معرض التجارة البينية الإفريقية, محطة استراتيجية لتحقيق التكامل العربي-الإفريقي    تكثيف العمل الرقابي الميداني لضمان الاستقرار في الاسواق    ثوانٍ تحسم قضايا.. "نقرة على منصة رقمية" تختصر المسافة بين المواطن والقضاء    بومرداس : اختتام الطبعة ال13 للجامعة الصيفية لإطارات جبهة البوليساريو    دخول جامعي: تأجيل تاريخ انطلاق الدروس إلى 22 سبتمبر المقبل    المغرب يواصل نهب ثروات الشعب الصحراوي بالإعلان عن مشروع طاقوي جديد في الكركرات المحتلة    المؤتمر العالمي ال10 لدار الإفتاء المصرية: السيد زيد الخير يترأس بالقاهرة جلسة علمية    الجيش الوطني الشعبي : تدشين المقر الجديد للمديرية المركزية للوقود بالجزائر العاصمة    التشكيلي هاني بن ساسي يعرض أعماله بالجزائر العاصمة    السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تطلق موقعها الالكتروني الجديد    لا أكل ولا ماء.. والقصف لا يتوقّف    سيناريو عالمي غير مستحب    برامج الاستيراد تودَع قبل 20 أوت    حملة تحسيسية لسائقي الدرّاجات النارية    تسليم مفاتيح لأزيد من 170 مستفيد من السكن الايجاري بوهران    الجزائر تدعو إلى إنشاء آلية أممية للأمن البحري    بن قرينة يدعو إلى موقف حازم    هذه البيوع محرمة نهى عنها الإسلام    موجة زكام حادّة تضرب الأسر في عزّ الصيف    شان-2024" /المؤجلة إلى 2025 : المنتخب الوطني يرفع وتيرة التحضيرات تحسبا لمباراة غينيا    تيميمون: دربال يشدد على ضرورة استغلال المياه المستعملة المعالجة في سقي واحات النخيل    7 شهداء وعشرات المصابين في قصف صهيوني لمناطق متفرقة من قطاع غزة    تعديل تاريخ الدخول المدرسي    التصدي ومواجهة الحملات العدائية التي تستهدف بلادنا    الحماية المدنية : ست وفيات و 256 جريح في حوادث المرور    يجب وضع ضوابط شرعية لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي    إبراز تأييده و "اعتزازه بنجاح هذا الحدث العربي البارز"    التزامات الرئيس تبون تجسّدت بالتمكين السياسي للشباب    وزيرة فرنسية سابقة أمام القضاء بسبب تصريحات عنصرية ضد الجزائريين    الجزائر ترفض بشكل قاطع المقترح الفرنسي    التقرب من المصطافين للتعريف بخدمات الشركة    3913 تدخل بفضل أنظمة المراقبة بالفيديو    مصادرة 462 كيلوغرام من اللحوم البيضاء الفاسدة    "النقافات".. حارسات التقاليد بلمسة عصرية    حملة توعوية حول الاستخدام السيئ للأنترنيت    روائع معبقة بالحياة الجزائرية في مطلع القرن 20    مراد غزال يعرض مجموعته القصصية بسكيكدة    وصيته الأخيرة "لا تعتذر عما فعلت"    تحسيس حول ترشيد استهلاك الطاقة    فولفسبورغ الألماني يعرقل صفقة انتقال عمورة إلى بنفيكا    "الاتحاد" السعودي يحضّر عرضا جديدا لضم بن ناصر    يوسف بلمهدي:"المفتي الرشيد" ضرورة شرعية في زمن العولمة الرقمية    سفيان فيغولي يحدد أهدافه في البطولة العراقية    دعوة لترشيح أفلام من أجل انتقاء فيلم روائي طويل يمثل الجزائر في الدورة ال98 للأوسكار    بلمهدي: الذكاء الاصطناعي في مجالات الإرشاد الديني والفتوى "يستوجب الحذر والضبط"    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025: المنتخب الوطني يستأنف التحضيرات لمواجهة غينيا    القانون المنظم للنشاطات المنجمية يعزز سيادتنا الاقتصادية    سعداوي يكرم المتوجين في المسابقة الدولية (IYRC 2025)    مقر جديد لسفارة الصومال بالجزائر    الجزائر تكتب صفحة جديدة في تاريخ الرياضة المدرسية    وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات تدعو المستثمرين الصناعيين لإيداع البرامج التقديرية للاستيراد قبل 20 أغسطس    مبولحي في الدوري الجزائري    مسرحية على واجهة وهران البحرية    قويدري يستقبل وفداً نقابياً    شبكة استعجالات طبية جديدة بقسنطينة    تطهير قائمة موزّعي الأدوية لضبط السوق    المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية : فرصة لاكتشاف المواهب والتقاء التجارب    تنسيق القطاعات أثمر نجاح عمليات نقل الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصدر خلال أيام عن دارالحكمة:" ضربة صيف" تعيد سعيد مقدم إلى عالم الرواية


مقطع من الرواية

كعادته الشيخ مسعود، قبل إقامة الصلاة، يلقي موعظة الصبح على جموع المصلين الذين أخذ عددهم يتزايد يوما بعد الآخر. بعضهم من الذين نزلوا حديثا من الجبال مستفيدين من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.
