استضاف فضاء بشير منتوري التابع لمؤسسة فنون وثقافة، خلال السهرة الأولى ضمن النشاطات الرمضانية الأولى التي تشرف عليها الشاعرة فوزية لرادي، الشاب الشاعر والمخرج السينمائي عبد اللطيف عليان، للحديث عن فيلمه حول "حنين لمدينة حسين داي"، حضر اللقاء رواد النادي الثقافي والجمهور العريض، وسيستضيف الفضاء خلال ليلتي الحكي والشعر القادمتين ضيوفا آخرين. فيلم عليان هو من نوع الوثائقي، وقد عرض منذ أسابيع فقط بقاعة متحف السينما "السينماتيك" وهو عبارة عن شريط وثائقي مدته 45 دقيقة يسلط الضوء على تاريخ وماضي المدينة ويرسم معالم حاضرها منذ بدايات البروز إلى غاية اليوم. عبر فلاشات تستنطق الكاميرا الفضاءات والأمكنة الصامتة لتحولها في لحظات تأمل ، "حنين لمدينة حسين داي" فيلم وثائقي من إنتاج "زغدة فيلم" عن فكرة نضال سباعي، وإخراج عبد اللطيف عليان وهو يتعرض لشارع طرابلس وما يحاذيه من مباني قديمة وما طرأ مع الزمن من تغيير جذري لحق بهذا الشارع فأزال عنه صفته وجماله المعهود القديم الذي لا يزال يحن إليه أبناء حسين داي أو مدينة الداي، كما يحلو للمخرج الشاب تسميته. موضوع مدينة قديمة تستنطق العهد العثماني، ويُسلط الضوء بقوة على شارع طرابلس، الحي الرئيسي في المدينة وأحد رموزها التاريخية، هذا الشارع الذي تغير كلية، وفقد من خصوصيته وميزته، أشجاره الست مائة أزيلت والتي يتجاوز عمرها القرن، وفي كل مرة تهوي بناية من الأبنية القديمة المحاذية له ، مما جعل جذوة الحنين تشتعل في قلوب أبناء المدينة، خصوصا من ارتسمت في عقولهم ونفوسهم صورة المدينة الأولى، الصورة التي صارت تتلاشى تدريجيا. تعود فكرة الفيلم لسنة 2008 سباعي نضال وهو مصور هاوي، الذي كان يلتقط صورا بهاتفه النقال، مع بداية التغييرات التي عرفها مدينة حسين داي وخصوصا شارع طرابلس، وذكر لصديقه عليان أنه سيركب الصور ويصنع فيلما وثائقيا. ومنذ تلك اللحظة بقيت الفكرة بذهن المخرج، وبدأ يحضر لها لسبع سنوات، ليقرر الانطلاق في تجسيد الفكرة خريف 2015، ومن تم انطلق الثنائي في المشروع ضمن، حيث تبنت العمل جمعية "ابن الهيثم الثقافية" ببلدية حسين داي، وانطلق التصوير بإمكانيات خاصة وبدائية ألة تصوير والحامل وميكروفونين وثلاث عدسات، دون أن يكون هناك دعم مادي، فاشترى الثنائي المخرج والمصور كل اللوازم من ما لديهم من مال خاص، وتفرغ عليان للفيلم بعد أن ترك منصب عمله في قناة خاصة. أهم ما واجه المشروع من صعوبات وعراقيل هو تصوير قصور الداي، وتصوير طاحونة "نوربون" من الداخل، ودخول ثانوية الثعالبية، وهذا رغم الاتصال بالبلدية والجهات المعنية. كما أن عددا ممن قصدهم المخرج للحديث عن المدينة والشارع لم يلبوا الطلب لعدم إيمانهم بالفكرة. ورغم ذلك تم تركيب الفيلم رغم النقائص، فالبداية دائما صعبه لكنها ضرورية ستكون فاتحة لأعمال أخرى. شخصيات أربعة هي من صنع الفيلم، عمي رشيد الذي كان المعول عليه في الوثائقي كله، ابن المدينة ومن مواليد سنة 1941 والذي لديه اهتمام واطلاع على تاريخ وتفاصيل الأحياء والشخصيات، يروي رشيد عن المدينة وذكرياته معها، ويقدم شهادات حية بأفلام قديمة صورها بنفسه، بما كان يتوفر أيامها، ما قد دعامة قوية للوثائقي، وهناك شخصيات أخرى عمي دحمان ابن الخمسينات لديه هو الآخر إضافات مهمة للغاية في الفيلم. وكذلك ابن باب الوادي، مصطفى الحلاق الذي قضى قرابة أربعين سنة في صالون حلاقة بشارع طرابلس. والمصور المعروف بدر الدين بن ميرادي، الذي يحكي تجربة أربع وخمسين سنة بشارع طرابلس بحنين كبير. رغم كون عليان شاعرا كما يعتبر نفسه، وقد حاول في عديد المرات أن يكتب شيئا عن مدينته الأثيرة، لكن الكلمات كانت تخونه ولا تطاوعه فاستبدل الكاميرا بالكلمات ليجد نفسي يكتب بالكاميرا، فكان الفيلم وكانت قصيدته هذه المرة وثائقيا تجلت فيه نزوعاته السينمائية. أعقب اللقاء نقاش حول حيثيات تصوير وإخراج الفيلم واستمر اللقاء إلى ساعة متأخرة من الليل.