مسيرة حاشدة بمدينة "بلباو" شمال إسبانيا تضامنا مع الشعب الصحراوي    المرصد المرصد الأورو متوسطي : تحذير من فرض "نكبة" جديدة ونشر المجاعة في غزة    نادي الأهلي السعودي : رياض محرز يقترب من رقم قياسي تاريخي    قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 18 فلسطينيا من الضفة الغربية بينهم أطفال    القطب العلمي والتكنولوجي سيدي عبد الله: رئيس الجمهورية يشرف على مراسم الاحتفال باليوم الوطني للطالب    الذكرى ال68 ليوم الطالب: دور محوري للشباب الجزائري المثقف في مسار النضال التحرري    اليوم الوطني للطالب: إقامة عدة نشاطات بغرب البلاد    اختتام الطبعة ال9 للمهرجان الوطني لإبداعات المرأة    عرفت بخصوصية الموروث الثقافي المحلي..أهم محطات شهر التراث الثقافي بعاصمة التيطري    عبد الوهاب بن منصور : الكتابة علاج تقاسم للتجربة الشخصية مع الآخرين    عرفت بخصوصية الموروث الثقافي المحلي.. أهم محطات شهر التراث الثقافي بعاصمة التيطري    الثلاثي "سان جيرمان" من فرنسا و"أوركسترا الغرفة سيمون بوليفار" الفنزويلية يبدعان في ثالث أيام المهرجان الثقافي الدولي ال13 للموسيقى السيمفونية    طواف الجزائر للدراجات: الجزائريون في مهمة استعادة القميص الأصفر بمناسبة المرحلة الثامنة بمسلك سكيكدة-قسنطينة    بن قرينة يرافع من أجل تعزيز المرجعية الفكرية والدينية و الموروث الثقافي    ربيقة يشرف بالبويرة على فعاليات إحياء الذكرى ال 67 لتدمير الجيش الاستعماري لقرية إيغزر إيوقورن    الفريق أول السعيد شنقريحة في زيارة عمل إلى الناحية العسكرية الأولى    مشروع "فينيكس بيوتك" لتحويل التمر يكتسي أهمية بالغة للاقتصاد الوطني    نقل بحري : ضرورة إعادة تنظيم شاملة لمنظومة تسيير الموانئ بهدف تحسين مردودها    الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية يجتمع بباريس مع رؤساء المراكز القنصلية    الأمين الوطني الأول لجبهة القوى الإشتراكية من تيزي وزو: يجب الوقوف ضد كل من يريد ضرب استقرار الوطن    رئيس الجمهورية يهنّئ فريق مولودية الجزائر    ينطلق اليوم تحت شعار ''معلومة دقيقة.. تنمية مستدامة'': الإحصاء العام للفلاحة أساس رسم السياسة القطاعية    بمشاركة مستشفى قسنطينة: إطلاق أكبر قافلة طبية لفائدة مرضى بين الويدان بسكيكدة    تزامنا وبداية ارتفاع درجات الحرارة بالوادي: التأكيد على التخلص من النفايات للوقاية من التسمم العقربي    ميلة: استلام 5 مشاريع لمكافحة حرائق الغابات قريبا    سيساهم في تنويع مصادر تمويل السكن والبناء: البنك الوطني للإسكان يدخل حيز الخدمة    إضافة إلى فضاء لموزعات النقود: 9 عمليات لإنجاز وتأهيل مراكز بريدية بتبسة    بتاريخ 26 و27 مايو: الجزائر تحتضن أشغال المؤتمر 36 للاتحاد البرلماني العربي    وزير الشؤون الدينية من بومرداس: المساجد والمدارس القرآنية خزان روحي لنبذ التطرف    بلقاسم ساحلي يؤكد: يجب تحسيس المواطنين بضرورة المشاركة في الانتخابات    ميدالية ذهبية للجزائرية نسيمة صايفي    الاتحاد الإفريقي يتبنى مقترحات الجزائر    رمز الأناقة والهوية