مظاهرات 11 ديسمبر 1960 جسدت وحدة الشعب الجزائري    التذكير بما قام به الآباء في الذود عن شرف الأمة و تعزيز مناعتها    دعوة"الماك"مصيرها الزوال..!؟    إطلاق منصة للتواصل بين المؤسسات    الدولة الجزائرية تعتمد بطاقة "Mastercard" رسميا    الجزائر بذلت جهودا جبارة لترقية قيم العيش معا في سلام    هذه المحاولات تمثل اعتداءً على العقد الاجتماعي الوطني    جهود لحماية التنوع البيئي بالشريعة    الرئيس ينمنع هدم السكنات غير القانونية في الشتاء    المذكرات الورقية تنسحب من يوميات الأفراد    الملتقى الوطني الموسوم بعنوان الكتابة السردية النسائية الجزائرية (الوعي والتحول)    سقوط أوهام المتاجرين بالوحدة الترابية    زيادات في المنح الاجتماعية لعمال التربية جانفي المقبل    الحية يؤكد رفض "حماس" لكل مظاهر الوصاية والانتداب    نساء المغرب في مواجهة آلة القمع وسياسات التفقير    أنشطة التكرير تنتعش وتلبي الحاجيات    التنسيق لتسليم المشاريع الاستراتيجية الكبرى في الآجال    بعثة استعلامية من مجلس الأمة في زيارة لتلمسان    الرئيس تبون جعل الشباب ركيزة التنمية والاستقرار    وفاة الفنان الموسيقار والملحن نوبلي فاضل    دعم السيادة الصحية بتبادل المعطيات الوبائية والاقتصادية    إنتاج 482 ألف قنطار من الزيتون بمعسكر    بلومي يعود من بعيد ويتخلص من شبح الإصابة    جدل كبير حول مستقبل رياض محرز مع الأهلي السعودي    حركة تنموية بخطى ثابتة في عاصمة الحمامات المعدنية    ياسين براهيمي يكشف سّر رحيله المبكر عن أوروبا    درك مدريسة يوقف لصوص المواشي    مغامرة انسانية عمادها البساطة والإبداع    هل إقالة المدير هي الحل؟    قافلة لاستكشاف السياحة التاريخية    بن قرينة يشرف على لقاء بالعاصمة    سمعة الجيش خطّ أحمر    توقيع اتّفاقيتين بين وزارتَيْ بداري وكريكو    حين يصبح الخطر داخلياً.. ترامب وتفكيك أميركا    فتاوى : سجل في موقع مراهنات وأعطوه هدية    من أسماء الله الحسنى .. الحليم    أمحق ديمقراطية وأسحق حرية!    الحدث العلمي يندرج في إطار جهود الدولة لحماية الأسرة    خنشلة : مظاهرات 11 ديسمبر 1960 تاريخ مشرف    اللعبان بركان وبولبينة ضمن قائمة"الخضر"في ال"كان"    بوقرة مُحبط ويعتذر    تيميمون تحتضن المهرجان الدولي للكسكس    أبو يوسف القاضي.. العالم الفقيه    منصب للجزائر في اليونسكو    عودة مفاجئة وثنائي جديد..بيتكوفيتش يعلن عن قائمة "الخضر " لكأس أمم أفريقيا 2025    الدور ال16 لكأس الجزائر:اتحاد الحراش يطيح بشبيبة القبائل، جمعية الشلف ووفاق سطيف يحسمان تأهلهما    بسبب مشاركة المنتخب الوطني في البطولة الافريقية للأمم-2026..تعليق بطولة القسم الممتاز لكرة إلى اليد    بوعمامة يشارك في اختتام ملتقى الإعلام الليبي    دربال يؤكّد أهمية تعدّد مصادر مياه الشرب    استحداث علامة مؤسّسة متسارعة    سيفي غريّب يدعو إلى التوجه نحو فصل جديد    صالون دولي للأشغال العمومية والمنشآت الطاقوية بالجنوب    الجزائر تُنسّق مع السلطات السعودية    40 فائزًا في قرعة الحج بغليزان    الاستغفار.. كنز من السماء    الاستماع لمدير وكالة المواد الصيدلانية    صهيب الرومي .. البائع نفسه ابتغاء مرضاة الله    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصر الله ينزع ورقة توتهم
نشر في الشروق اليومي يوم 05 - 08 - 2006

اضافت القوات الاسرائيلية مجزرة جديدة يوم امس الي سجلها الحافل المزدحم بالمجازر التي تستهدف المدنيين العرب والمسلمين، لتؤكد مجددا انها دولة قائمة علي العدوان، وغرور القوة، واستباجة دماء الآخرين واوطانهم، ولهذا يصعب التعايش معها كدولة طبيعية اصيلة في المنطقة العربية.
