هجرة غير نظامية: مراد يشارك بروما في اجتماع رفيع المستوى يضم الجزائر، إيطاليا، تونس وليبيا    لعقاب : الانتهاء من إعداد النصوص التطبيقية المنظمة لقطاع الاتصال    أكثر من مليون ونصف مترشح لامتحاني شهادة البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط دورة يونيو 2024    الجزائر/موريتانيا : افتتاح الطبعة السادسة لمعرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط بمشاركة 183 عارضا    الجزائر تؤكد من نيويورك أن الوقت قد حان لرفع الظلم التاريخي المسلط على الشعب الفلسطيني    لعقاب يدعو إلى تعزيز الإعلام الثقافي ويكشف: نحو تنظيم دورات تكوينية لصحفيي الأقسام الثقافية    "تحيا فلسطينا": كتاب جديد للتضامن مع الشعب الفلسطيني    سليمان حاشي : ابراز الجهود المبذولة لتسجيل عناصر ثقافية في قائمة الموروث الثقافي غير المادي باليونسكو    دراجات/الجائزة الكبرى لمدينة وهران 2024: الدراج أيوب صحيري يفوز بالمرحلة الأولى    وفاة 8 أشخاص تسمما بغاز أحادي أكسيد الكربون خلال شهر أبريل الماضي    وزير الصحة يشرف على افتتاح يوم علمي حول "تاريخ الطب الشرعي الجزائري"    قسنطينة..صالون دولي للسيارات والابتكار من 23 إلى 26 مايو    مجمع الحليب "جيبلي": توقيع اتفاقية اطار مع وكالة "عدل"    اجتماع الحكومة: الاستماع الى عرض حول إعادة تثمين معاشات ومنح التقاعد    الفنانة حسنة البشارية أيقونة موسيقى الديوان    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    اليوم العالمي لحرية الصحافة: المشهد الإعلامي الوطني يواكب مسار بناء الجزائر الجديدة    معادن نادرة: نتائج البحث عن الليثيوم بتمنراست و إن قزام ايجابية    السيد عطاف يجري بكوبنهاغن لقاءات ثنائية مع عدد من نظرائه    معرض الجزائر الدولي ال55: نحو 300 مؤسسة سجلت عبر المنصة الرقمية الى غاية اليوم    حوادث المرور: وفاة 62 شخصا وإصابة 251 آخرين خلال أسبوع    رالي اكتشاف الجزائر- 2024 : مشاركة 35 سائقا اجنبيا وعدد معتبر من الجزائريين    اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحفيون الفلسطينيون قدموا مئات الشهداء وهزموا رواية الاحتلال الصهيوني الكاذبة    فلسطين: ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 34 ألفا و 596 شهيدا    منظمة العمل العربية: العدوان الصهيوني دمر ما بناه عمال غزة على مر السنين    المصلحة الجهوية لمكافحة الجريمة المنظمة بقسنطينة: استرجاع أزيد من 543 مليار سنتيم من عائدات تبييض الأموال    في انتظار التألق مع سيدات الخضر في الكان: بوساحة أفضل لاعبة بالدوري السعودي الممتاز    رئيس الجمهورية يحظى بلقب "النقابي الأول"    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    بخصوص شكوى الفاف    تدعيم الولايات الجديدة بكل الإمكانيات    بداية موفّقة للعناصر الوطنية    العلاقات بين البلدين جيدة ونأمل في تطوير السياحة الدينية مع الجزائر    انبهار بجمال قسنطينة ورغبة في تطوير المبادلات    الجزائر في القلب ومشاركتنا لإبراز الموروث الثقافي الفلسطيني    اجتياح رفح سيكون مأساة تفوق الوصف    إطلاق أول عملية لاستزراع السمك هذا الأسبوع    تكوين 500 حامل مشروع بيئي في 2024    حملة وطنية للوقاية من أخطار موسم الاصطياف    البطولة الإفريقية موعد