ونضال المرأة الجزائرية    تسليم شهادات تكوين وتأهيل وتكريم باحثين    رتب جديدة في قطاع الشؤون الدينية    المولودية تُتوّج.. وصراع البقاء يتواصل    اتفاقية شراكة بين الجزائر وبلجيكا    مراتب جديدة للأئمة أصحاب الشهادات العليا    كارثة حقيقية تهدّد رفح    الجزائر عازمة على أن تصبح مموّنا رئيسيا للهيدروجين    تأمين خاص يغطي مخاطر الكوارث الفلاحية قريبا    هذا موعد أول رحلة للبقاع المقدسة    صادي و"الفاف" يهنّئان المولودية بعد التتويج    المطالبة بتحيين القوانين لتنظيم مهنة الكاتب العمومي    مباراة متكافئة ومركز الوصافة لايزال في المزاد    استعراض العلاقات التاريخية بين الجزائر وصربيا    ليلة بيضاء في العاصمة وزملاء بلايلي يحتفلون مع الأنصار    إعادة افتتاح قاعة ما قبل التاريخ بعد التهيئة    النيران تلتهم مسكنا بتمالوس    610 تعدٍّ على شبكات الكهرباء والغاز    الدرك يطيح ببارون مهلوسات    الحجاج مدعوون للإسرع بحجز تذاكرهم    مهنة الصيدلي محور مشروع مرسوم تنفيذي    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجدة القلب النابض للثورة الجزائرية ولمصر الدور الريادي‮ إعلاميا في‮ دعمها
نشر في الجمهورية يوم 11 - 03 - 2012

قبل كل هذا أو ذاك ومن لا‮ يعرف وجدة،‮ فهي‮ مدينة تتربع على مساحات شاسعة الأطراف،‮ أغلب أراضيها فلاحية خصبة ممتدة على طول الحدود الجزائرية إلى حد الإلتصاق والإختلاط،‮ ساكنتها تطبعها الروابط الأسرية والمصاهرات منذ القدم،‮ مع الشعب الجزائري،‮ وتتركز هذه العلاقات النوعية في‮ المدن المحاذية للحدود الجزائرية كأحفير وبركان وأنڤاد ووجدة فهذه المدن كانت وستبقى رافدا من روافد العلاقات الطيبة الممتازة،‮ التي‮ لا تؤثر فيها شطحات بعض الأشخاص الذين لا‮ يعرفون مقام الجار والجوار،‮ الذي‮ أوصى عليه الرسول بأن لا‮ يضام من طرفجاره وأكثر من ذلك مشروحة في‮ أمهات الكتب والمراجع الدينية الغنية بتراثنا في‮ جميع مراحله‮.

فالأسواق الأسبوعية التي‮ كانت تقام بهذه المدن‮ يتسوق منها الشعبان لقضاء مآربهم دون تقديم أية وثيقة،‮ عند الدخول إليها،‮ أو الخروج منها مع الملاحظة إلى أن هذه الأسواق لم تكن موجودة بهذا الحجم داخل المدن المغربية الكبرى،‮ وبهذا النوع من البشر،‮ والكثافة الذي‮ تربطه علاقات أسرية وأخرى نفعية وذات مصالح،‮ في‮ مستوى الشعبين الجزائري‮ والمغربي‮ المتحابين،‮ وفي‮ هذا الإطار،‮ من تنوع العلاقات التي‮ كان لها الأثر البالغ‮ في‮ النفوس وفي‮ التعاون بين الشعبين اللامحدود،‮ على ذلك التلاحم والارتباط العريق حيث أنه حينما أقدمت فرنسا على جريمتها الكبرى بنفي‮ جلالة الملك محمد الخامس إلى مدغشقر ونصبت مكانه بن عرفات ملكا للمملكة المغربية الشريفة،‮ فانتفض المغاربة عن بكرة أبيهم وحاولوا قتله أكثر من مرة وشكلوا جيش التحرير ومقاومة ضارية في‮ كافة التراب المغربي‮ لمقاومة المحتل الغاصب والخارق لكل الإتفاقيات ومطالبته بإرجاع ملك البلاد محمد الخامس،‮ إلى مملكته وبلاده ووطنه،‮ كان في‮ هذا الظرف الشديد والقاسي‮ على القلوب والإمتحان الصعب،‮ الذي‮ تمر به الساكنة الجزائرية بالمغرب مع الشعب المغربي‮ كله،‮ يشاركهم في‮ كل ذلك المواطنون الجزائريون القاطنون‮

