يرى الدكتور العيد جلولي أن موضوع المسرح الجزائري والثورة التحريرية لا يزال في بداياته ويحتاج إلى بحوث متعددة وإلى حفر في تاريخ المسرح الجزائري، على الرغم من كثرة ما كتب حول المسرح الجزائري. قال الدكتور العيد جلولي خلال تنشيطه لندوة افتراضية نظمها أول أمس المسرح الوطني محي الدين بشطارزي في اطار الاحتفالات الخاصة بالذكرى ال 59 لعيدي الاستقلال والشباب، تطرق فيها لموضوع "التأليف الأكاديمي في موضوع المسرح والثورة، كتاب المسرح الجزائري والثورة التحريرية، للدكتور أحسن ثليلاني أنموذجا"، إن موضوع المسرح الجزائري والثورة التحريرية لا يزال في بداياته ويحتاج إلى بحوث متعددة وإلى حفر في تاريخ المسرح الجزائري، بالرغم من كثرة ما كتب عن المسرح الجزائري. وأضاف الدكتور أن المسرح الجزائري نشأ في ظلّ الحركة الوطنية وتشبع بروح المقاومة والنضال ضد المستعمر، فمع بداية الثورة الجزائرية في الفاتح من نوفمبر من سنة 1954 أوقفت سلطة الاستعمار الفرنسي فرقة المسرح العربي بأوبرا الجزائر التي كان يسيرها "محي الدين بشطارزي" و"مصطفى كاتب"، الأمر الذي دفع بعض المسرحيين إلى الالتحاق بالفرقة الفنية المسرحية التابعة لجبهة التحرير الوطني وقد أنتجت هذه الفرقة عدة مسرحيات، من بينها "أولاد القصبة"، "نحو الضوء"، "الخالدون" لعبد الحليم رايس، وقد قامت هذه الفرقة بعدة رحلات وعروض خارج الجزائر، مما مكنتها تلك الرحلات على التعريف بالقضية الجزائرية. من الباحثين الأكاديميين الذين كتبوا في هذا الموضوع الأستاذ الدكتور "أحسن ثليلاني"، فقد قدم للمكتب الجزائرية عدّة كتب في التأريخ للمسرح ويأتي كتابه "المسرح الجزائري والثورة التحريرية" في مقدمة ما كتب في هذا الموضوع. تناول الكاتب بالدراسة والتحليل ثلاث مسرحيات لها علاقة بالثورة التحريرية وهي "أبناء القصبة" لعبد الحميد رايس، و"مصرع الطغاة" لعبد الله الركيبي، و"الجثة المطوقة" لكاتب ياسين. وفي تدخل لها تسألت الدكتورة ليلى بن عائشة عن كيفية تقديم قراءة للثورة الجزائرية في سياق التطورات والتغيرات الحالية؟ هل يمكن أن نصل الحاضر بالماضي، ونصل الثورة التحريرية بثورة التغيير عبر الأعمال المسرحية نقدا وإبداعا برؤية مغايرة؟، وقالت في سياق حديثها إن الثورة تشكل في بعدها الفني وجها من وجوه التفاعل مع النضال الجزائري الذي انعكس بشكل جلي في مجمل الأعمال الفنية التي واكبت الثورة وعايشت أحداثها، وحاولت أن تعكس ذلك من خلال المسرحيات المذكورة بل إن صدى الثورة بقي يتردد حتى بعد نيل الاستقلال، إذ مجدت الأعمال بطولات الشعب الجزائري، ويعد الباحث أحسن تليلاني من أكثر الباحثين الذين نذروا قلمهم للثورة وللمسرح الجزائري في بعده النضالي والثوري أين تتبع أثر الحركة الوطنية في كل مراحلها ورصد توثيقا دقيقا للفن المسرحي في تلك الفترة وتوقف عند عديد الأسماء التي تركت أعمالا خالدة خلدت الثورة التحريرية أمثال عبد الحليم رايس وكاتب ياسين،كما تتبع الأعمال التي اهتمت بالثورة. وقال بالمناسبة، الدكتور الناقد محمد الأمين بحري، أن في تلك الفترة كان المسرح كله منخرطا في قضية الحركة الوطنية، أي كان مسرح القضية، وفيما بعد الاستقلال كان مسرحا إيديولوجيا.. سواء في طرق اقتباساته أو إبداعاته، وفي فترة العشرية الحمراء تلون بالأحمر على أيدي نخبة من الفنانين عاى غرار صونيا وبن قطاف وغيرهما.. وما إن فقد المسرح مثل تلك القضايا حتى فقد وجهته. من جانبه، قال الاستاذ أحمد حمومي إنّ السلطات الكولونيالية منعت الفرقة التي كان يشرف عليها محي الدين بشطارزي من النشاط لأن محي الدين سافر إلى فرنسا في ذلكم الوقت و قد كان لفرقة الشباب في وهران نشاط مسرحي، بين 1955 و1961، تمثل في عرض مسرحيات "الكنز" اِقتبسها الأستاذ أحمد بنتواتي عن توفيق الحكيم، و"جهة الشمس" "خضر لِدين" " خدمة شريفة"،"فجر الموت" وفوق الصومعة اقتباسا عن T.S.Eliot جريمة قتل في الكاثدرائية" وكلها من تأليف وإخراج أحمد خشعي وكان حينها مدرّسا للفرنسية. للإشارة، الأستاذ الدكتور العيد جلولي، أستاذ اللّغة والأدب العربي بجامعة قاصدي مرباح بورقلة بالجزائرية، وهو عميد كلية الآداب واللغات ورئيس وحدة بحث في مخبر النقد ومصطلحاته بنفس الجامعة، كما يشغل مهمة رئيس تحرير مجلة "الأثر" الصادرة عن كلية الآداب واللغات ومحافظ المهرجان الدولي للكتاب والأدب والشعر، وله أيضا عضوية الهيئة الاستشارية لمجلة "تموز" الصادرة عن مؤسسة تموز الثقافية بالسويد وكذا وحدة بحث "معجم اللغويين والأدباء في الجنوب الشرقي الجزائري". وقد عمل جلولي خبيرا للبحوث في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وعضوا في الهيئات العلمية للعديد من المجلات المحكمة كمجلة "عالم الفكر" الكويتية ومجلة "جذور السعودية" ومجلة "اللغة والادب العربي" بجامعة كيرالا بالهند، ومجلات وطنية جامعية محكمة، ويعد من الأسماء الجزائرية النادرة المختصة في أدب الأطفال إنتاجا ونقدا، فله ما يزيد على عشرة كتب في هذا المجال وفي الثقافة واللّغة، كما له ما يزيد على ستين بحثا منشورا في المجالات المتخصصة. وقد حصل على عديد الجوائز كالجائزة "عبد الحميد شومان" في مجال أدب الأطفال بالأردن (دورة 2010)، وجائزة "المؤتمر الدولي للغة العربية" لأفضل عشرة بحوث مقدمة للمؤتمر (سنة 2015) بالإمارات العربية المتحدة. وله إسهامات في مجال الإعلام "برامج إذاعية وتلفزية وندوات ثقافية"، كما تم تعيينه محافظا للمهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر منذ سنة 2018 إلى غاية اليوم.