عبد الباري عطوان
مجزرة القاع في البقاع جاءت، مثل مجازر قانا والضاحية الجنوبية من بيروت، ومن قبلها مجازر صبرا وشاتيلا ودير ياسين والقبية وخان يونس، ليس لها اي مبرر عسكري او سياسي غير ممارسة الارهاب في ابشع صوره واشكاله، ارهاب الدولة الذي يحظي بالدعم الامريكي، والغطاء العربي الرسمي.
القادة العسكريون الاسرائيليون افلسوا وفرغت جعبتهم من اي خطط جديدة لمواجهة المقاومة الاسلامية وصمودها غير المسبوق في جنوب لبنان، فتخبطوا وارتبكوا، ولجأوا الي الاسلوب الاسهل، وغير الاخلاقي، وهو قصف المدنيين من علي ارتفاع كبير في معركة غير متكافئة. ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي يدرك جيدا، وبعد دخول عدوانه علي لبنان اسبوعه الرابع، انه فشل في هذه الحرب، وحطم هيبة جيشه، واظهر ضعف اجهزته الاستخبارية، وهشاشة جبهته الداخلية، ولذلك يريد ان ينتقم، وبالسلاح الوحيد الفعال لديه اي سلاح الطيران، من المدنيين السوريين واللبنانيين. انتصار المقاومة الاسلامية بات واضحا للعيان، ولا يحتاج الي خبراء عسكريين، او محللين سياسيين لإثباته، فكون القيادة الاسرائيلية عجزت عن كسر ارادة الشعب اللبناني وعزيمته، وفشلت في تأليبه ضد حزب الله، ودفعه الي رفع الرايات البيضاء، فهذا يعني اهم هزيمة تلحق بها منذ قيام الدولة العبرية بالقوة والتواطؤ علي حساب الأمتين العربية والاسلامية في فلسطين.
هزيمة القيادة العسكرية الاسرائيلية تعني ايضا هزيمة الانظمة العربية التي وفرت لها الغطاء الشرعي بصمتها والقاء اللوم علي عاتق المقاومة الاسلامية، وهي هزيمة ايضا لجورج بوش وتابعه توني بلير رئيس وزراء بريطانيا اللذين اعطيا ايهود اولمرت المهلة تلو الاخري لعله ينجز مهمته في دحر المقاومة والقضاء علي حزب الله، واغتيال قيادته.
السيد حسن نصر الله، هذا القائد المحنك الداهية، ارتكب خطأ كبيرا في خطابه البليغ الذي القاه مساء امس الاول وتحدث فيه عن سير العمليات العسكرية وصمود المقاومة ورجالها في الجنوب، اخطأ عندما طالب الزعماء العرب، وبالذات في مصر والمملكة العربية السعودية بالتحرك من اجل انقاذ لبنان، والضغط من اجل وقف اطلاق النار، لان نجاح العدوان في لبنان سيؤدي الي هز كراسيهم وضياع عروشهم. السيد نصر الله اخطأ مرتين:
الاولي: ان هؤلاء الزعماء العرب الذين ناشدهم التحرك مجرد ادوات تحركها الولايات المتحدة، ولا يملكون القرار المستقل، وفوق هذا وذاك، انهم متواطئون مع العدوان الاسرائيلي، وهذا واضح تماما من المديح المتواصل الذي يكيله لهم اولمرت وصحافته العبرية، ويتباهي بانه يخوض العدوان في لبنان بدعم عربي.