لقطع تأشيرات جديدة لأولمبياد باريس    المجلس الشّعبي الوطني يشارك في الاجتماع الموسّع    الجزائريون يواصلون مقاطعة المنتجات الممولة للكيان الصهيوني    أوغندا تُجري تجارب على ملعبها قبل استضافة "الخضر"    بولبينة يثني على السعي لاسترجاع تراثنا المادي المنهوب    دعم الإبداع السينمائي والتحفيز على التكوين    تتويج إسباني فلسطيني وإيطالي في الدورة الرابعة    روما يخطط لبيع عوار للإفلات من عقوبات "اليويفا"    دعوة للتبرع بملابس سليمة وصالحة للاستعمال    263 مليون دينار لدعم القطاع بالولاية    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    خنشلة: الوالي محيوت يشرف على إحياء اليوم العالمي للشغل    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    هذه الأمور تصيب القلب بالقسوة    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الحركة النقدية مرهونة بكسر العلاقة بين الناقد والمتفرج"
جمال الدين حازورلي ل "الجمهورية":
نشر في الجمهورية يوم 23 - 12 - 2010

عرف من خلال برنامجه الإذاعي "سينيراما" الذي كان بداية هامة في مشواره الإعلامي الناجح ليتمكن من التغلغل بكل ثقة إلى عالم الفن السابع أين وقف إلى جانب أهم النقاد السينمائيين العرب وصنف ضمن أهم الوجوه الثقافية السينمائية بالجزائر، حيث بدا عشقه واضحا للسينما وغيرته على الإنتاج الوطني كانت بارزة جدا من خلال تقديمه للبرنامج وحضوره الجميل في مختلف المهرجانات واللقاءات السينمائية، وها هو اليوم الناقد المتألق جمال الدين حازورلي يحتفل مع جمهوره الوفي بعيد ميلاد "سينيراما" الثالث والعشرين بعد أن عاش لحظات لا تنسى رفقة كل مستمع جزائري وعاشق للفن السابع، ليتخذ من ردود الفعل الطيبة التي حصدها كل هذه المدة عنوانا حقيقيا لعمله وإخلاصه في هذا الفضاء الإبداعي الجميل. تكلم عن السينما وعن النقد ولم يوفر جهدا في طرح التساؤلات حول الواقع السينمائي الجزائري حيث عالج بكل جرأة أهم المواضيع التي لها علاقة مباشرة بالفن السابع وحركية هذا القطاع في ظل الإنتاجات الجديدة لمختلف المخرجين والمواهب الشابة محاولا بذلك إخراج السينما من قوقعتها وإفساح المجال أمام المبدعين للتألق والإنتاج، فخاطب من خلال برنامجه هؤلاء الأشخاص بعد أعطى لكل موضوع حقه من السرد والتحليل فصنع إستمرارية البرنامج بيده دون أن يفرض نسقه على أحد بل بالعكس دفع المستمع للتفاعل مع مواضيعه وحاز على إهتمام أكبر قدر ممكن من الجماهير ليستمد منهم روحه وقوته وفاجأ بنجاحه الكثير من النقاد والمسؤولين، لأنه بكل بساطة كان عفويا في طرح المواضيع التي لها علاقة مباشرة بالسينما الجزائرية لم يتردد يوما في إبداء رأيه حول مختلف الإشكاليات متحديا بذلك بعض الأقلام التي لم تعط للسينما الجزائرية حقها من الأهمية والتحليل، وعليه فإن تواجده بالمهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران كان فرصة لنا لإجراء هذا الحوار.
الجمهورية : كيف تقيم واقع السينما العربية؟
-حازورلي: السينما العربية صارت أحسن من العلاقات الرسمية بين الدول ونقصد بها السياسة طبعا، فالسينما العربية أصبحت الرابط المتين بين السينمائيين العرب وحتى الدول بمعنى أنه من خلال الفن السابع ولدت روابط الإتصال بين المجتمعات العربية وصانعي هذه السينما بالدرجة الأولى.
