خمسة راغبين في الترشح اجتازوا مقصلة الخمسين ألف توقيع، وقد أصبحوا منذ الأحد يحوزون مواصفات المترشح مكتمل الأركان وفق القانون. وبعد أن حسمت القائمة، حان وقت القيام بقراءة هادئة للشخصيات الخمس وتحسس حظوظهم في اقتراع الثاني عشر من ديسمبر المقبل إذا أجري في موعده المحدد. ثلاثة من بين هؤلاء الخمسة يلتقون في كونهم تقلدوا مسؤوليات في عهد نظام بوتفليقة، وأولهم المترشح الحر عبد المجيد تبون، الذي قضى نحو ثماني سنوات متنقلا بين الوزارة الأولى ووزارة السكن، ووزارة الاتصال والثقافة، والوزير المنتدب لدى وزير الداخلية. المترشح علي بن فليس، رئيس حزب طلائع الحريات، كان قد تولى بدوره رئاسة الحكومة مكلفا من طرف الرئيس السابق (من 2000 إلى 2003)، حاله حال المترشح الآخر، الأمين العام بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، عز الدين ميهوبي، الذي كان حاضرا في الطاقم الحكومي للرئيس السابق، في حكومتي كل من أحمد أويحيى وعبد المالك سلال. المترشح عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء، نال أيضا من امتيازات الوزارة عندما تقلد حقيبة السياحة والصناعات التقليدية في حكومة إسماعيل حمداني، المكلف من طرف الرئيس الأسبق، اليامين زروال. أما المترشح الوحيد من بين الخمسة الذين اجتازوا عقبة الخمسين ألف توقيع، الذي لم يتقلد أية حقيبة وزارية في حياته، هو رئيس جبهة المستقبل، عبد العزيز بلعيد، لكنه كان عضوا بالمجلس الشعبي الوطني، منتخبا عن حزب جبهة التحرير الوطني.. إذن، المترشحون الخمسة -برأي مراقبين- كلهم محسوبون على المرحلة السابقة، لكن بدرجات متفاوتة، بمن فيهم المترشح عبد العزيز بلعيد، الذي قاد تنظيما طلابيا (الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين)، وآخر شبانيا (الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية)، محسوبون على حزب جبهة التحرير الوطني. من الصعوبة بمكان الجزم بأسبقية مترشح على حساب آخر في الاستحقاق الرئاسي المقبل، في ظل غياب معاهد سبر الآراء في الجزائر، وهو ما يحتم على المتابع قراءة حظوظ المترشحين من خلال بعض المقاربات التي قد لا تكفي، لكن يمكن اعتبارها مؤشرات على تقدم مرشح على حساب آخر. ويأتي على رأس هذه المقاربات البعد الجغرافي، الذي يعتبر عاملا فاعلا في مجتمع لا يحتكم فيه الناخبون إلى برامج المترشحين، بقدر ما يحتكم إلى أبعاد أخرى، مثل العروشية والجهوية مثلا.. ومن بين الخمسة يوجد أربعة مترشحين وهم كل من علي بن فليس (باتنة) وعبد العزيز بلعيد (باتنة) وعزالدين ميهوبي (المسيلة) وعبد القادر بن قرينة (ورقلة)، ما يعني أنهم من جهة واحدة وهي المنطقة الشرقية والجنوبية الشرقية. وانطلاقا من مؤشر التصويت وفق البعد الجغرافي والعشائري، يمكن القول وبتحفظ، إن أصوات الناخبين في المنطقة الشرقية والجنوبية الشرقية سيتقاسمها أربعة مترشحين، وهم بن فليس، بلعيد، ميهوبي، بن قرينة، في حين يتوقع أن يستأثر تبون بأصوات ناخبي الجهة الغربية من الوطن، بالإضافة إلى أصوات من الجهات الأخرى للوطن، مثلما تقرؤه خارطة التوقيعات التي جمعها للترشح. عامل الانتماء للنظام السابق أو تقلدهم مسؤوليات خلاله، يجب ألا ينسى، وهو معطى سيضر من دون شك، بالمترشحين الخمسة، ما يجعل الأمر سيان بالنسبة للجميع، أما اعتبارات الانتماء الحزبي، فيتعقد أنها سوف لن تؤثر بشكل كبير، لأن الأحزاب لم يسبق لها أن صنعت الفارق منذ تشريعيات 1992.