إنّ الحديث عن المونودراما كعمل درامي لم يلق الكثير من الدراسات والإشارة إليه ،فهناك جهود دولية مثل جمعية الممثل الواحد العالمية ،والمهرجانات العالمية والعربية ،ومسابقات في المونودراما بالنص والعرض مما أعاد الحضور للمونودراما في الوقت الراهن، وهذا ما شهدته تونس بمهرجان قرطاج الدولي للمسرح المونودرامي في طبعته الأولى. و التي حلت فيه فلسطين كضيف شرف . مذكرات سيلفي للمسرحي المقدسي «أحمد أبو سلعوم». بما أن المونودراما تعتمد على المناجاة الذاتية والنفسية ،وهي وليدة اليأس الإنساني والتمزق النفسي والاجتماعي ،فكان عرض «مذكرات سيلفي «، قد أثار مسألة وجودية في حالة موت اللّاجئ الفلسطيني خارج وطنه،وحقّه بالعودة للوطن فلسطين. فموت فطيمة بالمنفى خلق مناجاة ذاتية للشخصية المسرحية الذي هو زوجها من اليأس الذي أصابه بعد وفاتها وأين سيتم دفنها.،فرفض أن تدفن حبيبته وزوجته في المنفى.،فتحدى أهلها وأهله بأن تدفن بأرضها فلسطين. فألقى هذا الصراع ضاربا قاسيا بالشخصية وألقى بها في صحراء مهلكة ،وصراعات داخلية ،فلم تجد الشخصية أمامها إلا أن تبوح بمكنوناتها وحزنها.،فاستحضرت حكايات قد مر عليها الزمن ،بشخصيات متنوعة ،فكانت شجرة الزيتون وزيتها حاضرة بالسرد والقصّة،ممّا أقنع المتلقي بحق عودة اللّاجئين للوطن فلسطين. سأموت في المنفى «للمسرحي غنام غنام » أثار العرض المونودرامي للفنان الفلسطيني «غنام غنام» «سأموت في المنفى «،سؤال الهوية والانتماء مما بعث في المتلقي ألام اللّجوء والموت بالمنفى مع أمل التمسك بالهوية، لأن العودة أصبحت شبه مستحيلة بنظر الشخصية. الفنان غنام كان زاده كرسي وشال فلسطيني دون أن يحتاج في ذلك إلى أي تقنيات أو مكملات للإضاءة أو الصوت. فخلق عرضا مونودراميا يتوسط جمهوره بكرسيه الذي يمثل حقيبة ذكرياته. فبداية من العنوان إلى صراعات الشخصية بين شواهد القبور التي نحت عليها اسم البلد الأصلي بمقبرة «سحاب «بشرق عمان: «صابر لم تستطع العودة إلى فلسطين ،وأخاف أن أعدك بأنني سأحمل رفاتك يوما ما إليها ،لأنني مثلك سوف أموت بعيدا عنها، مثلك سأموت في المنفى «. « من كفر عانا!! قلبت بصري ورحت أنظر للشواهد في المقبرة ،من العباسية ،من اللّدا، من رام الله ،من جنين ،من بيساتن ،من الطنطورة ،من بئر السبع،من أريجا............... ياالله!! فلسطين بمدنها وقراها توزعت على شواهد القبور في المقبرة،هؤلاء الذين لم يتمكنو من العودة إليها ،حملوها معهم على شواهد قبورهم...... « فلولا هذا اللجوء كانت الشخصية بإمكانها ممارسة حياتها كأي إنسان عادي ،يعيش ويحب ويحيا ويموت ببلده بدون وضع اسم اللاجئ على شاهد قبره ،فكانت المأساة بأنه سيموت بالمنفى ،مما زادها التمسك بالحلم والأمل بالتأكيد على رسالة حق العودة بنقل الرفات يوما ما ،وإلا ما معنى نحت اسم البلد الأصلي على شواهد القبور.