رفض وزير الإعلام الأسبق، عبد العزيز رحابي، تسمية المعارضة الحالية بالطبقة السياسية، ويقول إن ضعفها وتشرذمها أفسح المجال أمام بروز ما يسمى بالفكر السياسي الصحفي، الذي يعني أن الصحافة هي التي تنتج الفكر السياسي وتوجه السياسيين الذين يحسبون على الطبقة السياسية الحالية، واصفا إياها بالمنعدمة الجرأة. ويقول رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، في تصريحات ل"الشروق"، إن المشكلة الحقيقية اليوم لا تنحصر في الجرأة على طرح البدائل ومشاريع المجتمع واقتراح الحلول للخروج من الدوامة الراهنة، بقدر ما تتمثل المشكلة في ضرورة منع السلطة الحاكمة من الاستمرار في الحكم الذي استحوذت عليه بعد الاستقلال بقوة السلاح ورفضت الإرادة الشعبية منذ الاستقلال. ويكشف تواتي، أن الخطر الداهم حاليا يتمثل في استعداد السلطة للانتقال إلى مرحلة أخرى في حكم البلاد وهي الاستحواذ على الحكم بقوة المال بعد 50 سنة من الحكم باسم الشرعية الثورية ثم باسم المبرر الأمني. ويضيف تواتي، أن المطلوب اليوم من جميع النخب الحية في البلاد هو العمل بسرعة على كسر طابو رفض السلطة القائمة على الشرعية الثورية وشرعية الحجة الأمنية منذ نصف قرن من الاستقلال، مضيفا أن الذين يحكمون اليوم لا علاقة لهم بالجهاد والثورة لا من قريب ولا من بعيد. ويعتقد رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، في تصريحات ل"الشروق"، أن الوضع الذي نعيشه اليوم مرده إلى غياب ثقافة التعددية منذ الاستقلال، وخاصة بعد انهيار الحزب الواحد وبروز تيارات تنتهج العنف وسيلة وحيدة للخطاب، انتقاما من هيمنة الحزب الواحد لعقود، مضيفا أن عشرية العنف دفعت الكل إلى الاستقالة، وخاصة الجيل الذي يفوق 40 عاما. وأوضح المتحدث، أن عقدة الخوف التي تربت عند الجزائري خلال عشرية الدم، حولتها مرحلة حكم بوتفليقة إلى عقدة الاستقالة من الحياة السياسية أمام انخراط جزء من الطبقة السياسية في لعبة شراء الذمم التي استفاد منها النظام إلى غاية جانفي 2011 وبروز ما يسمى بالربيع العربي الذي أعاد للسلطة بعضا من رشدها خوفا من الانفجار، وسمح بتعرية ضعف النظام. ويقول رحابي ل"الشروق"، إن المفارقة الخطيرة التي تعيشها الجزائر تتمثل في غياب النخب منذ حرب التحرير، إضافة إلى أنها نخب سلبية بسبب ترابطها بجزء من مكونات السلطة الحاكمة، أو بجماعات داخل هذه السلطة، مما يجعلها عاجزة عن تقديم تحليل موضوعي وعاجزة عن النقد والمقارنة. ويضيف رحابي، كل المراجع السياسية والتحاليل التي تقدم من قبل ما يسمى بالمعارضة الحالية لها علاقة بالماضي، وبالتالي فهي بعيدة عن تقديم تصور صحيح للمستقبل أو لكيفية الخروج من الأزمة الهيكلية الراهنة ووضع تصورات سليمة ل 20 أو30 سنة القادمة. وقال رحابي، إنه في ستينات وسبعينات القرن الماضي كان مشروع المجتمع يلقن في الجامعة، مستطردا أن تداعيات أزمة النخب منعت من بروز خطاب سياسي ممنهج قادر على طرح البدائل للمجتمع، مما أفسح المجال أمام بروز ما يسمى بالفكر السياسي الصحفي، وهو ما سمح للرئيس بوتفليقة بأن يلعب على ضعف المعارضة وتشرذمها بعد أن نجح في غلق الجامعة أمام الفكر المناقض وغلق الإعلام المؤسساتي أمام التعبير الحر وغلق النقاش داخل جبهة التحرير الوطني بعد أن كانت الجبهة في السبعينات بيتا للعديد من التيارات السياسية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين مرورا بالوسط، ونقل الحزب من جبهة جامعة لكل التيارات الإيديولوجية إلى مجرد فصيل سياسي.