قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 22 فلسطينيا    انهيار جزء من مسجد سيدي محمد الشريف بالقصبة    تنظيم قاء تكويني حول آليات التعاون القضائي الجزائي الدولي    نسعى إلى تحقيق الأمن الغذائي كأولوية وطنية و نخطط للتصدير    وفد وزاري هام بولاية بشار تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية    الذهب يرتفع إلى مستوى قياسي    إطلاق بوابة رقمية لإدارة مختلف التظاهرات والفعاليات الشبابية    إطلاق منصة الإلكترونية "مرافقة" توفر خدمات شاملة    أم البواقي : شخص يلفظ أنفاسه بمستشفى عين مليلة    غلق العديد من الطرقات بوسط البلاد    لجنة الدفاع الوطني تدرس التعديلات برئاسة السيد يونس حريز    التحوّل الرقمي يؤكّد الرؤية الصائبة للجزائر الجديدة    توحيد المواقف والأصوات على المستوى الإفريقي    "الخضر" للدخول بقوة وطرد النحس    جبهة القوى الاشتراكية تحيي ذكرى رحيل حسين آيت أحمد    التنظيم الإقليمي الجديد.. الوجه الآخر لتقريب الإدارة من المواطن    خدمات ومنتجات جديدة للجالية الجزائرية بالخارج    تفكيك شبكة إجرامية وحجز نصف مليون قرص مهلوس    إنشاء نظام رقمي وطني فعّال وآمن ومتماسك    هذا جديد برنامج الرقمنة والهوية الرقمية    حماس تعتبر تصريحات كاتس "خرق كبير" لاتفاق وقف إطلاق النار..قصف جوي ومدفعي على أنحاء متفرقة من قطاع غزة    اليمن: الاتفاق على تبادل نحو 3 آلاف أسير بينهم سعوديون وسودانيون    بتحريف مضمون قرار مجلس الأمن 2797..الاحتلال المغربي يحاول تضليل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة    الرابطة الأولى موبيليس : الكشف عن برنامج الجولة ال14    تغلب ضيفه مستقبل الرويسات بثنائية نظيفة..اتحاد العاصمة يرتقي إلى الوصافة    تعديلات تنظيمية في كلاسيكو وفاق سطيف وشباب بلوزداد    بن دودة تفتتح المهرجان الوطني للمسرح المحترف وتؤكد:"المسرح رسالة ومسؤولية وطنية قبل أن يكون فرجة ممتعة"    ينظم اليوم بقصر الثقافة..حفل جائزة أشبال الثقافة    تنصيب آمنة لقرين رئيسة لأول برلمان للطفل الجزائري (2025-2027)    انهيار جزء من مئذنة مسجد سيدي محمد الشريف بالقصبة دون تسجيل خسائر بشرية    سايحي يترأس جلسة عمل    مجمع أنتون الصيني يبدي اهتمامه    شايب يشرف على استقبال عدد من أطفال الجالية    نهاية فيفري القادم.. آخر أجل لاستلام المشروع    نسوة يُحضّرن مبكّرا لشهر رمضان    مئات الصهاينة يستبيحون الأقصى    نهاية قصة مبولحي الترجي    حروب إسرائيل غير المنتهية    الجزائر المُوحّدة تواجه عبث الانفصال    صحيح البخاري بجامع الجزائر    فيلم الأمير عبد القادر أفضل ترويج للجزائر سينمائيًا    التقوى وحسن الخلق بينهما رباط وثيق    الرئيس تبون قدّم لي توجيهات سامية لترقية الأمازيغية بكل متغيراتها    إطلاق برنامج التحضيرات الوطنية لشهر رمضان    الجزائر ماضية في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية    اتفاقيات لتصنيع أدوية لفائدة شركات إفريقية قريبا    التكفل بمخلفات المستحقات المالية للصيادلة الخواص المتعاقدين    الجزائر مستعدة لتصدير منتجاتها الصيدلانية لكازاخستان    بلايلي يتمنى تتويج الجزائر بكأس إفريقيا 2025    الرائد في مهمة التدارك    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    فوز مثير لبلوزداد    صناعة صيدلانية: تسهيلات جديدة للمتعاملين    عهدة الجزائر بمجلس الأمن.. أداء ومكاسب ترفع الرأس    المهرجان الدولي للمنودرام النسائي في طبعته الرابعة    غرة رجب 1447ه هذا الأحد والشروع في قراءة صحيح البخاري بالمساجد ابتداءً من الاثنين    "عش رجبا تر عجبا".. فضل رجب وأهميته في الإسلام    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ سيدي محمد بلكبير.. مَعلمة أدرار..
ثرثرة من الجنوب

صادف هذا الأسبوع، إحياء مدينة أدرار، الذكرى السنوية لوفاة الشيخ سيدي محمد بلكبير رحمه الله، فلقد تناهى إلى سمعنا، ونحن صبية بقصرنا الطيني، ذكر الكبار لهذا الشيخ، وجريان اسمه على لسانهم، كما يرددون أسماء فقّاراتهم، التي هي المصدر الوحيد لرزقهم يومها، فلا يكاد يأتينا العائد من شيوخ القصر ورجاله من مدينة أدرار، دون حديثه عن زيارة الشيخ ومدرسته، هكذا نشأ فينا هذا الحب للشيخ، وانغرس في أعماقنا منذ الطفولة، إذ ليس سهلا أن يحصد المرء في حياته وبعد مماته، كل هذا الشلاّل المتدفّق، من محبّة الناس وتقديرهم له؛ وفوق هذا ومن تلقاء أنفسهم، يرتضونه واجهة روحية، ومرجعية فقهية، حتى غدا هذا الأخير رمزا اجتماعيا. بيد أنه ما كان ليكون للشيخ سيدي محمد بن بلكبير رحمه الله هذا الوصال والوداد، لو لم يكن صادقا في القول والعمل، زاهدا في الدنيا، محسنا للمساكين، ناصرا للمظلومين.