‮❊ قاطرة لجر الثورة
على الحدود ومشارف المدن المغربية الذين تألموا وغضبوا من حادثة الإعتداء وبكوا كما بكى المغاربة بكاء الثكلى،‮ على ما قامت به سلطة الإحتلال الفرنسية لتجاوزها نصوص الحماية المتفق عليها،‮ تصون المغرب وتحمي‮ نظامه وملكه وشعبه،‮ فتعاون الجزائريين مع المغاربة في‮ محنتهم ومدهم بما كان ممكنا وفي‮ أيديهم من معونة وزاد،‮ هي‮ حالة الحرب تحتاج لكل الدعم كيفما كان،‮ إلى المقاومة وجيش التحرير،‮ الذي‮ كان متواجدا بالسهول والسهوب والوديان والجبال،‮ وفي‮ كزمات بجبل فوغات القريب من أحفير وبركان،‮ كما ساعد بعض الجزائريين إخوانهم المغاربة في‮ إخفاء الفدائيين المبحوث عنهم من قبل السلطات الفرنسية الكافرة،‮ في‮ بيوتهم،‮ وهؤلاء والحمد للّه مازال البعض منهم على قيد الحياة،‮ من المغاربة والجزائريين شاهدين على ذلك التاريخ المشؤوم،‮ ولما اشتدت المقاومة المغربية وعلا لهيبها وصمود جيشها في‮ تصويب الضربات الموجعة والقاتلة للإحتلال الفرنسي‮ اضطرت فرنسا تحت ضغط قوي‮ الجيش وتلاحم الشعب المغربي‮ والمقاومة والجيش إلى مراجعة سياستها وعادت بالملك محمد الخامس،‮ إلى مملكته وشعبه،‮ ظنا منها أنها ستقضي‮ على الثورة الجزائرية التي‮ كانت قد بدأت بوادرها تنتشر،‮ داخل الوطن الجزائري‮ وعلى حدوده المغربية وغير المغربية فكانت لها المكانة المرموقة في‮ نفوس المغاربة وبين النخب وسائر أفراد المجتمع المغربي‮ الذي‮ ساند الثورة الجزائرية بدون تحفظ منذ اندلاعها وولادتها،‮ وكان حارسا وأمينا عليها،‮ وأن الثورة الجزائرية كانت في‮ قلب كل مغربي‮ رجالا ونساء،‮ صغارا وكبارا ومن الأمانة أقول فإن جميع المغاربة كانوا قاطرة لجر الثورة الجزائرية إلى بر الأمان وفتح أماكن ومحلات لاستقبال الجنود الجزائريين القادمين من أرض المعركة الطاحنة مع العدو،‮ من أجل الراحة والتطبيب الاستشفائي،‮ والعودة إلى أرض المعركة بالجزائر،‮ لاستئناف الكفاح مع العدو الفرنسي‮ الظالم،‮ مع العلم أن كل تحرك كيفما كان نوعه كان‮ يتم بالموافقة التامة من السلطات العليا في‮ البلاد،‮ وعلى رأسها جلالة الملك وبرضا وموافقة الشعب المغربي‮ وبترحيب تام منه مما مكن الثورة من إقامة مراكز لاستقبال المرضى والمعطوبين الجنود المرسلين من الجزائر إلى المملكة المغربية للتداوي‮ والعلاج ثم‮ يوزعون على المدن التي‮ بها مراكز للجيش الجزائري،‮ كفاس ومكناس وطنجة والدار البيضاء وفي‮ كل مكان صالح للاستقبال دون صعوبة تذكر،‮ ولا عرقلة تطرح فقد وفر المغاربة للثورة الجزائرية الظروف الملائمة للعمل السري،‮ الذي‮ هو من أولويات الأولويات لنجاح أي‮ عمل سياسي‮ أو عسكري‮ وهوما تفهمه المغاربة تحت‮ غطاء النظام الملكي‮ يستقبلون القادمين من الجزائر وينقلون الجنود الذين أنهوا مدة العلاج،‮ أو استكملوا تربصاتهم بالمراكز المقامة بالمغرب ثم‮ ينقلون علنا في‮ الليل والنهار،‮ وبحرية في‮ حافلات نقل من هذه المراكز المتواجدة داخل المغرب إلى الحدود الجزائرية المغربية