من التنابز بالألقاب والتدابز (من دبزة)، أي إعطاء لكمة لاتقرأ ولاتكتب حول من يحصل على المصحف مجانا وحتى الصّوم نياما، وانتهاء باستمرار مسلسل الحق في السقف وإعلان التجار عصيانا عاما ضد بقاء الأسعار على حالها أو إن أمكن رفعها إلى حد أقصى تكون البلاد برمتها قد دخلت في ”بوكو حرام” ليس كما في نيجيريا باعتبارها منظمة خارج القانون، وإنما ”بزاف”، أي كثير جدا وليس له حدود تنبئ بتوقفه! أولاد الحرام··!
أما ”بوكو حرام” فهو في الأصل تنظيم إسلامي ”إرهابي”، لايسمع عنه خير إلا كان من قبله الشر والشرطة والعسكر اللذين سيطاردان شبيحه، فآخر ما فعلته أنها دكت قلاع ملحقة الأممالمتحدة، أي الأمم المتخذة التي تقودها أمريكا دكا عنيفا دون أن تعرف السبب على وجه التحديد، لأن الأمم هذه على حد علم الجميع ليس لها دخل فيما يتعلق بالشرخ الموجود في المجتمع النيجيري (البترولي) بين أغنياء يزدادون غنى، وفقراء يزدادون فقرا يقومون أحيانا بإحداث ثقب في أنابيب البترول لشم رائحته الزكيّة!
وهو تقريبا نفس ماحدث عندنا حين قامت مايشبه ”بوكو حرام” الجزائرية بنفس الفعل بمقر الأمم المتخذة، قيل وقتها إنه عمل يستهدف البحث عن أصداء خارجية!
أما ماذا يعني ”بوكو حرام” بالنيجيرية، فالله أعلم والنيجريون، لكنه على أية حال لايبدو بعيدا عن اسم حزب الله (الذي يقابله حزب الشيطان) أو القاعدة التي يقابلها الماشية أو الراقدة، أو حتى طالبان أي طلبة (بالأفغانية)! غير أن أي واحد منا يدرك بلاشك أن بوكو حرام معناه ”بوكو” حرام، أي حرام كثير كقطع الليل صاحبها في النار إن لم يغفر له ربه رحمة منه! فمتى يكون هؤلاء إن لم يكونوا أولاد حرام! وبالمناسبة أولاد الحرام في المفهوم الإنجليزي بعد أحداث الشغب التي طالت العاصمة البريطانية لندن مؤخرا فيما أراد البعض أن يقدمه كأنه صورة من صور الربيع العربي الذي عصف حتى الآن بثلاثة رؤوس كانت تحسب نفسها إلى وقت قريب أربابا! هذا المفهوم لأولاد الحرام أقول – أخذ بعد اللقيط الذي لايعرف له نسب لا أب ولا أم فوالداه الشارع! ومن قال لكم بأن أولاد الحلال يمكنهم أن يقوموا بنفس فعل أولاد الحرام؟!
قبيل انقضاء شهر رمضان قرر أحد المحسنين التبرع بمجموعة من نسخ القرآن الكريم بإحدى المساجد بالعاصمة! والذي حدث أن هذا الفعل الخيري تحول إلى مظاهرة داخل الجامع وخارجه تدخلت على إثرها قوات مكافحة الشغب لتفريق المصلين، فكل واحد من هؤلاء يزاحم كما في أسواق الفلاح (والتكلاح) المرحومة للظفر بكتاب! وهو مستعد من أجل ذلك لكي يرفع سيفه كما رفعه سيد علي في الكفار!
فهل هذا حبا في القرآن الكريم وفي الدين؟ الجواب قطعا لا·· بدليل أنه لاتوجد عائلة مهما كان انتماؤها السياسي أو عقيدتها لاتملك نسخة من الكتاب المكنون··· لكن كل واحدة إما أنها ترغب في اقتناء نسختين فما فوق للزينة أو للبيع··· بدريهمات معدودات، وهو عمل يندرج ضمن منطق معكوس للمقولة التي تقول القناعة كنز لايفنى!
فلمن تقرأ زابورك إذن يا أنت؟
دار ذلّ!
يمكن أن يجد الواحد للقاضي عذرا فيما يصدر ومن أحكام ظالمة أحيانا، بعد أن يسوي بين سارق الدجاجة وسارق البنك! فهو يعلم أن سارق الأشياء الصغيرة لايتورع عن سرقة ما أكبر منها!
