من ضرورات مسرح الطفل أن يكون ثمة صراع يتمّ توظيفه بشكل مدروس ومتوازن يقنع الطفل ويجعله يصدّق ما يجري أمامه، وأن تكون ثمة أسباب مقنعة واضحة للأطفال بتضحيات الأبطال.ويجب بذل جهود كافية ومقنعة في سبيل انتصار الخير على الشر، ولا يمنع أن تكون في بعض الأحيان غير واقعية، لكن يجب أن يشاهدها الطفل حتى يعرف المقاييس الصحيحة التي يؤمن بها ويعتبرها قدوةً له في سبيل الدفاع عنها. ويُفترض أن تكون شخصيات مسرح الطفل واضحة المعالم وذات مظاهر محبّبة وجاذبة، متمتّعةً بالصدق والجرأة والذكاء والشجاعة وسرعة البديهة، وكلما ازداد نشاط الشخصيات داخل العرض، كلما ازداد تفاعل الأطفال. أيضاً، يجب أن يكون الحوار مبنياً على الذكاء وبعض النكات الطريفة، والقليل من السخرية، إضافة إلى بعض الأغاني الموظفة من أجل إيصال فكرة العرض، كما يعتبر الديكور جزءاً أساسياً في مسرح الطفل، فهو عنصر يساعد الأطفال على التعرّف إلى المكان والزمان اللذين تجري فيهما الأحداث. جميع هذه العناصر يجب أن تتلاحم بشكل مدروس وسليم من أجل إنجاح مسرح الطفل، وبالتالي إنجاح بناء شخصية الطفل. ومن هنا، فمن الضروري أن نشجع الأطفال على توليد فرجات، وبناء شخصيات، ورفع الطاقات فنيا وجماليا. المقياس الأوحد يقول (ستانيسلافسكي): «من الضروري أن نمثّل للأطفال كما هو ضروري أن نمثّل للكبار، لكن تمثيلنا للأطفال ينبغي أن يكون أفضل». أظن أنّ المقياس الحقيقي لنجاعة أي عمل مسرحي هو الطفل، فهو الوحيد الذي يعبّر عن مشاعره بكل عفوية، وعليه لا بدّ من تفنّن الممثل والمخرج والكاتب والفريق الفني عامة في إيصال المعلومة للطفل بكل دقة، فالإحساس الصادق يستقبله الطفل دون الحاجة إلى التصنّع. وفي كثير من الأحيان، تجد الطفل غير مبالٍ بالعرض المسرحي، لأنه بكل بساطة لم يجد فيه ما يشدّ انتباهه ويجذب أفكاره، وهذا هو الدافع عندنا للعروض المقدمة التي أصبحت عملاً تنشيطياً أكثر منه إبداعيا، بفعل عدم مراعاة ما تقدّم من أدوات أساسية لنجاح أي عمل. غياب رؤية المتتبع للحركية المسرحية الموجهة للطفل خاصة، يُدرك عدم وجود رؤية واضحة، بل يدرك أيضا أنّ الطفل أصبح أداةً فعالة لتمرير أفكار غريبة عن عالمه بل وأصبح حقلاً للتجارب والصراعات الإيديولوجية والمذهبية التي هو بمنأى عنها. وعليه، فمن الواجب، تحويل الكتابة المسرحية للطفل إلى تخصصٍ قائم بذاته، فليس كل من هبّ ودبّ يعمل مع مسرح الطفل، وعلى الدولة مراقبة هذه الأعمال التي يمكنها أن تخرّب عقول أجيال قادمة، وهذا يقتضي إعطاء الأهمية اللازمة لمسرح الطفل مثلما تعطى لمسرح الكبار وتخصيص ميزانيات لتلك الأعمال لا تقلّ عن عروض الكبار، بل أعتقد أنها تكون أكثر بكثير مما يقدّم لمسرح الكبار. ولعل إنفاق أموال في بناء قاعدة صلبة متينة، يجعلنا نصنع حصنا منيعا لأنفسنا بالدرجة الأولى ولأطفالنا والأجيال القادمة، ونعمل على بناء مجتمع سليم معافى في جزائرنا الحبيبة.