وإذا تحدثنا عن السينما العربية كفكرة فعلينا التكلم عن السينما المصرية فقط لأنه في الوقت الذي تألقت فيه هذه الأخيرة كانت الدول العربية الأخرى تحاول أن تصنع صورة واضحة لها في عالم الفن السابع وأن تصل إلى العالم الأوروبي بطريقة أو بأخرى على غرار السينما المغاربية من خلال الإنتاجات الأخيرة التي صارت تتسم بالجرأة والتمكن من الناحية السردية وهذا ما يميز السينما المشرقية أيضا، ونحن في الحقيقة لا نختلف عن هذا، وأريد أن أوضح سلوكنا هنا هو أن السينما المغاربية صارت أقوى بكثير من المشرقية التي تستند على الكلام والحوار وهما عنصران هامان في عالم الفن السابع دون منازع، لكن لا ننكر أيضا أن الميزة الكبرى للسينما العربية بصفة عامة هو وجود تيار جديد يقدمه مجموعة من الشباب المبدعين الذين لهم تجربة ناجحة في عالم الإخراج السينمائي والتمثيل وهي ورقة رابحة لصالح الفن السابع العربي، والأهم من ذلك أن هؤلاء الشباب جاءوا بفكر سينمائي جديد وفريد من نوعه وتصور لم نشهده من قبل بهدف تكسير النظرة النمطية للسينما المصرية مثلا خلال 20 سنة الفارطة وهو ما كنا نسميه "بالسينما التهريجية". ولحسن الحظ فإن هذا الجيل الجديد خرج عن الروتين وتميز بالجرأة والحبكة وكذا التميز في طرح الأفكار وتناول المواضيع الحساسة والطابوهات وذلك ما جعل السينما العربية تتألق وتلمع أكثر مما كانت عليه، والفضل في ذلك يرجع للجيل الجديد الذي كسر الحائط الذي بناه في فترة معينة نخبة من المنتجين الكبار والموزعين المتمكنين في عالم السينما والذين حموا ذوقهم وفكرهم في الإخراج مثلا وفرضوا نظريات كان لا بد للشباب الجديد أن يتبعها دون تردد أو إعتراض، وبمجرد كسر هذه النظرية خرجت السينما من قوقعتها وإزدهرت من خلال أعمال شبانية ناجحة سيطرت على السوق والإنتاج السينمائي.
صحيح أن هؤلاء الشباب لم يتمكنوا من المضي على خطى يوسف شاهين مثلا لكنهم جاءوا بأفكار جديدة من منظورهم الخاص وتخطوا مرحلة "الإنتاج الباهت" ليملؤوا هذا الفراغ ويقدموا أعمالا سينمائية ناجحة فازت بالعديد من الجوائز العربية والعالمية وهذا شرف كبير للسينما العربية التي تستحق هذه التكريمات بعد معايشتها للعديد من المراحل عبر التاريخ السينمائي الطويل والأسماء الشبانية كثيرة والقائمة طويلة لكن بصفة عامة نحن فخورين بهذا التطور الذي مس السينما العربية ونحن نتوقع إزدهارا أكثر من الذي حققته هذه الأخيرة في السنوات الماضية لنكون شاهدين على تميز كبير لم يشهده الفن السابع العربي بتاتا ونحن مستعدين لتبني جميع هذه الأعمال الناجحة.
