بلعابد يؤكد إعادة النظر في البرامج التربوية    إحالة 14 ملف متعلق بقضايا فساد للعدالة    الجزائر حريصة على قرارها السيِّد    شركتا شيري و جيلي توفران قطع الغيار لزبائنها    سنعود أقوى من أجل فلسطين    مشروع صندوق دعم الصحافة في مرحلة الإثراء النهائي    استهتار أمريكي- إسرائيلي بالإرادة الدولية    حل الدولتين يواجه خطر الموت    الفيتو الأمريكي يجهض منح فلسطين العضوية الأممية    الإيطاليون ينتقدون بن ناصر وإنجلترا وجهته المحتملة    بلايلي يعتذر مرة أخرى ويوجه رسالة قوية للحكَمة محاط    اللقاء النهائي يوم 4 ماي القادم    الرئيس تبون يولي أهمية قصوى للتكفل بالمرضى    بطاقة شفاء افتراضية للطلبة الجامعيين    خلال إشرافه على افتتاح ندوة ولائية للأئمة بتمنراست،يوسف بلمهدي: التوجه للبعد الإفريقي عبر الدبلوماسية الدينية أمرا في غاية الأهمية    ربط بيني لقطاع التجارة مع مختلف الهيئات والقطاعات    في ختام زيارته لمؤسسات تابعة لقطاعه،وزير الاتصال،محمد لعقاب،من وهران: انهينا إعداد مشروع صندوق دعم الصحافة وسنعرضه على رئيس الجمهورية    العلاج المجانيّ يصل إلى مناطق البدو الرحّل    تسويق 12 طنا من المنتجات الصيدية خلال رمضان    199 ألف فلاّح استفادوا من "قرض الرفيق"    الجزائر تنجح في تحقيق تأييد دولي "ساحق" لأم القضايا    فوكة في تيبازة: افتتاح مركز تحضير النخب الوطنية بمعايير عالمية    استرجاع 30 رأسا من الماشية المسروقة    القبض على قاتل بسيق    حجز 26.5 كلغ "كيف" و1440 قرص مهلوس    أحسن مشروع لربط البناء التقليدي بالوسائل العصرية    دعوة للاستثمار في لغة الضاد    مشكلة المصطلح في لغتنا مرتبطة بضعف إنتاجنا العلميّ    عطاف يجري محادثات مع الأمين العام للأمم المتّحدة بنيويورك    6 قضايا إرهاب في جدول الدورة الجنائية    أتلانتا يقصي ليفربول من الدوري الأوروبي    إيران وسياسة الدفاع الإقليمي في الشرق الأوسط    هلاك 5 أشخاص وإصابة 175 آخر بجروح    وزارة الثقافة تقدّم ملف الزّليج لدى اليونيسكو    رقمنة السّكن الاجتماعي.. وإطلاق "عدل 3" قريبا    اتّساع حظيرة المركبات يفرض استعمال تقنية الخرسانة الإسمنتية    لا بديل عن رفع مستوى التّكفّل بمرضى القلب والشّرايين    نعمل على تقليل ساعات انتظار الحجاج بالمطارات ال 12 المبرمجة    الأندية الجزائرية..للتّألّق وتحقيق أفضل نتيجة    حفل افتتاح بهيج بألوان سطع بريقها بوهران    "الهولوغرام" في افتتاح مهرجان تقطير الزهر والورد بقسنطينة    ادعاءات المغرب حول الصحراء الغربية لن تغير من طبيعة القضية بأنها قضية تصفية استعمار    العاصمة.. تهيئة شاملة للشواطئ وللحظيرة الفندقية    هؤلاء سيستفيدون من بطاقة الشّفاء الافتراضية    وهران.. تعزيز روح المبادرة لدى طلبة العلوم الإنسانية    باتنة.. إعطاء إشارة تصدير شحنة من الألياف الإصطناعية إنطلاقا من الولاية المنتدبة بريكة    بجاية: مولوجي تشرف على إطلاق شهر التراث    المهرجان الثقافي الوطني لأهليل: أكثر من 25 فرقة تشارك في الطبعة ال 16 بتيميمون    "صديق الشمس والقمر " تفتكّ جائزة أحسن نصّ درامي    الإذاعة الجزائرية تشارك في أشغال الدورة ال30 للجمعية العامة ل"الكوبيام" في نابولي    بلعريبي يتفقد مشروع إنجاز المقر الجديد لوزارة السكن    تصفيات مونديال أقل من 17 سنة/إناث: المنتخب الوطني ينهي تربصه التحضيري بفوز ثانٍ أمام كبريات الجزائر الوسطى    تجارة: زيتوني يترأس إجتماعا لتعزيز صادرات الأجهزة الكهرومنزلية    هذا موعد عيد الأضحى    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فريضة الحج والأزمة الخليجية
