بوغالي يؤكد التزام الدولة    دعوة إلى تقوية العلاقات التجارية    ناصري يستقبل سفير السعودية لدى الجزائر    تسليم وثائق التوطين ل 230 مستوردا    استلام مشاريع بقيمة 7 مليارات دولار    سونلغاز في سوريا    إيران تحت القصف الصهيوني    مونديال الأندية ينطلق اليوم    اتصالات الجزائر تنظم حملة للتبرّع بالدم    الكسكسي في مسابقة دولية    وزير الاتصال يعزي في وفاة المصور الصحفي السابق بوكالة الانباء الجزائرية محرز عمروش    الجزائر تنضم قريبا لمعاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا    الجزائر تدعو إلى حماية السلم والأمن الدوليين    انتصار للفلسطينيين وتأكيد للعزلة السياسية والأخلاقية للكيان    رؤية طموحة لرقمنة القطاع    مولودية الجزائر على بعد خطوة من اللقب والكناري في الوصافة    5 جزائريين في مونديال أمريكا للأندية    حماد يهنئ مريجة على مواصلة مسيرته في الاتحاد الدولي للجيدو    والي قسنطينة يفتح النار على سماسرة العقار    أسرة الإعلام في ضيافة اللواء السابع المدرع    دعم الإعلام الوطني في تصديه لمحاولات نهب الموروث الثقافي    "أروقاس" تستقطب اهتمام الجمهور الياباني    "العالم الجميل" بمسرح "مجوبي"    وصول أول رحلة للحجّاج العائدين إلى مطار وهران    تحيين 12 ألف بطاقة "شفاء" منذ بدء العملية    الجزائر تنضم لاتفاق إنشاء المعهد العالمي للنّمو الأخضر    تأكيد انخراط المجتمع المدني في جهود مكافحة المخدرات    عودة الفرق الجزائرية المشاركة في مكافحة الجراد بتونس    معالجة 542 قضية إجرامية    إخماد حريق شب في إسطبل بمنطقة "أم قطيطة"    حجز أكثر من 300 ألف قرص "إكستازي"    وزير الاتصال يدشّن المقر الجديد لإذاعة الجزائر من بشار وبني عباس: مفخرة إعلامية بمواصفات عصرية    وزارة الصحة تُقيّم تحديات استئصال شلل الأطفال بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية    الجزائر تدين وتستنكر العدوان السافر على إيران    العاب القوى/ذوي الهمم: الجزائري اسكندر جميل عثماني يفوز بسباق 100م (ت13) لملتقى أوسلو للدور الماسي    ألعاب القوى/الدوري الماسي-2025 : مرتبة خامسة للجزائري محمد ياسر تريكي في الوثب الثلاثي بأوسلو    فرقة "الصنعة" للموسيقى الأندلسية تطفئ شمعتها الأولى بتكريم عميد أساتذة هذا الفن, محمد خزناجي    الدول الأعضاء في رابطة أمم جنوب شرق آسيا ترحب بالانضمام القريب للجزائر إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا    بكالوريا 2025: مخطط خاص لتأمين مجريات الامتحان    حج 2025م/ 1446 : عودة أول فوج من الحجاج إلى وهران    الشيخ القاسمي يدعو إلى نشر خطاب ديني جامع لتعزيز الوحدة الوطنية    العدوان الصهيوني على إيران: موجة غضب وتوعد بالرد "القوي" و "الصارم"    إيران تدعو إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن بعد العدوان الصهيوني على أراضيها    تحيين أزيد من نصف مليون بطاقة "الشفاء" على مستوى الصيدليات المتعاقدة مع هيئات الضمان الاجتماعي    الرابطة الأولى موبيليس (الجولة ال 28): النتائج الكاملة والترتيب    مؤسسة "اتصالات الجزائر" تنظم حملة وطنية للتبرع بالدم    الجزائر تواصل التزامها بحماية حقوق الطفل    المعرض العالمي بأوساكا: عروض فرقة "أروقاس" من جانت تستقطب اهتمام الجمهور الياباني    موسم الاصطياف 2025 والاحتفالات بالذكرى 63 لعيد الاستقلال محور اجتماع للمجلس التنفيذي لولاية الجزائر    مؤسسة صناعات الكوابل ببسكرة: إنتاج 2000 طن سنويا من الكوابل الخاصة بالسكة الحديدية    اختبار مفيد رغم الخسارة    الأسطول الوطني جاهز للإسهام في دعم التجارة الخارجية    الفواكه الموسمية.. لمن استطاع إليها سبيلاً    اللهم نسألك الثبات على الطاعات    القرآن الكريم…حياة القلوب من الظلمات الى النور    فتاوى : أحكام البيع إلى أجل وشروط صحته    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة إيمانية في مقاصد الحج

حدثني والدي فقال: ارتفع نداء الحق، فهوت الأفئدة، واستجابت الأرواح الطاهرة مسرعة إلى بيت الله الحرام بدعوة إلهية خلقت في الأنفس شوقا وهمة، وانبعاثا، ردد والدي "لبيك اللهم لبيك" فرددت القول بعظمة جل جلاله، نعم لقد هيأ الله لخليله إبراهيم عليه السلام التعرف على مكان البيت العتيق ليقيمه مثابة للناس وأمنا.
