حاولت المملكة المغربية من جديد إقحام الجزائر في النزاع الدائر حول الصحراء الغربية، حيث لم يتوان وزيرها للشؤون الخارجية في اتهام بلادنا بأنها «ليست على استعداد للتوافق أو بذل المجهود الضروري للتوصل لحل سياسي مقبول»، دون أن تكون له الشجاعة السياسية في ذكرها بالاسم، وفي مقابل ذلك اتهمت جبهة «البوليساريو» الجانب المغربي ب «التعنت» ما جعل المفاوضات غير الرسمية «تدور في حلقة مُفرغة». لم يخرج كلام وزير الشؤون الخارجية والتعاون، «الطيب الفاسي الفهري»، أمام البرلمان يوم الخميس، عن المألوف حيال تعامل المملكة مع القضية الصحراوية، كما لم تغب عنه الجزائر، فقد أشار إلى أن نجاح المفاوضات حول الصحراء «سيظل ضعيفا بل ومنعدما»، مرجعا ذلك إلى «غياب استعداد الأطراف الأخرى للتوافق أو بذل المجهود الضروري للتوصل لحل سياسي مقبول من طرف الجميع». وحسب ادعاءات الوزير المغربي فإن وفد بلاده المُشارك في مفاوضات «مانهاست» أكد أن الأطراف الأخرى «غير مستعدة لتجاوز الوضع الراهن وليس لها نفس التصور حول سياق وتكلفة إطالة أمد هذا الوضع وليس لها أدنى اقتناع بأن حل المشكل أفضل بكثير من استمراره»، في إشارة للجزائر، واصفا خيار تقرير المصير الذي تطالب بها «البوليساريو» بأنه «طرح منغلق ومتحجّر»، قبل أن يُلفت إلى أن «المناقشات أظهرت من جديد أن الطرف الآخر يُفضل التمسك بالوضع القائم مستخفا بانعكاساته السلبية على جميع المستويات بما فيها المخاطر المحدقة بالمنطقة». والمثير في كلام «الفاسي الفهري» أنه لا يعترف بجبهة «البوليساريو» ممثلا وحيدا شرعيا للشعب الصحراوي، مدافعا بذلك عن ما أسماه «الدور التمثيلي الشرعي للمنتخبين المنحدرين من الأقاليم الجنوبية على المستويين الوطني والمحلي» في محاولة جديدة لتجاوز مبادئ الشرعية الدولية، وبدا متمسكا ب «مبادرة الحكم الذاتي» عندما سُئل عن الاجتماعين غير الرسميين المقبلين في جانفي ومارس 2011، وأورد أن «هذه الجدولة تعطي أفقا زمنيا للمفاوضات، مما يشكل فرصة لتقديم مبادرة الحكم الذاتي وضمان إشعاعها والاستغلال الأفضل للمقاربة التفاوضية الجديدة»، معتبرا استفتاء تقرير المصير بمثابة «خيار غير قابل للتطبيق». وأكثر ما يدعو إلى السخرية عند حديث «الفهري» عن الجرائم التي ارتكبت في مخيم «أكديم إزيك» هو تأكيده بأن الوفد المغربي قدّم خلال جولة الرابعة من المفاوضات غير الرسمية «جميع الحجج الدامغة والدلائل القاطعة حول أكاذيب الخصوم قبل وأثناء وبعد تفكيك المخيم، وترويجهم لعبارات مرفوضة بكل المعايير كالحديث عن ارتكاب أعمال وحشية، واستعمال أساليب التعذيب». وفي الجبهة المقابلة قال عضو الأمانة الوطنية ب «البوليساريو»، السفير الصحراوي بالجزائر «إبراهيم غالي»، إن المسؤولية الكاملة لفشل جولات المفاوضات بين الطرفين الصحراوي والمغربي تقع على مجلس الأمن والأممالمتحدة من جهة وكذا التعنت المغربي، موضحا أن المفاوضات بين الجانبين «لا تزال تدور في حلقة مفرغة لأن المغرب تمرّد على الشرعية الدولية ولم يعاقب على ذلك». وجاء تصريح السفير «إبراهيم غالي»، على هامش ندوة صحفية لوفد من الحقوقيين الصحراويين العائدين من جنوب إفريقيا نظمت بمقر اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، وشرح أن السبب الآخر في هذا الفشل يعود إلى «عدم تحمل مجلس الأمن والأممالمتحدة لمسؤوليتها كاملة تجاه هذا الطرف المتعنت ودفعه إلى الالتزام بالشرعية الدولية». وبموجب ذلك دعا «غالي» منظمة الأممالمتحدة إلى «ممارسة ما يكفي من ضغوط على الطرف المغربي المعرقل للمفاوضات حتى ينصاع للشرعية الدولية ويتعاون مع الطرف الصحراوي تكون المفاوضات مجدية وتأتي بنتيجة للشعب الصحراوي»، مشيرا إلى وجود 160 معتقل صحراوي في السجون المغربية منذ 8 نوفمبر الماضي تاريخ وقوع الاعتداء المغربي على مخيم «أكديم أزيك» بالقرب من مدينة العيونالمحتلة، وأضاف أن هؤلاء المعتقلين لم يقدّموا بعد إلى المحاكمة ويعيشون في ظروف مزرية داخل زنزانات السجون المغربية.