بين الهذيان والغثيان، ومن الإقرار بالهزيمة والانكسار إلى الاحتفال بنشوة الانتصار، تناولت الصحافة الإسرائيلية، في أعدادها الصادرة أمس، آخر التطورات التي صنعها العدوان على لبنان، فقد كتبت صحف تل أبيب: القوة لم تعد تُجدي.. المهم احترام حقوق الفلسطينيين والتحاور مع العرب وإعادة الجولان!.. حسنا إننا لم ننتصر.. فالهزيمة ستعلمنا التفكير مرتين في أي مغامرة قادمة!.. السعودية ودول الخليج عليها واجب إعادة إعمار الجنوب حتى لا تعود إيران!.. الحقيقة أن أنانية ونرجسية أولمرت وبيرتس جرتنا للهزيمة.. الإنتخابات مثل الحرب في لبنان: نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف تنتهي!.. الكاتيوشا اليوم والقسام غدا.. هذه الصواريخ ستواصل نزولها على إسرائيل المهزومة!.. هذه القيادة استنفذت رصيدها وعليها الرحيل ويجب إعادة بناء قوتنا والاستعداد للمعركة القادمة!.. جمال لعلامي قرار 1701 أكبر إنجاز سياسي لإسرائيل في تاريخها!.. أول تحديات الحكومة تشكيل لجنة تحقيق في الحرب!.. على أولمرت إقناع بوش بعقد قمة للشرق الأوسط.. تخرج سوريا من محور الشر وتحل مشكلة فلسطين!.. نصر الله لم ينتصر وزعماء عرب قبله زعموا الانتصار، فأين هم!؟ جرائد "هاآرتس" و"يديعوت أوحرنوت" و"أعاريف"، كتبت: الأنباء السيئة و(المتوقعة): إسرائيل ستخرج من هذه الحرب وهي مهزومة، أما الأنباء الجيدة و(المفاجئة): هذا الفشل المدوي قد يتمخض عن بشائر جيدة.. لو أن إسرائيل انتصرت في المعارك انتصارا سهلا وجارفا، لتسبب ذلك بضرر فظيع للسياسة الأمنية الإسرائيلية!.. وقالت الصحف الإسرائيلية: ضربة خاطفة كانت ستؤدي، لو حدثت، إلي إلحاق كارثة بنا.. نشوة الانتصار كانت ستُغري لتكرار ذلك في ساحات أخرى.. نار خطيرة كانت ستُخيم على المنطقة كلها ونتائجها لا يعلم بها إلا الله!! صحف تل أبيب، قالت إنه في المقابل قد تؤدي الهزيمة في هذه الحرب الصغيرة، "إلى تعليمنا درسا هاما للمستقبل، وربما التأثير علينا في تغيير اللغة التي نتحدث بها مع جيراننا - لغة العنف والقوة"..!! "القول إن إسرائيل لا تستطيع أن تسمح لنفسها بالهزيمة في أرض المعركة قد أصبح، كما نرى، قالبا فارغا من المضمون، وعبارة تكرارية عدمية: الفشل لن يؤدي فقط إلى منفعة إسرائيل وإنما قد يكون أيضا سببا في تعليم الأمريكيين درسا هاما أنه لا جدوى من دفع إسرائيل نحو مغامرات عسكرية"!! فشل الجيش الإسرائيلي في مواجهة حزب الله، هو ليس برأي صحافة إسرائيل، هزيمة مصيرية.. فإسرائيل قتلت وأُصيبت أيضا بالخسائر!، لكن وجودها أو أي قطعة من أرضها لم تدخل دائرة الخطر للحظة.. المصطلح المحبب لدينا حرب وجودية ليس أكثر من مجرد تعبير عن هزلية هذه الحرب السخيفة، التي كانت منذ بدايتها حربا اختيارية لعينة.. ليس من الصعب تخمين ماذا كان سيحدث لو أن حزب الله قد هُزم خلال عدة أيام من الجو، كما وعدونا بتصلف وتبجح في القيادة العسكرية في البداية.. الولاياتالمتحدة كانت تزجنا نحو مجابهة عسكرية مع سوريا، وقد كان من الممكن أن نقع في إغراء ذلك لو أننا أُصبنا بنشوة الانتصار. ومن بعد سوريا كنا سننتقل إلى إيران.. وفي موازاة ذلك كنا سنتفرغ لمعالجة أمر الفلسطينيين لتكون النتيجة محاولة لحل المشكلة الفلسطينية من الأساس بواسطة القضم والافتراس والإزالة والقصف والتفجير.