المتواجدة أيضا بضواحي‮ وجدة كسيدي‮ بوبكر وبوعرفة وأماكن أخرى،‮ أمنتها الثورة الجزائرية ليتسلل منها الجنود إلى عمق الجزائر،‮ لاستئناف الكفاح ضد قوات الاحتلال الفرنسية ويشهد اللّه أنني‮ كنت ذات‮ يوم مأمورا مساعدا بنقل هؤلاء الجنود من مركز لخميسات إلى بوعرفة استغرقت الرحلة ليلة كاملة كان على ظهر الحافلة‮ »‬كار‮« 53‮ جنديا،‮ كنت مكلفا بضمان احتياجاتهم مما قد‮ يعن ويظهر من مشاكل في‮ طريقنا الطويل تحت الاشراف الكلي‮ للأخ المجاهد رقيق محمد الذي‮ يدعى حمو الوجدي‮ حربيا والذي‮ كان‮ يرافق الحافلة في‮ سيارة شفرولي‮ مع أربعة ضباط لمرافقة الجنود في‮ مهمات خاصة داخل التراب الجزائري،‮ وعند الفجر وصلنا إلى بوعرفة في‮ مكان آمن كان قد أعد من قبل،‮ فأمر الأخ الوجدي‮ بصفته مسؤولا رئيسا بإنزال الجنود من الحافلة والضباط من السيارة،‮ كما أمر سائق الحافلة بالرجوع والعودة إلى المكان الذي‮ انطلق منه وأوصى الشخص الذي‮ سلم إليه مهمة الجنود والضباط خيرا وتأمين الطريق الآمن للدخول إلى الجزائر بسلام،‮ ثم امتطينا أنا وإياه سيارته ودخلنا وجدة لتسليم ملف‮
‮❊ عبرة لمن‮ يعتبر
المهمة إلى القيادة بوجدة التي‮ كان‮ يمثلها ويرأسها المرحوم هواري‮ بومدين ثم العودة إلى مهامنا المنتظرة وهي‮ كثيرة‮.‬
ذكرت هذه الحالة كتعبير لعدم مضايقتنا وقلقنا والوقوف في‮ طريقنا من طرف السلطات المغربية إطلاقا،‮ لا في‮ هذه المرة ولا في‮ مرات سابقة،‮ وهي‮ كثيرة ومتعددة‮.‬
في‮ هذه اللحظة التي‮ أكتب فيها هذه الذكريات أبلغت بكل أسف بأن رفيقي‮ الوجدي‮ محمد رحل إلى دار الخُلد بمدينة تلمسان التي‮ استقر بها بعد الإستقلال عن عمر قارب التسعين سنة،‮ رحمه الله بالرغم من أن مسقط رأسه لبيض سيدي‮ الشيخ،‮ وهو الذي‮ كان‮ يرى بأن الجزائر هي‮ حضن جميع الجزائريين لا فرق في‮ ذلك بين جهة وأخرى ما تعرفت على مسقط رأسه ولا تعرف عليّ‮ إلا بعد الإستقلال وهي‮ عبرة لمن‮ يعتبر‮ .‬
هذا وليس هناك مواقف سلبية إتخذها المغاربة حكومة،‮ وشعبا بل على العكس من ذلك‮ كل المواقف المتخذة كانت ايجابية من طرف شرائح‮ المجتمع المغربي‮ ومشجعة بإستمرار لدعم الثورة واحتضانها‮ ،‮ احتضان الأم لطفلها الرضيع،‮ وأن الذين كانوا مسؤولين عن الثورة في‮ المغرب على مختلف المستويات‮ يدركون ذلك جيدا وبالتفصيل،‮ ولو أن هناك بعض التجاوزات التي‮ كانت تحصل من حين لآخر،‮ من الجزائريين إلا أن النظام المغربي‮ كان‮ يتفهمها على أنها حالة حرب ونفسية كفاح مرير،‮ كما كان هذا الإحتضان مشفوعا بالمحبة والتفاهم والإخلاص الذي‮ دام في‮ قوته وثباته وصموده إلى توقيف القتال وإعلان الإستقلال،‮ فكيف والحالة اليوم أمام هذه الجبال الراسيات من المبادئ والثبات،‮ والترابط الأسري‮ والتاريخي،‮ يرمي‮ هذا التاريخ الثوري‮ المجيد في‮ الأدراج والرفوف،‮ ويستبدل بحيثيات وعقليات عفا عنها الزمن،‮ وطواها الرصيد الوطني‮ المشترك بين الشعبين الجزائري،‮ والمغربي‮ لأن ما‮ يربطهما أكثر بكثير،‮ مما‮ يفرقهما،‮ فأواصر الإرتباط العائلية والعاطفية والتاريخية بين الشعبين تغطي‮ الشمس والقمر والأرض والبحار‮.

