اجتماع بوزارة النقل لدراسة كيفيات تجسيد تعليمات رئيس الجمهورية : هكذا سيتم سحب الحافلات المتهالكة    لم يتم تسجيل أي خسائر عقب الهزة الأرضية التي سجلت بولاية تبسة    بداية موفّقة لآيت نوري    المعرض الإفريقي للتجارة البينية بالجزائر : وزير التجارة يترأس اجتماعا تنسيقيا لمتابعة التحضيرات    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش: السيد مراد يزور عائلات ضحايا ببومرداس ويقدم لهم واجب العزاء    الأونروا تدعو إلى ضرورة العودة إلى نظام توزيع المساعدات في قطاع غزة بقيادة الأمم المتحدة    مانديلا فلسطين لم ينكسر    كرة القدم: إنشاء شركة فرعية لتسيير واستغلال ملعب "علي لابوانت" بدويرة    البارا-جيدو: الجزائر تشارك بخمسة مصارعين في الجائزة الكبرى للقاهرة-2025    أنظار الفاف تتجه نحو إنجلترا    هذا ما قاله بوتين بعد لقاء ترامب..    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش: وزير الاتصال يشارك في تشييع جنازة أحد الضحايا بالعاصمة ويقدم التعازي لعائلته    محروقات: التوقيع على اتفاقيتي دراسات بين ألنفط و أوكسيدنتال    سكك الحديدية : التصريح بالمنفعة العامة لإنجاز شطرين من الخط الجزائر العاصمة-تامنغست    عين الدفلى..هلاك 3 أشخاص وجرح 31 آخرين في حادث مرور بالطريق السيار شرق غرب    برج بوعريريج.. اعادة فتح الفضاء الترفيهي بغابة بومرقد بعد تهيئته    وهران: تأجيل افتتاح المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي إلى ال19 أوت    تيزي وزو: طبيعة خلابة ومواقع سياحية تسحر المصطافين    كرة القدم "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025 /المجموعة الثالثة/: المنتخب الوطني يجري أول حصة تدريبية له بنيروبي    ناصري: الفاجعة أدْمَتْ القلوب    الشبيبة تتعادل أمام فريق إماراتي    نحو إبرام صفقة مع شيفرون وإكسون موبيل    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: مزاعم الاحتلال الصهيوني ب"توفير الخيام" تجميل للتهجير القسري    10 أيام على نهاية آجال عدل 3    بوغالي يدعو بالرحمة.. والشفاء    مدارس تعليم السياقة تحت المجهر    الوضوء.. كنز المؤمن في الدنيا والآخرة    في إدارة العلاقة مع الكيان الإسرائيلي ج1    مخطط الكيان الصهيوني الاستيطاني بالضفة الغربية المحتلة    التحقيقات في حوادث المرور المميتة    صناعة السيارات : تمديد التسجيل في حملة تجنيد الكفاءات إلى غاية 21 أوت    رئيس البرلمان العربي يعزّي الجزائر    وزيرة الرقمنة تزور المصابين بمستشفى زميرلي    فتح تخصّص ليسانس في الإعلام والاتصال باللغة الإنجليزية    رئيسة البعثة الأممية تستعرض جهود الوصول لانتخابات تحظى بالقبول    دعم المراقبة الوبائية للملاريا المستوردة بالولايات الحدودية    شروط صارمة لضمان إقامة لائقة للحجّاج الجزائريين    141 محطة اتصالات لتغطية "مناطق الظل" والشواطئ    نكهات عابرة للحدود من موائد البحرالمتوسط    مولودية وهران تفوز في رابع ودية على وداد تلمسان    سهرات متنوعة تُمتع العائلات    بوزيد يخلد فانون في طابع بريدي جديد    فوز "متشردة ميتافيزيقية" لنعيمة شام لبي    شرط واحد يقرب بنفيكا البرتغالي من ضم عمورة    انتقادات هولندية لزروقي قبل تربص "الخضر"    حمامات العرائس بين عبق الماضي وفخامة الحاضر    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    زيد الخير يلتقي المصلح    بوابة نحو عصر رقمي جديد أم عبء صحي صامت..؟    توطيد التعاون الجزائري المصري للتصدّي للفتاوى المتطرّفة    وضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشباب بتاريخهم    فتح باب التسجيل للوكالات السياحية في حجّ 2026    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    المخرج التلفزيوني والسينمائي نور الدين بن عمر في ذمة الله    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    إسدال الستار على الطبعة ال13 من المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    متى تكون أفريقيا للأفارقة..؟!    وطّار يعود هذا الأسبوع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإبادة في الخطاب الصهيوني والخطر على البشرية جمعاء
نشر في الحياة العربية يوم 16 - 06 - 2025

هل ما نراه في غزة مجرد عدوان عسكري؟ أم إننا أمام مشروع متكامل للإبادة والتطهير العرقي على أسس عنصرية متجذرة؟
السلاح الأميركي – على اختلاف مسمياته واليد التي تحمله- الذي نفّذ جريمته ضد الإنسانية في هيروشيما وناغازاكي قبل ثمانين عامًا، ما زال مصرًا على استكمال فصول الجريمة؛ هذه المرّة ضد الشعب الفلسطيني وبيد صهيونية مجرّدة من الحسّ الإنساني.