اسمع يا ولدي إياك والحقد والبغضاء ونقض العهود مع الله، واعلم علم اليقين أنه من المسلم به أن سنة الله من ملكوت خلقه منذ وجود الإنسان في هذه الحياة الدنيا أنه خطاء، فكان حظه من الخطأ، فهناك فرق بين الخالق والمخلوق فالكمال لله وحده، والإنسان ترتابه عوائق جسمية فأولها هي نفسه التي بين جنبيه مولعة بالشهوات والهوى تتجاوب معها النفس فيهوى في محكم قوله تعالى "وما أبرئ نفس إن النفس لأمارة بالسوء".
وثانيها ياولدي زخرفة الدنيا وغرورها فإذا تملكت في قلب الإنسان أذهبت عنه عقله وأفسدت عليه دينه بالرياء والتفاخر فيصبح عبدا أسيرا لها ذليل النفس في داخله، مغترا في ظاهره يظهر ما لا يبطن كما جاء في الحديث النبوي تعس عبد الدينار، تعس وانتكسى.. وثالثها الشيطان الذي يزين دائما لضعاف الإيمان الخبائث فضائل، والأضغان خلق" والشر خير، والتكبر والاحتقار عدل، والرياء خلق ساميا كما جاء في قوله تعالى "إن الشياطان لكم عدو فاتخذوه عدوا".
يا بني اصغ بقلبك وحسن سمعك، إن رحمة الله بعباده وعفو منه أن يخسروا ديناهم وأخراهم ويشتد عليهم اليأس والقنوط فقد فتح أمامهم أبواب التوبة، وفعل الطاعات التي تسمو بهم إلى العليا، وتحيي في نفوسهم محبة الله جل وعلا وإن من أعظم العبادات التي خصها الرحمان بالعبادة المكفرة للذنوب والمعاصي وقبول التوبة فيها بعد معانقة أسوار بيت الله الحرام، إنها فريضة الحج التي تجمع المسلمين من مختلف الأجناس ومن شتى بقاع المعمورة على موعد مع سبك العبرات في باحة الكعبة المشرفة والحجر الأسود، على موعد مع الطواف بأول بيت وضع للناس للذي ببكبة مباركا، موعد مع الصفا والمروة من شعائر الله، على موعد ركعتي خلف مقام إبراهيم، على موعد مع الوقوف بعرفات في مكان فسيح انمحى فيها كل شيء، وزالت آثار الدنيا، قلوب تبتهل إلى السماء نفوس تصيح من أعماقها يا الله يا الله، وجوه بللتها الدموع طالبين العفو والغفران، إنهم على موعد مع شد الرحال إلى مقام الحبيب المصطفى والروضة المطهرة موطن الإجابة، إنهم على موعد مع اللقاء العالمي في هذه البقاع المقدسة يشهدوا منافع لهم وقد خلصت نواياهم، وتظهرت أنفسهم، وزالت أحقادهم، جمعتهم كلمة التوحيد، وامتلأت قلوبهم بالإيمان والتقوى وأجسامهم وأرواحهم بالصبر والامتثال لأمر الله وأحكامه.