‮❊ نقض العهود والمواثيق‮
إن الشعب الجزائري‮ لا‮ ينسى‮ ولن‮ ينسى أبدا،‮ كل ما قام به المرحوم جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه في‮ سبيل القضية الجزائرية وثورتها المباركة التي‮ كان‮ يعتبرها مكملة لإستقلال المغرب،‮ وبدون استقلال الجزائر‮ يبقى استقلال المغرب ناقصا وغير مكمول وذهب جلالته‮ بعيدا في‮ تصوره للقضية الجزائرية،‮ فأجرى اتصالات ومفاوضات مع فرنسا لا شك أنه إستعمل فيها ثقل المغرب ووزنه،‮ من أجل الضغط عليها لإجراء مفاوضات مع‮ قادة الثورة الجزائرية وزعمائها،‮ فوافقت فرنسا مُكرهة على إقتراح جلالة الملك الذي‮ نقل الإقتراح إلى الزعيم الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي‮ الذي‮ وافق هو الآخر بمجرد عرضه عليه،‮ مع أخذ رأى القادة الجزائريين بالموافقة.‬
بعد ذلك حُدد المكان والزمان،‮ وحضر الوفد الجزائري‮ المفاوض للرباط للتشاور معه،‮ وتقرر أن‮ يسافر الملك في‮ طائرته إلى تونس،‮ على أن‮ يسافر الوفد الجزائري‮ المفاوض في‮ طائرة خاصة،‮ ووضعت الترتيبات ليلتقي‮ الجميع بتونس،‮ ملك المغرب والزعيم التونسي‮ الحبيب بورقيبة والوفد الفرنسي‮ المفاوض إلى جانبهم زعماء الثورة الجزائرية المعنيين،‮ وبعد استكمال الإجراءات القانونية امتطى الزعماء الجزائريون الطائرة من الرباط وهم في‮ حماية جلالة الملك،‮ وفي‮ طريقهم‮ إلى تونس وقع ما لم‮ يكن في‮ الحسبان،‮ فوقعت القرصنة في‮ سماء الجزائر من طرف قوات الإحتلال الفرنسية ظنا منها افشال مساعي‮ جهود المغرب العربي،‮ وبالتالي‮ وهو مربط الفرس القضاء على الثورة الجزائرية في‮ مهدها،‮ فعادت حليمة إلى عادتها القديمة،‮ وهي‮ نقض المواثيق والعهود وارتكاب الأخطاء والجرائم‮. وعدم الإلتزام بالقوانين والتطاول عليها‮ ،‮ نصا ومضمونا وحتى لا ننسى أيضا ما تفضل به جلالة الملك وشعبه في‮ انجاح الثورة الجزائرية التي‮ احتضنها بروح عالية وهمّة‮ شامخة لا مثيل بها تضمنتها تعليماته وتوجيهاته لكافة المسؤؤلين في‮ أجهزة الدولة المغربية كلها،‮ تؤكد على الإلزام لإنجاح الثورة الجزائرية‮ والحفاظ عليها وعدم المساس بضيوف الجزائر في‮ المغرب،‮ وتسهيل مأموريتهم حتى النهاية‮.‬
هذا وفي‮ واقعة جديرة بالإهتمام ومواقف تستحق التقدير والإحترام والتوقف عندها طويلا من هذه الحادثة أو جزء منها،‮ لكننا لا نعرف تفاصيلها التي‮ تناولها أول أمين عام لرئاسة الأركان‮ في‮ الجزائر،‮ الشريف مهدي‮ أول مسؤول‮ للإستخبارات الجزائرية بعد الإستقلال،‮ في‮ هذه الشهادة التي‮ خص بها جريدة الخبر الصادرة بتاريخ‮ يوم الأربعاء‮ 18‮ جانفي‮ 2012م بالصورة والتحليل لمن أراد المزيد من المعرفة عليه أن‮ يقرأ شهادة المجاهد مهدي‮ الشريف،‮ فشكرا لك سيدي‮ الفاضل على سرد هذه الواقعة بالتفصيل وبالصورة الفوتوغرافية لكم ومع جماعة من ضباط الأمن العسكري‮ قبل الإستقلال،‮ كما تظهره الصورة والتحليل بكل وضوح وهي‮ شهادة واقعية وتاريخية هامة،‮ إنتهى الإقتباس من التصريح المفصل المشار إليه أعلاه‮.‬