الثانية: انتصار المقاومة الاسلامية بصمودها في مواجهة العدوان الاسرائيلي هو الذي سيهز العروش العربية، ويفقدها شرعيتها امام شعوبها، او بالاحري ما تبقي من هذه الشرعية.
الزعماء العرب، او معظمهم، متواطئون يحاربون الي جانب الدولة العبرية ضد المقاومة الاسلامية، ويصلّون ليل نهار من اجل انتصار اولمرت وقادة جيشه، ويصابون بالمغص الشديد، مع كل يوم يطول فيه امد الحرب، ويتأكد فيه صمود المقاومة.
توقعنا ان تتحرك الانظمة العربية، التي اقامت علاقات دبلوماسية مع اسرائيل تحت ذريعة تشجيعها علي السلام، بقطع هذه العلاقات، واغلاق السفارات، فخابت توقعاتنا، ولم تجرؤ هذه الانظمة علي طرد قنصل اسرائيلي ناهيك عن السفراء.
كان هوغو شافيز رئيس فنزويلا اكثر وطنية من معظم الزعماء العرب، وبالتحديد من زعماء مصر والاردن والمغرب وموريتانيا، الدول التي فتحت سفارات لاسرائيل في عواصمها، عندما سحب سفيره من تل ابيب احتجاجا علي العدوان الحالي في لبنان.
الحكومات العربية المتواطئة مع العدوان الاسرائيلي علي لبنان تتذرع بانها تفعل ذلك، لان الحرب في صميمها ايرانية اسرائيلية، اشعلت فتيلها ايران في اطار مشروعها النووي والاقليمي الطموح. واذا كان هذا صحيحا، فان من حقنا ان نسأل اين المشروع العربي في المقابل، واين قوات المقاومة العربية في لبنان، واذا كانت غير موجودة فلماذا هي كذلك، ومن الذي تآمر علي كل مشاريع المقاومة العربية في لبنان والعراق وفلسطين؟
كان امرا مؤسفا غياب جميع الزعماء العرب عن قمة كوالالمبور الاسلامية التي انعقدت من اجل المطالبة بوقف العدوان علي دولة عربية اسمها لبنان. الرئيس الايراني احمدي نجاد الذي يخشي الزعماء العرب من مشروعه، كان حاضرا بقوة، مدافعا عن الحقوق العربية، ومطالبا بالتصدي للعدوان الاسرائيلي وتحرير المقدسات الاسلامية. لماذا لم يشارك الزعماء العرب في قمة كوالالمبور الدولة الاسلامية الرائدة التي وقفت دائما الي جانب القضايا العربية، وقدمت نموذجا ناصعا في الديمقراطية، والتنمية الاقتصادية، والثورة الصناعية الحديثة؟ هل لان منظمة المؤتمر الاسلامي التي تأسست بعد العدوان علي المسجد الاقصي هي التي دعت اليها؟
لا نملك اي اجابة عن كل هذه الاسئلة غير الخوف من الولايات المتحدة ورئيسها جورج بوش، وتجنب اغضابه من خلال عصيان اوامره. فالزعماء العرب في حال من البطالة العلنية، لم يقدموا اي نموذج مشرف لا في الديمقراطية ولا التنمية، ولا الخدمات التعليمية والصحية، الشيء الوحيد الذي نجحوا فيه باعجاز هو اطلاق قواتهم الامنية لقمع مظاهرات الشرف والكرامة التي تنطلق في عواصمهم تضامنا مع الشعبين اللبناني والفلسطيني.
السيد حسن نصر الله زعيم المقاومة اللبنانية، قدم انجازات كثيرة الي هذه الأمة، ولكن ابرزها هو فضحه لهذه الانظمة العربية، فضحه لتواطئها مع الدولة العبرية، ووقوفها معها في خندق واحد، ضد المقاومة والشعوب العربية بأسرها، وهو يستحق الشكر والثناء لانه ازال ما تبقي من غشاوة علي اعين الشعوب العربية، وقدم لها اولياء امورهم عارين تماما من دون ورقة التوت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.