جمعت التبرعات لدعم المقاومة المسلحة عذبوني أشد تعذيب وأرهبوني بالكلاب يعد الحاج سي بن علي هيشور بن مدني بن العربي بن راشد أحد رجالات الجزائر القلائل الذين جمعوا بين الجهاد الثوري و العلم و الإمامة، هذا الشيخ الذي بلغ قرن وسنة واحدة يقطن بوادي تاغية بمعسكر، من مواليد 15 نوفمبر 1914 ببلدية وادي البنيان التابعة لدائرة عوف بولاية معسكر، من عائلة ميسورة الحال شريفة النسب أغلب أفرادها يحفظون القرآن الكريم، جاهد المستعمر الغاشم بكتاباته وفتاويه ولقي من الجنود الفرنسيين أشد أنواع العذاب، و لا يعد العالم نكرة في زمانه بل إن علماء كثر، لا تمر مناسبة إلا و يشيدون بخصاله ومجهوداته في تمجيد علوم الدين وبعث روح التسامح بين الناس وطلب العلم، كما أن دكتور الشريعة الإسلامية " هيشور محمد " المقيم بوهران بصدد طبع كتاب حول شخصية العلامة الحاج " سي بن علي " الذي سيصدر عن قريب بحول الله، و كان قد تكرم سابقا بزيارة الوالي السابق لمعسكر أولاد صالح زيتوني في بيته بمناسبة ذكرى 19 مارس 2014 ، حيث منحه وسام المجاهدين مع شهادة تقدير عرفانا لما قام به في مسيرته الكفاحية والعلمية ، وقد كرم أيضا من طرف الأمن الوطني بمقر سكناه في عيدهم الوطني مؤخرا . كاتب ومفتي أثناء ثورة التحرير رغم ثقل السنين و صعوبة النطق يتحدث الشيخ عن ذاكرته حيث كشف بأنه شرع منذ نعومة أظافره في حفظ القرآن الكريم عند " سي المداني " بدوار سيدي عيسى بوادي التاغية مسقط رأسه ثم سي عبد القادر بن ويس بدوار المهاجة (عين فكان) ، حيث أتم الحفظ وهو ابن 9 سنين ، ثم انتقل إلى زاوية الشيخ " فرحاوي عبد القادر" ، وعندها اشتد عضده قبل الرحيل إلى سيدي بلعباس لدراسة علوم الشريعة والفقه على يد الشيخ بن كابو ، و كانت الفرصة لأن يحتك بالعديد من رجال الدين المعروفين على الساحة آنذاك ، من بينهم محمد بن عيسى سماحي .. ليكمل طريقه إلى تلمسان أين أتم تعليمه و عاد بعد ذلك إلى مسقط رأسه بوادي التاغية ، لكن حبه و شغفه بالعلم جعله ينقطع عن تعليم الناشئة و يفكر في الرحيل خارج الوطن ، ما أجبر والداه للنزول عند رغبته ببيع بقرتين لتوفير الزاد و المؤونة لابنهما والسماح له بالسفر إلى جامع القرويين ب " فاس " بالمغرب سنة 1944، هناك واصل الشيخ دراسته لمختلف العلوم من على يد شيوخ كثيرين ، منهم " علال الفاسي" الذي كان رائد الحركة الوطنية المغربية و درس معه جزائريون كثر ، كان عددهم 20 على قول الشيخ من بينهم المرحوم الزوبير عبد القادر الذي أصبح فيما بعد إمام الجامع الكبير بوهران و " سي قدور بلبحري " (غريس) و المرحوم " محمد بن كرامة " (غليزان) و المرحوم " بويجرة " (سيق) ، و خلال هذه الفترة التعليمية يذكر الشيخ أنه عانى هو و بقية الطلبة من مشاكل عديدة منها سقوط سقف الحجرة عليهم فمات على إثر ذلك اثنين منهم و جرح هو لينقل إلى المستشفى ، كما يذكر أنه عانى من مرض صدري أقعده بالمستشفى ستة أشهر ، خلال هذه الفترة تلقى الإعانة من طرف بعض الجزائريين المقيمين بالمغرب و كانوا رجال أعمال ، حيث خصّصوا لكل طالب 800 درهم شهري آنذاك. بعد إتمامه لدراسته بالمغرب رجع الشيخ إلى الجزائر سنة 1951 ليلتحق بصفوف الجيش الشعبي الوطني سنة 1954 ، كان كاتبا و مفتيا أثناء الثورة التحررية ، و تولّى مسؤولية جمع التبرعات لدعم المقاومة ، لم يسلم الشيخ من التعذيب ، إذ يذكر أنه تعرض للضرب على أطراف أصابعه ، إضافة إلى الاستفزاز من طرف عناصر الجيش الفرنسي بإلزامهم اياه بالتدخين و لعدم انصياعه لهم تعرض للترهيب بالمطاردة بالكلاب . قاضي الأسرة والمعاملات ويتذكر الشيخ أن ضابطا فرنسيا طلب منه أن يقرأ له رسالة كانت للاتصال بين المجاهدين، فلما سمع الضابط كلمة " جبهة " ، سأله : "ما هي الجبهة " ، فوضع الشيخ يده على جبهته قصد التكتم على فحوى الرسالة ، إلا أن الضابط رد قائلا : "أتهزأ بي " و أشار اليه آخر أنه يعلم معناها فاكتفى الشيخ بالقول بأن الجبهة هي القوة ، كما انتقم المستعمر من الشيخ عندما نال من أخيه الشهيد هيشور ميلود اثر غارة جوية على جبل سيدي عيسى أحرقت الأخضر و اليابس ، و شردت سكان الدوار إلى منطقة العمورات (المسمى دوار نقموت) ، وبعد أن نالت الجزائر سيادتها سنة 1962 ، استقر الشيخ بن علي ببلدية وادي التاغية و كان يقوم مقام القاضي بالفصل في الشؤون الأسرية و المعاملات ، كما زاول التعليم الابتدائي بمارفال – سنة 1963 ، ثم انتقل إلى عين الحديد بتيارت سنة 1964 ، ثم غير مساره المهني بعد أن تلقى تكوينا بعين طاية بالجزائر العاصمة سنة 1987 تاريخ حصوله على التقاعد و قد نال عدة شهادات ، ورث عن العالم الجليل من صلبه 3 بنات و 4 ابناء معظمهم في مجال تعليم النشء ،أصغر هؤلاء الأبناء ، كان مستقرا بالخارج ، استغنى على كل شيء لأجل خدمة والديه ورعايتهما ، كما ورث من ابناء الاولاد والبنات 28 ابنا.