الواقعة أو الحادثة التاريخية كتبت‮ بأحرف‮ غليظة ليقرأها القارى بسهولة وهي‮ حرفيا‮: توجه بوتفليقة بالفعل إلى السفير المغربي‮ في‮ فرنسا السيد عبد الكريم‮ الخطيب،‮ الذي‮ أعطاه تكليفا بمهمة تحت إسم مستعار‮ »‬محمد بوخلطة‮« الذي‮ كان سكرتيرا أولا للسفارة المغربية بفرنسا،‮ من أجل الإتصال بالزعماء المعتقلين بسجن فرنسا للتشاور معهم على ما ستكون عليه الجزائر بعد الإستقلال حكما ونظاما وغيرهما‮.‬
إن الزيارة الأخيرة التي‮ قام بها وزير الخارجية والتعاون المغربي‮ سعد الدين العثماني‮ إلى الجزائر أثلجت صدور الشعبين الجزائري‮ والمغربي‮ واذابت الجليد والصقيع الذي‮ خيم على علاقاتهما حقبة من الزمن‮ قابلها المواطن الجزائري‮ والمغربي‮ بفتور وإلخ وشيء من الإشمئزاز وبالرفض المطلق من أول‮ يوم تم فيه‮ غلق الحدود وقطع الصّلة بين الشعبين،‮ ولعل مشكلة الحدود هي‮ التي‮ عقدت كل هذه الأمور وأفسدت تلك العلاقات الطيبة والتفاهمات ذات الصلة بالموضوع والتي‮ كانت قائمة بين الشعبين طوال سنين،‮ لا‮ يحس فيها الجزائري‮ وهو على الأراضي‮ المغربية بأنه خارج وطنه وبلاده،‮ فالفكرة قائمة بين أطراف كافة المواطنين الجزائريين والمغاربة إلا أنها‮
‮❊ جذور ضاربة في‮ التاريخ
تكاد تكون‮ غائبة في‮ مفهوم القلة وبعض الأطراف الأخرى ولعل التأثير الشعبي‮ الملحوظ من طرف المواطنين الجزائريين والمغاربة هو الذي‮ يفرض ‮ الحلول وأنه بدأ‮ يعطي‮ ثماره بعد الزيارة الأخيرة التي‮ قام بها سيادة‮ وزير الخارجية والتعاون المغربي‮ سعد الدين العثماني‮ الى الجزائر في‮ جولة قادته الى الإطلاع على قطاعات هامة قابلة للتعاون في‮ مجال الإقتصاد والإستثمار وهي‮ كثيرة عدد رؤوس أقلامها معالي‮ السيد وزير الخارجية المغربي‮ سعد الدين العثماني‮ الذي‮ محل ترحيب وعناية خاصة من طرف كافة الجهات الرسمية والشعبية ختمها السيد الوزير بإستقبال من طرف فخامة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة،‮ إستقبالا حارا‮ يبدو واضحا من خلال هذه الصورة الملتقطة ومن الإبتسامة العريضة لكل منهما،‮ ومن الاحتضان بعضهما البعض،‮ كفيل بتجديد التواصل وتوطيد العلاقات الجزائرية المغربية التي‮ ستجد طريقها من جديد بعد فتور في‮ العلاقات الجزائرية المغربية،‮ ولعل هذه الزيارة حصدت كل العراقيل التي‮ وضعها شياطين الإنس والجن في‮ طريق الأشقاء الجزائريين والمغاربة لكنها في‮ طريقها الى الإنقراض والفناء،‮ ولو كره المغرضون والمتآمرون على تصالح الشعوب وترابطها‮.‬
