الأمن والسلام في الشرق الأوسط مرهون بمعالجة جوهر الصراع..عطاف: العدوان على إيران ينذر بحرب مفتوحة على كافة الاحتمالات    عمار بن جامع يؤكد في مجلس الأمن الدولي:الاعتداءات على إيران انتهاك فاضح لميثاق الأمم المتحدة    تيارت..استفادة أكثر من ثلاثة آلاف طفل من المخيمات الصيفية    التمسك بمبدء حرية التدين، "ترجمته الجزائر دستوريا"    الشرعية الدولية لا يمكن تغييبُها أو مُدَراتُها خلف أدخنة النزاعات المُفتعلة    كيليا نمور تهدي الجزائر ذهبية ثانية    تطالب بتنفيذ الرأي الاستشاري للعدل الدولية    ضرورة تعزيز جودة التكوين والاستغلال الأمثل للهياكل والتجهيزات    نعمل ليكون موسم الاصطياف2025 في مستوى تطلعات مواطنينا"    نشر فاضح للمشاكل الزوجية على منصات التواصل    وزير الثقافة : احتضان تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية "    سكيكدة: افتتاح فعاليات "لقاء روسيكادا السينمائي" في طبعته الأولى    التعبئة الاجتماعية درع الجزائر في وجه المؤامرات    الكيان الصهيوني يواصل حصار غزّة وعزلها عن العالم    الجزائر تنضم إلى الاتحاد العربي للإعلام الإلكتروني    تشجيع المبادرات الاستثمارية لأبناء الجالية بالخارج    الرابطة الأولى موبيليس: مولودية الجزائر تتوج باللقب و نجم مقرة يرافق اتحاد بسكرة الى الرابطة الثانية    تعزيز جودة تكوين أساتذة الأطوار التعليمية الثلاثة    العلاقات الاقتصادية الجزائرية - العمانية واقع ملموس    انطلاق إنجاز الحوض الثالث لميناء مستغانم التجاري قبل نهاية السنة    انتاج زيت الزيتون: تكريم 145 منتجا في الطبعة الاولى من المسابقة الوطنية أوليوميد    قصّة اختطاف واغتيال المعارض المغربي مهدي بن بركة    إيران تواصل الرد الحازم على العدوان الصهيوني    توطيد التعاون الجزائري - المصري في المجال الديني    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    معرض الجزائر الدولي: السيد زيتوني يستقبل نظيره العماني    بلايلي يقود الترجي للفوز في المونديال ويصدم أنصاره    طقوس فريدة تميّز المجتمع العنابي    ''التويزة".. فعل تضامني متجذر بين سكان الأوراس    أمراض الصيف خطيرة والتحلي بالوعي الصحي كفيل بتجنبها    الجماهير تختار محرز أفضل لاعب في دوري أبطال آسيا    انتقاء تشكيلة البطولة العربية في موعد بوسعادة    السيد شايب يشارك في ندوة حول موضوع "الاستثمار بالجزائر"    مذابح ماي 1945 لم تكشف بعد عن كل أسرارها    اتخاذ إجراءات لإعادة بعث مشروع مصنع الاسمنت ببلدية عين الإبل بولاية الجلفة    مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي: عطاف يشارك في جلسة الافتتاح    بوطبيق يؤكد من تيبازة..تعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات    وزير الداخلية: تخصيص أكثر من 7 مليارات دينار لتهيئة وإعادة تأهيل الفضاءات الشاطئية    افتتاح تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" بالعاصمة    تنافس 7 عروض على"العنقود الذهبي" في المهرجان ال15 للمسرح الفكاهي بالمدية    لمين عصماني: دعوة إلى الوقوف وقفة رجل واحد ضد أعداء الجزائر    الجوية الجزائرية للشحن مستعدة للتكيف مع متطلبات التصدير    رزيق يدعو المتعاملين الاقتصاديين إلى اكتساح السوق الإفريقية    نهائي كأس الجزائر للكرة الطائرة 2025: الوداد يستهدف الثنائية والأولمبي كأسه الأولى    اليوم العالمي للاجئين: منظمة التعاون الإسلامي تدعو إلى تعزيز آليات تقاسم الأعباء واحترام حقوق اللاجئين    ألعاب القوى/الدوري الماسي-2025 : محمد ياسر تريكي يحقق المركز الخامس في الوثب الثلاثي    نقل ملكية الطاسيلي إلى آر آلجيري    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    بوالزرد: الإصلاحات بلغت مراحل متقدمة    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    انطلاق الحملة الوطنية لتدعيم تلقيح الأطفال    تكريم الممثلة الجزائرية رانيا سروتي    حملة وطنية لتدعيم عملية تلقيح الأطفال الأقل من 6 سنوات ابتداء من الأحد المقبل    نحو وضع خريطة صحية جديدة لإعادة تنظيم شبكات العلاج    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصدر خلال أيام عن دارالحكمة:" ضربة صيف" تعيد سعيد مقدم إلى عالم الرواية


مقطع من الرواية

كعادته الشيخ مسعود، قبل إقامة الصلاة، يلقي موعظة الصبح على جموع المصلين الذين أخذ عددهم يتزايد يوما بعد الآخر. بعضهم من الذين نزلوا حديثا من الجبال مستفيدين من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.
