يعاني سكان العديد من التجمعات السكنية الحضرية التابعة لمختلف البلديات بوهران من انتشار زرائب تربية المواشي قرب منازلهم وداخل النسيج العمراني ذي الطابع غير الريفي ،ولم يكن هذا النوع من النشاط وليد اليوم بل برزت الظاهرة مع موجات النزوح الاولى لسكان ارياف الولايات المجاورة لوهران خلال العشرية السوداء ،وبعد ان ظن الجميع ان مظاهر التريف هذه مؤقتة باعتبار ان القانون يمنع ممارسة هذا النشاط داخل النسيج العمراني ،الا ان تساهل السلطات المحلية في مختلف البلديات شجع على انتشار عشرات الزرائب في الاحياء السكنية وهو ما افرز معاناة حقيقية لسكان تلك الاحياء ،التي تاقلم سكانها رغما عنهم مع الروائح الكريهة لفضلات المواشي وانتشار الحشرات والبعوض وغيرها من المظاهر التي تصاحب تربية الاغنام داخل المنازل والاحواش وحتى الفيلات التي تحولت مرائبها لحظائر غير شرعية لممارسة هذا النشاط .. ففي حي بوعمامة (الحاسي) التابع لبلدية وهران تتواجد عشرات الزرائب والحظائر المخصصة لتربية الاغنام والبقر والماعز ،ويخيل للمتجول في ازقة هذا الحي الحديث النشاة نسبيا انه في احد التجمعات السكنية الريفية التي الف الناس فيها هذا النشاط الذي يتميز به التجمعات السكنية ذات الطابع الريفى عادة ،غير ان الغريب في الامر هو انتقال مظاهر التريف وانتشارها الى المدينة وضواحيها واستمرارها رغم تهيئة تلك الاحياء وتزيينها واخراجها من التهميش الذي عانت منه لسنوات خلت ،وتعبر الشوارع المعبدة بالزفت بهذا الحي قطعان من الغنم يسهر رعاة يقطنون بالحي على رعيها في الغابات المجاورة للحي ويعودون مساء الى بيوتهم التي حولوها الى زرائب غير شرعية لتربية المواشي ،وتصاحبهم الكلاب في رحلتهم ذهابا وايابا والويل لمن اعترض طريقها ،وكثيرا وما وقع اطفال الحي فريسة لهذه الحيوانات التي يعتمد عليها الرعاة لحراسة قطعانهم ،وتجد المنازل الواقعة قرب "منزل الراعي " للبيع لكن الناس تتجنب السكن فيها لمعرفتهم المسبقة بما تعرفه تلك "الحومة" من انتشار للرائحة الكريهة والحشرات ،وهكذا تالف السكان منذ عقود مع هذا النشاط الجديد الذي يعلم الجميع انه ممنوع بقوة القانون ،ولم تقتصر المعاناة على سكان الاحياء الناشئة بفعل موجات النزوح الريفي التي شهدتها الجزائر اثناء تسعينيات القرن الماضي ،وان كان انتشار تلك المظاهر اثناء السنوات الاولى للنزوح مقبولا نتيجة المعاناة التي لقيها قاطنو الارياف في الولايات المجاورة ، لكن غير المقبول حسب السكان هو استمرار هذه المظاهر لازيد من 20 سنة خاصة وانها تسبب المعاناة مع الرائحة الكريهة التي تنبعث من الزرائب ،وساهم غياب السلطات الوصية والرقابة الميدانية رغم الشكاوي المتكررة للسكان في انتشار هذه الظاهرة على نطاق واسع لدرجة انها وصلت الى التجزئات العقارية الشرعية والسكنات الفردية "الفيلات " ،بعد ان كانت مقتصرة في الماضي على التجمعات السكنية القصديرية التي يسود فيها قانون الغاب في معظم الحالات ،وتنوعت المواشي بين بقر وغنم وماعز ،في الوقت الذي يكاد السكان يالفونها بالرغم من نفورهم من المشاكل المصاحبة لتربية الغنم داخل النسيج العمراني ،ولم تقتصر المعاناة على سكان التجمعات السكنية الحضرية التابعة لبلدية وهران ،بل لازال سكان منطقة القرايدية ببلدية طفراوي يعانون مع نفس المظاهر رغم ان الحي عبارة عن تجزئة عقارية شرعية ومهيئة لاحتضان السكان وليس المواشي ،كما يشكو سكان العديد من الاحياء ببلدية مرسى الحجاج ايضا نفس الظاهرة خاصة بحي "البحيرة الصغيرة " ،في حين تعاني الاحياء الواقعة شمال مدينة قديل من انتشار الزرائب خاصة وان المنطقة تقع قرب غابة "الزنين" بينما يتشابه الوضع في هذه المنطقة مع الوضع في الاحياء الواقعة شمال بلدية حاسي بن عقبة ايضا التي تقع قربها غابة الاسود ،وبارزيو عاصمة البترول لم يسلم سكان عمارات حي بن بولعيد وحي زبانة من الظاهرة اين تجد العديد من زرائب الاغنام قرب المنحدرات القريبة من الاحياء ،كما يعاني سكان العديد من الاحياء الواقعة ببلدية بوسفر والعنصر من نفس الاشكال ،ويلاحظ ان الظاهرة تنتشر بكثافة في البلديات المحاذية للحزام الغابي الذي يشكو بدوره من الرعي العشوائي ، وفي بوتليليس ايضا ورغم تحضر منطقة بوياقور والبريدية وحي الهاشم واستفادتها من مشاريع تحسين حضري الا ان السكان يعانون نفس المشاكل ، وتعتبرالاحياء الواقعة غرب ولاية وهران على غرار حي اللوز وكوكا وتجزئة خميستي والروشي وحي بوعمامة ومنطقة الرونكا المحاذية لغابات مرجاجو من اهم المناطق التي تنتشر فيها الظاهرة بحكم قرب الاحياء المذكورة لغابات المرجاجو ،ورغم خروج هذه الاحياء من دائرة "التجمعات الفوضوية " واستفادتها من مشاريع تهيئة وتحسين حضري وتشييد مرافق عمومية لتوفير متطلبات الحياة العصرية ، الا ان نشاط تربية المواشي بهذه المناطق ذات الطابع غير الريفي لازال يشكل نقطة سوداء تتطلب تظافر الجهود وتحمل المسؤوليات لانتشال السكان من هذا الوضع الغريب الذي وجدوا انفسهم مجبرين على تقبله