تعتمد النظم الديمقراطية على الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية كقاعدة أساسية لنظام الحكم لمنع الاستباد وقد تطلب ذلك وقتا طويلا وصراعا شديدا في الدول السباقة الى الديمقراطية مثل فرنساوانجلترا وادى الى اندلاع الثورات في اوربا وامريكا للحد من صلاحيات الحكام الموروثة عن القرون الوسطى حيث كانت كل السلطات والقرارات مركزة في يد شخص واحد الامير او الملك. وكانت انجلترا سباقة الى الديمقراطية عقب الثورة التي قادها نواب البرلمان بالتحالف مع وليام الثالث الحاكم الاعلى لجمهورية هولندا عام 1688وتم عزل الملك جيمس الثالث واصدر البرلمان قانون الحقوق سنة 1689 كأول دستور ينص على الحقوق وحرية الرأي والتعبير في داخل البرلمان وهو الذي ألهم المفكر الفرنسي مونتسكيو (1689.1755 ) صاحب كتاب روح القوانين الذي تحدث بشكل واضح عن مبدأ فصل السلطات وأكد أن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية يجب ان لا تجتمع في نفس الايدي ودعا الى المشاركة في السيادة بين تلك السلطات وكذلك مشاركة القوى الاجتماعية الثلاث الملك والشعب والارستقراطية في تطابق بين افكاره السياسية والدستورية. ثم جاءت الثورة الامريكية المتأثرة با فكار جون لوك الانجليزي وادت الى اعلان استقلال الولاياتالمتحدة عن بريطانيا العظمى واصدار دستور يتحدث عن الحرية وحقوق الانسان في هذا البلد وانشاء نظام اتحادي ولكن التأثير الكبير كان للثورة الفرنسية سنة 1789 التي اطاحت بالملك لويس السادس عشر والتي كان لها تأثير كبير في أوربا باعلان حقوق الانسان الذي كرس مبدأ المساواة في مادته الاولى التي جاء فيها (يولد الناس ويظلون أحرارا ومتساوين في حقوقهم) والذي يذكرنا بمقولة الخليفة عمر بن الخطاب (ض) السابقة له ((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟)), والناس سواسية كأسنان المشط كما جاء في الحديث النبوي الشريف فقد تطورت اوربا بداية من القرن السادس عشر بازدهار التجارة وظهور الثورة الصناعية وعصر الانوار الذي وظهور كتاب ومفكرين كبارا اثروا بافكارهم في الشعوب الاوربية وامريكا فهبت تطالب بحقوقها وحريتها واجبرت الحكام على التنازل على كثير من صلاحياتهم التي كانوا يتمتعون بها في ظل الحكم المطلق وتم اصدار دساتير وقوانين تحدد الصلاحيات وتفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. فالسلطة التنفيذية اهم جزء في الحكومة ورئيسها هو رئيس الدولة ورمز وحدتها وسلطتها وتتولى اهم المسؤوليات كالدفاع والامن وفرض القانون والادارة وتسيير الشؤون العامة. اما السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس النواب فهي تعبر عن الارادة الشعبية واصدار القوانين وتعديلها او الغائها ومراقبة ميزانية الدولة وعمل الحكومة ونزع الثقة منها عند الضرورة وحتى محاكمة الرئيس كما هو الحال في الولاياتالمتحدةالامريكية بينما تقوم السلطة القضائية بتطبيق القانون واصدار الاحكام في القضايا المختلفة لذا يجب ان تتمتع بقدر كبير من الاستقلالية عن الهيئة التنفيذية. إن التأكيد على فصل السلطات في دساتير الدول الحديثة والحرص على تطبيقه يهدف الى المحافظة على الديمقراطية وسيادة القانون حيث تقوم كل سلطة بعملها دون ضغط أو إكراه أو تدخل من جهات أخرى فتعمل كل هيئة في إطار اختصاصها ولا مجال للتجاوزات أو خرق القانون واستعمال النفوذ والفساد المالي والسياسي وتزوير الانتخابات كما يحدث عادة في الدول غير الديمقراطية.