إن الشعبين الجزائري‮ والمغربي‮ لا‮ ينفصلان عن بعضهما البعض مهما كانت المتغيرات والمؤامرات لما لهما من جذور ضاربة في‮ عمق التاريخ أحب من أحب وكره من كره،‮ فتحت الحدود أم بقيت على ماهي‮ عليه الآن،‮ فالشعبان‮ يعرفان أين تكمن مصالح قضاياهما الحقيقية ومغزى هذه الموانع المفبركة ولما‮ يحاك ويخطط في‮ غيبتهما ويعتبرانها عواصف رعدية وسحابة صيف عابرة تذروها الرياح،‮ وتبقى وحدة الدم والعرض هي‮ السائدة بين الشعبين لا تتلفها الأيام ولا تغمرها الأوحال ولن تتأثر بفعل الزمن ولا بتخطيطات الذين لا‮ يحبون الخير،‮ لا للجزائريين ولا للمغاربة على السواء دأبهم في‮ ذلك الخلط والتخلاط وإشعال نار الفتن والعداوات التي‮ أكل عليها الدهر وشرب،‮ فعلى أولي‮ الأمر،‮ من الشعبين وأعني‮ بهم الحكام وحكام الشعوب إستباق الأحداث‮ قبل فوات الأوان،‮ وخروج القطار عن السكة وإنفلات الأمور،‮ فالظروف قد تغيرت والشعوب ملّت وسئمت ومقاصدها توحدت أو على الأقل تقاربت مستوعبة بعمق وأن العالم هو الآخر تغير الى الأسوأ رأسا على عقب وأصبح‮ يقوم بحساباته وتقديراته التي‮ لا تخطر على بال أحد فحكم الشعوب والتحكم فيها،‮ أصبح من الماضي‮ فعلى حكام الشعوب العربية والإسلامية بالخصوص أن‮ يتخلوا عن أسلوب وعقلية الماضي،‮ وأن‮ يحضروا أنفسهم للتأقلم لما قد‮ يكون عليه العالم الجديد،‮ المستجدات التي‮ قد تأكل الأخضر واليابس في‮ الكيفيات القديمة التي‮ شيّدت عليها الأنظمة الحاكمة مسيراتها لشعوبها ناسية تأثيرات الأنترنت وفايس بوك وما رافق هذه القنوات المتطورة وشبكات الإعلام الأخرى وما سيأتي‮ به الزمن أدهى وأمر وأعظم ويحير العقول والأذهان ويذهب بها الى عدم التصديق لكنها أحببنا أم كرهنا فهي‮ التي‮ ستتولى مراقبة ومرافقة مسيرات هؤلاء الحكام مع شعوبهم خيرا أم شرا،‮ فالعالم قد تغير والتاريخ لا‮ يرحم والعاقل هو الذي‮ يستبق الأحداث قبل وقوعها،‮ لأن الرحّى تدور،‮ والقطار قد إنطلق من‮ غير رجعة،‮ والندم لا‮ ينفع ولا‮ يحمي‮ ما قد‮ يقع من تصدّعات في‮ الجدار إلا بهدمه وإسقاطه،‮ وبنائه من جديد،‮ وهو أمر صعب وشاق‮ يحتاج الى تنظير جديد وفلسفة جديدة ورجال أكفاء وعقول صافية وخالية من شوائب الماضي،‮ الذي‮ مورس سنين وأعوام معتمدا على بعض أعوانه وجنوده ومؤيديه من مختلف الكائنات ذات الباع الطويل في‮ مفاصيل الحكم ومع الحكام،‮ هذه الكائنات التي‮ لا تعيش إلا من المياه العكرة والملوثة فكل النظريات تؤكد وتجمع على أن المستقبل العربي‮ والإسلامي،‮ غامض ومشوه الوجه،‮ ويلاحق من طرف لوبيات‮ غربية وأوروبية تتسابق على من‮ يسقط هذا العالم أرضا،‮ ويفترس كما‮ يفترس الأسد الشاة،‮ وهذا ما‮ يبدو واضحا للعيان في‮ عالمنا العربي‮ من تونس الى ليبيا الى القاهرة الى سوريا واليمن وفلسطين