يحتفظ اللاعبون السابقون وكذا المدربون والمسيرون بذكريات وطرائف كثيرة خلال مسارهم في الملاعب الكروية، وهذا على الرغم من تعدد المصاعب والمتاعب، ما جعل البعض حين يعود إلى الوراء يشده الحنين مثلما يغرقون في الضحك على وقع ذكريات زمان، بناء على نوعية الذكريات التي تجمع بين الطرافة والمتاعب في الوقت نفسه. وقفت "الشروق" على عديد القصص والطرائف التي يحتفظ بها لاعبون دوليون سابقون، وكذا بعض المشيرين، وقعت لهم في ملاعب جزائرية وأخرى افريقية، حيث لم ينس الدولي السابق مراد كعروف ما حدث لهم في عام 1993، بسبب ما اصطلح عليه بقضية كعروف، والتي تسببت في إقصاء المنتخب الوطني من "كان 94" بسبب الاحترازات التي رفعت ضده، بحجة مشاركته وهو تحت طائل العقوبة، حيث تم اختياره في ذلك العام الأشهر في الجزائر، خلال علمية سبر آراء نظمت لهذا الغرض، وتفوق بذلك على شخصيات مشهورة، بما في ذلك رئيس المجلس الأعلى للدولة علي كافي، وكذا رئيس حزب "الفيس" المحل عباسي مدني، وفي السياق ذاته، من جانب آخر، لم ينس الدولي السابق حسين بوعيشة حين اختلطت عليه البطاقات في مصر، رفقة زميله تاسفاوت، حدث ذلك على هامش المباراة التي نشطها "الخضر" في القاهرة مطلع الألفية الحالية. ويحتفظ لاعبون آخرون بقصص عديدة مع الشعوذة وال"قري قري"، مثلما حدث لعبد الرزاق جحنيط رفقة فريقه شبيبة القبائل عام 1990، خلال نهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة في العاصمة الزامبية لوزاكا، وكذا بالنسبة للدولي السابق عبد القادر تلمساني مع فريقه مولودية وهران في غامبيا عام 1994، في الوقت الذي لا تخلو ذكريات رئيس اتحاد الشاوية من الطرائف العديدة التي تبعث على الضحك حين يسردها، من ذلك دخوله السجن في تونس بسبب غيرته على سمعة جواز السفر الجزائري، مثلما يسرد كيف جعل لاعبي أولمبيك النيجر يخسرون بسداسية بعد ما أتحفهم بكمية كبيرة من البرتقال ليلا، ما حرمهم من متعة النوم. وعلى ذكر طرائف الملاعب، فإن هناك العديد من اللاعبين ممن يبدعون في هذا الجانب بفضل سردهم الممتع للحكايات وعفويتهم فوق الميدان وخارجه، على غرار الدولي السابق سمير زاوي الذي كثيرا ما كان يتقمص شخصية المنشط أو المعلق التلفزيوني، والكلام ينطبق أيضا على اللاعب السابق فضيل دوب، وكثيرا ما صنع التميز حين كان بألوان مولودية الجزائر وشبيبة القبائل وغيرها من الأندية التي لعب لصالحها. مراد كعروف: تفوقت على كافي وعباسي مدني بسبب قضية كعروف يحتفظ الدولي السابق مراد كعروف خلال مسيرته الكروية بعديد الذكريات والطرائف التي لا يمكن نسيانها، من ذلك اختياره شخصية العام الخاصة بسنة 1993 دون منازع، وذلك في استفتاء لجريدة المجاهد، متقدما على رئيس المجلس الأعلى علي كافي ورئيس الجبهة الاسلامية للإنقاذ عباسي مدني اللذين احتلا المرتبة الثانية والثالثة على التوالي، وفي هذا يقول مراد كعروف: "كان اسمي في ذلك العام على كل لسان، بسبب ما اصطلح عليه بقضية كعروف التي حرمتنا من المشاركة في نهائيات "كان 94" بتونس رغم تأهلنا فوق المستطيل الأخضر. وفي مطلع التسعينيات كانت لنا نحن لاعبي شبيبة القبائل علاقة جيدة مع الفنان الراحل معطوب الوناس الذي لعب دورا كبيرا في إقناع لاعبي الشبيبة بتنشيط نهائي العودة من كأس إفريقيا للأندية البطلة 90 الذي لعب في لوزاكا، حيث دخلنا في إضراب بسبب وجود تكتلات وخلافات بين اللاعبين والمدرب علي فرقاني، تنقلنا يوم الجمعة ولم نتدرب، لكن معطوب الوناس تغلب على متاعبه الصحية وتنقل يوم الأحد إلى لوزاكا، وعقد معنا اجتماعا صبيحة الاثنين، حيث جمع أسرة الشبيبة ولم شمل الجميع، وفي المساء باشرنا التدريبات، هذه ذكرى أثرت فيّ كثيرا، حيث كنت لاعبا شابا حينها (21 سنة)، وأقول بالمناسبة أن كأس