واصل الشيخ مسعود حديثه من حيثُ توقف في حلقة الموعظة السابقة، يصف حياة البرزخ وما جاء في هذا الباب من أحاديث نبوية وكيف تنافس الفقهاء في وصفها.
توقف مطولا عند بعض اجتهادات العلماء في تقديرها الزمني موضحا أن إحساس كل واحد من البشر بهذه المرحلة يتحدّد حسب طبيعة عمله في الحياة الدنيا.
- أهل الآخرة، منهم شقي ومنهم سعيد... تماما مثلما هو الحال في الدنيا..
- حياة البرزخ أيها المؤمنون تتوافق وعمل الإنسان الدنيوي. المؤمن الصالح التقي يعيشها حياة سعيدة، وكلما كان الإنسان فاسدا في الدنيا اشتدَّت حالتُه في حياة البرزخ.
يقول الإمام الصادق ..
إن للقبر كلامًا في كلِّ يوم، يقول:
أنا بيت الغربة، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود، أنا روضة من رياض الجنَّة أو حفرة من حفر النار...
- يا لطيف.. دخلنا يوما جديدا من بوابة جهنّم.. ( علّق الدايم في صمت)
- واصل.. واصل يا شيخ بارك الله فيك ( ارتفع صوت من وسط جماعة شباب شكلوا حلقة في زاوية المسجد)
- يجب أن تعلموا أن أرواح المؤمنين في البرزخ متفاوتة الدرجات في الجنة...
في الدرجة الأولى أرواح الأنبياء عليهم السلام وهم في أعلى عليِّين، ومتفاوتون في مراتبهم ومنازلهم.
تليهم أرواح الشهداء التي تكون كالكواكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين....
- يعني تماما مثل طائرة الخطوط الجوية الجزائرية.. الأماكن الأولى دائما محجوزة حتى وإن تطلب الأمر القيام برحلة بدون مسافرين.
علق الدايم من جديد في صمت، وهو يستمع للإمام يصنّف مراتب الموتى في البرزخ، ولكنه خشي أن يذهب به التفكير إلى أبعد مما يقصده بأفكار فرضت نفسها عليه في هذه الساعة المتقدمة من النهار، فعاد لينسجم مع الدرس وراح يستمع لأحد الشباب وهو يدعو بصوت مرتفع...
.. اللّهم اكتبنا من الشهداء...
.. اللّهم اجعل مقامنا بالقرب من مقام سيّد الخلق..
أمَّن الجميع في وقت واحد.
آمين..
آمين يارب العالمين...

- ولكن كيف هو السبيل إلى الشهادة يا شيخنا ونحن قاعدون عن القتال؟
- الشهادة يا إخوة الإسلام لا تقتصر على القتال في سبيل الله. لقد أوضح لنا نبيُّ الرحمة عليه السلام أن القتل في سبيل الله شهادة، والطاعون شهادة، والغرق شهادة، والبطن شهادة، والحرق شهادة ، والسل شهادة، والنفساء شهادة يجرها ولدها بسررها إلى الجنة.
- معنى ذلك يا شيخنا أن ثلاثة أرباع الجزائريين شهداء إلا من أبى؟
- الكل في هذه البلاد مشروع شهيد.. ( علق الدايم في صمت)، وراح يحدّث نفسه..
في بلادي التي لا تشبه البلدان..
في وطني الذي لا يشبه الأوطان..
يولد الإنسان مشروع شهيد..
يعيش قنبلة مهيأة للإنفجار
ويموت قصيدة لشاعر مجهول..
واصل الإمام يصف خصال الشهداء عند ربهم دون أن يجيب عن سؤال السائل...
يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام:
للشهيد عند الله سبعُ خصال، يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده في الجنة، ويحلى حلَّة الإيمان ويُجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج من الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويشفع في سبعين إنسانا من أهل بيته، ويزوَّج اثنين وسبعين زوجة من الحور العين...
- صف لنا الحور العين ياشيخ، جزاك الله خيرا ( قاطعه أحد العائدين حديثا من الجبل) وهو شاب دون الثلاثين بلحية كثة وشعر أشعث.
لقد فتحت بابا واسعا يا أخا الإسلام، قد يطول الحديث فيه، ولكن أقول لك باختصار إن الله عز وجل قد أبدع في تبيين الصوِّر الجمالية التي تصف خلق زوج المؤمنين في الجنة.
