الحكومة تدرس الخريطة الاجتماعية والتحول الرقمي وتعزيز متابعة المشاريع الكبرى    نفطال تضمن وفرة المواد البترولية عبر كامل التراب الوطني خلال عطلة رأس السنة 2026    اقتصاد المعرفة صار حقيقة بالجامعة الجزائرية    الرئيس تبّون: الجزائر.. بخطى ثابتة    ناصري يستقبل وفدا من أبناء الجالية    ركّاش يؤكّد أهمية تنسيق الجهود لتشجيع ودعم الاستثمار المنتج    اليمن تتحوّل إلى ساحة حرب إقليمية    صهاينة يدنّسون الأقصى    صراعات ممتدة وجغرافيا سياسية متغيّرة    ماجر يُثني على محرز    الخضر يطمحون لتحقيق الفوز الثالث    للحفاظ على السلسلة الايجابية    نسبة تقدّم معتبرة للمشاريع بالعاصمة    حملات إلكترونية تناهض الاحتفال بالسنة الميلادية    ضرورة التوعية المستمرة لفلذّات أكبادنا    زغيدي: القانون يُعزّز حماية الذاكرة الوطنية    بن دودة تشرف على تنصيب اللجنة الوطنية    هذه مضامين الدعاء في السنة النبوية    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات    وفاة 37 شخصا وإصابة 1294 آخرين    القبض على مبحوث عنه محكوم عليه بالسجن المؤبد    على المجتمع الدولي في مواجهة بؤر التوتر ومنع اتساعها    "باس بلو" الأمريكية تتوج السفير عمار بن جامع "دبلوماسي سنة 2025"    (يونيسيف): الأطفال "يدفعون الثمن الأكبر رغم أنهم أبرياء"    الجزائر ممون موثوق برؤية استشرافية للطاقات المتجددة    قطاع التضامن الوطني.. حصيلة ترفع الرأس    عصرنة الفلاحة والأمن الغذائي على الأبواب    2025 سنة تثبيت الخيارات السيادية ودعم الترسانة التشريعية    قرارات جريئة ومكاسب غير مسبوقة    مشاريع وبرامج عزّزت مكانة العاصمة في 2025    التزامات تتجسد    عودة "الخضر" إلى المونديال وتألق الرياضات الجماعية والفردية    صون التراث المادي وغير المادي والسينما بحضور خاص    رئيس الجمهورية: الجزائر تدخل مرحلة اقتصادية حاسمة بديناميكية استثمارية غير مسبوقة    جاحد وحسود من لا يعترف بالإنجازات    مباراة ثأرية بأهداف فنية لبيتكوفيتش    المنتخب الوطني قادر على بلوغ النهائي    تنصيب فوج عمل متعدّد القطاعات    إعلان تخفيضات على تذاكر الرحلات لشهر رمضان    الذهب يتراجع والفضة تسجل مستوى قياسي    المشروع يؤسس لتجربة غير مسبوقة في الممارسة الديمقراطية    الإعلان عن الشروع في إنتاج أقلام الأنسولين من الجيل الجديد    11 عرضا من 10 دول في المنافسة    تحذيرات من محاولات التغلغل الصهيوني داخل جامعات المغرب    "القسام" تعلن استشهاد أبو عبيدة    اكتشاف قراء جدد ومواهب متميزة    انطلاق إنتاج أقلام الأنسولين من الجيل الجديد ببوفاريك في خطوة نوعية لتعزيز الأمن الصحي الوطني    المذكرات الورقية تنسحب من يوميات الأفراد    ملتقى وطني للأدب الشعبي الجزائري بالجلفة    الاستعمال العقلاني للمضادات الحيوية أولوية وطنية في إطار الأمن الصحي    "الخضر" بالعلامة الكاملة في الدو الثمن النهائي    البليدة : افتتاح المهرجان الثامن لموسيقى وأغنية