مجلس الأمة: السيد بوجمعة يبرز أهمية الرقمنة بقطاع العدالة    كرة القدم / بطولة افريقيا للاعبين المحليين 2025 : مجيد بوقرة يقر بصعوبة ضبط التشكيلة النهائية    دراجات /طواف الكاميرون 2025 : الجزائري اسلام منصوري يفوز بسباق المرحلة السادسة    العروض الوطنية للفيلم السينمائي "محطة عين لحجر" تتواصل عبر عدة ولايات    أسعار النفط تستقر    الجزائر تتوّج بجائزة بطل السياسات الريادية    ليلة رعب على سفينة مادلين    بطولات وتضحيات خالدة في الذاكرة الوطنية    ولاية باتنة تحيي الذكرى ال 67 لاستشهاد البطل علي النمر    الموافقة على تعيين سفير الجزائر الجديد لدى جمهورية السلفادور    وفاة أحمد بن سكران الرئيس السابق للرابطة الجهوية لكرة القدم لوهران    البرتغال تُتوّج بدوري الأمم الأوروبية    اختبار قوي للخضر    حجز قرابة 1.5 مليون قرص مهلوس بباتنة    هكذا أمضى الجزائريون عيد الأضحى..    وزارة البيئة : خطة لمكافحة التلوث البلاستيكي    مؤشرات الاقتصاد الجزائري تتحسّن    الجزائر تتحصّل على جائزة لبيتم    الحجّاج يؤدون طواف الوداع    آلفارما من 26 إلى 28 جوان    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 54981 شهيدا و126920 مصابا    وهران : مجلة "آفاق سينمائية" تبرز دور السينما الجزائرية في فضح الاستعمار الفرنسي    جبهة البوليساريو تؤكد أن كل المحاولات الرامية إلى القفز على حقوق الشعب الصحراوي مصيرها الفشل    وفاة 14 شخصا وإصابة 323 آخرين بجروح    يختطف سفينة "كسر الحصار" على قطاع غزة    سطيف: 3 باحثين يتحصلون على براءة اختراع    تكريس لإرادة سياسية واضحة لحماية "ذاكرة وطن"    تكرس قيم الاحترافية والوطنية التي تحدو منتسبي القطاع    ضرورة تفعيل الحسابات وتحميل الملفات قبل 12 جوان    ورقلة : حجز أزيد من 62 ألف كبسولة من "بريقابالين"    تنظيم عودة أول فوج للحجاج الجزائريين إلى أرض الوطن    مقاربة الجزائر تفضح مواقف انقلابيي باماكو    شان-2024/ودي: المنتخب الجزائري للمحليين يفوز أمام رواندا (2-0)    640 ألف مليار لاقتصاد أقوى ومعيشة أحسن    آخر الروتوشات لانطلاق امتحان البكالوريا    رافعات من الجيل الجديد تؤسّس لموانئ"ذكية" بالجزائر    إشادة بروح المسؤولية التي تحلّى بها التجار    مجلس الأمة يهنّئ بالجائزة الذهبية "لبيتم"    إجماع على استقدام جمال بن شاذلي    اللجنة المنظمة تطلق اليوم الموقع الرسمي للحدث    "التطور الحضاري لمدينة تلمسان" محور يوم دراسي    عوالم من نور تتجاوز الملموس البائس    تتويج سيليا العاطب سفيرةً للثقافة الإفريقية 2025    المديرية العامة للحماية المدنية تطلق مسابقة توظيف    خطوة أخرى لتعزيز التنمية بقرى وادي الأبطال    رفع ألفي طن من النفايات    جمع 27 ألف "هيدورة"    مبادرة حسنة من الحجّاج الجزائريين    وزير الثقافة زهيرَ بللُّو يهنئ الفنانين في يومهم الوطني    الفريق أول شنقريحة يترأس مراسم حفل تقديم التهاني    غزة : استشهاد 11 فلسطينيا وإصابة العشرات    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    خواطر الكُتاب.. أبعاد لا تنتهي    قافلة الصمود تنطلق من الجزائر لكسر الحصار عن القطاع    توسعة الحرم المكي: انجاز تاريخي لخدمة الحجاج والمعتمرين    ويلٌ لمن خذل غزّة..    