الديمقراطية مبنية على التنافس والتسابق واستعمال الدهاء والذكاء والدعاية والمال وكل الوسائل والطرق السلمية التي يسمح بها القانون لتحقيق الانتصار قصد الوصول لمناصب المسؤولية فتنظيم انتخابات محلية أو وطنية يتطلب القيام بحملة لدفع الناخبين للمشاركة فيها بقوة للتصويت لصالح من يرونه أجدر بتحمل المسؤولية. ولأن الحملات الانتخابية تتطلب نفقات مالية كبيرة من أجل الدعاية الانتخابية تسمح بعض القوانين بتلقي تبرعات مالية من المؤسسات والأشخاص بمبالغ معينة أو تتحمل الدولة جزءا من تلك النفقات وبالعودة الى قانون الانتخابات الجزائري الصادر في 25 أوت 2016 نجده يحدد تمويل الحملة الانتخابية بمساهمة الأحزاب السياسية ومساعدة محتملة من الدولة ومداخيل المترشح ( المادة190)ويحظر تلقي المساعدات من جهات أجنبية (191)وتدفع الدولة تعويضا جزافيا لا يتجاوز 25بالمائة من نفقات الحملة التي يحددها القانون للذين يحصلون على اكثر من 10بالمائة من أصوات الناخبين(192)ومن هنا فان المال أو (الشكارة )مطلوب في الحملة الانتخابية ويسمح باستعماله بالدعاية للتعريف بالبرامج والأشخاص والحث على التصويت لهم بالإضافة الى فتح وسائل الاعلام العمومي الإذاعة والتلفزيون لممثلي القوائم الانتخابية لمخاطبة الجمهور الجزائري وفق برنامج محدد ومضبوط لكن الكلام هذه الأيام على استعمال (الشكارة) في الانتخابات يشير الى الفساد المالي لشراء الأصوات ورؤوس القوائم لضمان الفوز وقد تم التركيز على الشكارة في السنوات الأخيرة لمشاركة أصحاب الملايير في الانتخابات خاصة التشريعية لاكتساب الحصانة والنفوذ والسلطة للحصول على المزيد من الصفقات والامتيازات والحماية من المتابعة القضائية وحتى من مصالح الضرائب والمراقبة علما أن القانون لا يمنع الأثرياء من الترشح وممارسة السياسة فقد انتهى زمن الاختيار بين الثورة والثروة وقد فتحت الأحزاب أبوابها امام الأثرياء للاستفادة المادية منهم لتدعيم نشاطها لكن ذلك كان على حساب المناضلين من العمال والموظفين والشباب الذين ابعدوا القوائم او وضعوا في المراتب الأخيرة لخدمة رؤوس القوائم وما يلونهم في الترتيب فحدث الخلل وانتصر راس المال على النضال بالإضافة الى تحكم مسؤولي الأحزاب في عملية انتقاء المترشحين وترتيبهم في القوائم و اشتراط تزكية القوائم الانتخابية من الأحزاب السياسية قد يؤدي الى التورط في الرشوة ويلعب المال لعبته بعيدا عن الاعين علما أن عملية مكافحة الرشوة عندنا مازالت في حدودها الدنيا وهي ان يتم توقيف الشخص متلبسا بها فعندما يبلغ مواطن عن مسؤول طلب منه دفع رشوة يطلب منه نسخ الأوراق النقدية قبل تقديمها له في وقت معين ويأتي أعوان الامن للقبض عليه بدل ان يسال من اين لك هذا كما يحدث في الدول المتطورة وبالتالي فإن الحديث عن توظيف المال في الحملة الانتخابية بطريقة غير قانونية قد يعرض المتكلم للمتابعة القضائية قبل المتهم فيطالبونه بتقديم الدليل من شهود ووثائق ولهذا لا يمكننا توجيه الاتهام لأي جهة ونقول كما قال غليلي عن حركة الأرض (ولكنها تدور) اقصد الملايير. و قد نصت المادة 211 من قانون الانتخابات على موجوعة من العقوبات للمترشحين الذين يقدمون المال او الوعود بمناصب وعقارات للناخبين للتأثير عليهم وجاء فيها (( يعاقب بالحبس من سنتين الى عشر سنوات وبغرامة مالية من 200ألف دج الى 1مليون دج كل من قدم هبات نقدا أو عينا أو وعد بتقديمها وكذلك كل من وعد بوظائف عمومية أو خاصة أو مزايا أخرى خاصة قصد الأثير على ناخب أو عدة ناخبين عند قيامهم بالتصويت وكل من حصل أو حاول الحصول على أصواتهم سواء مباشرة او بواسطة الغير او حاول ان يحمل ناخبا او عدة ناخبين على الامتناع عن التصويت بنفس الوسائل وتطبق نفس العقوبات على كل من قبل او طلب نفس الهبات او الوعود الخ)) فالقانون موجود لقمع كل التجاوزات التي يمكن ان تشوب العملية الانتخابية ويبقى التطبيق واثبات هذه التجاوزات والجهات التي يمكنها التدخل واشعار العدالة بالتجاوزات فرغم الملفات والشكاوى المقدمة للجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات وتصريحات المترشحين وممثلي الأحزاب لم تحرك أي دعوة قضائية في المواعيد الانتخابية السابقة والطعون يبث فيها المجلس الدستوري فلابد من إعادة النظر في عملية الترشيح فيما يخص تزكية الأحزاب للقوائم الحرة الانتخابية وجعل عمليات الترشح للبرلمان بانتخاب المناضلين لهم بعيدا عن القيادات الحزبية وبإشعار العدالة والجهات الأمنية عند وقوع تجاوزات يعاقب عليها قانون الانتخابات حتى تكون الانتخابات في المستوى المطلوب وتسمح باختيار احسن العناصر للمشاركة في خدمة الوطن وتنميته وليس استغلال المجالس المنتخبة لخدمة مصالحهم.