بوغالي يدعو من القاهرة من أجل جعل الاتحاد البرلماني العربي منصة للتكامل العربي    هاكاثون..شراكات استراتيجية واستثمارات ضخمة في اليوم السادس لمعرض IATF 2025    سوناطراك تشارك في مؤتمر "غازتك" الدولي بميلانو لتعزيز حضورها العالمي    باتنة: المجاهد الصالح لنصاب في ذمة الله    الموافقة على تعيين سفير الجزائر الجديد لدى جمهورية بيلاروس    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 64605 شهيدا و 163319 مصابا    أمطار مرتقبة بعدة ولايات من الوطن يومي الثلاثاء والأربعاء    قطاعنا مؤهل لوضع تجربته الرائدة في خدمة الدول الإفريقية    توقع ثلاثة عقود بقيمة 60 مليار دج مع عدة مؤسسات وطنية    "اضطراب ما بعد الصدمة في المجتمع الإسرائيلي 2/2    المجتمع الدولي خذل الفلسطينيين في غزة    زيتوني يترأس اجتماعا هاما بوزارة التجارة الداخلية    مُصنِّعو قطع الغيار يراهنون على التكامل    موقع إسباني يفضح خيانة المخزن    هكذا تحوّلت غزّة إلى مقبرة جماعية    حضارة فيلو صهيونية    درّاج جزائري يتألق في تونس    التأهّل إلى المونديال يتأجّل    حرقة الأطفال .. منحى جديد للمغامرة الخطيرة    حجز مُحرّكات بغرداية    سعداوي يؤكد أهمية تحيين البرامج التعليمية والتكوينية    فتح 6770 منصب في التكوين المهني بخنشلة    بللو يشرف على ورشة دولية    تصفيات كأس العالم 2026: الجزائر تتعادل أمام غينيا (0-0)    بوغالي يعزي في استشهاد العريف أول المتعاقد عماري سيف الدين    توقيع عدّة اتفاقيات في مجال النّقل البحري    التأهل إلى المونديال يتأجل وبيتكوفيتش يثير الحيرة    الجزائر-أوغندا.. تسهيل الإجراءات الجبائية والجمركية    الفريق أول شنقريحة يعزّي في استشهاد العريف الأول المتعاقد عماري سيف الدين    الجمعية الوطنية تصوّت على حجب الثقة عن حكومة بايرو    المؤسّسات الروسية مهتمّة بالاستثمار في الجزائر    اتفاقيات ب300 مليون دولار بين مؤسسات جزائرية وإفريقية    حجز 20 قنطارا من "الشمة" المقلّدة    رقابة مشددة على الأسواق المحلية    وزارة التعليم العالي تفرج عن رزنامة تحويل الطلبة    إبراز القيم الإنسانية والفكرية للأمير عبد القادر    القراءة تندثر في زمن الرقمنة    ورشة دولية بالجزائر حول ملفات التسجيل ضمن قائمة التراث العالمي الخاص بمنطقتي إفريقيا والدول العربية    دراجات جبلية: عمر زقاي يتوج بالفضة في طواف الرأس الطيب    ارتفاع في درجات الحرارة وأمطار رعدية اليوم وغدا بعدة ولايات من البلاد    بطولة إفريقيا للأمم لكرة اليد أقل من 19 سنة إناث: الجزائر تفوز على مالي (39-16) وتحقق انتصارها الثاني    الجزائر تفرش بساطها السياحي لضيوفها من القارة    قطاع الصيدلة سيشهد توقيع عقود بقيمة 400 مليون دولار    تجسيد برنامج تمويل المشاريع الموجّهة للشباب    الوفد الجزائري لألعاب القوى يحلّ بطوكيو    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    مرحلة جديدة من أشغال الريادة والاستكشاف بموقع "مرسى الدجاج"    9 بلدان تحجّ إلى مدينة الجسور للمشاركة في المهرجان الدولي    هلاك شخص في اصطدام شاحنة بسيارة    قصة ثمرة صغيرة صنعت هوية مدينة    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    الإعلان عن قائمة الوكالات المؤهلة    اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    المولد النبوي يوم الجمعة    يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    ذكرى المولد النبوي الشريف ستكون يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مُبدع القراءة التجويدية.. «عبد الباسط عبد الصمد»
"صوت مكة" وصاحب النسغ الشجي..

