جبهة المستقبل جاهزة للانتخابات الرئاسية المقبلة    السيد عطاف يترأس في داكار جلسة عمل ثنائية مناصفة مع نظيرته السنغالية    المنتدى العالمي ال10 للماء: مشاركة فعالة للشباب الجزائري    تمويل أزيد من 140 مشروعا من طرف شركات رأس المال الاستثماري    تعزيز الحظيرة الفندقية سيؤدي الى انخفاض الأسعار    إستحداث مؤسسة عمومية لتطوير الزراعات الفلاحية الإستراتجية    الإحصاء العام للفلاحة: تجاوب الفلاحين مع العملية وتفاؤل حول النتائج المتوقعة    صيد بحري: بداني يشرف بتيبازة على انطلاق حملة صيد التونة الحمراء    السيد عطاف يستقبل من طرف الرئيس السنغالي    منشآت طرقية: إيلاء أهمية كبيرة للجنوب الكبير.. والأولوية للصيانة ومد طرق جديدة    قطاع الصناعة التقليدية ساهم ب 360 مليار دج في الناتج الوطني الخام سنة 2023    جمعية "نجمة" من البليدة تمتع جمهور قصر الثقافة مفدي زكريا بوصلات غنائية أندلسية راقية    وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي: قوجيل يوقع على سجل التعازي    تأسيس تحالف سياسي بين أربعة أحزاب لتحقيق إجماع وطني    فلاديمير بوتين.. ومستقبل العالم الجديد    أيُّ منظومة قِيَمِيّة في العلاقات الدولية اليوم؟    سوريا وروسيا تنشطان حفل اختتام المهرجان الثقافي الدولي ال13 للموسيقى السيمفونية    "زوايا", منصة إلكترونية جديدة تعنى بتوثيق الإنتاج السينمائي والتلفزيوني الجزائري والترويج له    الاحتلال الصهيوني يستند على أكاذيب لتبرير جرائمه بحق الفلسطينيين    وزارة السياحة تطلق جائزة أحسن عمل في الإعلام السياحي    النقيب محمد علو: كل الظروف مهيأة للتكفل التام بالحجاج الجزائريين    الجيش الصحراوي يستهدف مقرا لفيلق جنود الإحتلال المغربي بقطاع المحبس    السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي ليلي بالناحية العسكرية الثانية    شرفي تبرز مدى إهتمام الدولة بالطفولة    ندوة فكرية دينية حول آداب زيارة المدينة المنورة للحجاج الجزائريين    محروقات: العديد من المشاريع الاستثمارية تجسد التزامات الجزائر الدولية بالحد من الانبعاثات الملوثة    وهران: افتتاح الطبعة ال 25 للصالون الدولي للصناعة التقليدية    الإخلاص لله والصدق مع الله    سعيدي يتوّج بالقميص الأصفر    انتصار جديد للقضية الفلسطينية    حجّاج جزائريون في مزارات المدينة المنورة    تعزيز علاقات التعاون الثنائية في الكهرباء والطاقات المتجدّدة    الصالون الوطني للفنون التشكيلية بتبسة: انطلاق مسابقة أحسن رسم بورتريه لشخصيات وأعلام الولاية    الجوية الجزائرية تفتح باب التوظيف    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    نواب المجلس الشعبي الوطني يؤدون واجب العزاء    خطوة جديدة نحو تحقّق حلم الفلسطينيين المنشود    الجزائر تطلق بيان التزامات "الأونروا" لتمويل الوكالة    سعدان يدعم بيتكوفيتش ويعبر عن فخره بالعودة لخدمة الكرة الجزائرية    الجزائر تقدم حلولا أمثل لاستغلال الثروات الإفريقية    إدارة مانشستر يونايتد رصدت مبلغا كبيرا لضم ايت نوري    الترجي يحتفظ بكامل حظوظه للصعود إلى الرابطة الأولى    بقة وبوشرف يتوَّجان