الجمهورية: وماذا عن واقع السينما الجزائرية؟ هل ترى أنها تسير على نفس المنهج أم أنها لا زالت قابعة في مكانها؟
-حازورلي : لا بالعكس تماما، فالسينما الجزائرية عرفت مراحل ناجحة جدا من خلال أعمال لا زالت مسجلة في التاريخ غير أن الظروف كانت غير مساعدة لتألقها وإنتشارها لكن الحمد لله، فالأمور تغيرت تماما بفضل دائما هذا الجيل الجديد الذي جاء بأفكار مميزة ومواضيع متميزة وأخرج السينما الجزائرية من النسيان، وإذا ذكرنا مبدعين شباب فلا يمكن أن نتجاهل المخرج المبدع مؤنس خمار والمخرجة الشابة صابرية دراوي وكذا المتألق يانيس كوسيم وخالد بن عيسى وآخرين تمكنوا هم أيضا من النجاح وتقديم أعمال لامعة حازت على العديد من الجوائز والحمد لله فهذه الأسماء إستطاعت أن تمثل السينما الجزائرية أحسن تمثيل وتعطي صورة جيدة عن العمل السينمائي لا سيما الإخراج وعدد الجوائز التي حازت عليها خير دليل على تألق هذه الأسماء في أضخم المهرجانات العربية والدولية مثل مهرجان أبو ظبي السينمائي ومهرجان دبي إضافة إلى مهرجانات أخرى كدمشق وباريس وغيرها.
وليس هذا فحسب بل يوجد مخرجون آخرون تميزوا في خلفية هذا الجيل الجديد رغم أنهم مهاجرون وبعيدون عن الجزائر لكنهم رغم ذلك حاضرون بأعمالهم وقلوبهم على غرار رشيد بوشارب وعبد الكريم بهلول وشخصيات أخرى التي لا زالت تعمل من أجل الوصول إلى الأوسكار ورفع إسم السينما الجزائرية عاليا، والقائمة طويلة طبعا لا يمكن ذكرها كلها لكن الشيء الأكيد أن السينما الجزائرية مزدهرة بفضل أبنائها من الجيل الجديد، ولكي نحافظ على هذا الأزدهار علينا إنتاج العديد من القواعد الناحجة وأقصد بذلك توفر قاعات السينما التي تعتبر جد ضرورية لإتمام ما جاء به هذا الجيل الجديد فمن الجميل أن تصل هذه الأعمال السينمائية لأكبر عدد ممكن من المواطنين وعشاق الفن السابع
ومن جهة أخرى فإن السينما الجزائرية سرعان ما تميزت وتألقت بمواضيعها المتنوعة حيث صارت تتناول موضوع المرأة والشباب ناهيك عن مواضيع أخرى عن المجتمع في حد ذاته وبعض الظواهر الإجتماعية والإنسانية الخطيرة والتي لها تأثير مباشرة على المواطن بالدرجة الأولى لذلك فالسينما هي مرآة المجتمع دون منازع مما يدفعني للقول أن السينما الجزائرية تسير في خطى ثابتة ومركزة وليست إعادة مجد للسينما القديمة بل ميلاد جديد لسينما جديدة وناجحة
الجمهورية : في رأيك ما هي السبل الناجحة لصناعة سينما عربية متطورة؟
حازورلي: في رأيي إن الإرادة السياسية هي أهم عامل لصناعة سينما متطورة والحمد لله فهي موجودة خاصة في مجتمعنا الجزائري من خلال وزارة الثقافة بدعمها للمنتخبين الشباب وسهرها على تطور السينما في جميع المجالات ناهيك عن دعمها المادي والمعنوي للمواهب الشابة مما يشجعهم على الإنتاج السينمائي والعمل المتواصل لتحقيق النجاح وإنتاج أفلام ذات نوعية جيدة ومشرقة لذلك يمكن القول أن السينما الجزائرية تطورت بفضل هذه الهيئة الثقافية التي تسهر على ذلك دون أي كلل أو ملل ونحن شاكرين لها هذا الإهتمام الواضح وهذا إن دل فإنما يدل على الثقافة السينمائية الراقية التي يتميز بها مسؤولوالثقافة ببلادنا وهو أمر مطمئن وفي صالح الفن السابع الجزائري
الجمهورية: هل ترى المهرجانات السينمائية لها دور كبير في تطوير عالم الفن السابع؟