جاء في الحديث المتفق على صحته قوله صلى الله عليه وسلم "اعملوا فكل ميسر لما خلق له"، فكل إنسان هيأه الله سبحانه وتعالى لعمل يقوم به في هذه الحياة، والموفق من أدرك ما هيأه الله له، فعمل وجدَّ واتخذ الأسباب لأداء ما خُلق لأجله، وحديثنا في هذه السطور حول عَلَمٍ من أعلام القرآن الكريم وقارئ من قرائه، هيأه الله لحفظ كتابه وأنعم عليه بصوت شجي، يدخل إلى القلوب من غير استئذان، إنه الشيخ «عبد الباسط عبد الصمد»، صاحب رائعة تجويد سورة «يوسف».
بيئته القرآنية
ولد الشيخ «عبد الباسط» بقرية «المراعزة» بمدينة «أرمنت» ب«قنا»، جنوب مصر، وصادف مولده سنة 1345ه، الموافق لسنة 1927 للهجرة، وكان من فضل الله عليه وعلى الناس أن جاء مولد الشيخ وسط أسرة قرآنية، فكان جده حافظاً لكتاب الله ومجيداً لقراءته وتجويده، وكان أبوه وأخواه كذلك، فكانت هذه الأسرة البيئة القرآنية التي نشأ فيها «عبد الباسط».
اكتشافه من طرف إذاعة مصر
عندما شارف الشيخ سنّ ال6 أرسله والده إلى "كتّاب" القرية، وهو مركز لتحفيظ القرآن الكريم، وفي ذلك المركز انكشفت مواهب الشيخ، وبدأت الأنظار تلتفت إليه، وفي ذلك المركز أتم الشيخ حفظ القرآن كاملاً على يد الشيخ «الأمير»، وكانت طموحاته تتوجه تلقاء جمع قراءات القرآن، فاستشار والده وشيخه في ذلك، فأشارا عليه أن يتوجه إلى الشيخ «محمد سليم» الذي كانت الرحال تُشد إليه من أجل جمع قراءات القرآن والأخذ من علومه وفنونه، وبالفعل لم يتوان الشيخ «عبد الباسط» عن العمل بما أشار به والده وشيخه «الأمير»، فقصد الشيخ «محمد سليم» الذي استقرّ به المقام مدرساً للقراءات بالمعهد الديني بمدينة «أرمنت»، فلازمه إلى أن أتم جمع القراءات القرآنية، وبعد أن اشتد عود الشيخ «عبد الباسط» وذاع صيته، إضافة إلى تزكية شيخه «محمد سليم»، بدأت الدعوات المحلية تنهال عليه من العديد من المدن والقرى المصرية، فكان الشيخ لا يألوا جهدا في تلبية تلك الدعوات، حيث كان يقرأ فيها ما تيسّر من القرآن بصوت تخشع له القلوب، وتقشعر له الأبدان، وفي أولى زيارات الشيخ «عبد الباسط» إلى مدينة القاهرة في إحدى المناسبات الدينية، اجتمع فيها الشيخ في مسجد السيدة «زينب» مع مشاهير القراء حينئذ، من أمثال الشيخ «مصطفى إسماعيل» والشيخ «عبد الفتاح الشعشاعي» والشيخ «أبي العينين شعيشع» وغيرهم من القراء المشهود لهم في ذلك الوقت، وسنحت الفرصة في تلك المناسبة للشيخ بأن يقرأ بين يدي هؤلاء القراء، وكان من الأمر ما كان.
كانت هذه المناسبة هي واسطة العقد بين الشيخ «عبد الباسط» والإذاعة، فقد اختارت الإذاعة المصرية بعد أن وصل إلى سمعها ومسامعها تسجيل الشيخ «عبد الباسط» الذي أداه في ذلك اللقاء، ومن ثم تمَّ اعتماده في الإذاعة جنباً إلى جنب مع القراء الكبار، ومنذ ذلك الحين استقر المقام بالشيخ بمدينة القاهرة، ومن إذاعتها بدأ صوته يسافر خارج مصر ويجوب أنحاء الدنيا، وأصبح قارئاً على المستوى الإسلامي العالمي.