والبحرين الى من نسيه العرب أو تناسوا الحديث عنه ألا وهو الشعب العراقي،‮ مفتت الأكباد،‮ أكباد المخلصين من الأئمة العربية الذي‮ دمره النظام البوشي‮ ومحترف الإجرام بلير البريطاني،‮ فالعراق لا تقوم له قائمة إلا بعد أكثر من مائة سنة،‮ ونفس النية والقصد‮ يلاحقان ما بقي‮ من الشعوب العربية والإسلامية بكل أسف،‮ فالمسؤولية مشتركة بين الحاكم والمحكومين ومن أوجب الواجبات عليهما‮.‬
فعلى قادة الأمة العربية والإسلامية أن‮ يتوحدوا لأن في‮ وحدتهم كل خير وبركة وفي‮ هذا المعنى‮ يقول رب العزة في‮ كتابه المكنون واعتصموا بحبل اللّه جميعا ولا تفرقوا،‮ لأن ما وقع في‮ الأندلس من إحتلال هي‮ ضربة وصفعة للوجه العربي‮ لم تندمل بعد،‮ كان ذلك نتيجة لهذه الفرقة والخلافات في‮ الرؤى والتصور للعقل العربي،‮ الذي‮ انغمس وقتها في‮ الفسق والفجور والفساد بجميع أشكاله،‮ كان من تحضير وإعداد الغربيون الصهاينة لصرف العرب عن ترسيخ وجودهم وإثبات قدراتهم الفكرية والعلمية،‮ كما كان ذلك في‮ الماضي،‮ فالعالم العربي‮ والإسلامي‮ مهدد اليوم أكثر من ذي‮ وقت مضى بالتشرذ والإنقسامات التي‮ فككت الشعوب العربية والإسلامية،‮ بإيعازات‮ غربية صليبية صهيونية ناقمة،‮ ظاهرها المساعدة والتعاون،‮ وباطنها التآمر والإذلال،‮ وفّق اللّه جميع أهل الخير ودعاة الأمن والأمان لصالح شعوبنا في‮ الشمال الإفريقي‮ وفي‮ خليجنا العربي‮ الصامد في‮ وجه التقلبات وإضعاف جهود وإرادات المخلصين‮.‬
إن الصليبيين الجدد،‮ بدأوا فعلا بتنصير ضعفاء العقول من المسلمين في‮ الكثير من الدول العربية بمنهجية متطورة وإغراءات كثيرة تشبه الى حد كبير الطريقة والأسلوب،‮ المستعمل في‮ إسقاط الدولة الإسلامية العظيمة،‮ في‮ الأندلس سدّد اللّه جهود المخلصين الساعين والداعين لوحدة مغربنا العربي‮ الكبير‮.‬
وأخرا وليس أخيرا،‮ فإن الجهود التي‮ بذلت خلال الأيام الماضية،‮ فيما‮ يخص تأصيل الروابط بين الشعبين الجزائري‮ والمغربي‮ وتفعيلها وهي‮ التي‮ أكملها فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتوجيهاته الصادقة والعميقة حملعا وزير خارجيته مراد مدلسي‮ الى نظرائه وزراء خارجية المغرب العربي‮ المجتمعين بالرباط المغرب الأقصى،‮ لتدارس ومناقشة قضايا الساعة جاعلا في‮ الإعتبار مشاريع الإصلاحات السياسية الكبرى التي‮ تشهد تذبذبا في‮ التنفيذ وتأخرا في‮ المبادرة والإهتمام ولعل ما حملته توجيهات فخامته كفيل بوضع القطار‮ على السكة لتحقيق آمال شعوب المنطقة كلها وتوحيد رؤيتها للخروج من إملاءات وإرواءات هذه الشعوب التي‮ إن قدر لها أن تتوحد‮ سيكون لها وجود وكلمة الفصل في‮ أمهات القضايا الجهوية والدولية واللّه الموقف والسلام‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.