حازورلي : هذا شيء أكيد ولا يمكن إنكاره أبدا فالمهرنات لها دور كبير في تألق السينما لأنها تدفع بالمخرجين للإنتاج حتى يكونوا متواجدين بالحدث ويشاركوا بأعمالهم السينمائية الجديدة بما أن المهرجانات مساحة ناجحة لعرض الأفلام وفضاء واسع لخلق النقاش حولها والإجابة عن مختلف التساؤلات التي تشغل الإعلام وأهل الإختصاص والمهرجان فرصة للإجابة عنها والحصول على توضيحات بما أنه فرصة حقيقية أيضا لمعرفة خبايا السينما عن كثب وإكتشاف هذا العالم علي لسان الباحثين والمختصين ناهيك عن الإحتكاك مع المخرجين والممثلين والأمر الأكيد أن إقامة مهرجان سينمائي بالجزائر يفرض على المواهب الشابة أن تنتج وعلى المخرجين القدامى أن يبدعوا أكثر حتى يكونوا حاضرين في الطبعة لأنه من غير اللائق أن ينظم البلد مهرجانا معينا ولا يشارك بفيلم سينمائي وهذا أمر محرج فعلا لذلك يمكن القول أن المهرجانات تشجع الإنتاج الجديد في السينما وهي في الحقيقة حافز هام لبعث الإنتاج الجزائري على وجه الخصوص والأهم من ذلك أن الأمر لا يتطلب إنتاج فيلم واحد بل العديد من الأفلام الطويلة والقصيرة وذلك بالفعل ما يشهده هذا المهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران الذي عرف العديد من الأعمال السينمائية المشرفة لدخول المناقشة أمام الدول العربية الأخرى فشكرا للمهرجان الذي بفضله نشهد غزارة كبيرة في الإنتاج السينمائي الجيد
الجمهورية : ما تعليقك حول الإنتاج السينمائي الجزائري الحديث؟
حازورلي : هو في الحقيقة إنتاج طيب ومحترم كونه أهم بالمواضيع الحساسة في قالب وشكل سينمائي بحت وصدقوني فأحيانا أبقى مندهشا أمام بعض التصورات السينمائية لهذا الجيل الجديد وأنبهر لنوعية الأفكار والتصوير وهذا إن دل فإنما يدل على الإحترافية الكبيرة والثقافة السينمائية الواسعة لشبابنا الجزائري الذي صار لا يقل شأنا عن باقي المبدعين العرب والحمد لله فقاعات السينما تكتظ يوميا بالجماهير الذين يأتون خصيصا لمشاهدة هذه الأفلام الجزائرية الحديثة التي حققت نجاحات باهرة في باقي الدول العربية والأوروبية وأنا شخصيا متفائل جدا بالحركة السينمائية الراهنة بالجزائر ما دامت هناك أعمال ناجحة وإرادة قوية للمخرجين والمنتخبين للوصول إلى القمة وتحقيق الطموح السينمائي الذي يعتري كل واحد فيهم وهذا الإنتعاش الذي يعرفه قطاع السينما بالجزائر سيكون له وقع كبير على التطور الثقافي والفكري لا سيما إذا تعلق الأمر بالإنتاج الذي صار في أوجه بفضل الجهود المكثفة للشباب الذين برزوا بسرعة ولمعوا عالميا على غرار نور الذي زحزاح ومؤنس خمار وغيرهم دون أن ننسى المخرجين المغتربين الذين أعطوا الكثير هم أيضا للسينما الجزائرية وساهموا في رفع الإنتاج الوطني في القطاع السينمائي
الجمهورية : إلى أي مستوى وصل النقد السينمائي بالجزائر؟
حازورلي : في الماضي كانت الحركة الخاصة بالنقد السينمائي قوية حيث كانت شاشات عديدة ومجلات سينمائية مما فتح المجال أمام هؤلاء النقاد لتشريح واقع الفن السابع ومعالجة بعض المواضيع التي لها علاقة مباشرة بالقطاع السينمائي دون أن ننسى نوادي السينما التي كانت الملاذ الوحيد لشبابنا في القديم وكان قبله الملايين من الهواة قد والمبدعين الشباب إضافة إلى سينما تيك الجزائر التي لعبت دورا كبيرا في تكثيف الحركة السينمائية وحفزت العديد من النقاد الجزائريين على ولوج هذا الفضاء من به الواسع ومن أهم النقاد الذين أثروا المكتبة السينمائية بأفكارهم نذكر عبدو بن زيان والناقد جمال الدين مرداسي وكذا الناقد المعروف تازاروت .