بالبرونز    مجموعة استثنائية من المعادن والصخور والحفريات    دورة "بهية راشدي" تحتفي بفلسطين    صدور كتابين للأستاذين بوحالة وبكاي    نسيم سعيدي يهدي الجزائر القميص الأصفر    درك أولاد سلام يحقق في جريمة قتل    قطار يدهس رجلا ببقعة البساكرة    الإطاحة بعصابة مهلوسات وحجز 8 آلاف قرص    الجزائر تمتلك أهم نسيج في الصناعات الصيدلية في إفريقيا    ميدالية ذهبية للعدّاء الجزائري عثماني جميل    عون يشرف على تنصيب التركيبة الجديدة    البطولة الإفريقية للرافل : افتتاح الطبعة الخامسة بتوقرت بمشاركة تسع دول    رعاية اليتامى وكفالتهم.. الكنز الكبير    نفحات سورة البقرة    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



»الشروق« تقف عند أبرز المحطات العدائية في النسخة الأصلية
تزامنا مع عرض فيلم »ما يبقى في الواد غير حجارو« بفرنسا
نشر في الشروق اليومي يوم 02 - 03 - 2008

اتهمت شخصية محورية في فيلم »ما يبقى في الواد غير حجارو« المخرج »جون بيار لييدو« بارتكاب انحرفات خطيرة ومقصودة في حق الذاكرة التاريخية والثورية لمنطقة الشمال القسنطيني وباقي مناطق الوطن التي تجولت عبرها كاميرا وكالة الإنتاج »نوال فيلم« منذ شهر مارس إلى غاية شهر نوفمبر 2006، علما أنها ليست المرة الأولى في سياق تجربة »لييدو« السينمائية التي أنجز خلالها مجموعة من الأفلام الوثائقية حول العلاقات التاريخية بين الجزائر وفرنسا.
تعمد مخرج فيلم »ما يبقى في الواد غير حجارو« حسب ما تحدث به السيد عزيز موانس أستاذ بجامعة مستغانم ل »الشروق اليومي« من خلال استضافته لنا لمشاهدة النسخة الأصلية للفيلم، تعمد تشويه الحقائق التاريخية التي وردت على لسان مجموعة من المواطنين الذين عاشوا جزءا هاما من الأحداث التاريخية التي كان الشمال القسنطيني عموما ومنطقة سكيكدة تحديدا مسرحا لها منذ 20 أوت 1955 في خضم أحداث حرب التحرير الوطنية، حيث لم يشر جان بيار لييدو في فيلمه لا من قريب ولا من بعيد إلا للمجازر الجماعية التي ارتكبها جنود الاحتلال بقيادة السفاح أوسارس ضد الأهالي العزل القاطنين بمداشر بن مالك والعالية ضواحي سكيكدة، حيث أبادت قوى الاحتلال مئات الأشخاص أطفالا ونساءً وشيوخا ودمرت المنازل وخربت المحاصيل الزراعية على غرار ما حدث لعائلة مواشي التي فقدت 23 شخصا جراء القصف الجوي، وكانت خطة أوسارس الانتقامية تهدف بالدرجة الأولى إلى كسر شوكة الثورة وكذا انتقاما للمعارك البطولية التي شنها المجاهدون ضد المستوطنين والمراكز الحيوية لإدارة الاحتلال، وتشير مراجع تاريخية إلى إبادة 12000 جزائري خلال تلك الأحداث بولاية سكيكدة وحدها. وتقدم تلك الأحداث المأسوية والجرائم ضد الإنسانية قرائن ودلائل مادية ملموسة عن الماضي العنصري لقوى الاحتلال، بينما عمل جان بيار لييدو على تسليط الضوء على حادثة تكفل عائلة أحد المعمرين بضحايا تلك المأساة. لقد كرست النسخة الأصلية للفيلم النزعة العدائية لقدسية ثورة التحرير ونضالات الشعب الجزائري طوال سنوات الاحتلال تحت ويلات القهر والاستبداد الذي سلطته قوى الاستعمار والاستبطان الفرنسي على الجزائريين انطلاقا من فكرة استبدال شعب بشعب آخر، وتقوم مناهج