تعتبر قضية ترشيد استهلاك المياه تفاديا للوقوع في أزمة العطش في فصل الصيف، من أهم القضايا التي تشغل الجميع كمواطنين و كدولة قائمة بكيانها ، نظرا لأهميتها الكبيرة في تحقيق التوازن بين الموارد والاحتياجات بما يكفل إشباع هذه الأخيرة على النحو المطلوب دون إفراط أو تفريط، فقضية المياه تعد عاملاً أساسياً في التعمير والبناء والنماء والاستمرار والبقاء على وجه المعمورة . وتندرج الجزائر ضمن الدول التي تعاني من ندرة موارد المياه العذبة، بسبب ظروفها المناخية و اعتمادها على مياه الأمطار والمياه الجوفية ، لذا وجب ترشيد استهلاك هذه المادة الحيوية التي قال الله تعالى عنها في سورة الأنبياء: "وخلقنا من الماء كل شيء حيّ "، لقد جعل الله سبحانه و تعالي الحياة مرتبطة كليا بالماء، فجسم الانسان يتكون من 70 % من هذه المادة الحيوية ولا يستطيع العيش بدونها، و نفس الشيء ينطبق على الحيوان و النبات. وتُعدُّ مشكلة تسرّب المياه داخل المنازل أحد أهم أسباب هدرها ، لذلك يتوجب على الفرد إصلاحها بأسرع وقت، ويتمّ ذلك بتفقّد صنابير المياه والصمامات وإصلاح التالف منها خاصة و أن العديد من المنازل تستهلك الكثير منها دون وعي، دون دراية بأهميتها ، لذا علينا كمجتمع واعي أن يشارك في عملية ترشيد استهلاك المياه من خلال ثقافتنا وتربيتنا الدينية التي تحث على التوازن في الحياة، فعلى سبيل المثال نجد أن النشاطات المنزلية تستهلك الماء بشكل أساسي خاصة في المطبخ لذا من الضروري فتح صنبور المياه عند الحاجة إليه فقط، وعدم تركه مفتوحا بعد الانتهاء منه، والتأكد من إغلاقه جيداً حتى لا يحدث أي تسريب في الماء وتركيب القطع المساعدة في توفير استهلاكه وإصلاح الصنابير والمواسير في حال تعطلها ، والحرص على القيام بصيانة دورية لأدوات السباكة ، وعدم رش مياه الشرب في الشارع، إذ يقبل الكثيرون على هذه العادة في فصل الصيف. أما فيما يخص قطاع الصناعة أو الفلاحة فيمكن الاستعانة باستخدام الأساليب الحديثة لتجنب فقد الكثير من المياه، وضرورة معالجة مياه الصرف الصحي لتصبح صالحة لعمليات الري والاستخدامات الصناعية. إن التوعية، تُعد عاملا مهما في هذه القضية الحيوية، إذ يقع على عاتق وسائل الإعلام المختلفة مهمة التوعية بأهمية المياه وعدم تلويثها وترشيد استهلاكها و مساهمة المجتمع المدني في ذلك من خلال حملات تحسيسية لترشيد استهلاك المياه، وعلى الجهات المختصة أن تقوم باستخدام تقنيات حديثة للتقليل من تسرب المياه من شبكة الأنابيب في المدن، وبرمجة نظم مياه الري بالرش أو بالتنقيط، واستخدام المياه المتوسطة والعالية الملوحة في زراعة النباتات التي تتحملها، وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعي والمياه المعالجة لأغراض الري، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي في القطاعات التجارية والصناعية ، كما أن الكثير من مناطق الوطن نحتاج لبناء السدود وخزانات جديدة تساعد في تجميع المياه وتخزينها لاستخدمها لاحقا، خصوصا في فصل الصيف.