والحديث قياس والحكم على النوايا هو الأساس، ولهذا يكون منطقيا ومقبولا أن الذين يتعاركون من أجل مصحف يسلون السيوف ضد بعضهم البعض من أجل سقف بالمجان (باطل) والذين يتناحرون من أجل سقف يخرجون البنادق من أجل قسمة ريع البترول ونيل حظ وفير من الخصخصة وهذا سبب كاف لكي تظهر أمثال تنظيمات بوكو حلال وبوكو حرام، ولاتنتهي أخبارها عند حدود شهر معين أو عام فلعلها باتت قدرا لامفر منه، خاصة في كل رمضان على الذين مطلوب منهم أن يحمونا وأن يقفوا مجندين بمقابل ندفعه أجمعين على حساب أشياء أخرى تبدو أهم، فماذا يفعل شاعرا بحجم عنترة بن شداد عاش معنا وهو القائل: وإذا حللت بدار ذل فارحل!
مع أن الشعراء يقولون مالا يفعلون وفي كل وادي (وبلاد ميكي) يهيمون أو يمدحون إلا أن الثابت أن عنترة ”سيحرق” أسوة بالحرافة (في البحر) أو بالذين يحرقون بيوتهم كآل القذافي والأسد لكي يبقوا أسيادا إلى الأبد!
هذا المستوى من التسخين المستمر للساحة الاجتماعية دون أن يقابله شيء على المستوى السياسي الذي يتزامن مع استئناف ”بوكو حرام” في اللعبة الأمنية كسجل تجاري ينتهي على الأقرب إلى نفس فعل الهزات الأرضية الخفيفة أو المتوسطة فبقدر تواترها، بقدر ذلك تكون القوة أخف وبالتالي لاتأتي إلا بردا وسلاما على السلطة التي توجست خوفا من من الثورات العربية أول مرة قبل أن تطمئن وهي تقدمها على كونها انقلابات شعبية وطائفية ليست بعيدة عن أسلوب ”البوكو” هذا بنوعيه! والمهم أن الناطقة غير الرسمية باسم بوتفليقة المدعوة لويزة حنون تصلها دائما الأخبار الطازجة، فهناك على حد زعمها قرارات هامة وجريئة في سياق الإصلاحات السياسية ستتخذ قريبا (أي العام الماضي)!
وبالطبع هذه الناطقة ليست هذه أول كذبتها حتى نصدقها، فكل مرة تبشر لايظهر إلا مايزيد الخلق إحباطا وتشاؤما مع عدم صدق التنبؤات، خاصة أن معظم السياسيين ورؤساء الأحزاب ممن يغردون خارج سرب السلطة يقرأون الوضع معكوسا تماما ولو أن الشاب ”مامي” الذي نقل لنا أخبار الرئيس نيابة عن رئيس الحكومة وقت مرضه في فرنسا، هو الذي يبشر بإصلاحاته لكان بالإمكان تصديق جزء على الأقل مما يقول على أساس أنه قول مغني وفنان كالشعراء يعيش فوق السحاب والغمام!
فأين اختفى سعدي (السعيد) مثلا وهو قائد التغيير الذي قاد مسيرات حتى ولو تركت وشأنها لن تجر معها أتباعا كثيرين؟ لاأحد يمكن التكهن بمنسوب الإحباط الذي وصل إليه بعد أن تأكد له أنه لم يفهم الشعب أو هكذا يسمى – وهو في الأصل ”غاشي” تحسبهم موحدين متحدين وقلوبهم شتى في مناسبتين؟
وربما هذا الإحباط هو الذي يفسر الذهاب الى لغة البيانات والإرشادات وتقديم النصائح، على الأقل مايفعله آخر واحد مازال مؤمنا بالتغيير ”الشعبي” وهو رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور·
فالرجل الذي كلّ وتعب من شدة الترحال لنشر الوعي في صفوف البغال من أصحاب ”ما اعلا بالي بوالو ياخو”··· اضطر في النهاية إلى نشر ملصقات حائطية في الجرائد حول موضوع التغيير كل جملة معنونة فيه بكلمة يجب، فماذا تنفع يجب إن كان لا أحد يستجيب أو يجيب أو إن كان المخاطب ميتا أو كانت المندبة كبيرة والميت فار! أو كان الذي يخاطب لايملك الحد الأدنى من الأوراق لكي يفرضها على الآخرين، بمعنى أنه لايملك وسائل تنفيذ سياسته كما يقال في لغة السياسة! مثلما تملكها النقابات العمالية في القطاع العمومي (وليس الخاص) فتعاود من جديد مسلسل طلبات رفع الآجور لأن الرفع الأول لم ينفع والثاني أفسد كل مقعد ومضجع مع ظهور غير معلن ”لبوكو شد الحزام” وغياب بوكو ”الأوهام” بأن الفرج السياسي قريب!