السلطان يترحّم على شهداء الجزائر    بوغالي يدعو لحماية مصالح الأمّة    بوغالي: التعاون جنوب-جنوب لم يعد خيارا, بل ضرورة ملحة    رئيس الجمهورية ترأس مراسم التوقيع على عديد مذكرات تفاهم    فلسطين : اغتيالات الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني    ندوة حول دور الصحافة في تعزيز الوحدة الوطنية    دعوة للتحقيق في الانتهاكات المغربية    رفض أممي ودولي لخطة الاحتلال الصهيوني    تجديد وثائق الاستفادة من منحة ومعاش تقاعد للمولودين في ماي    استنكار لسياسة الأرض المحروقة في فلسطين    بوغالي يجدّد دعم الجزائر لاستقرار الصومال    البويرة: إحياء ذكرى استشهاد بطل المقاومة الشعبية "الشيخ المقراني"    المغرب: احتجاجات حاشدة في مكناس و الدار البيضاء تفضح مجددا خيانة المخزن للقضية الفلسطينية    كرة القدم/ الرابطة الثانية هواة: مباراتا ج.الخروب-م.الرويسات, ه.شلغوم العيد-إ.الحراش بدون جمهور    "شكرا لرئيس الجمهورية.. بفضله سنؤدي شعيرة النحر هذا العام"    13900 مترشح موزعين على 54 مركز إجراء    المجلس الولائي يُعد تقريرا حول الآبار الرعوية    إطلاق أوّل شبكة اجتماعية عربية مخصصة للسياحة والثقافة الجزائرية    برامج ضخمة تجسدت وأخرى قيد الإنجاز    عبد الحميد بورايو.. أكاديمي لا يكلّ ولا يملّ    إبراز أهمية الثقافة في صناعة الوعي والردّ على الآخر    الإعلان عن الفائزين يومي 10 و11 ماي    الانتقادات تحاصر بن ناصر في أولمبيك مرسيليا    غويري محبط بسبب ليل ودي زيربي يصفه بالمهاجم الكبير    دعوة لتعزيز الروح الوطنية لدى الشباب    وزير الشباب يستقبل وفدا عن جمعية النساء الجزائريات رئيسات المؤسسات    "الخضر" يواصلون التحضير بسيدي موسى    مشاركون في ندوة فكرية:النهضة الديبلوماسية والاقتصادية والتنموية تتطلب مواكبة إعلامية    دورة وهران أحسن من الطبعات السابقة    توقع إنتاج 1.5 مليون قنطار من الحبوب    علامة جزائرية لزيت الزيتون تتألق دولياً    بورصة الجزائر: عدة شركات أبدت اهتمامها بالدخول إلى السوق المالية    عيد الأضحى: ضرورة الالتزام بجملة من التدابير الصحية لضمان الحفاظ على سلامة المواشي    ملاكمة: رابطتي تيزي وزو و تيارات تتوجن باللقب    سكن: إطلاق إنجاز 250 ألف وحدة خلال السداسي الأول من 2025    مسؤول صحراوي يدعو إلى التحقيق في انتهاكات ذات صلة بالتعذيب    طلبة من جامعة قسنطينة 3 في زيارة إلى مدينة ميلة القديمة    غزة:ارتفاع حصيلة الضحايا إلى52567 شهيدا و 118610 مصابا    رئيس الجمهورية يخص سلطان عمان باستقبال رسمي بمقر رئاسة الجمهورية    تصفيات بطولة افريقيا للمحلين 2025: الخضر يستأنفون التدريبات بسيدي موسى    تأكيد على تحقيق الأهداف و الأولويات التنموية لكلا البلدين    الرهان على موقف برلماني موحّد في دعم الشعب الفلسطيني "    