مرت سنة كاملة على رحيل الفنانة حسنة البشارية, التي تعد "أيقونة" موسيقى الديوان , باعتبارها المرأة الوحيدة في تاريخ هذا التعبير الفني التقليدي التي كانت تعزف على ''القمبري'', وهي آلة ذات الوتر الوحيد, كانت حكرا على الرجال. لقد عانت حسنة البشارية التي توفيت في الفاتح من مايو 2024 و إسمها الحقيقي حسني حسنة عن عمر ناهز 74 سنة في بداية مسيرتها الفنية من الإقصاء والتهميش , قبل أن تفرض نفسها لاحقا كحالة نسوية فريدة في موسيقى الديوان بفضل براعتها في العزف على القمبري و آلة القيتارة الكهربائية والعود والهارمونيكا, بالإضافة إلى سجلها من الأغاني التي كتبتها بنفسها. وتعد الفقيدة التي كانت "أيقونة" موسيقى الديوان المتجذرة في التقاليد الاجتماعية والثقافية والفنية لجنوب غرب البلاد والتي تم تكريمها سنة 2017 بمصف الإستحقاق الوطني من درجة "عشير" الذي يمنح لرجال الأدب والفن والباحثين والأكاديميين, فنانة أصيلة وتميزت بولعها الكبير لأحد مكونات التراث الثقافي الوطني المتمثل في موسيقى الديوان والتي مثلتها بكل جدارة من خلال جولاتها الفنية المتنوعة على المستويين الوطني والدولي. وفرضت حسنة البشارية بمسيرة فنية امتدت لأكثر من ثلاثين سنة وألبومين من بينهما " الجزائر الجهورة " الموجه لبلدها الجزائر نفسها كرمز لموسيقى الديوان , ولطالما أسعدت بها جمهورها حيث جمعت خلالها بين المقدس , و طقوس هذا النوع الفني العريق الذي يعد القمبري والقرقابو والطبل كأحد ركائزه الأساسية. لقد رسخت من خلال حفلاتها الموسيقية في البلاد وخارجها سيما في فرنسا وإيطاليا والبرتغال وكندا وخاصة في دار الأوبرا بالقاهرة (مصر) سمعتها كفنانة جزائرية أصيلة, مؤكدة ذلك عبر موهبة لا نظير لها و براعتها في العزف على القمبري ومسيرتها الفنية الطويلة. وخصصت لها المخرجة الجزائرية الكندية سارة ناصر فيلما وثائقيا بعنوان "عازفة روك الصحراء" مدته ساعة و15 دقيقة تم تصويره وإنتاجه على مدى ما يقارب العشر (10) سنوات وهو يعتبر بورتريه حميمي لحسنة البشارية. لقد حاز هذا الفيلم الطويل الذي يهدف إلى تكريم الفنانة الراحلة والذي أنتج سنة 2022 على عديد الجوائز والهدايا الدولية بما في ذلك "جائزة الجمهور لأفضل فيلم من إخراج امرأة ملونة" بنيويورك (الولاياتالمتحدةالأمريكية). "ان حسنة البشارية تظل أسطورة وإشعاعها الموسيقي والإنساني لا يتوقف أبدا عن تذكيرنا بشموخ هذه الفنانة التي ستبقى حاضرة إلى الأبد في قلوبنا وأفكارنا", كما صرحت به لوأج هذه المخرجة التي تابعت لمدة عقد من الزمن المسيرة الفنية والحياة اليومية للفنانة الراحلة ببشار وخلال حفلاتها في الخارج. وبرمجت دار الثقافة "قاضي محمد" ببشار بمناسبة إحياء الذكرى الأولى لرحيل هذه المغنية للديوان تنظيم حفل تكريمي على شرف الفقيدة يوم 1 مايو القادم بمشاركة العديد من فرق الديوان والغناء النسائي من بينها فرقة "لمة" للموسيقى التقليدية النسائية من الساورة التي تأسست في 2015 بحوالي عشر مغنيات وموسيقيات من بشار على رأسهن سعاد عسلة, والتي رافقت مسارها الفني حسنة البشارية.