العروبي    تمديد مدة المرحلة الثانية للتلقيح ضد شلل الأطفال    معنى اسم الله "الفتاح"    .. قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا    الرابطة الأولى موبيليس : الكشف عن برنامج الجولة ال14    التقوى وحسن الخلق بينهما رباط وثيق    الجزائر ماضية في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجاهدة سعدية مولاي تتذكر تفاصيل خياطة الأعلام التي رُفعت في وجه ديغول
نشر في الجمهورية يوم 09 - 12 - 2018

لم يكن صعبا على مولاي سعدية التي تجاوز سنها العقد السابع أن تسترجع ذاكرتها الخصبة وتسرد لنا أجمل لحظات حياتها عندما قامت بخياطة 5 أعلام جزائرية بأناملها غيرت بها مجرى زيارة رسمية لرئيس رابع أقوى دولة في العالم إلى عين تموشنت سنة 1960. طرقت *الجمهورية * باب منزل *سعدية مولاي* الواقع* بحي كاسطور* بعين تموشنت التي رحبت بنا وأخذت دون أن نوجه لها أي سؤال تسرد قصتها مع الرايات الوطنية التي جرت في ظروف صعبة حيث اتصل بها المدعو بن دهمة ميلود وهو فدائي بمدينة عين تموشنت وطلب منها هذه المهمة و سألها إن كانت مستعدة لها بدون خوف وكان عمرها آنذاك لم يتجاوز 16 سنة و كان لم يبق على زيارة ديغول للمنطقة سوى بضعة أيام فرحبت سعدية بالمهمة دون تردد حيث كانت تمتاز بشجاعة خارقة كيف لا وقد كان أخوها حسين مولاي الأكبر منها سنا فدائيا هو الآخر وهو الذي أعلم النظام أن أخته الصغرى بأنها ماهرة في الخياطة ولا تخاف كما أن والدته كانت هي الأخرى خياطة .
* أسندت إليها مهمة خياطة الأعلام في سرية
قبلت سعدية المهمة وراحت تبحث عن القماش فاشترت ما يلزمها من قماش في اللونين الأبيض و الأخضر إلا أن اللون الأحمر لم يكن متوفرا فراحت تبحث عنه في جميع المحلات التي كانت تُسير من قبل المعمرين آنذاك وكانت كلما سألت واحدا منهم عن القماش بلون أحمر يتعجب ويسألها ما حاجتك به فترد دون تردد بأنها بصدد خياطة فستان أحمر ولم يكفها القماش حيث أن المستعمر في تلك الفترة كان يترصد أي حركة أو عمل نضالي منها خياطة الرايات الوطنية و قد تعمد أصحاب المحلات من المعمرين إحداث ندرة في اللون الأحمر. مرت أيام ولم تجد سعدية القماش الأحمر وكان سي الميلود في تواصل معها وكان في كل مرة يزورها تؤكد له تعذر وجود القماش الأحمر وعندما تيقنت أنه لا وجود لهذا اللون في الأسواق خطرت لها فكرة و قالت لسي الميلود أن بإمكانها تدبر الأمر و قامت بتعويض القماش الأحمر بالخيط الأحمر و قامت بطرز الهلال والنجمة بطريقة فنية رائعة ظهر فيها العلم الجزائري بشكل جميل جدا .
*طرزت الهلال و النجمة بالخيط لغياب القماش الأحمر بكل المحلات

بقيت سعدية تخيط في الرايات الوطنية الخمسة لمدة يومين متتاليتين فقد كانت تخيط ليلا و نهارا من أجل أن تكون في الموعد وكانت تسكن رفقة والدتها وأخوها المجاهد *سي الحوسين * بالطابق السفلي لعمارة كان سكانها كلهم معمرين حيث كان أخوها يعمل بشركة فرنسية و يأخذ أجرة شهرية وبالتالي كان له الحق في السكن بحي سيدي سعيد.