يا بني أدرك قولي الإسلام دين اجتماع يعني بتربية النفس، وتقوية الجسم، وتعزيز الروح الجماعية والسامي بقيم مدرسة مكارم الأخلاق ويا سعد من توسم بوشاح هذه المدرسة التي تلتقي فيها جميع الفضائل السامية التي وعد الله عباده بالاستخلاف في الأرض والتمكين فيها.
يا بني إن مدرسة الحج تتطلب من الإنسان استحضار قلبه بنية خالصة لوجه الله لا رياء فيها، وبدنه وماله، بحيث يكون الاختبار شاقا والامتثال واضحا. لأن الدلالة العظمى من الحج هو تكفير عن الذنوب والتعود على الصبر في القيام بالأعمال من سفر وبذل جهد ومعاناة وغيرها وعلى قدر صبر الإنسان واحتماله يكون قبول عبادته، فانتقال الإنسان من حيث مكان الراحة الظاهرية حيث تحيط به الخيرات في بلدته إلى موقع آخر يجهد فيه الإنسان نفسه جهدا كبيرا، إلا أن البعض يغفل عن الراحة الروحية النفسية المتعلقة بمعارج العلياء الإلهي.
إن الحج عبادة إلهية وحكمة بالغة يوجب منا الإيمان المطلب بالحكيم العليم الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وبالتالي الامتثال لله سبحانه وتعالى الذي أمرنا بأداء هذه الأعمال من دون أن نعلم ماهية الحكمة الإلهية من ذلك، لأن حقيقة الامتثال هو الخضوع في القيام بالطاعات مع الثقة المطلقة في الأمر والآمر وذلك ميزان تقوى العبد الصالح، لأن الأعمال إذا ظهرت حكمتها وثمرة نتائجها فإن الإنسان يندفع إليها بلهف شديد لاقتناعه التام بمردودها الواضح، أما الأعمال التي لا تظهر دواعيها للإنسان، فإنه يعملها استجابة للأمر وللآمر الموثوق به.
يا بني رسلك علي إن الإنسان يتحمل المشاق في ميدان الحج وهو لا يدري ولا يعلم الحكمة التي جعلته يستجيب ويرضى بتأدية هذه الأعمال وليس أمامه إلا شيء واحد يرتجيه وهو طلب الرضا من الأمر الموثوق به. فالدافع الأساسي هو محض خالص عبادة الله وحده دون أن يفهم الإنسان حكمتها، من أجل هذا سميت شعائر اتسمت بالإخلاص مصداقا لقوله تعالى "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"
من هذه الفجاج السرية في حكيمة الحج ومقاصده الكبرى هو الامتثال للأمر الإلهي والصبر على التحمل، فالحاج، يستوجب عليه بالزاد القوي تقوى القلوب والصبر العظيم لينال بعد توفيق من الله في آخر الأمر أجر الفائزين.
ومن حكمته رمزية المساواة لا تمايز في مظهرهم الحاكم والمحكوم، الغني والفقير، فالكل في خضوع للقاهر الديان الوحدانية لله جل وعلا التي ضمت جميع الخلائق تحت ظلالها فطوبى لمن تنسّم بها.
إن مما لا شك فيه على الإطلاق أن هذا المؤتمر الإسلامي السنوي في أطهر بقعة على وجه الأرض تحت إشعاعات الأنوار الإلهية تغرس مبادئ المحبة والتآخي والسلام بين مختلف الأجناس على اختلاف ألوانهم دون تفرقة، فيا ليت الدول الإسلامية راعي ورعية يدركون هذا المعنى الجليل لمقاصد الحج ويسارعون إلى هذا الفيض الرباني ليتعاون الجميع على نبذ الخلافات والحساسيات في بيت الرحمن، في بيت خشعت فيه القلوب وسمت فيه الأرواح، ونادت الألسنة لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك ن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
*زاوية بلعموري/ مكلف بمهمة رئاسة الجمهورية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.