عبر عدد من المعاهد الأدبية، الذين يحاولون جمع وتسجيل ما يمكن تسجيله، مؤكدا على ضرورة إيجاد فضاءات حقيقية ومظلة جامعة للباحثين الذين هم في حاجة إلى مساندة ودعم مادي ومعنوي، داعيا أيضا إلى أهمية الاستثمار في الجامعة التي تعتبر فضاءً مفضّلا وخصبا لتحقيق هذه الاهداف المسطرة، مع محاولة استغلال الفضاءات الثقافية الموجودة والتعاون مع مختلف المؤسسات الفكرية والعلمية، وبالخصوص عند تنظيم مثل هذه الملتقيات التي لا يمكن أن تنحصر فقط على مركز ثقافي كي لا تبقى جافة وبدون جمهور، بل لا بدا كما قال الباحث من توزيع البرنامج على الجامعة والاقامات الجامعية وحتى بعض المؤسسات.