التجربة الديمقراطية في بلادنا التي جاءت بعد أحداث الخامس أكتوبر 1988كانت متسرعة وغير ناضجة سياسيا وفكريا حسب الخبراء حيث فتحت الدولة الباب واسعا أمام كل من يريد إنشاء حزب سياسي فكثرت الاسماء والشعارات والوجوه الى درجة الاختلاط وعدم التفريق بين الغث والسليم وصار من الصعب التعرف على كل الاحزاب السياسية لعدم وجود قائمة تحويها كاملة فالقوائم المنشورة على صفحات ومواقع الانترنت تحصي 39 حزبا سياسيا والجرائد الوطنية تتحدث عن 60 حزبا وفي الانتخابات التشريعية الاخيرة ( 2017) ذكرت قوائم57 حزبا سياسيا شارك فيها وإذا كنا نجهل اسماء هذه الاحزاب وعددها والاشخاص الذين يشرفون عليها فكيف يتيسر لنا الحديث عن برامجها وتقييم آدائها ؟ فالحزب كهيئة سياسية لها عنوان ومقر ومسؤول وبرنامج وجريدة أو نشرية تنشر فيها أفكارها وآراءها وكل المعلومات المتعلقة بالحزب ونشاط أعضائه وهذا ما تفتقد إليه أغلب الأحزاب عندنا المسماة إعلاميا بالصغيرة فلا يوجد لديها مقرات عبر الولايات والبلديات ولا جرائد ولا صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي ولا تقوم بطبع برامجها وتوزيعها أو حتى نشر ملخصات عنها في الجرائد مما جعل بعض وسائل الإعلام تنفي وجود برامج لدى هذه الأحزاب التي لا تنشط الا عندما تشم رائحة الانتخابات فتنهض مسرعة لتنال حظها من الوليمة فتقوم بتزكية قوائم لاشخاص لا تعرف عنهم شيئا وتكثر التصريحات والوعود التي تنتهي مع الإعلان عن الفائزين لتركن الى النوم والصمت الرهيب. ان ما ينشر في وسائل الاعلام خلال الحملات الانتخابية كبرنامج عمل مجرد دعاية حزبية ويكاد يجمع بين كل الأحزاب كالاهتمام بتوفير السكن والماء والكهرباء الغاز الطبيعي والطرق وهو ماتقوم به الدولة طبعا والنهوض بقطاع الفلاحة والصناعة وتشجيع الاستثمار الوطني والاجنبي والسياحة والصناعة التقليدية وتحسين التعليم والتكوين وتوفير مناصب الشغل للشباب ومكافحة الآفات الاجتماعية كالمخدرات وقد تضاف اليها قريبا الحرٍڤة والفساد من تهريب ورشوة. فالبرامج السياسية ليست مبنية على دراسات علمية عميقة تحت أشراف خبراء في مختلف التخصصات كالاقتصاد والتسيير والصناعة والزراعة والصحة والبيئة تشخص المشاكل والصعوبات وتقترح الحلول المجدية وانما هي مجرد تعبير كتابي أي أفكار وآراء واقتراحات تدون وتلقى في المناسبات.