في الحالة اليابانية كان الهدف الأميركي من الهجوم الذري اللاإنساني إجبار اليابان على الاستسلام والرضوخ الكامل دون شروط، حتى لو كان الثمن أكثر من مئتي ألف قتيل، وملايين الإصابات المتوارثة عبر الأجيال جرّاء التسمم الإشعاعي.
لسنا هنا في مقام المقارنة بين شعبَين ضحيتَين، بل لتوضيح كيف أن الأدوات ذاتها تُستعمل بأيدٍ مختلفة لخدمة نفس المنظومة الاستعمارية المتوحّشة.
من المؤكد أن التاريخ لا يرحم، والأشد تأكيدًا على الإطلاق أن سُنة الله في الطغاة الظالمين ماضية، كلما زاد الطغيان والظلم، كانت النهاية شافية لصدور المؤمنين.
بنى الاحتلال الصهيوني، الذي تعجز اللغة عن وصف وحشيته، خطابه على عدة مرتكزات، منها تجريد المواطن الفلسطيني من صفة "الإنسانية"، ليفتح الطريق أمام مئات الآلاف من الجنود الذين تجمعوا من شتات الأرض تحت ظل دولة استعمارية طارئة، وهم مجبولون على ممارسة القتل السادي والتلذذ به، مستندين إلى حبل السلاح الأميركي المدمر، وعلى الأسس النظرية الاعتقادية التي يعيد ساسة الكيان الصهيوني المارق إنتاجها على شكل تبريرات وحملات دعاية وتسويق سياسي واهٍ، ليس أوقح منه إلا من يصدّقه ويتساوق معه.
أذكركم بتصريحات وزير الحرب الصهيوني السابق، يوآف غالانت، في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 التي قال فيها: "نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف وفقًا لذلك". وسأنقل جزءًا يسيرًا فقط من رصد التصريحات المتجدّدة والكافية وحدها- لو كان هناك عدالة دولية ناجزة- أن ترمي قائليها وراء القضبان باعتبارهم خطرًا على الوجود الإنساني برمّته، فما بالكم وقد ترجمت هذه التصريحات حُممًا من الموت المحقق يرمَى على المدنيين العزل ويستهدف الأطفال في قطاع غزة!
وزير المالية الإسرائيلي المنقطع عن التاريخ، بتسلئيل سموتريتش- الأوكراني الذي يقيم في مغتصبة أدوميم غرب نابلس في الضفة الغربية، هذه الأرض التي كانت محطة قطار سبسطية العائدة بتاريخها إلى الفترة العثمانية، وكان يسكنها شعب فلسطين العربي قبل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، وبالتأكيد قبل قيام أوكرانيا نفسها كدولة- يقول في تصريحات متفرقة "لا يوجد شعب فلسطيني"، "ترك سكان قطاع غزة يموتون جوعًا يمكن أن يكون أمرًا مبررًا وأخلاقيًا"، "إن فتح أبواب جهنم ليس شعارًا بل إنه سيحدث"، "نحن نفكك غزة بالكامل منذ سنة ونصف، وسنتركها ركامًا، الجيش لن يبقي فيها حجرًا على حجر".
نسيم فتوري، نائب رئيس الكنيست وأبرز المشرّعين لجرائم الإبادة الجماعية، يقول بالحَرف حسب القناة 13 العبرية: "الحل الوحيد هو إحراق كل غزة بأهلها مرة واحدة"، ويقول مخاطبًا الجيش الوحشي: "هدفنا المشترك هو محو قطاع غزة من على وجه الأرض"، "احرقوا غزة فورًا".. قلتُ مرارًا إن النازية ما هي إلا تلميذ بسيط في مدرسة الصهيونية اللاإنسانية.
أما وزير ما يسمى بالتراث الإسرائيلي (المصطنع بطبيعة الحال) عميحاي إلياهو، الذي لم يستطع إخفاء شماتته بضحايا زلزال تركيا وسوريا في فبراير/ شباط 2023، ووصفه بأنه "عدالة إلهية"، يقول بكل سادية فاقت التصور البشري: "على الجيش إيجاد طرق مؤلمة أكثر من الموت للمواطنين في قطاع غزة"، "القيام بقتلهم (قتل أهل غزة) ليس كافيًا".