هذه أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة    عيد الأضحى المبارك سيكون يوم الجمعة 06 جوان 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن باديس أشهر صحفي جزائري والعربي التبسي أعدموه بسبب مقالاته الصحفية
هؤلاء هم الرعيل الأول للصحافة الجزائرية
نشر في الشروق اليومي يوم 03 - 05 - 2010

عمر راسم أنشأ أول جريدة عربية فحاكموه عسكريا وسجنوه مدى الحياة
كيف كانت فرنسا الاستعمارية تسمي الشيخ عبد الحميد بن باديس؟ وكيف كانت تسمي رفقاءه في جمعية العلماء المسلمين؟ ومن أين كان يعيش، وما هو مصدر رزق الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي كان يتكفل ماديا بتعليم المئات من التلاميذ القادمين من كل الأصقاع لطلب العلم في مدرسته الخاصة بالتعليم والتربية التي كان يمنحها كل وقته وكل ماله؟
لماذا حاول الطرقيون قتل الشيخ بن باديس عام 1937 ولماذا قتلت فرنسا الشيخ العربي التبسي؟
أسئلة لا يوجد أحسن من الإجابة عنها في يوم الاحتفال بعيد الصحافة في الثالث من شهر ماي .. فالشيخ عبد الحميد بن باديس كان صحفيا، وكل السجلات الفرنسية التي تتحدث عن الشيخ تسميه بالصحفي ابن باديس، فهو لم يكن إماما عينته فرنسا ولم يكن مفتيا، وإنما أولا وقبل كل شيء كان صحفيا، وكل رجالات التعليم ومنهم بالخصوص البشير الإبراهيمي والطيب العقبي ومبارك الميلي كانوا صحفيين، جمعهم القلم والصحافة قبل أن يبادروا إلى بعث جمعية العلماء المسلمين التي كان سلاحها الأول والأهم هو الصحافة.
ويبلغ عمر الصحافة الجزائرية الآن قرنا وسنتين، وتكمن قوة الصحافة الجزائرية المعربة بالخصوص كونها من أنامل الفنانين والدعاة، وكانت أول صحيفة جزائرية هي "الجزائر" التي بعثها الرسام العالمي عمر راسم عام 1908، وكان عمر راسم ظاهرة إعلامية قد لا تتكرر في تاريخ الصحافة العالمية، فهو الذي يكتب، وهو رئيس التحرير، وهو الذي يرسم في جريدته أي أنه كل شيء في جريدة "الجزائر" التي أوقفتها فرنسا، وصدرت بعدها جريدة الحق بعاصمة الغرب بعد ثلاث سنوات، وكان اتجاهها عثماني، وحتى جريدة الفاروق التي أسسها محفّظ القرآن الكريم عمر بن قدور كانت محرجة للاستعمار الفرنسي الذي لاحظ أن ولادة الصحافة الجزائرية كان الهدف منها الجزائر والعربية والدين الإسلامي، حيث كانت جميعها ناطقة باللغة العربية وذات أبعاد دينية إصلاحية، إذ قامت جريدة الفاروق بمحاربة البدع وكان صاحبها على اتصال مباشر بالشيخ محمد عبده.