تسقيف سعر القهوة يصنع الحدث    فتيات يطرقن أبواب العيادات النفسية    صناعة دمى القش.. حرفة تحاكي شخصيات الرسوم المتحركة    على المعنيين تفعيل الحسابات وتحميل الملفات    الفاف تهنّئ محرز    المقصد الإسلامي من السيرة النبوية الشريفة    فضل قراءة سورة الكهف    أحاديث في فضل صلاة الضحى    مكسب هام للحفاظ على تراث المنطقة    قبس من نور النبوة    تأكيد على أهمية تعزيز التنسيق و التشاور بين أعضاء البعثة    حج 1446ه: انطلاق أول رحلة للحجاج السبت المقبل    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البومباردي رئيسا... وعطا الله وزيرا أول
نشر في الشروق اليومي يوم 30 - 10 - 2015

في فيلم "رجل العام" كان توم دوبس (روبن ويليامس) منشطا لحصة فكاهية مسائية على التلفزيون، وقد دعته إحدى المشاهدات ذات مرة ليترشح للرئاسة، وهو ما حصل بالفعل. كانت بدايات الحملة الانتخابية للفكاهي الذي لا يتورع عن قول البذاءات على الملأ خجولة للغاية، غير أن مناظرة تلفزيونية مع المرشحين الكبيرين في الانتخابات جعلت منه منافسا مهاب الجانب، بعد أن جعل منهما موضعا للسخرية. وحتى تكتمل الحبكة، ساهم قصور في برنامج التصويت الالكتروني في نجاح دوبس بنسبة 99 بالمائة من الأصوات... أما باقي القصة ، فليست ذات أهمية كبيرة الآن.
في عالم الواقع، هناك نماذج عديدة لتحول أولئك الذين يمتهنون إضحاك الناس إلى رجال سياسة، من المسارح واستديوهات التصوير إلى مقاعد البرلمان ومكاتب الوزارات، ولسنا في الجزائر بعيدين عن الظاهرة، فقد استطاع أحمد بن بوزيد (عطا الله) أن يصل إلى "البرمة مال" كما كان يحلو له أن يسميه في مونولوغاته السمعية، ليثبت للساسة مدى عبثية اللعبة السياسية، واستعداد الناخب الشامت للتصويت على أي كان، مادام الانتخاب لا يؤدي إلى أي تغيير في السياسات. ولست أمزح إذ أعبر عن اعتقادي بأن "سي مخلوف البومباردي" سيفوز في الانتخابات الرئاسية إذا توفرت فيها بعض الشفافية، وامتنعت فيها "اليد الخفية" من تأويل أصوات الناخبين الذين لا يملكون ما يكفي من الحس المدني إلى ما يتوافق مع "المصلحة العليا" للبلاد.
منذ أيام قليلة، اختار الناخبون في غواتيمالا جيمي موراليس، وهو ممثل ومذيع ساخر، رئيسا للبلاد بنسبة تجاوزت ثلثي الأصوات، وهو رقم يثير حسد السياسيين في أعرق الديمقراطيات الغربية. وبالرغم من أن الرئيس الشاب لا يملك أي خبرة في إدارة الشأن العام، وهو الذي عجز قبل أربع سنوات في الوصول إلى منصب رئيس بلدية، إلا أن ذلك اعتبر من طرف الناخبين الغواتيماليين ميزة للرجل لا منقصة فيه، بعد أن ضاقوا ذرعا بالطبقة السياسية الفاسدة، والتي وصل فيها الفساد إلى درجة تورط الرئيس المنتهية عهدته في قضية تحويل عوائد جمركية معتبرة، وهي التهمة التي جعلت المسكين يتابع مجريات الاقتراع الرئاسي الأخير من وراء القضبان.