نشر في الشروق اليومي يوم 07 - 08 - 2017

الأزمة الخليجية ذات الطابع السياسي تلقي بظلالها هذه الأيام على فريضة الحج التي أوجبها الله على كل المسلمين، وذلك بسبب التخوفات التي أبدتها الدولة القطرية على حجاجها، حيث تقول بأنها لا تملك ضمانات لسلامة حجاجها، في ظل الأحكام المسبقة التي اتخذتها دول الحصار وهي الإمارات والسعودية والبحرين، وكذلك تخوفات سائر المسلمين على أبنائهم الذين لهم مواقف معينة من دول ما في قضايا سياسية ما..، فالكثير من التنظيمات الإسلامية والعلماء والإعلاميين والسياسيين، صنفوا في دولهم التي ينتمون إليها أو صنفتهم دول أخرى كإرهابيين، مثل عناصر حزب الله بالنسبة للسعودية، والإخوان المسلمين بالنسبة لمصر، وحركة حماس الفلسطينية بالنسبة للأمريكان بالأساس، وحزب التحرير الإسلامي بالنسبة للكثير من دول العالم الإسلامي، والحركات الجهادية الأخرى في الفلبين وبورما ولا نتكلم عن عناصر القاعدة وداعش.
في ظل هذه التخوفات لا أحد يجادل في وجود أزمة سياسية يعاني منها عالمنا الإسلامي منذ قرون، تظهر بين الحين والآخر بأشكال وأنواع، الأزمة اللبنانية، الأزمة الجزائرية، الأزمة المصرية، الأزمة الليبية، الأزمة المصرية، الأزمة الخليجية..إلخ، ولا أحد يجادل أيضا في وجود علاقات دولية بنيت على أسس لا علاقة لها بمصالح المسلمين العاجلة و لا الآجلة، كما لا يجادل مسلم في انعكاس تلك الأزمة التي أنتجت أزمات، وتلك العلاقات المبنية على خلاف المصلحة الإسلامية، على حياة المسلمين الدينية والدنيوية، ومنها فريضة الحج، التي تعاني الكثير من تجاذبات منذ عقود.
فمنذ سنوات كان الزعيم الليبي معمر القذافي يطالب بانتزاع البقاع المقدسة من أيدي السعوديين، وكذلك إيران كانت ولا زالت تعمل على افتكاك البقاع المقدسة من السلطات السعودية، وعلى ما بين هذين التوجهين من اختلا-ليبيا القذافي وإيران الخميني-، فإن هذا الموقف مبني على خلفيات سياسية، وفي المقابل لا يستبعد من المملكة العربية السعودية أن تنحرف بالبقاع المقدسة عن غاياتها التعبدية، لأسباب سياسية أيضا مختارة أو مرغمة، بسبب أزماتها الداخلية أو بسبب ما يفرض عليها من قيم داخلية يفرضها المجتمع الدولي على الأمة الإسلامية، فعندما يتقرر في تحالف -نصف خليجي- أن قيادة حماس منظمة إرهابية وقادة الإخوان المسلمين إرهابيون، ومرجعيات من علماء الأمة أمثال صادق الغرياني ومحمد علي الصلابي والقرة داغي إرهابيون، هل يمكن أن تسمح لهم الدولة السعودية بالحج إلى بيت الله الحرام؟ وعندما نذكر هذه الأسماء الثقيلة كمثال فمعنى ذلك أن الباب مفتوح على مصراعيه في التوظيف السياسي لحرمان الكثير من أبناء الأمة من القيام بهذه الشعيرة، فكل معارض سياسي في أي بلد معرض للحرمان من الحج والعمرة بسبب عدم الرضا عليه، وكل من سبقته وشاية إلى الأجهزة الأمنية السعودية مثلا بما لا يرضي قيادة المملكة معرض لذلك، وكل من لا يرضى عنه المجتمع الدولي معرض هو أيضا لذلك...، وكل ذلك يتم وفق القوانين الدولية، التني ليست بالضرورة في صالح المسلمين، وليس وفق مراد الله، بمراعاة العلاقات الثنائية بين الدول والخوف على الأمن العام والخضوع للمقررات الدولية...، والعجيب أن النظم الغربية أوجدت الكثير من المخارج لحفظ حق الإنسان في ممارسة حقه في التعبير عن الرأي والمعارضة والخروج السلمي عن الأنظمة المستبدة، فكان اللجوء السياسي مثلا؛ بل إن العرب قديما كانت تعتمد الجوار، أما نحن الآن بكل أسف عاجزون عن تأمين عبادة المتعبدين.