*تخطيط مسبق للأحداث و رفع الأعلام
انتهت سعدية من خياطة الأعلام الخمسة وطرزها وقامت بتسليمها لسي الميلود الذي بقي يتواصل معها طيلة مدة المهمة إلى غاية أن أخذها وقام بتوزيعها على الأبطال الفدائيين حيث كان مقررا أن يُعلق واحد بالبريد وآخر بالسوق المغطى وآخر بمقر الدرك و علم لأخيها من أجل أن يرفعه بساحة البلدية آنذاك و تسمى ساحة 9 ديسمبر حاليا .جاء اليوم الموعود وسمع كل من في عين تموشنت بمجيء رئيس فرنسا ديغول وكانت سعدية من الفتيات اللواتي حالفهن الحظ و حضرت الحدث و رأت الأعلام التي أخاطتها ترفرف عاليا حيث كانت مثلها مثل باقي الفتيات ترتدي *الحايك*
*امرأة تخطف العلم المخبأ تحت قميص أحد الفدائيين و تشهره في وجه ديغول
في هذه الأوقات كان أخو سعدية من ضمن الشباب الذين كانوا يهتفون بالاستقلال وكان العلم مطويا و مخبأ تحت قميصه وكان يرفع ذراعيه إلى السماء و يهتف تحيا الجزائر محاولا أن يجد الوقت المناسب والمكان المناسب ليشهر علم سعدية أمام الملأ و قد كان المكان يغص بالدرك و البوليس وما هي إلا لحظات وقامت إحدى السيدات التي كانت في قمة غضبها من التواجد الفرنسي و هي تهتف تحيا الجزائر نزعت العلم من تحت قميص *الحوسين* لما رأت جزءا منه يظهر من أسفل بطنه ورفعته في وجه *ديغول*
*هتافات *تحيا الجزائر* أربكت الفرنسيين
وهنا انقلب كل شيء بعين تموشنت وبالضبط بساحة البلدية ليُخرج بعدها باقي الفدائيين الأحرار الأعلام المخبأة و حينها كثرت الهتافات التي أربكت المستعمر حيث اختلط الحابل بالنابل ولم يستطع لا الأمن العسكرى الفرنسي ولا المدني أن يوقف غضب الشعب وامتدت المظاهرات إلى أن شملت كل شوارع وأحياء مدينة عين تموشنت.
* توقيفات و تعذيب المخططين للأحداث
تحقيقات العدو الفرنسي المعمقة أفضت إلى إلقاء القبض على الفدائيين الذين خططوا لأحداث 9 ديسمبر من بينهم سي مولاي الحوسين الذي كان عمره لا يتجاوز 21 سنة فزج به رفقة آخرين بالسجن بالمكتب الثاني بمدينة عين تموشنت وهنا ذاق رفقة زملائه في النضال كل أنواع التعذيب حيث طلب منه الجلادون أن يقّر بإسم المرأة التي قامت بخياطة الأعلام الخمسة وتحت التعذيب المستمر قال لهم بأنه هو من قام بخياطة هذه الأعلام .و تكفلت به سعدية و هو في السجن و كانت تزوده بالأكل واللباس كونها كانت فصيحة اللسان باللغة الفرنسية وجميلة جدا و نشيطة و تجيد التعامل مع الناس .
*أعلام سعدية غيرت مجرى زيارة ديغول و بقيت في الظل
كان يسمح لها بزيارة أخيها والتحدث إليه وكان كلما رآها يسألها بلغة الرموز عن أحوالها وإن كانت قد استجوبت من قبل المستعمر فكانت ترد عليه بالنفي. وبالرغم من التغيير الذي قامت به سعدية بخياطتها الأعلام الخمسة إلا أن هذه الشجاعة بقيت مخبأة لا يعلمها إلا الشهداء الذين استشهدوا من أبناء المنطقة و هي مقتنعة بالعيش الكريم تحت راية الاستقلال التي تفننت في صنعها ذات يوم 9 ديسمبر . وهي اليوم تعيش رفقة أبنائها الثمانية في سعادة تتذكر فيها أيام مجدها وشجاعتها وقد بقيت حرفية تخيط الملابس وتقدم العون لعائلتها بعد الاستقلال ولم يتم تكريمها من أي جهة تذكر على عملها الشجاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.