عرض، الثلاثاء، بقاعة “سينما الحمراء” بتونس، الفيلم الأخير للمخرج نجيب بلقاضي “في عينيا”، وذلك ضمن المنافسة الرسمية لفعاليات الدورة الثانية لمهرجان “منارات” للسينما المتوسطية، والعمل يسلط الضوء على مرضى التوحد من خلال قصة مثيرة ومشوقة لأب وإبنه. بكاميرا متحركة يتتبع نجيب بلقاضي تحركات وحياة الطفل “يوسف” الذي يعاني من مرض التوحد، وكذا والده “لطفي” الذي انقسمت حياته بين الوقوف مع ولده “يوسف” وزوجته الفرنسية “صوفي”. ويكشف المخرج في الفيلم تفاصيل هذه الرحلة المثيرة التي تحمل مشاعر وأحساسيس الآباء تجاه أبنائهم، كما يكشف كيف يتنصل بعض الآباء من مسوؤلياتهم إزاء أولادهم المصابين بمرض التوحد والتي تنتهي غالبا بالهروب أو بالانفصال مع أزواجهم، لذلك قدّم لنا نجيب بلقاضي رؤيته حول هذه المسألة من خلال علاقة يوسف الطفل المُصاب بمرض التوّحد، وقد قام الطفل إدريس خرّوبي بتجسيد هذا الدور، بوالده “لطفي”. لُطفي هو بطل الفيلم وقد جسد هذا الدور نضال السّعدي في أوّل تجاربه السينمائية له في تونس، فرغم أنّه فضّل الهروب من ابنه ومرضه لمدّة سبع سنوات خارج أرض الوطن في مدينة مرسيليا الفرنسية وتمكّن حتّى من تأسيس حياة جديدة بواجه من صوفي، إلّا أنّه وهو بصدد انتظار مولوده الثاني رفقة زوجته الفرنسية، أُجبر على العودة إلى تونس للإهتمام بإبنه بطلب من أمّه والتّي لعبت دورها الفنانة منى نور الدّين. وبعد عودته إلى تونس يجد لطفي صعوبات كثيرة في التكفل وعلاج ابنه “يوسف” لتكشف أحداث العمل عن تفاصيل العلاقة بينه وبين ولده، علاقة مليئة بمشاعر الأبوة، والأحاسيس، رغم أنّ البداية كانت بدأت بعدم تقبل لطفي لحالة ابنه المريض، ومع مرور الوقت قرر يوسف التعامل مع الوضع كما هو، بل وتشجع على علاج ابنه ومرافقته ليل نهار حتى يشفى أو على الأقل حتى يندمج في المجتمع ويستعيد حياته بشكل طبييعي. وينتقد العمل دور الجمعيات المهتمة بهكذا أطفال، حيث يبرز ضعف مناهج التكوين والتعليم والرعاية التي تعتمدها بخصوص أطفال التوحد، لذلك عبر العمل يقرر لطفي الاهتمام بولده يوسف بمرافقته ومحاولته معرفة ما يحبه وما يكره وبالفعل نجح إلى حد ما في اكتشاف ذلك بعدما حدثت تطورات في تعامل يوسف مع الوضع، والذي بدأ يقبل والده ويحبه ويحاول تعلم ما يلّقنه له على صعيد النطق. ويلفت المخرج نجيب بلقاضي فعبر “في عينيا” إلى ظاهرة الهجرة وأزمة البطالة في تونس والعالم العربي، والتهميش الذي يعاني منه الشباب وكذا آفة المخدرات التي تفتك بهم، فضلا عن العلاقات الزوجية والأسرية وغيرها من المشاكل الإجتماعية. ويشارك في منافسة الطبعة الثانية لمنارات 10 أفلام منها “ملجأ بين الغيوم” لروبار بودينا من ألبانيا، “نقطة توقف” لطونيا ميشالي من قبرص، “بترا” لخايمي روزالوس من إسبانيا، “شاحنه” لسارة ماركس من فرنسا، “شفقة” لبابيس ماكريديس من اليونان، “يوما ما”… لسيرو ديميليو من إيطاليا، “المرجوحة” لسيريل أريس من لبنان، “امباركة” لمحمد زين دان من المغرب..وغيرها. ويمثل الجزائر في هذا المهرجان الكاتب كمال داود الذي يشارك في عضوية لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان.