يضع القانون العضوي للانتخابات المعروض على الطبقة السياسية للنقاش في انتظار عرضه على البرلمان حدّا للعُهد البرلمانية المفتوحة و التي كانت سائدة منذ زمن في الجزائر معطية لبعض منتخبي الأمّة فرصة التعمير في البرلمان. ممارسة الحياة التشريعية وفقا للقانون و التنوّع السياسي كان قد نص عليها الدستور المعدّل المصادق عليه في نوفمبر الماضي و بالتالي القانون العضوي للانتخابات يأتي لتطبيق أحكام الدستور التي نصّت على تحديد العُهد البرلمانية بعهدتين ، فكل راغب في الترشح يترشح لمرتين لا أكثر.. و عليه فإنّ تحديد العهد من شأنه أن يعطي دفعا حقيقيا للبناء الديمقراطي لمؤسسات الدولة الممثلة الوحيدة و الشرعية للشعب خاصة تلك المنتخبة سواء على الصعيد المحلي أو الوطني . هذا الإجراء الذي تضمنته بنود الدستور و جاء القانون العضوي ليشرحه و يبيّنه من شأنه أيضا أن يضفي شفافية كبيرة على الممارسة السياسية و أيضا النيابية في البلاد، فالمنتخبون صوت الشعب لدى السلطة و وجب الاستماع إلى انشغالاتهم. و يذهب بعض المحللين إلى القول بأنّ تحديد العهد الانتخابية باثنتين فقط من شأنه ضمان عوامل أخرى استرجاع ثقة الشعب و عدوله عن الإحجام عن الانتخابات، حيث أبانت الاستحقاقات السابقة المشاركة الضئيلة للناخبين الجزائريين في الاقتراع. و يضاف إلى ذلك بأنّ هذا التحديد من شأنه إضفاء الديناميكية على الحياة النيابية و يخرجها من نمطية المشهد المتكرر حيث تسيطر وجوه معيّنة على المجالس المنتخبة و أكثر من ذلك يتحوّل البرلمان و البلديات و المجالس الولائية إلى مشهد يسيطر عليه أصحاب المال ، الذين يجدون في اجتياز الانتخابات طريقهم إلى الثراء و الحصول على الصفقات من خلال شراء الذمم و إقحام المال الفاسد في مفاصل الدولة و التسرّب أيضا إلى إرشاء بعض الإدارات . ناهيك عن الاستغلال المفرط للحصانة البرلمانية فالحصانة في القانون الجديد لن يدخل فيها ارتكاب أفعال مجرّمة من طرف القانون و تتخذ ضد المرتكبين إجراءتٌ قانونية بعد إشعار البرلمان بذلك . بالإضافة إلى ضرورة التمييز الجاد في الاستفادة من الحصانة بين أعمال مرتبطة بممارسة النيابة و تلك الخارجة عنها. و عليه فأنّ كل من الدستور المعدّل المصادق عليه و القانون العضوي للانتخابات من شأنهما إعادة الهيبة و المصداقية لكل المجالس الشعبية المنتخبة و بالتالي تعزيز الرقابة البرلمانية على التخطيط و الأداء الحكوميين على حدّ سواء. و بالتالي فإنّ التحديد بعهدتين لا ثالثة لهما قد يسري على الانتخابات التشريعية المقبلة تطبيقا للقانون، دون محاولات « تشغيل « الملف لاعتبارات سياسية من طرف الأحزاب أو مرشحين أحرار...