هلع كبير في أوساط رجال المال والأعمال منذ الأحد، تجلى من خلال نزوح بدا وكأنه مبرمج نحو الخارج، سبقه توقيف رئيس منتدى رؤساء المؤسسات السابق، علي حداد مالك مؤسسة “أوتي أر آش بي”، على الحدود الجزائرية التونسية. حداد أوقف، وفق مصادر متطابقة، بينما كان يهم بمغادرة البلاد عند النقطة الحدودية، أم الطبول، حاملا جواز سفر بريطاني، تبعه منع رجل أعمال آخر من السفر عبر مطار هواري بومدين الدولي، وهو محيي الدين طحكوت، الذي اقترن اسمه بالنقل الجامعي وتوريد سيارات “هيونداي” و”سوزوكي” وعلامات صينية أخرى تعج بها حظيرة السيارات، وهي المعلومة التي لم تؤكدها أو تنفها السلطات الرسمية. وكان حداد، قد استقال من رئاسة منتدى رؤساء المؤسسات الخميس المنصرم، قبل الاجتماع الذي دعا إليه، والذي كان مقررا أول السبت، وقد استبق هذا الاجتماع برمي المنشفة، بعد أن اطلع على ما يحضر له من قبل زملائه في المنتدى، الذين انقلبوا عليه، بعد أن اتهموه بدعم العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة، والتي أسقطها الحراك الشعبي المندلع في الثاني والعشرين من فبراير المنصرم. الإشاعات لاحقت أيضا، أحد أثرى أثرياء الجزائر وإفريقيا، وهو يسعد ربرارب، مالك مجمع “سيفيتال”، وأحد محتكري صناعة الزيت والسكر في الجزائر، ومالك شركة “براندت” للكهرومنزليات، التي اشتراها من فرنسا، بينما كانت على مشارف الإفلاس، فضلا عن فروع أخرى تمس مختلف النشاطات التجارية. ربرارب وبعد أن وقف على وجود اسمه ضمن القائمة المتداولة لرجال الأعمال الممنوعين من السفر، في شبكات التواصل الاجتماعي، سارع إلى نشر تغريدة له في “تويتر”، قال فيها إنه سيغادر اليوم (الإثنين) إلى ألمانيا للمشاركة في معرض هانوفر 2019، في محاولة منه للتأكيد على أنه ليس ضمن قائمة الممنوعين من السفر. وتؤكد مصادر من مطار هواري بومدين، أن هناك قائمة تضم أسماء شخصيات سياسية ورجال أعمال ممنوعون من السفر، غير أن هذه القائمة لم يكشف عن عددها ولا عن هوية الممنوعين من السفر، وكل ما تأكد إلى حد الآن، لا يتعدى توقيف علي حداد. ويعرف حداد الذي يملك أكبر مجمع للأشغال العمومية في البلاد، بقربه الشديد من السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس ومستشاره الخاص، إلى جانب الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، المستهدف من قبل حركة تصحيحية تطالب بالإطاحة برأسه من قيادة المركزية النقابية. ويتذكر الجزائريون هؤلاء الثلاثة في جنازة وزير الخارجية الأسبق، رضا مالك، وهم يتعانقون ضاحكين، على مقربة من الوزير الأول الأسبق، عبد المجيد تبون، الذي كان يومها في خصام بيّن مع حداد، بسبب حادثة المدرسة العليا للضمان الاجتماعي، وهو المشهد الذي أوصل للجزائريين خبر تنحية تبون من الوزارة الأولى. نزوح رجال الأعمال إلى المطارات وإلى نقاط العبور الحدودية في توقيت واحد، جاء بعد البيان الذي أصدرته قيادة الجيش أول أمس، والذي كشف عن مناورات تقوم بها بعض الأطراف غير الدستورية (وعد بكشفها لاحقا)، تستهدف الإيقاع بين الشعب والجيش، وهي الرسالة التي يبدو أنها قضت مضاجع العديد من الأوساط، ومن بينها أوساط رجال الأعمال الذين يعتقد أنهم استفادوا خارج القانون من فترة حكم الرئيس المنتهية ولايته. فاختيار بعض رجال الأعمال لتوقيت “الهروب” يطرح أكثر من تساؤل، فالبلاد تمر بمخاض عسير سببه الاحتقان الحاصل بين الشارع والجيش من جهة، وجناح الرئيس بوتفليقة من جهة أخرى، الذي يصر على استكمال عهدته الرابعة، رغم تنامي المطالب الشعبية برحيله، تفاديا لكل ما من شأنه أن يدخل البلاد في أزمة دستورية بعد الثامن والعشرين من الشهر الجاري.. فهل الأمر مجرد صدفة، أم أن المسألة محسوبة؟