إفريقيا نلناها بفضل معطوب الوناس". عبد الرزاق جحنيط: تفادينا "قري قري" الرئيس الزامبي حتى ننال كأس إفريقيا يقول الدولي السابق عبد الرزاق جحنيط ل"الشروق": "هناك طرائف عديدة أحتفظ بها خلال مسيرتي الكروية، خاصة مع شبيبة القبائل، ولعل أبرزها ما حدث لنا في نهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة في لوزاكا أمام نكاناريد ديفلس، حيث وصلتنا معلومة على وجود "قري قري" يقوم به الرئيس الزامبي، وهي لمس الكرة للاعبي الشبيبة قبل بداية المباراة، ما جعلنا ننتبه لهذه الحيلة، حيث فضلنا الابتعاد عنه أثناء إشارة الانطلاقة حتى لا تلمسنا الكرة، ما جعل الرئيس يقترب منا ونحن نهرب منه مسافة بعيدة وسط ضحك اللاعبين والمسيرين الذين انتبهوا للعبة الرئيس الزامبي. في الأخير بودي أن أشيد بالمربي والمدرب القدير جمال فركول الذي قام بجهود كبيرة في الفئات الشابة لفريق اتحاد المدنية، أتمنى له الشفاء العاجل، ولا أنسى مدربين كبار بحجم زيفوتكو ومحي الدين خالف الذي كان له دور بارز في مشواري الكروي، ولا يظلم عنده أي لاعب". عبد الرؤوف زرابي: الأوروبيون كانوا يحتارون وأنا ألعب صائما في رمضان من جانب آخر، يسرد الدولي السابق عبد الرؤوف زرابي طرفة وقعت له في فرنسا، حيث يقول: "الملفت للانتباه هو أن الأوروبيين يحتارون حين يرونني ألعب مباريات وأنا صائم، على غرار ما حدث لي خلال محطاتي الاحترافية في البطولة والفرنسية وبلدان أوروبية أخرى، ما جعلهم يتساءلون عن السر وراء ذلك، حتى أنهم ذهبوا بعيدا في تفكيرهم، وكانوا يعتقدون بأن هناك أمورا خفية تجعلني أصمد 90 دقيقة فوق الميدان، وفي أجواء مناخية حارة، فيما لا يتوانون في شرب الماء تحت أشعة الشمس الحارة، وعلى كل حال مهما حاولت تفسير الأمر فلن يفهموا السر، وفي هذا الجانب الحمد لله أنني لم أصادف متاعب من المدربين، فالمدرب رودي كرون في أجاكسيو كان يقول لي إذا أردت أن تصوم فأنت حر، أنا أحاسبك فوق الميدان، وقد لعبت مباريات كبيرة في عز الصيام، من ذلك مباراة ضد ستراسبوغ، وقد كان الجو حارا في ملعب أجاكسيو، لكن الحمد لله قدمت مباراة كبيرة. بالمناسبة أود أن أبلغ رسالتين، الأولى للجماهير الجزائرية، فأنا أتألم كثيرا حين أرى مشاهد العنف، يا ناس الكرة للفرجة ونشر المحبة وليست للقتل، والرسالة الثانية أوجهها للمسؤولين، أدعوهم إلى وضع اليد في اليد وتفادي تصفية الحسابات حرصا على مصلحة الكرة الجزائرية". عبد القادر تلمساني: إمام يمني أنقذنا من ال"قري قري" في غامبيا أما الدولي السابق عبد القادر تلمساني فيسرد قصته مع الشعوذة، حيث يقول في هذا الجانب: "وقعت لنا حادثة محيرة وغريبة سنة 1994 في غامبيا عندما سافرت مع فريقي مولودية وهران لمواجهة ريال بانغي، وعندما دخلنا أرضية الملعب، شرع الأنصار في استعمال السحر والشعوذة، حيث كان الجمهور يرمي علينا غبارا أصفر أصابنا بحرقة في أعيننا، لكننا اتبعنا إرشادات إمام يمني الجنسية كان مقيما هناك وجدناه عند تأديتنا صلاة الجمعة، والحمد لله أن السحر انقلب على صاحبه وانتصرنا بثلاثية من تسجيلي أنا وتسفاوت، أما عن الحظ والتطير وقعت لنا موسم 1995 حادثة، حيث لعبنا ضد جمعية عين امليلة الذي كان يحمل اللون الأسود فانتصر فريقي مولودية وهران بخماسية بعد سلسلة هزائم، ولم نعرف الخسارة بعد تلك المباراة، وانهينا البطولة في المركز الثالث فكان اللون الأسود فال خير علينا". حسين بوعيشة: حين اختلطت علي البطاقات مع تاسفاوت في مصر أما حسين بوعيشة فله طفرة خاصة، بعدما اختلطت عليه البطاقات رفقة زميله تاسفاوت، وفي هذا يقول: "خلال مباراة المنتخب الوطني التي لعبها أمام المنتخب المصري بملعب هذا الأخير مطلع هذه الألفية حدثت لي حادثة طريفة رفقة زميلي السابق في "الخضر" عبد الحفيظ تاسفاوت، حيث وأثناء تواجدنا في الفندق اختلطت علي البطاقات، حيث كنت أعتقد بأن البطاقة التي بحوزتي تصلح لشحن الهاتف النقال، ما جعلني أجد صعوبة في القيام بهذه العملية، لكن في النهاية وجدت بأن هذه البطاقة مخصصة لفتح باب غرف الفندق، ما جعل زميلي تاسفاوت يموت ضحكا علي، حدث ذلك موازاة مع مباراة مهمة أمام المنتخب المصري في أجواء يمكن وصفها بالاستثنائية". فنازي: هكذا أسكنت الكرة في مرمى حارس النادي الإفريقي دون أن يراها يقول الدولي السابق فنازي: "أحتفظ خلال مسيرتي الكروية كلاعب بعديد النكت والطرائف التي تحتفظ بها ذاكرتي، أول شيء هو أن أنصار اتحاد الشاوية كانوا ينادونني ب"الصحراء"، وهذا يعود إلى الدور الذي كنت أقوم به في محور الدفاع، حيث أشل مختلف هجمات الفرق المنافسة، أما اللقطة الطريقة التي لن أنساها فحدثت لي في الدوري التونسي، وبالضبط في موسم 95-96، حين سجلت هدفا في مرمى حارس النادي الإفريقي التونسي بوبكر الزيتوني، حيث لم ير الكرة إلا بعد عودتها من الشبكة نحو خط 6 أمتار، وهذا بسبب قوة التسديدة، والدليل أنه ارتمى بعد أن دخلت الكرة مرماه، وقد كان النادي الإفريقي حينها متصدر البطولة التونسية ولم يتلق أي هدف طيلة 11 مباراة متتالية، وأذكر في تلك المباراة أننا استقبلنا في ملعب المنافس لأسباب تجارية، بحكم ضيق مدرجات ملعب فريقي نادي المرسى، وجرت المقابلة وسط حضور 40 ألف متفرج. وخلال عملي مع نادي القلعة السعودي، خاطبت لاعبين بالقول: "يا أحمد ويا إبراهيم الدنيا مركبة عليكما"، فقالا لي لماذا يا كابتن، فقلت لهما "لأن أحدكما من المدينة والآخر من مكة". عبد المجيد ياحي: "هكذا دخلت السجن دفاعا على سمعة جواز السفر الجزائري" يعد رئيس إتحاد الشاوية عبد المجيد ياحي من أكثر الشخصيات الكروية شعبية وحيوية وإثارة للجدل، وفي هذا يقول: "الجميع يعرف ما قدمته لاتحاد الشاوية والكرة الجزائرية، يدي مفتوحة لتكريس الروح الرياضية ومساعدة المحتاجين، والوقوف مع المظلومين وقول كلمة الحق جهارا نهارا"، ومن الطرائف التي تميز ياحي هو مناداته من طرف الجميع باسم خالي، وفي هذا يقول: "من مغنية إلى سوق أهراس أنادي الجميع بكلمة خالي، فحين أقول لفرد خالي فهذا انعكاس لمظاهر المحبة والاحترام المتبادل، وهو ما جعل الكثير ينادي ب"خالي"، ولعل أكثر الطرائف التي يحتفظ بها عبد المجيد ياحي هو ما حدث له في تونس، بسبب غيرته على شرف وسمعة جواز السفر الجزائري، ما كلفه دخول السجن لمدة أسبوع وفي هذا يقول: "لا أنسى هذه الحادثة، حيث ضربني أحد أعوان مصالح الجمارك التونسي بجواز السفر، ما جعلني أدخل معه في عراك حاد، فمن غير المعقول أن يهان جواز السفر الجزائري، وهو ما كلفني دخول السجن لمدة أسبوع". وفي السياق ذاته، يحتفظ عبد المجيد ياحي بطرائف أخرى في مسيرته مع إتحاد الشاوية في المنافسة الإفريقية، على غرار ما حدث في السهرة التي سبقت مباراة فريقنا أمام أولمبيك النيجر، في إطار منافسة كأس إفريقيا للأندية البطلة التي نشطها الفريق منتصف التسعينيات، وذلك في ملعب زرداني حسونة الذي كانت أرضيته آنذاك ترابية، حيث لاحظت بأن لاعبي أولمبيك النيجر أعجبوا كثيرا بفاكهة البرتقال خلال وجبة الغداء، ما جعلني أعززهم بكميات كبيرة في السهرة، حيث وضعنا أمام باب كل غرفة كيسا من البرتقال، وقد فعلت فعلتها هذه الفاكهة ليلا، بدليل أن لاعبي النيجر فقدوا الرغبة في النعاس، وبذلك فقدوا ميزة الاسترجاع تحسبا لمباراة رسمية هامة، ليجدوا أنفسهم في حالة يرثى لها في صبيحة اللقاء، والنتيجة أن المباراة انتهت بفوز ساحق لاتحاد الشاوية وبسداسية نظيفة تفنن في تسجيلها زملاء العيد خياط، نكتة ستظل راسخة في الأذهان ولصيقة بمشوار إتحاد الشاوية على الصعيد الإفريقي.