ودون سن الثلاثين قرر الشيخ عبد الحميد بن باديس تأسيس أول يومية في تاريخ الجزائر وبعث صحيفة "النجاح" رفقة مجموعة من رجالات قسنطينة، وبلغ سحب هذه اليومية أواخر العشرينيات من القرن الماضي خمسة آلاف نسخة توزع على المستوى الوطني، رغم أنها لا تصل إلى القراء إلا بعد بضعة أيام، ولكن هذه التجربة منحت الصحفي عبد الحميد بن باديس النضج الإعلامي، فبادر إلى إنشاء مؤسسات صحفية كاملة من شركة توزيع ومطبعة وهيئة تحرير، وكانت أولى الباكورات عام 1925 جريدة المنتقد، ولكنها توقفت عن الصدور بأمر من المستعمر بعد 18عددا فقط، وقام الشيخ عبد الحميد بن باديس بإصدار جريدة "الشهاب" وأيضا باقتناء المطبعة الجزائرية الإسلامية التي مازالت موجودة لحد الآن، وهو ما جعل الجريدة تحقق نجاحا باهرا، وقال المفكر مالك بن نبي إنه لم يكن يشعر بالراحة إلا إذا تصفّح افتتاحية الشيخ عبد الحميد بن باديس، ويشعر بالحزن إذا أطلت الصحيفة من دون افتتاحية تزامنا مع الرحلات الكثيرة التي كان يقوم بها الشيخ بن باديس، الذي كان يخرج في مهمات صحفية طويلة الأجل، وواصلت الشهاب صدورها ولم تتوقف إلا قبل وفاة الشيخ بن باديس بستة أشهر، وكل رجالات جمعية العلماء المسلمين خاضوا عالم الصحافة ككتاب وكمؤسسين، ومنهم الشيخ العقبي الذي أسّّس جريدة "صدى الصحراء" وجريدة "بسكرة" وجريدة "الإصلاح" في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي .
ولم يكن الشيخ بن باديس صحفيا تقليديا، وإنما كان قلمه هو سلاحه، ولأن جريدة الشهاب قصفت الطرقية ومظاهر الشعوذة وأسمت المتورطين في عالمها بالإسم، قامت الزاوية العلوية ببعث صحيفة "البلاغ الجزائري" وأنجزت أيضا مطبعة خاصة بها، واندلعت حربا صحفية بين الشهاب والبلاغ انتهت بمحاولة اغتيال عبد الحميد بن باديس الذي فاجأه مبعوث علوي بعصا، وبضربات كادت أن تودي بحياته ونجا من موت مؤكد بسبب مقالاته. وحتى الصلح الذي أقيم بين الزاوية العلوية والشيخ بن باديس أثناء زيارته إلى مستغانم كان صحفيا بالدرجة الأولى، حيث غطت الشهاب الرحلة وأعطتها أبعادها الإصلاحية.
ورغم أن المشارقة يتحدثون دائما عن ريادتهم في الصحافة العربية، إلا أن ما قام به الرعيل الأول من الصحافيين الجزائريين هو التجربة الصحفية الأكثر إثارة وأهمية، فالصحفي عمر راسم الذي أنشأ أول صحيفة جزائرية هو أيضا أول من استعمل في عالم الصحافة الأسماء المستعارة حتى لا توقف صحيفته فرنسا، ونجح بصحيفة "ذوالفقار" حيث كان يوقّع باسم ابن المنصور الصنهاجي، وانتقد نزول الجيوش الفرنسية عام 1914 بسيدي فرج، وكان أيضا في ذات السنة أول صحفي في العالم يتطرق لخطر الصهيونية، وهو ما جعل السلطات الفرنسية تحاكمه عسكريا وأصدرت في حقه حكما بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، وهو حسب علمنا أقسى حكم يصدر في حق صحفي في ذلك الوقت في العالم. وحتى الاستعمار الفرنسي عند اغتيال الشيخ العربي التبسي أعلن عن القضاء على صحفي جزائري كان قلمه يدعو إلى التمرد على الفرنسيين. ولن نبالغ إذا قلنا أن أول صحفي يتابع في محكمة عسكرية في العالم هو عمر راسم، وكان قلمه عربيا خالصا وهذا منذ قرن، وأول صحفي تعرض لمحاولة اغتيال هو بن باديس، وهذا منذ أزيد عن ثمانين سنة وأول صحفي في العالم تعرض للقتل وإخفاء جثته التي لا يُعلم لحد مدفنها وهذا منذ أزيد عن نصف قرن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.