لكن للأسف فهذه الحركية في النقد تضاءلت نوعا ما بعد أن غاب هؤلاء النقاد وصار الصحفيين مهتمين لوحدهم بالسينما فاختصوا في النقد وولجوا هذا الفضاء الذي يحتاج بالفعل الخاص ومتابعة مكثفة للأفلام بأنواعها مع الإبتعاد عن الذاتية والتحيز بل يكفي التركيز على فكرة الفيلم وأبعاده الفنية وأنا في رأيي إن السبب وراء هذا التضاؤل هو تقلص عدد النوادي السينمائية بالجزائر وفي بعض المناطق لا توجد نوادي وهو أمر محزن وخسارة كبيرة للفن السابع الجزائري كما أنها غلطة تحاسب جميعا عليها لأننا بذلك خسرنا جمهورا عاشقا للسينما وكذا إنتاجا من شأنه أن يعزز القطاع ويسمح بتألق السينما الجزائرية ودخولها عالم المنافسات الرسمية في إطار المهرجانات العربية والدولية ولكي تعود الحركة النقدية لسابق عهدها لا بد ألا تنكسر العلاقة بين الناقد والمتفرج بل يجب أن تتوطد الروابط بينهما كونهما يسيران على منهج واحد وأمام هدف معين وهو نجاح الفيلم السينمائي
وبالتالي يمكن القول أن النقد يساعد الجمهور على فك الرموز لأن الناقد يظهر في هذه الحلقة بعين العارف لقواعد السينما والمتطلع علي خباياها مما يساعد المتلقي على فهم الفكرة وإستيعاب مختلف الأبعاد الفنية التي يرمي إليها هذا الأخير وغالبا ما يتعذر على مخرج الفيلم أن يوصل أفكاره وما يقصده من خلال أحداث القصة لكن الناقد يعمل على إيضاح بعض المفاهيم المبهمة ويعزز جهوده لحل هذه الرموز وإيضاحها للجمهور وبالأخص المتلقي البسيط وهذا بالطبع إذا كانت هناك رموز معينة تستوجب ذلك .
وللتذكير فقط فإن الفيلم السينمائي عند الناقد مجرد رواية أو بالأحرى يعامله على أنه رواية لها قواعدها ومنهجها الجمالي وبطبيعة الحال فإن المخرج يستعمل مكملات فنية مثله مثل الأديب حيث يستعمل الكناية والإستعارة وعلى الناقد تحليل جميع هذه الأمور والإستماع لما تقوله الموسيقى والنص حتى الصوت المدني يرى فيما إذا كانت هذه العوامل الفنية منسجمة مع بعضها كونها تعطي خطابا خاصا بها ويختلف عن باقي الخطابات الأخرى وهذا من ميزات العمل السينمائي طبعا الذي يعتمد على طرق مختلفة .
كالإختصارات في السرد وبلاغة السّرد السينمائي يركز عليها الناقد بشكل كبير كونه ذلك الشخص المتمكّن الذي له القدرة على رفع الحجاب وكشف التفاصيل للمتلقي البسيط فيزداد فهمه بذلك للسينما والصورة.
الجمهورية: هل لك أن تحدثنا قليلا عن برنامجك الإذاعي »سينيراما«؟
- ج. حازورلي: كما تعلمون أنا بصدد الإحتفال بميلاد البرنامج في سنته الثالثة والعشرين مع مطلع السنة القادمة بعد أن كنت أعتقد أنه لن يكمل سوى سنة واحدة.