وقبل غواتيمالا، أحدث بيبي غريلو ثورة سياسية في إيطاليا، وقاد حركته السياسية الناشئة المسماة " حركة خمس نجوم" إلى نتائج باهرة في الانتخابات التشريعية عام 2013، ثم في الانتخابات الأروبية سنة بعد ذلك. والواقع أن غريلو، عكس موراليس، لم يكن بعيدا تماما عن السياسة، فقد جعل إيطاليا لسنوات طويلة تضحك من نكاته حول الساسة الايطاليين، وهو الأمر الذي جعل أحد الديناصورات السياسية المتعالية يصفه بأنه مجرد شخص تافه، و"أنه إذا أراد ممارسة السياسة فلينشئ حزبا ولننظر حينها كم سيحصل من أصوات". وليت المغفل لم يطلق هذا التحدي، فقد أسس غريلو حزبا، وعلى الرغم من عدم ترشحه شخصيا، حل حزبه ثالثا في تشريعيات 2013، ثم ثانيا في الانتخابات الأروبية عام 2014.
بالنسبة لدارسي السياسة، تطرح هذه الحالات سؤالا ملحا: هل انتهى عصر حرفيي السياسة التقليديين؟ في الواقع، هناك مؤشرات عديدة للتحول، فقد صار نجوم الغناء والممثلون ولاعبو الكرة أكثر استقطابا لتأييد الناخبين، وقد اختار الهايتيون منذ 2011 مغني الكومباس ميشال مارتيلي رئيسا لبلادهم، وانتخب الكاليفورنيون بطل أفلام الحركة أرنولد شوارزنيغر حاكما لولايتهم، ولولا أنه ولد خارج الولايات المتحدة لكان اليوم جالسا في المكتب البيضاوي يقلب بين يديه ملفات السياسة العالمية ويفتي فيها ب"عضلاته". وفي ليبيريا خاض صاحب الكرة الذهبية جورج ويا منافسة رئاسية عام 2005، ولم ينقصه سوى 10 بالمائة من الأصوات عن تحقيق الفوز، ليكتفي بعدها بمقعد في دكة البدلاء... أقصد في مجلس الشيوخ.
ما خطب الناس إذن؟ هل صارت إدارة الدولة فنا من فنون الترفيه؟ أم أن إفلاس الساسة وعجزهم المعلن هو الذي جعل الناخبين في عصر "البيبول" يرجون الخلاص لدى "أيقوناتهم" و"نجومهم" الذين صارت صورهم العملاقة تملأ الفضاء العام تماما مثلما كانت صور الزعماء التقدميين الملهمين قبل عقود "تلوث" واجهات البنايات الرسمية ونشرات الأخبار والكتب المدرسية.... إن أمرا ما يحدث في غفلة منا، وقريبا سيصوت الناس في الانتخابات بمنطق "أعجبني" لا بمنطق "أقنعني"، ولاشك أنكم تذكرون كيف تمكنت عندنا مرشحة مغمورة عن حزب مغمور من الوصول إلى البرلمان، في نفس الوقت مع عطاالله، فقط بسبب مظهرها الجذاب، أو ربما على الأصح، بسبب ما جعله الفوتوشوب يبدو جذابا. وقد سمعت قبل أكثر من سنة أحد السياسيين الكنديين يشكو من أن وسامة الشاب جاستن تريدو قد تقلب عرش المحافظين في الانتخابات القادمة، وهو ما حصل بالضبط قبل حوالي أسبوعين، حينما قاد تريدو الحزب الليبرالي للفوز بأغلبية المقاعد في البرلمان، وعاد به مجددا للحكم بعد أكثر من عشر سنوات من حكم ستيفن هاربر وحزبه.
عل العموم، وبالعودة إلى حالة غواتيمالا، أرجو شخصيا أن يبر الرئيس الجديد بوعده لبني قومه، وهو أنه بقدر ما أضحكهم في السابق، سيعمل بكل جد كي لا يبكيهم في المستقبل، غير أني أستسمحه لأغتنم الفرصة للإشادة ببلدي في هذا المجال، فإذا كان الكوميدي عندهم قد يصبح حاكما، فإن الحاكم عندنا قد يصبح كوميديا، بل ومهرجا حتى، حتى يوفر للناس بعض الفسحة للضحك ... عليه على الأرجح... غير أنه في المقابل يبقى ضحكا كالذي وصفه المتنبي:
وكم في "بلادي" من المضحكات ..ولكنه ضحك كالبكا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.