"صوت مكة"
إذا كانت قراءة الشيخ في مسجد السيدة «زينب» هي نقطة الوصل بين الشيخ والإذاعة المصرية، فإن تلك الإذاعة بدورها كانت مركز انطلاق الشيخ «عبد الباسط» صوب العالم الرحب، فمن خلالها عرف الناس في أنحاء العالم الإسلامي الشيخ «عبد الباسط» وارتبطت قلوبهم بصوته النديِّ وأدائه القويِّ، ومن ثم بدأت الدعوات الخارجية تتدفق عليه من كل حدب وصوب، ولم يكن الشيخ ليخيب تلك الدعوات، بل استجاب لمعظمها وسافر إلى العديد من الأقطار الإسلامية، حاملاً رسالة القرآن إلى العالمين، وكانت أول زيارة للشيخ خارج مصر عام 1952، حيث قصد المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، وكانت تلك الزيارة فرصة للطلب من الشيخ «عبد الباسط» القيام ببعض التسجيلات القرآنية، ففعل ذلك وسجل بصوته الرخيم عدداً من التلاوات القرآنية، كان أشهرها تلك التي سجلت بالحرمين المكي والمدني، حيث لُقِّب بعدها ب"صوت مكة"، وكان من بين الدول التي زارها الشيخ «عبد الباسط»؛ باكستان، حيث استقبله رئيسها حينئذ استقبالاً رسميا وزار أيضاً أندونسيا وقرأ في مساجدها التي اكتظ مسلموها لسماع صوته، وزار كذلك الهند وغيرها من الدول، وذاع صيته شرقاً وغربا، هذا ولم تقتصر زيارات الشيخ لدول العالم العربي والإسلامي فحسب، بل امتدت زياراته لتشمل عدداً من الدول الغربية، فزار كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا وغيرها، ومن أهم المساجد التي قرأ فيها الشيخ «عبد الباسط»؛ المسجد المكي، المسجد المدني، المسجد الأقصى، المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل بفلسطين والمسجد الأموي بدمشق.
توحيده المسلمين بقراءاته
كان لزيارات الشيخ «عبد الباسط» إلى العديد من دول العالم أثر كبير على الإسلام والمسلمين، حيث بلَّغ رسالة القرآن خير بلاغ وتأثر الكثير ممن استمع لصوته وهو يقرأ القرآن بشجاه وأدائه القوي، فكان سبباً في هداية كثير من القلوب القاسية، واهتدى بتلاوته كثير من الحائرين، وفوق ذلك كان الشيخ سبباً في توطيد العلاقات بين كثير من شعوب دول العالم، حيث جمع الله بجهده وصوته شيئاً مما تفرق.
تكريمه
كان للشيخ «عبد الباسط» مكانة رفيعة بين المسلمين شعبياً ورسميا، الأمر الذي حمل عدداً من الدول إلى تكريمه ببعض الأوسمة والشهادات، تقديراً لجهوده في خدمة الإسلام والمسلمين، ومن تلك التكريمات التي قُدمت له؛ شهادة التقدير الفخرية من دولة الباكستان كما منحته الجامعة الإسلامية بباكستان شهادة الدكتوراه الفخرية، تقديراً لدوره في خدمة القرآن الكريم، ونال وسام الاستحقاق الذي منحته إياه سوريا، ووسام الأرز من لبنان، والوسام الذهبي من ماليزيا، إضافة إلى وسام من السنغال، وآخر من المغرب.
من أراد حلاوة الصوت فعليه ب«عبد الباسط»
استمرت رحلة الشيخ مع القرآن الكريم ما يقرب من نصف قرن، كانت رحلة عامرة بالخير والعطاء، لكن لا بد لكل شيء من نهاية، فبعد صراع مع المرض أسلمت روح الشيخ إلى بارئها وفارقت الحياة بعد رحلة من العطاء، لا زالت مستمرة حتى يوم الناس هذا، وقد وافق رحيل الشيخ «عبد الباسط» تاريخ ال30 من شهر ديسمبر عام 1988، وكان يوم وفاته يوماً مشهوداً، حيث شُيِّع على المستوى الرسمي والشعبي، فخرج لتشييعه جميع سفراء الدول الإسلامية بالقاهرة، إضافة إلى حشود غفيرة من المسلمين، سائلين المولى له حسن الجزاء وخير الثواب، وحين سئل الشيخ «الشعراوي» عن رأيه في عدد من قراء القرآن المرموقين، وكان ممن سئل عن إبداء رأيه فيه الشيخ «عبد الباسط عبد الصمد» قال "إن أردنا حلاوة الصوت فهو عبد الباسط عبد الصمد".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.