وبالتالي فبرنامج »سينيراما« هو برنامج إذاعي يهتم بعالم السينما ويبث أسبوعيا إنطلاقا من مدينة قسنطينة بالشرق الجزائري، وهو البرنامج المباشر الوحيد الذي يبث من محطة جهوية خارج العاصمة ضمن الشبكة الوطنية للإذاعة الجزائرية، وكما تعلمون فإن البداية كانت من قسنطينة دائما عندما قررت إخراج برنامج ثقافي ترفيهي ضمن الحيّز الأسبوعي المخصص لمحطة قسنطينة الجهوية من الثلاثاء إلى الأربعاء كل أسبوع، وكنت أتوقع في الحقيقة أن يعمّر البرنامج سنة أو سنتين فقط وهذا بالطبع إذا سارت الأمور على ما يرام، ولكن الوضع لم يكن كذلك فسرعان ما مرّ على عمر البرنامج 22 سنة، والحمد لله فقد حقق نجاحا معتبرا ولدي جمهور يتابعني بانتباه وينتظر موعد البرنامج، وهذا فخرٌ لي لأنني استطعت أن أؤثر في الجمهور وأكسب أكبر قدر من المستمعين الأوفياء.
والأهم من ذلك أن هذا البرنامج خرج من الدائرة الضيقة لمحطة إذاعية جهوية إلى الدائرة الأوسع بفضل الروائي الراحل الطاهر وطّار الذي قرر عندما كان مديرا للإذاعة أن يبث البرنامج مباشرة على الشبكة الإذاعية، كبرنامج مستقل، ضف إلى ذلك أن الأديب المعروف عز الدين ميهوبي وقف إلى جانب هذا البرنامج عندما تم تعيينه مديرا عاما للإذاعة حيث كان من أولى قراراته في أكتوبر 2006 أن أعاد بث البرنامج بعد صدور قرار بمنعه من البثّ في مارس 2004 من قبل أحد المسؤولين السابقين في الإذاعة الجزائرية آنذاك وكانت الفترة الممتدة بين مارس 2004 وأكتوبر 2006 الفترة الوحيدة التي توقف فيها هذا البرنامج لكن بصفة مؤقتة.
وإذا تساءلتم عن سبب هذه الإستمرارية فتأكدوا أن الجمهور هو الذي صنع هذا الإستمرار وحافظ عليه أنا أشكر الله كثيرا على هذه النعمة مما يعني أني لم أفرض نفسي وأفرض برنامجي بل بالعكس لدي جمهور يريدني ويستمع لبرنامجي خصوصا أنه يبث على المباشر مما يدفع المستمع للتفاعل معغه طوال مدّة البثّ، وفي الواقع فإن »سينيراما« تستمد روحها من هذا التجاوب والحب الكبير للجمهور الجزائري، وأنا أعمل كثيرا على أن تكون المادة المقدمة جيدة وعند حسن ظن المستمعين سواء تعلق الأمر بالأسئلة أو الحوارات، إضافة إلى تغطية الأحداث السينمائية المحلية والدولية، وأنا أحاول من خلال البرنامج خلق فسحة سينمائية تطل على عوامل الفن السابع في مختلف مجالاته.
كما يجدر القول أن فكرة البرنامج كانت عفوية جدا وأنا بصراحة تفاجأت بالنجاح الذي حققه طيلة هذه الفترة وها هو يستمر رغم جميع المصاعب التي تواجهها السينما الجزائرية كقلّة الصالات وانعدامها ببعض المناطق لكن هذا لم يمنعني أبدا من طرح الإشكال ومعالجة العديد من القضايا التي تهم المستمع بالدرجة الأولى.