لا شك أن مطلب الزعيم القذافي والمطلب الإيراني المفضي إلى جعل البقاع المقدسة منطقة دينية حرة، مثل ما هو حال الفاتيكان اليوم، مغامرة غير مأمونة العواقب، لما بين المسلمين من نزاعات، قد تؤدي إلى إبطال الحج نهائيا، لا سيما والتلويح بعلمنة منطقة الخليج هذه الأيام هو حديث الساعة، وكذلك الواقع العربي والإسلامي بما فيه من شتات ثقافي سياسي طائفي مذهبي عرقي، لا يساعد على البناء الوحدوي لأي مشروع ديني أو دنيوي، وإذا كان مجلس التعاون الخليجي الذي يملك الكثير من عناصر التكتل والوحدة، معرض هذه الأيام إلى التفكك –لا سمح الله-؛ بل يوجد من يقول إنه فقد صلاحيته، ما بالك بما بين الشيعي والسني من خلاف، وما بين العربي وغير العربي من المسلمين من تباين، وما بين مجتمعات الدول القومية والقطرية من نزاعات.
ولكن مع ذلك لا يوجد ما يمنع من الحرص على تحييد شعيرتي الحج والعمرة من ساحات الخلاف السياسي، والقرارات الدولية المبنية على الأحكام السياسية المسبقة في إطار الصراع السياسي والتدافع الحضاري بيننا وبين الغرب.
ذلك أن الحج إلى بيت الله الحرام شعيرة تعبدية إسلامية، أوجبها الله على القادرين من أبناء الأمة، ورغم أن ترتيب هذه الشعيرة في أولويات العبادات الإسلامية كانت هي الأخيرة، بحيث لم يوجبها الله إلا في السنة التاسعة للهجرة على الراجح، أي قبيل اكتمال الرسالة، وربما لهذا السبب تأخرت حجة النبي صلى الله عليه وسلم وهي حجة الوداع التي لم يعمر بعدها طويلا، وتوفي بعدها عليه الصلاة والسلام.
رغم ذلك فإن فريضة الحج أكثر من كونها مجرد عبادة فردية، وإنما هي عبادة جماعية لا تصح إلا في إطار واحد يجمع القادرين من أبناء الأمة على صعيد واحد في أيام معدودات، في بيت واحد في وقفة واحدة، ومن ثم فلا تقوم عليه إلا هيئة واحدة صاحبة قرار ومسؤولية.
لقد كانت هذه الهيئة في تاريخ الأمة، الدولة الإسلامية التي أنشأها النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، وأما اليوم فلا وجود لهذه الهيئة بكل أسف؛ لأن العالم الإسلامي موزع ومشتت ومقسم شذر مذر إلى دويلات، والقائم على هذه البقعة هو المملكة العربية السعودية، وقد فضلها الله وشرفها بجعل هذه البقعة المحرمة من أرض الله الواسعة تحت سلطتها، فلتتق الله في هذه البقعة بخصوصياتها، ولتتقي الله في الضيوف الذي ينزلون بهذه المناسبة، فهم ضيوف لله في حجهم وعمرتهم، ويستحقون من الخدمات أجلها، فضلا عن تمكينهم من الحج والعمرة.
إن المملكة العربية السعودية دولة صغيرة مثل سائر الدول العربية والإسلامية، قد لا تتحمل تحديات الغرب وعجرفته، فيفرض عليها كما يفرض على غيرها من المقيم المنافية للإسلام ومصالح المسلمين، لكنها غير مبرأة في مواقفها السياسية الآنية تجاه دولة أو دول تخالفها التوجهات والمواقف وليست الأبعد الذي يهدد بحرمان بعض المسلمين من الحج والعمرة، او تخويفه من مجرد التفكير في ذلك؛ لأنها مفترض فيها أن تكون الدولة الأقرب إلى جميع المسلمين؛ بل والملجأ في مثل هذه العبادة ذات الخصوصية.
وهنا يجب على المسلمين ان يدعموها في خدمة هذه القضية تحريرها من محال النزاع، حتى يمكن المسلمون من أداء واجب هذه الشعيرة التي شاءها الله بهذه الخصوصية التي ليست لغيره من العبادات وأجلها الصلاة التي لا تسقط بأي حال من الأحوال، تقام في بيته المحرم الذي ليس كمثله بيت في المعمورة، قال الله تعالى (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران 97].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.