تحوّل المكتب الفدرالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم إلى مكتب “أعرج” وفاقد للمصداقية بامتياز في ظل “الحراك” الذي يشهده منذ فترة طويلة برحيل عدد من أعضاءه لأسباب مختلفة، وتعويضهم بآخرين خارج إطار القانون، امتدادا للنزيف الذي يطال الفاف منذ اعتلاء خير الدين زطشي سدّة الحكم على مستوى الاتحاد قبل عامين، حيث شهدت الفاف خلال السنتين الأخيرتين مغادرة حوالي 20 مسؤول وإطار فني وإداري لمناصبهم. شهد الاتحاد الجزائري لكرة القدم ومختلف الهيئات التابعة له نزيفا حادا على جميع المستويات منذ انتزاع المكتب الفدرالي الحالي بقيادة خير الدين زطشي مقاليد الفاف الشرعية من الجمعية العامة “عنوة” وبضغط وتدخل مباشرين من “العصابة” التي كان يقودها وزير الشباب والرياضة السابق الهادي ولد علي على هامش الانتخابات التي جرت يوم 20 مارس 2017، وفقدت الفاف توازنها برحيل الكثير من الإطارات الإدارية والفنية، ما يؤكد انقلاب المكتب الحالي على السياسة التي طالما نادى بها وهي الاهتمام بتكريس الاستقرار، بسبب الأخطاء التقديرية الكثيرة المرتكبة، وكذا التسيب وسوء التسيير اللذان أصبحا عنوانا ليوميات أكبر هيئة كروية في الجزائر. ويعتبر “النزيف” الذي مس المكتب الفدرالي الأكثر تأثيرا بالسلب على مهامه، حيث شهد استقالة كل من جهيد زفزاف في العام الماضي، قبل أن يتبعه النائب الثاني للرئيس، بشير ولد زميرلي، ثم مسعود كوسة، فضلا عن قيام الفاف باستبعاد العضو نور الدين باكيري من المكتب ومن منصبه كرئيس للرابطة الولائية للبويرة في نهاية العام الماضي، واكتفت الفاف وقتها بالإعلان عن إعفاء باكيري من منصبه كرئيس لرابطة البويرة ل”أسباب صحية” وأوكلت تسييرها لعضو المكتب الفدرالي عمار بهلول في قرار غير قانوني كون باكيري منتخب على رأس الرابطة وكان يجب اسناد تسييرها لنائبه وليس لشخص أخر، ولم تعلن الفاف أيضا وقتها عن اقصاء باكيري من المكتب الفدرالي، إذ لم يحضر اجتماعاته منذ ذلك الوقت، إلى غاية الاجتماع الأخير يوم الأحد الماضي أين ظهر في “الصورة التذكارية” التي التقطها بعض أعضاء المكتب بعد نهاية الاجتماع. وتناقلت بعض المصادر أيضا قرار النائب الأول لرئيس الفاف، ربوح حداد بالاستقالة من منصبه على خلفية سحب جواز سفره ومنعه من مغادرة التراب الوطني، وكذا توقيف العدالة لشقيقه رجل الأعمال علي حداد المشتبه به في قضايا فساد. وبفقدانه لنصف أعضاءه تقريبا، يسير المكتب الفدرالي رأسا نحو الهاوية، خاصة وأن كل سلطة القرار يحتكرها زطشي ومقرّبيه فقط بينما تم “تغييب” دور البقية، فضلا عن أن استخلاف ثلاثة أعضاء تم بطريقة غير قانونية، حيث قام المكتب الفدرالي بتعويض كل من زفزاف وولد زميرلي وكوسة بكل من عبد الله قداح رئيس رابطة سكيكدة، واحسن عزرور رئيس رابطة قسنطينة، وكذا محمد الهاشمي رئيس رابطة عين تموشنت، رغم أن أسماءهم غير مدونة اطلاقا في قائمة الأعضاء الاحتياطيين بمحضر الجمعية العامة الانتخابية، إذ تقتضي القوانين الأساسية للفاف ذلك، لكن مكتب زطشي ضرب بكل هذه القوانين عرض الحائط، ليفقد المزيد من المصداقية، على بعد أيام فقط من موعد عقد الجمعية العامة العادية. وبالعودة للنزيف الذي تشهده الفاف، فقد عمل زطشي منذ وصوله إلى رئاسة الفاف، على التخلص من المسؤولين الموالين لرئيس الفاف السابق محمد روراوة، فضلا عن رحيل أخرين لأسباب مختلفة، وضمت قائمة المغادرين أكثر من 20 شخصا على غرار مدير الإدارة و الموارد البشرية بلكحلة، و كذا الأمين العام أحمد يحياوي، و المدير الفني توفيق قريشي ورئيس لجنة المنازعات الأستاذ محمد فادن، جهيد زفزاف، بشير ولد زميرلي، مسعود كوسة، نور الدين باكيري، وحدّاد، بالإضافة إلى الأمين العام للمديرية الفنية الوطنية، هشام بوغرارة، والمديرين الفنيين السابقين رابح سعدان، توفيق قريشي، وفضيل تيكانوين وبوعلام شارف، ومدربي الفئات الشبانية للمنتخب الوطني، سليم سبع مدرب منتخب أقل من 20 سنة، وسليم بوجلة مدرب منتخب أقل من 17 سنة، وحسان غولة بالإضافة إلى اللاعب الدولي السابق حسين أشيو، ورشيد أيت محمد مدرب منتخب أقل من 15 سنة، ومدرب حراس المرمى امحمد حنيشاد، ومديرة المالية على مستوى الفاف، ومسؤول خلية الإعلام فريد أيت سعادة، ومدير المركز التقني لسيدي موسى، ومستشار الرئيس السابق محمد مشرارة، وحتى رابح ماجر الذي شغل منصب مستشار لرئيس الفاف قبل أن يتم “اعدامه” كرويّا إذ أشرف بعدها على المنتخب الوطني الأول قبل أن يغادره من الباب الضيق، في انتظار “سقوط” أسماء أخرى بالنظر للمشاكل الكثيرة والمتراكمة والانسداد الحاصل على مستوى المكتب الفدرالي وأغلب الهيئات المنضوية تحت لواء الفاف، فضلا عن مخلّفات “الحراك الشعبي” الذي تشهده البلاد منذ يوم 22 فيفري الماضي، والذي ينتظر أن يشمل المنظومة الرياضية وخاصة الكروية منها. وعرّى هذا الوضع، الواجهة التي تختبيء وراءها الفاف ورئيسها خير الدين زطشي منذ فترة طويلة، إذ فقد الكثير من الحماية والدعم اللذان كان يلقاهما من طرف “العصابة”، في انتظار موعد الجمعية العامة التي يتماطل زطشي ومكتبه الفدرالي عقدها، والتي ينتظر أن تكون ساخنة جدا، بالنظر للوضع المتأزم الذي مر به المنظومة الكروية.