تتميز الرواية بأسلوب حكي يعتمد على القص المتوازي لعدد من الحكايات التي تبدو في ظاهرها منفصلة ولكنها على مستوى البنية العميقة تتشابك خيوطها اشتباك المقدمة بالنتيجة. فالرواية تتناول قصة مواطن عادي - نعيم أبو سبعة - أراد استثمار الثغرات البيروقراطية في النظام للحصول على مكتسبات لا يوفرها إلا الموت، لذا قرر الموت حيا ليستفيد أبناؤه من أموال التأمين على الحياة، ويستعرض الكاتب رحلة العذاب التي مر بها الرجل في معبد البيروقراطية المصرية العتيقة للحصول على مبتغاه. وبالتوازي مع قصة نعيم يسرد الكاتب قصة أخرى تأخذ قالب الخطاب البريدي بين شخصية خيالية، تنتمي لجماعة الطواويس، تقدم نصائح لرجل مقرب من الرئيس مبارك يشرح له فيها كيفية إدارة شعب كبير كالشعب المصري وما هي أفضل الوسائل للسيطرة عليه. هذه الرواية - إن أمكننا القول - محاولة للغوص في العلاقة بين الحاكم والمحكوم في مصر وتفسير عشق المصريين لفراعينهم الحاكمين. ولا تغفل حتى الأبعاد اللغوية التي أصلت لكثير من التعبيرات والكلمات الشائعة على ألسنة المصريين الذين يستخدمونها لوصف السلطة والمتعاونين معها. عدد من القصص المتوازية المنفصلة ولكن المتشابكة، هل هو تيار جديد في كتابة القصة العربية ومِن مَنْ استلهمه الكاتب أم هو نتاج قريحته الشخصية؟ لا أظن أن هذا أسلوبا جديدا للكتابة. قرأت اسلوبا شبيها بما اتبعته في "عام التنين" عدة مرات، وآخر رواية قرأتها واتبعت ذلك الأسلوب كانت "كافكا على الشاطئ" لهاروكي موراكامي. وبالتأكيد قرأت ما يشبه ذلك سابقا، لكني لا أذكره الآن. ما يشغل الكتّاب الآن هو تطوير الأساليب القديمة، والتي هي في الأصل تطوير لأساليب أقدم. هل تعد الرواية توثيقا لسياسات فترة حكم مبارك ومحاولة إيجاد تفسير لهذه السياسات التي أزرت بالمجتمع المصري؟ وهل اطلع الكاتب على عدد كبير من الوثائق، صحف ومجلات ودوريات وتحليلات، قبل شروعه في الكتابة؟ لم أتعمد توثيق سياسات حكم مبارك في البداية، لكن مع اقترابي من إتمام الرواية أدركت أن هذا ما حدث فعلا. واليوم أرى فعلا أنها تلخيص سريع لما حدث للمصريين خلال الثلاثين عاما الماضية. ربما ستتعجب عندما تعرف أن الواحد قد يقصد أن يحكي حكاية محددة، ليجد نفسه في النهاية يحكي شيئا مختلفا. لم أطلع على وثائق كثيرة، لكني قرأت أخبارا كثيرة من خلال الصحف. كانت الأخبار المنشورة خلال السنوات الخمس الأخيرة منبعا هاما، وهناك بالتأكيد فضل كبير للأرشيف المتاح على الإنترنت لكل صحيفة. يسمح هذا الأرشيف بالبحث فيه في أي وقت، أثناء الكتابة أو قبلها، وهو ما جعلني أتشعب كثيرا في قراءة تلك الأخبار. الخيط الرفيع الفاصل بين الحقيقة والخيال، هل هناك نقاط التقاء مع أيٍّ من الروائيين العالميين؟ طموحي هو الخيال. لكني لا أتعمد إبراز الخيال وكأنه حدث مستحيل، بل أقصد أن أحكيه على أنه واقع وحدث حقيقي. ولذلك أحاول تطعيمه بأحداث وشخصيات واقعية طوال الوقت. وهو ما ينتج تلك السبيكة الخيالية/الحقيقية في النهاية. الطووايس هل هم حقيقة تاريخية أم من نسج خيال الكاتب؟ السؤال عن الطواويس نتيجة مباشرة لسبيكة الخيال/الحقيقة. الطواويس حسب الرواية مجموعة من الناصحين للحكام، على مر الزمن، بدءا من الدولة الفاطمية، وحتى الآن. وسيفهم القارئ ضمنيا أن أحد شخصيات الرواية طاووس من الطواويس. وبالطبع، الطواويس جماعة خيالية بالكامل، فليس هناك أي ذكر لها في كتب التاريخ. لكنك بالتأكيد ستجد ذكرا لأفراد أو جماعات صغيرة شبيهة بتلك، جماعات تتآمر على حاكم معين، جماعات تتآمر على شعب معين، لكنها ستكون مرتبطة دائما بحاكم واحد أو بشعب واحد. هل كانت الرواية استشرافا لما كان سيحدث لو لم تقم الثورة؟ تم التخطيط للرواية قبل الثورة، وتمت كتابة 80% منها قبل الثورة. ثم تم استكمال الباقي بعدها. والواقع أني كنت أتوقع ما سيحدث للمصريين بناء على تاريخنا خلال العقود الثلاثة الماضية. ومن الواضح -في هذه اللحظة- أني أخطأت. لكني من حين لآخر أجد استعدادا لدى الناس لسلوك نفس المسلك الذي تحدثت عنه في آخر الرواية. المشهد الأخير الذي وصفه بعض الأصدقاء بالكابوسي كاد أن يتحقق فعلا. ولمرات عديدة أيضا، بعد خطاب مبارك الثاني، وبعد وصول شفيق للمرحلة النهائية للسباق الرئاسي، وبعد حصوله على 12 مليون صوت في تلك المرحلة، وحتى اليوم، ستجد بعضالمواقف الشبيهة، والتي قد تؤيد فكرتي عن تأثير حكم مبارك على المصريين