التحريف والتضليل التي اعتمدها المخرج في حبك خيوط سيناريو فيلمه على خلفية رصد وقائع تشكل الاستثناء تبناها جان بيار لييدو، قصد رسم صورة عن التعايش من جهة، وتسليط الضوء على إيجابية الاحتلال من خلال اللعب على أوتار العلاقات الإجتماعية قصد ترسيخ أطر الذاكرة الجماعية بين المستوطنين والجزائريين. غير أن هذا الطرح المنحاز القائم على إلغاء الشهادات الحية والموضوعية جرد الفيلم من أي مصداقية فكرية وتحول العرض إلى فيلم دعائي. قد شكلت اللغة السينمائية بمختلف مستويات مضامينها الفنية ورسائلها السياسية المباشرة منها والخلفية ( ما وراء المشاهد) تقاطعات واضحة المعالم مع موقف فرنسا الرسمية إزاء مسألة الإعتذار عن جرائمها الاستعمارية، وعلى نفس المنوال يواصل جان بيار لييدو جولته الفنية والاستفزازية بعدما حط الرحال بمدينة وهران التي دخلها من بوابة المسرح حيث كان دليله أحد الوجوه المسرحية الشبانية، وخلال هذه المحطة لا بد من الإشارة إلى الذروة التي بلغها الفيلم في تمجيد الماضي الاستعماري، حيث كان للمخرج عمل مركز ودقيق اختار له لتنفيذ خطته الرجعية مجموعة من عامة الناس ليسلط عليهم ما يشبه الاستنطاق البوليسي، ونجح في استغلال سذاجة محاوره في افتكاك اعترافات وشهادات بلغت حد الطعن والتشكيك في استقلال الجزائر. وعملت كاميرا لييدو على تحويل الاستثناء في علاقة الجزائريين بالمستوطنين، خاصة الإسبان منهم، إلى قاعدة يكتشف من خلالها المشاهد مظاهر الاندماج في ثقافة الآخر. لقد فتح المخرج في وهران ما يشبه المحاكمة عندما ركز في جل حواراته مع المواطنين على الأحداث الدامية التي تعرض لها الكولون غداة الاستقلال قبل رحيلهم النهائي من وهران وباقي المدن الجزائرية. قطع فيلم »ما يبقى في الواد غير حجارو« خطوة غاية في الاحترافية والذكاء الفني عن طريق الطرح التاريخي المزيف في الجزء المخصص لمدينة قسنطينة، حيث تزامنت فترة التصوير مع شهر رمضان المعظم. فالاختيار الزمني يحمل دلالات دينية عميقة على اعتبار أن جان بيار لييدو في هذه المحطة سلط الضوء على ماضي الجالية اليهودية في مدينة قسنطينة، حيث أحيت مشاهد الفيلم في نسخته الأصلية قبل أن تنقلب أحد الشخصيات المحورية على جان بيار لييدو بعدما تيقنت من النوايا الحقيقية للفيلم، أحيت تمسك المخيلة اليهودية بعراقة أصولها القسنطينية باعتبار هذه الجالية أحد أهم روافد الماضي الحضاري والثقافي للمدينة العربية، وتجلت هذه الأطروحات من خلال إعادة الاعتبار لشيخ أغنية المالوف »ريمون« وطرح المخرج عدة تساؤلات بخصوص الجهة التي وقفت وراء عملية اغتيال الشيخ »ريمون«. هذا وقد تجولت الكاميرا بحنين وشوق عبر الأحياء و الدكاكين العتيقة التي تؤرخ للتواجد اليهودي بالمنطقة. تتفرد ميزة الفيلم الجديد »ما يبقى في الواد غير حجارو« عن باقي الأفلام الوثائقية التي أنجزها جان بيار لييدو عن العلاقات التاريخية بين الجزائر وفرنسا بميزة أساسية، كونه أعطى الكلمة للجزائريين ليوظف خلال المونتاج ما يخدم مصالح دعاة الجزائر فرنسية وظفوه في هذه المهمة القذرة إنطلاقا من المقولة الشهيرة »وشهد شاهد من أهلها«.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.