ربما كنتُ محظوظا، عندما ساقتني الأقدار، للدراسة الثانوية بمدينة أدرار المركز، مطلع الثمانينيات، يومها كان مسجد الشيخ؛ هو الجامع العتيق والوحيد الذي تُصلى به الجمعة، على مستوى مدينة أدرار المركز، فمن الطبيعي، أن يكون واجهة كل وافد على المدينة، كما كانت مدرسته في تلك الفترة، تعيش عصورها الذهبية، بحكم أن الشيخ قد اخترقت شهرته الآفاق، وبلغ صيته الأمصار، فما إن تعبر قوس بوبَرْنوسْ، وأنت قادم من الساحة الكبرى، تريد التوغّل غربا، نحو سوق بودة، قد لا تمضي بعيدا في مشيك، حتى تبلغ مسامعك جهة الجنوب، أصوات الحناجر، وهي تجلجل تلاوة القرآن، عندها لن تتردّد في القول، بإنها الزاوية المقصودة.
تتحدّث المصادر التي ترجمت للشيخ، أنه وُلد بقصر (لَغْمارة)، نواحي منطقة بودة(غرب أدرار)، سنة 1911، من أسرة مرموقة القدر والنسب، نشأ كغيره من فتيان القصور، دخل الكتّاب، فحفظ القرآن بداية على يد معلمه الطالب عبدالله بمسقط رأسه، وأخذ مبادئ العلم عن عمه، كما كان لخاله الشيخ محمد بن المهدي، الأثر البارز، في تكوين شخصيته العلمية، ولما كانت تمنطيط منارة العلم، قصدها، وتتلمذ على شيخها الجليل، الشيخ سيدي أحمد ديدي البكراوي رحمه الله، فغرف من بحر علومه، حتى أجازه ورضي عنه غاية الرضى، ليقوم بعدها برحلة روحية لتلمسان، بغية ملاقاة الشيخ بوفلجة بن عبدالرحمان، شيخ الطريقة الكرزازية، الذي أخذ عنه الأوراد، وكانت هذه الرحلة، مناسبة طيبة لمجالسة بعض علماء تلمسان، ومن ثمة سافر للمغرب، زار مسجد القرويين والمدرسة المصباحية بفاس، ليعود بعدها لأرض الوطن، ويستقر بمدينة (لعريشة) فترة معتبرة، للتعليم والتدريس والفتوى، ومن بعدها (المشرية) لمدة قصيرة.
خلال فترة الأربعينيات، وبطلب من والده عاد لمسقط رأسه، ولم يلبث كثيرا، حتى دعاه أعيان مدينة تيميمون، فقدّموا له الدعم اللوجستيكي، بغرض فتح مدرسة تعليمية لأبنائهم، والاستفادة من علمه الوفير، غير أن تضييق الاستعمار الفرنسي عليه، جعله يفضل العودة لمسقط رأسه مجددا، بحيث مكث مدة يعلّم بها، حتى استوت له الأيام، فدُعي مجددا من طرف بعض أعيان مدينة أدرار، ليفتتح بهذه الأخيرة، مدرسته العامرة الشهيرة سنة 1949، وبفضل إخلاصه للعلم ونشره بين طلبته، أصبحت مدرسته محجا وقبلة لطلبة العلم من داخل الوطن وخارجه، كما شهدت مدرسته افتتاح المعهد الإسلامي سنة 1964 زمن (التعليم الأصلي) بوزارة التعليم، ولعلّ من أبرز تلاميذه، نذكر على سبيل الذكر؛ من الأموات الشيخ الحاج عبدالقادر بكراوي، والشيخ مولاي التهامي غيتاوي، والشيخ الحاج عبدالكريم مخلوفي، والشيخ العالمي، رحمهم الله، ومن الأحياء الشيخ الحاج سالم بن إبراهيم، والشيخ الحاج الحسان الأنزجميري، والشيخ الحاج عبدالله عزيزي، والشيخ الحاج المغيلي الأنزجميري، والشيخ الحاج عبدالكريم الدباغي حفظهم الله، وغيرهم من الأحياء والأموات كثر، ممن لو أتينا على جردهم، لما اتسع لذكرهم هذا المقال في مساحته المحصورة.
الجدير بالذكر، أن شخصية الشيخ رحمه الله، تنقسم إلى عدة مستويات مهمة، أولها؛ العلمية، المتمثلة في التدريس ونشر العلم، ثانيها؛ الروحية، المتعلقة بالجانب الصوفي، ثالثها؛ الاجتماعية، الخاصة بالصلح الاجتماعي، ومساعدة المحتاجين وعابر السبيل، ومن الطبيعي أن تكون لهذه المستويات، انعكاسات حضارية، على الحضور الفاعل والوازن لهذه الشخصية الأيقونة.. نال شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة وهران، كما نال وسام الاستحقاق من فخامة رئيس الجمهورية سنة 1999. وقد ظل الشيخ على نهجه الواضح وخطه المستقيم، حتى وافته المنية سنة 2000، بحيث شهدت جنازته، حدثا غير مسبوق، نظرا للصدى العلمي والروحي والاجتماعي، الذي تركه الشيخ بين تلاميذه ومحبيه.
هكذا عاش الشيخ رحمه الله، وانغمست فينا محبته، وزرع بيننا تلاميذه، وبالتالي حاز مقام الشخصية الأدرارية الأبرز في العصر الحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.