واصل الشيخ مسعود حديثه من حيثُ توقف في حلقة الموعظة السابقة، يصف حياة البرزخ وما جاء في هذا الباب من أحاديث نبوية وكيف تنافس الفقهاء في وصفها.
توقف مطولا عند بعض اجتهادات العلماء في تقديرها الزمني موضحا أن إحساس كل واحد من البشر بهذه المرحلة يتحدّد حسب طبيعة عمله في الحياة الدنيا.
- أهل الآخرة، منهم شقي ومنهم سعيد... تماما مثلما هو الحال في الدنيا..
- حياة البرزخ أيها المؤمنون تتوافق وعمل الإنسان الدنيوي. المؤمن الصالح التقي يعيشها حياة سعيدة، وكلما كان الإنسان فاسدا في الدنيا اشتدَّت حالتُه في حياة البرزخ.
يقول الإمام الصادق ..
إن للقبر كلامًا في كلِّ يوم، يقول:
أنا بيت الغربة، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود، أنا روضة من رياض الجنَّة أو حفرة من حفر النار...
- يا لطيف.. دخلنا يوما جديدا من بوابة جهنّم.. ( علّق الدايم في صمت)
- واصل.. واصل يا شيخ بارك الله فيك ( ارتفع صوت من وسط جماعة شباب شكلوا حلقة في زاوية المسجد)
- يجب أن تعلموا أن أرواح المؤمنين في البرزخ متفاوتة الدرجات في الجنة...
في الدرجة الأولى أرواح الأنبياء عليهم السلام وهم في أعلى عليِّين، ومتفاوتون في مراتبهم ومنازلهم.
تليهم أرواح الشهداء التي تكون كالكواكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين....
- يعني تماما مثل طائرة الخطوط الجوية الجزائرية.. الأماكن الأولى دائما محجوزة حتى وإن تطلب الأمر القيام برحلة بدون مسافرين.
علق الدايم من جديد في صمت، وهو يستمع للإمام يصنّف مراتب الموتى في البرزخ، ولكنه خشي أن يذهب به التفكير إلى أبعد مما يقصده بأفكار فرضت نفسها عليه في هذه الساعة المتقدمة من النهار، فعاد لينسجم مع الدرس وراح يستمع لأحد الشباب وهو يدعو بصوت مرتفع...
.. اللّهم اكتبنا من الشهداء...
.. اللّهم اجعل مقامنا بالقرب من مقام سيّد الخلق..
أمَّن الجميع في وقت واحد.
آمين..
آمين يارب العالمين...

- ولكن كيف هو السبيل إلى الشهادة يا شيخنا ونحن قاعدون عن القتال؟
- الشهادة يا إخوة الإسلام لا تقتصر على القتال في سبيل الله. لقد أوضح لنا نبيُّ الرحمة عليه السلام أن القتل في سبيل الله شهادة، والطاعون شهادة، والغرق شهادة، والبطن شهادة، والحرق شهادة ، والسل شهادة، والنفساء شهادة يجرها ولدها بسررها إلى الجنة.
- معنى ذلك يا شيخنا أن ثلاثة أرباع الجزائريين شهداء إلا من أبى؟
- الكل في هذه البلاد مشروع شهيد.. ( علق الدايم في صمت)، وراح يحدّث نفسه..
في بلادي التي لا تشبه البلدان..
في وطني الذي لا يشبه الأوطان..
يولد الإنسان مشروع شهيد..
يعيش قنبلة مهيأة للإنفجار
ويموت قصيدة لشاعر مجهول..
واصل الإمام يصف خصال الشهداء عند ربهم دون أن يجيب عن سؤال السائل...
يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام:
للشهيد عند الله سبعُ خصال، يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده في الجنة، ويحلى حلَّة الإيمان ويُجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج من الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويشفع في سبعين إنسانا من أهل بيته، ويزوَّج اثنين وسبعين زوجة من الحور العين...
- صف لنا الحور العين ياشيخ، جزاك الله خيرا ( قاطعه أحد العائدين حديثا من الجبل) وهو شاب دون الثلاثين بلحية كثة وشعر أشعث.
لقد فتحت بابا واسعا يا أخا الإسلام، قد يطول الحديث فيه، ولكن أقول لك باختصار إن الله عز وجل قد أبدع في تبيين الصوِّر الجمالية التي تصف خلق زوج المؤمنين في الجنة.
