يمر الاقتصاد الوطني بمرحلة خاصة على خلفية الحراك الوطني ، و الحرب المعلنة على الفساد حيث تأثرت المؤسسات الاقتصادية كثيرا في ظل سلسلة الاعتقالات التي طالت عدد من الإطارات و مسيري المؤسسات الاقتصادية لتورطهم في تهم الفساد و تبديد الأموال العمومية،و إبرام صفقات غير قانونية إضافة إلى توقيف مدراء قطاعات هامة ذات صلة بالاقتصاد و منها الجمارك،و على ضوء هذه الحركية التي يشهدها القطاع الاقتصادي تبرز في الأفق مخاوف من أزمة اقتصادية،و تأثر فئة من العمال التابعين للقطاع الخاص بتداعيات و إفرازات الحرب على الفساد بعدما زج برجال الأعمال الكبار المالكين للشركات الكبرى في السجن هذا من جهة،و من جهة ثانية فان مستجدات المشهد السياسي و نعني هنا حالة الانسداد القائمة قد ألقت بظلالها الثقيلة على الاقتصاد الذي هو في المقام الأول بحاجة إلى الاستقرار ليقلع باتجاه النمو و لن يتحقق هذا إلا من خلال الخروج بحل للازمة الراهنة و العبور بسلام إلى مرحلة الانتخابات الرئاسية ،و الابتعاد عن دائرة الترقب و الانتظار ،و عودة المياه إلى مجاريها تحسبا لانطلاقة جديدة للاقتصاد. إن النمو الاقتصادي في كل بلد يتطلب الاستقرار و الوضوح في الرؤية،و ما تعيشه بلادنا من حملة شاملة للتطهير،و الإطاحة برؤوس الفساد يعتبر ظرفا استثنائيا يقلل من وتيرة هذا النمو ،فضلا عن الغليان الذي تعيشه الجبهة الاجتماعية ،فالجزائر اليوم هي دولة بدون رئيس جمهورية ،تسير أمورها حكومة تصريف أعمال يرفضها الشعب ،و قطاع عدالة فتح ملفات الفساد الكبرى إلى ما لانهاية ،و حراك شعبي ينتظر التوصل إلى حلول لأزمة سياسية تقترب من شهرها السادس ، امتدت تأثيراتها إلى القطاعات الأخرى و على رأسها الاقتصاد ، و في ظل هذا الوضع الاستثنائي يبقى الإقلاع الحقيقي للنمو الاقتصادي الجزائري رهينة الانسداد السياسي الحالي ،و لن ينطلق إلا بالخروج من هذه الأزمة .