أكد عبد المالك زغبة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر03، أن التحديات الراهنة للسلم التنموي وإشكالية بناء الدولة في الجنوب كثيرة ومتشعبة ومترابطة يمكن تحديدها حصريا في الأبعاد الثلاث وهي الأمن السياسي، النمو الاقتصادي والإقلاع الاجتماعي والثقافي وهي حجر الزاوية في تحقيق المشروع النهضوي المنشود لأي دولة. وركز الأستاذ زغبة في أشغال الملتقى الدولي حول «السلم التنموي وإشكالية بناء الدولة في دول الجنوب» نظم من قبل كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة محمد بوضياف بالمسيلة، على شرح التجربة الماليزية والأبعاد والدلالات التي ساهمت بشكل كبير في تطورها تنمويا. وقال الاستاذ إن العقل الماليزي أدرك مفاهيم الإتكال على الذات واقتران الاستقلال السياسي بالاقتصادي صارت من المسلمات من أجل الانتقال التدريجي والعقلاني من موقع التأثر بالبيئة الخارجية نحو التأثير فيها، مشيرا إلى أن الأحداث الدولية والإقليمية التي تسارعت بعد التدخل العسكري الأمريكي في منطقة شرق وجنوب شرق أسيا نهاية الخمسينات وبداية الستينات ساهمت في زيادة المخاوف بحيث صار من الضروري تبني شعار «التغيير صديقنا وليس عدونا»، بدء بتغيير العقليات قبل رسم السياسات. وأكد المتحدث أن الثورة العلمية فرضت على العديد من المجتمعات التنقل من نمط المجتمع الصناعي إلى نمط المعلومات إلا أن ماليزيا صنعت الاستثناء، إذ تعتبر نموذجا ومثالا علميا واقتصاديا ناجحا في تحقيق السلم التنموي وبناء دولة صاعدة من دول النمور الأسيوية يمكن تعميمه على دول الجنوب في سبيل تخطي الفجوة العلمية والتكنولوجية والمشاركة في صناعة حضارة القرن 21 دون مركب نقص مع المحافظة على منظومة القيم السائدة في المجتمع الماليزي. ركزت ماليزيا على الاهتمام بالمظاهر التراثية للإسلام، فحرصت على التأكيد على أن هذا الدين لا يتعارض مع الاهتمام بالعلم والمعرفة التكنولوجيا من مجرد متغير ثانوي في عقد السبعينات إلى متغير رئيسي خلال القرن 21 الذي يعتبر محصلة التراكم العلمي والمعرفي الذي امتد منذ فجر الثورة الصناعية الأولى. واعتمدت هذه الثورة على الآلة والمادة الأولية حتى الثورة الصناعية الثالثة التي تقوم على الشبكة والمعلوماتية التي جعلت العالم أشبه بالقرية الكونية لا تراعي التنوع القيمي والثقافي والخصوصيات الاجتماعية لدول الجنوب التي زادت من تعقيدات بناء الدولة ووقعت بين أمرين وهما الإندثار والاضمحلال وقيام دول جديدة أو التكيف مع المتغيرات الجديدة مع المحافظة على قليل من الخصوصية الوطنية كحالة دولة ماليزيا في جنوب شرق أسيا. حصر الأستاذ زغبة عبد المالك الأسباب الحقيقية التي أدت إلى نجاح التجربة الماليزية والتي كان من بينها الاعتماد على التكنولوجيا وارتباطها بطبيعة المرحلة التاريخية والبعد الاجتماعي في تحديد مستوى التقدم التكنولوجي المتوافق مع مستوى العصر، وكذا الدولة بحكم أنها هي الشكل الأهم والأكمل والأبرز للحياة الجماعية، والاعتماد على المعلوماتية والعلاقات الدولية، والقيم في ظل مجتمع المعلوماتية وهذا وفق انتشار الحواسيب الشخصية ومسجلات الفيديو وبعض منجزات الإلكترونيات الأخرى يقوي الروح الفردية لدى الناس ويضعف روح الجماعة وكثافة الاختلاط فيما بينهم.