اعتدل الشيخ مسعود في جلسته، ومسح بلحيته التي اختفى سوادها تحت تأثير الحنَّة، فصارت حمراء، قبل أن يواصل حديثه من حيث توقف..
- لقد وصف الله جلّ وتعالى الحور العين في سورة الرحمن بأنَّهن الياقوت والمرجان، وقال حور مقصورات في الخيام، وقال أيضا لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان...
- الله.. الله، زدنا ياشيخ حفظك الله.
- الحور العين، يا أخي مطهَّرات من كل عيوب نساء الدنيا من الحيض والنفاس والأذى والأخلاق الرذيلة والصفات الناقصة.. محبوسات في خيام اللؤلؤ، لا يردن غير أزواجهن، ولا يطمحن إلى من سواهم، وفي ذلك روى أبو سعيد الخدري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا.
تعالت الصيحات من زوايا مختلفة من المسجد:
الله أكبر...
الله أكبر ...
الله أكبر...حيّ على الجهاد..
تواصلت صيحات التكبير التي قطعها صوت الإمام وهو يأمر الجميع بالقيام لصلاة الجماعة قبل فوات الأوان.
استدار الشيخ مسعود إلى جموع المصلِّين وأمرهم بتسوية الصفوف مؤكدا أن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج.
.. الكتف للكتف والقدم للقدم يستوي الصف بإذن الله...و..
... ارتفع صوت من وسط المصلين
- يا محمد نبهتك ثلاث مرات.. أسحب رجلك عليَّ..
- أنا لا أقصد إيذاءك يا أخي.. إنني أحرص على تطبيق السنّة النبوية.. ألم تسمع الإمام وهو يؤكد على تسوية الصفوف؟
- يعني حتَّى يستوي الصف بالطريقة التي تريد، لازم تعفسني؟
تعالت الصيحات من كل الجهات، واختلطت الصفوف عندما هرع نفر من أصحاب اللِّحى إلى مكان الخلاف والتفّوا حول الشخص المحتج.
- دعه يا أخي ولا تجادله إنه رجل ضال وجاهل بأمور دينه.
إلتفت الإمام مرة أخرى إلى حيث موقع الخلاف وصاح في الجميع..
ياجماعة نحن في بيت الله ولا يصح أن نرفع أصواتنا أكثر مما يجب..
إتقوا الله في دينكم..
- إنني لم أقصد إيذاءه يا شيخ كما يدّعي، فقط ضممت رجلي إلى رجله حتّى لا أترك فتحة للشيطان.
أنت هو الشيطان الكبير..( رد المصلي المحتج).
تدخل الإمام بنرفزة كبيرة بدت على ملامح وجهه الذي انقبض، وراح يعضه.
- إننا في كل صلاة ياأخي ننبّه المؤمنين للوقوف وقفة رجل واحد وسدِّ جميع الثغرات حتَّى لا نترك فرصةً للشيطان، ليفرِّق بيننا ويلهينا عن ذكر الله.
- ولكنك أنت القائل يا شيخ، إنّه ما اجتمع قوم يتلون كتاب الله ويتناقشون في أمور دينهم إلا وحفّتهم الملائكة.
- صحيح، أنا قلت ذلك، ولكن مادخل هذا في ذاك؟
- نحن هنا في بيت الله نقف صفوفا خلفك وأنت تتلو كتاب الله فكيف يدخل الشيطان بيننا؟
- حجّتنا يا أخي من كتاب الله. القرآن يذكر للشيطان أسماء ومراتب، فيذكر الجن والجان والشيطان والعفريت والمارد، ويتّخذون صفات مختلفة، منهم من يتّخذ صفة الطائر. ومنهم من يتخذ صفة الحيوان كالكلب . ومنهم من يتخذ صفة الثعبان. ومنهم من يتخذ صفة إنسان.
همّ الدايم بالخروج من المسجد مباشرة بعد إتمام الصلاة، ولكنّه تراجع قليلا ليتجنّب الزحمة الكبيرة التي تسبّب فيها تدافع الناس عند الباب، وعندما أسند ظهره للحائط سمع صوت أحدهم يرتفع من وسط المتزاحمين.
ياجماعة.. سرقولي صباطي..
كان صوت المستغيث ينبعث من على أمتار قليلة قرب الباب المؤدي لرواق، يؤدِّي بدوره إلى الباب الخارجي للمسجد، لكنَّه بدا بعيدا كما لو أن الرجل وقع في حفرة عميقة وراح يصرخ بصوت متقطع بسبب تدافع الناس على الخروج، لذلك لم يجد آذانا صاغية لندائه.
بعد ربع ساعة، بدا المسجد خاليا من المصلين، فيما واصل الرجل الذي سُرق منه حذاؤه يحدّث نفسه ويشتم الجميع.
- أبدا.. أبدا.. هاذو شياطين ماهمش مسلمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.