قال الشاعر والروائي إن أول رواية له الموسومة "هو، المتسوّل، والجرذ"، رواية تعكس وضعا اجتماعيا ونفسيا وثقافيا للكثيرين لخّصها في البطل، وتطرّق إلى ميولاته الشّعرية من خلال ديوانه "الغراب الأبيض"، التقت "الجزائر الجديدة" أحمد مباركي، على هامش ندوة صحفية نشطها بفضاء "أربعاء الكلمة"، فكان هذا الحوار. حوار: ز. بن سعيد "هو المتسول والجرذ" أول روائية لك، هل اعتمدت قواعد الروائية فيها؟ رواية "هو المتسول والجرذ" أول صدور روائي لي، غير أنني لم أعتمد على قواعد الكتابة الروائية تماما، فقد خرجتُ قليلا عنها، ليس من باب التجديد أو رغبة في اختراع نمط، وإنما أثناء كتابتي كان هناك حضور قوي لأحاسيس مختلفة تُغيّر مسار السرد الذي تعوّدنا عليه، غير أنني من جانب آخر لم أهمل تلك القواعد ولم أتجاهلها أيضا. ماذا تعالج هذه الرواية؟ بداية أشير أن الأمر يتطلب وقتا لكي يستطيع الروائي كتابة الرواية، والحصول عليها في الأخير لا يتطلب ساعات ولا أيام، بل وقتا لتكوين الفكرة واستعمال أسلوب السرد المناسب، وهذه الرواية عبارة عن تصوير لزمن الانحطاط الاجتماعي والعاطفي، وكيف يتحول الإنسان إلى مشرد اجتماعيا وثقافيا، والبطل هو مثال عن كثيرين فبعد كومة من الظروف السيئة يجد نفسه في مواجهة تهمة قتل زوجته في حين قد تكون الحادثة انتحارا كَون الزوجة قارئة مولوعة بالتراجيديا، وفضّلت رسم نهاية مفتوحة للرواية ليتخيل القارئ نهايتها بنفسه. كيف هي الرواية الجزائرية حاليا؟ بالنسبة لي الروائيون الجزائريون حاليا مبدعون، خاصة المواهب الشابة التي أثبتت نفسها بقلم متميز، على غرار كوثر وياسمين سلال وغيرهما، وكل واحد يضع بصمته الخاصة، كما أن السنوات القادمة ستصنع مكانة قوية للرواية الجزائرية، في حين أرى أن زعيم الرواية هورشيد بوجدرة فهوكاتب استطاع أن يفرض نفسه في الساحة الأدبية خاصة وأنه يُتقن اللغتين العربية والفرنسية. أنتَ أستاذ في الطب، هل استعملت مصطلحات طبية في الرواية؟ تماما، كان هناك الكثير من المصطلحات الطبية، والتحاليل العلمية التي تعودت عليها خلال عملي كأستاذ في كلية الطب، وهذا كان بشكل تلقائي في الرواية، إضافة إلى أن نوع السرد الذي اخترته تطلّب ذلك. "الغراب الأبيض" عنوان يميلُ إلى السريالية، هل تعتمدها دائما؟ صحيح هو هكذا العنوان، لكنني لا أعتمد السريالية دائما رغم أنني أميل إلى الشعر الحر، فديواني الشعري الأول الذي طبعته سنة 2007 كان مزيجا من السريالية، الرومانسية، والواقعية، وهذا الديوان كذلك مزيج منها. هناك شعراء متعصبون للقافية، هل تتحكم هذه الأخيرة في النَّظم؟ لا يمكن القول أن القافية هي من تتحكم في نظم الشعر، فلا يعقل أن نُنكر وجود الشعر الحر، والشعر السريالي الذي لا تحكمه القافية ولا تحكمه صورة واضحة عموما، كما أن التحكم في القافية لا يعني أن صاحبها شاعر بالضرورة، صحيح أن القافية جميلة من الناحية الشكلية وتُعطي نغمة جميلة عند القراءة، وأنا في بداية كتاباتي الشعرية كنتُ أستعملها، وكان من المستحيل أن لا تنتهي أبياتي بها، لكنني بعدها عرفتُ أن الشعر هو إحساس يُترجمه أي قالب.