أما إيتمار بن غفير، العراقي – والعراق وأهله منه براء- فقال: "لن نسمح بدخول غرام واحد من المساعدات إلى قطاع غزة حتى يركع أهلها يتوسلون"، "غزة يجب أن تسوى بالأرض، لا يوجد شيء اسمه أبرياء".
أما موشيه فيغلن زعيم حزب زيهوت المتطرف، فقال بكل وضوح: " كل طفل في غزة هو عدو"، "علينا احتلال غزة حتى لا يبقى فيها طفل واحد، لا يوجد نصر آخر".
هل كانت هذه التصريحات كلمات عابرة أم تحولت إلى جريمة إبادة جماعية هي الأكثر وحشية في التاريخ الحديث؟إن هذه اللغة ليست انفعالية أو فردية، بل تمثل عقيدة سياسية مترسخة في بنية الدولة الصهيونية، وتُترجم يوميًا إلى سياسات إبادة ميدانية، في ظل صمتٍ دولي مشين. خلال أكثر من 600 يوم من الإبادة، تم تدمير 90% من قطاع غزة تدميرًا شاملًا، حتى منطقة المواصي التي صنفها الاحتلال "منطقة آمنة، قام بقصفها 46 مرة.
أكثر من 63 ألف شهيد ومفقود من المدنيين، بينهم أكثر من 18 ألف طفل، ونحو 12 ألفًا و400 شهيدة من النساء، بينهنّ 7.950 أمًّا شهيدة. الجيش الصهيوني أباد بشكل كامل 2.483 عائلة فلسطينية، مسحت من السجل المدني.
نسبة الشهداء من الأطفال والنساء وكبار السن زادت على 60%، فيما خلفت حرب الإبادة أكثر من 42 ألف طفل يتيم، قتل الجيش الصهيوني أحدَ والديهم أو كليهما. يشكل الأطفال في قطاع غزة نسبة تزيد على 47% من مجموع السكان، ما يزيد على مليون نفس بشرية، لم يترك الجيش الصهيوني منهم طفلًا واحدًا إلا واعتدى عليه؛ بالقتل المباشر أو التشويه والاختطاف والإجبار على النزوح والحرمان من الرعاية الصحية بحكم تدمير المشافي والمراكز الصحية، ومن نافلة القول أن الجيش الوحشي الذي حرم الأطفال من حق الحياة لن يراعي باقي حقوقهم كالتعليم والاستشفاء.
واكتملت الجريمة بشكلها الذي لا يوصف عندما أطبقت دولة الاحتلال حصارها على القطاع بشكل كامل، والحصار بشكل خاص لا يستهدف المقاومين بالدرجة الأولى؛ إنما يستهدف الأطفال حديثي الولادة وكبار السن والمرضى الذين ترتبط حياتهم بمستلزمات الرعاية الصحية.
ويمعن الجيش الصهيوني في جريمته باستهداف كل من ينقل هذه الحقائق، أعني الإعلاميين؛ حيث وصل عدد الشهداء من الصحفيين إلى 226 شهيدًا منذ بداية حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
إن ما تمارسه دولة الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين يندرج بوضوح ضمن تعريف جريمة الإبادة الجماعية الوارد في المادة 2 من اتفاقية منع الإبادة لعام 1948، والتي تشمل: القتل الجماعي، الإضرار الجسدي والنفسي، وفرض ظروف معيشية تؤدي للفناء. وكل هذه الأركان متحققة ميدانيًا في قطاع غزة.
السلاح الأميركي الذي نفذ هجومه النووي على هيروشيما وناغازاكي كان لفرض استسلام اليابان، وفكرة الاستسلام غير موجودة في قاموس أصحاب الأرض الفلسطينية وسكانها الأصليين.
ألم حصار غزة تجاوز ما جرى في لينينغراد، ومدة حرب الإبادة عليها، ومقاومة كل مشاريع إخضاعها تجاوزت معركة ستالينغراد، ونصرها القادم، بإذن الله، سيشفي صدور قوم مؤمنين، غزَّةُ هي الشِّعْبُ الَّذي سَيَنثر بُذورَ الحرية، ويعلن نهاية المشروع الصهيوني في منطقتنا "وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون".
على العالم أن يختار: إما الوقوف إلى جانب الإنسانية والعدالة، أو أن يكون شريكًا في أكبر جريمة إبادة في القرن الحادي والعشرين.
الجزيرة. نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.