وفي الأخير اسمحوا لي أن أؤكد أن برنامج »سينيراما« يلعب دورا كبيرا في دعم السينما الجزائرية وتثقيف المتلقي وهذا دور بيداغوجي وأنا اخترت السينما كعنوان للبرنامج للإلمام بجميع الفنون الأخرى كالرسم والموسيقى مثلا لتحتل السينما المرتبة السابعة في قائمة هذه الفنون مما يجعل الثقافة الفنية متكاملة وعصرية وواجهة حقيقية للحداثة والعصرنة، خصوصا أن السينما فن متجرّد وحديث وأنا أجدّد معه هذا البرنامج في كل مرة للحفاظ على التواصل بين الفن السابع والجمهور، ولا يمكنني الحديث عن البرنامج أكثر من هذا لأن الجمهور وحده قادر على التقييم وإبداء رأيه، والحكم على النجاح أو الفشل، مهمة صعبة جدّا وأنا أتركه للمستمعين العاديين والمختصين وكذا الإعلاميين، فيكفيني فخرا أن برنامجي ترك أثرا طيّبا في الوسط السينمائي رغم العوائق الكثيرة خصوصا أنني أحيانا أتكفل شخصيا بتمويله لكم هذا لا يهم فالشخص الذي يطمح لتحقيق شيء عليه ألا يحاسب الأشخاص الآخرين وأنا الحمد لله قنوع جدا ويكفيني إعتزازا بنجاح البرنامج الذي نشأت بيني وبينه علاقة حبّ وطيدة.
الجمهورية: كيف ترى مستقبل السينما الجزائرية؟
- ج. حازورلي: إن السينما الجزائرية بخير وعلى خير ولا يمكنني سوى التفاؤل بمستقبل جميل وناجح وكذا مليء بالإنتاجات الراقية والهامة، ورغم أننا نحتاج لإعادة حركة السينما الوطنية، إلا أننا نستبشر كل خير، وهذا ليس بالكلام فقط بل بالفعل والعمل وكذا المثابرة الجادّة، وعلينا أن نثري المكتبة السينمائية بأعمال ضخمة تبقى في التاريخ وتعالج مواضيع مختلفة تهم المجتمع بالدرجة الأولى، وبالتالي خلق جمهور متلقي وعارف لفنون السينما.
وليكون مستقبل السينما الجزائرية جيدا لا بد من مراعاة بعض الأمور كتكثيف البرامج السينمائية لأنها أحسن وسيلة للتعبير عن الأفكار ولا يوجد أحسن من الصورة للتعبير عن الصورة وأنا أقصد بذلك التلفزيون الذي هو مطالب أكثر من أي مؤسسة أخرى بأن يهتم بقطاع السينا كما عليه أن يعطيه فضاء واسعة للإقتراب أكثر من المشاهد والتأثير فيه دون أن ننسى المجلات السينمائية أيضا التي نفتقر إليها بشدة بل نحتاج إليها بشكل كبير، ومن الجيد أن تضم هذه المجلات باحثين ومختصين سينمائيين وحتى هواة من الجيل الجديد، إضافة أيضا إلى النوادي السينمائية بالجامعة والثانويات لأنها تلعب دورا كبيرا في إنعاش الحركمة السينمائية كونها تقوم بنشاط ثقافي هادف وذو تأثير كبير.
الجمهورية: كلمة أخيرة؟
- ج. حازورلي: أشكر جريدة الجمهورية على إجراء هذا الحوار الشيق والهام في نفس الوقت كما أحيّيكم على حسن تناول الموضوع وإعطاء النقد وكذا السينما الجزائرية قدرا كبيرا من الإهتمام وهذا أمرٌ هام بالنسبة لنا نحن كنقاد وصحفيين، وفي الأخير اسمحوا لي أن أعبر عن مدى فرحي وسعادتي بتنظيم هذا المهرجان الناجح للفيلم العربي الذي أعطى فرصة للتعرف على الأفلام العربية وخلق فرص الإحتكاك بين الإعلاميين والنقاد وكذا المخرجين والفنانين وهو أمر جميل يهدف بالدرجة الأولى لتعزيز الحركة السينمائية العربية ويكشف لعشاق الفن السابع أهمية هذا الفضاء ناهيك عن الندوات الفكرية التي جاءت في وقتها من خلال عناوين مميزة عالجت واقع السينما وكشفت عن أفكار النقد وأهل الإختصاص، وأرجو فعلا أن يشهد المهرجان إستمرارية طويلة ونجاحا أكبر في الطبعات القادمة إن شاء الله وشكرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.