اعتدل الشيخ مسعود في جلسته، ومسح بلحيته التي اختفى سوادها تحت تأثير الحنَّة، فصارت حمراء، قبل أن يواصل حديثه من حيث توقف..
- لقد وصف الله جلّ وتعالى الحور العين في سورة الرحمن بأنَّهن الياقوت والمرجان، وقال حور مقصورات في الخيام، وقال أيضا لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان...
- الله.. الله، زدنا ياشيخ حفظك الله.
- الحور العين، يا أخي مطهَّرات من كل عيوب نساء الدنيا من الحيض والنفاس والأذى والأخلاق الرذيلة والصفات الناقصة.. محبوسات في خيام اللؤلؤ، لا يردن غير أزواجهن، ولا يطمحن إلى من سواهم، وفي ذلك روى أبو سعيد الخدري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا.
تعالت الصيحات من زوايا مختلفة من المسجد:
الله أكبر...
الله أكبر ...
الله أكبر...حيّ على الجهاد..
تواصلت صيحات التكبير التي قطعها صوت الإمام وهو يأمر الجميع بالقيام لصلاة الجماعة قبل فوات الأوان.
استدار الشيخ مسعود إلى جموع المصلِّين وأمرهم بتسوية الصفوف مؤكدا أن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج.
.. الكتف للكتف والقدم للقدم يستوي الصف بإذن الله...و..
... ارتفع صوت من وسط المصلين
- يا محمد نبهتك ثلاث مرات.. أسحب رجلك عليَّ..
- أنا لا أقصد إيذاءك يا أخي.. إنني أحرص على تطبيق السنّة النبوية.. ألم تسمع الإمام وهو يؤكد على تسوية الصفوف؟
- يعني حتَّى يستوي الصف بالطريقة التي تريد، لازم تعفسني؟
تعالت الصيحات من كل الجهات، واختلطت الصفوف عندما هرع نفر من أصحاب اللِّحى إلى مكان الخلاف والتفّوا حول الشخص المحتج.
- دعه يا أخي ولا تجادله إنه رجل ضال وجاهل بأمور دينه.
إلتفت الإمام مرة أخرى إلى حيث موقع الخلاف وصاح في الجميع..
ياجماعة نحن في بيت الله ولا يصح أن نرفع أصواتنا أكثر مما يجب..
إتقوا الله في دينكم..
- إنني لم أقصد إيذاءه يا شيخ كما يدّعي، فقط ضممت رجلي إلى رجله حتّى لا أترك فتحة للشيطان.
أنت هو الشيطان الكبير..( رد المصلي المحتج).
تدخل الإمام بنرفزة كبيرة بدت على ملامح وجهه الذي انقبض، وراح يعضه.
- إننا في كل صلاة ياأخي ننبّه المؤمنين للوقوف وقفة رجل واحد وسدِّ جميع الثغرات حتَّى لا نترك فرصةً للشيطان، ليفرِّق بيننا ويلهينا عن ذكر الله.
- ولكنك أنت القائل يا شيخ، إنّه ما اجتمع قوم يتلون كتاب الله ويتناقشون في أمور دينهم إلا وحفّتهم الملائكة.
- صحيح، أنا قلت ذلك، ولكن مادخل هذا في ذاك؟
- نحن هنا في بيت الله نقف صفوفا خلفك وأنت تتلو كتاب الله فكيف يدخل الشيطان بيننا؟
- حجّتنا يا أخي من كتاب الله. القرآن يذكر للشيطان أسماء ومراتب، فيذكر الجن والجان والشيطان والعفريت والمارد، ويتّخذون صفات مختلفة، منهم من يتّخذ صفة الطائر. ومنهم من يتخذ صفة الحيوان كالكلب . ومنهم من يتخذ صفة الثعبان. ومنهم من يتخذ صفة إنسان.
همّ الدايم بالخروج من المسجد مباشرة بعد إتمام الصلاة، ولكنّه تراجع قليلا ليتجنّب الزحمة الكبيرة التي تسبّب فيها تدافع الناس عند الباب، وعندما أسند ظهره للحائط سمع صوت أحدهم يرتفع من وسط المتزاحمين.
ياجماعة.. سرقولي صباطي..
كان صوت المستغيث ينبعث من على أمتار قليلة قرب الباب المؤدي لرواق، يؤدِّي بدوره إلى الباب الخارجي للمسجد، لكنَّه بدا بعيدا كما لو أن الرجل وقع في حفرة عميقة وراح يصرخ بصوت متقطع بسبب تدافع الناس على الخروج، لذلك لم يجد آذانا صاغية لندائه.
بعد ربع ساعة، بدا المسجد خاليا من المصلين، فيما واصل الرجل الذي سُرق منه حذاؤه يحدّث نفسه ويشتم الجميع.
- أبدا.. أبدا.. هاذو شياطين ماهمش مسلمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.