تخرج دفعات جديدة بالمدرسة العسكرية متعددة التقنيات ببرج البحري    وزير العدل: مكافحة الفساد مسألة لا تهاون فيها    الأيام العلمية والتقنية لسوناطراك منصة استراتيجية في قطاع الطاقة العربي    الجزائر من أفضل الدول العربية في مجال الحماية الاجتماعية    سوناطراك وضعت خارطة طريق طموحة لتقليص الغازات المحروقة إلى نسبة 1 بالمائة    معرض الجزائر الدولي: منصة لتعزيز الشراكات وجذب الاستثمارات    إيران مستعدة لوقف إطلاق النار شريطة وقف الكيان الصهيوني لعدوانه    تعبئة دولية واسعة لإطلاق سراح السجناء السياسيين الصحراويين في السجون المغربية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 56077 شهيدا و 131848 مصابا    غزّة تحت الحصار.. سلاح التجويع والفوضى الممنهجة    أم البواقي: حيداوي يعطي إشارة انطلاق البرنامج الوطني للمخيمات الصيفية للولايات الداخلية لسنة 2025    انطلاق أشغال المنتدى العربي الرابع من أجل المساواة بالجزائر العاصمة    تخرّج دفعة جديدة من الأئمة الوعّاظ    ودخلت أمريكا الحرب.. ماذا بعد؟    تنصيب لجنة التحقيق في فاجعة ملعب 5 جويلية    حادث ملعب 5 جويلية: رئيس الكونفدرالية الافريقية يعرب عن تعازيه    الوسائط الاجتماعية تلبس الوشاح الأسود    بوغالي في زيارة رسمية إلى موريتانيا    نحو اقتناء 80 طائرة بدون طيّار لمُكافحة حرائق الغابات    ملحمة الفروسية التي تحيي التراث وتمجّد البطولات    كأس إفريقيا سيدات 2024 : المنتخب الجزائري يشرع في المرحلة الثانية من التحضيرات بسيدي موسى    إيطاليا: تفكيك شبكة لتهريب المخدرات انطلاقا من المغرب    وزير الثقافة والفنون يتباحث مع المدير العام ل"الألكسو" آفاق التعاون الثقافي المشترك    لا نقبل بأقل من 50% إدماج في الصناعات الكهرومنزلية والإلكترونية    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان "سيرتا للفروسية"    لا بديل عن الحل السلمي للملف النّووي الإيراني    منظومة الضمان الاجتماعي قوية لا تحتاج لإعادة النّظر    قادرون على إنشاء 10 آلاف مؤسسة ناشئة    لأول مرة.. ماستر في السّياسات العمومية والمناجمنت    مكانة مميزة لحقوق الإنسان في الجزائر    قانون الاستغلال السياحي للشواطئ محرك حقيقي للتنمية    مخطط أمني خاص بفصل الصيف    جاهزية تامة.. تركيز على مجانية الشواطئ والردع للمخالفين    إقبال لافت على مدرسة الدفاع المضاد للطائرات بالأغواط    فريق طبي موريتاني يشارك في عمليات زرع كلى بالجزائر    معرض الجزائر الدولي: رئيس الجمهورية يؤكد على أهمية مواصلة تعزيز تنافسية المنتوج الوطني    تسليم أولى تراخيص تنظيم نشاط العمرة للموسم الجديد    الجزائر- أنغولا : بحث سبل ترقية التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والمناجم    اختتام تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" لعام 2025.. الاحتفاء بالثقافة الحسانية وتعزيز حضورها كأحد روافد الهوية الثقافية المشتركة    مسابقات الاندية الافريقية 2025-2026: الجزائر من بين أفضل 12 اتحادية مشاركة في المنافسات القارية بأربعة أندية    إبراز الدور الهام للسينما في خدمة الثقافة الحسانية    وزير الثقافة والفنون يتباحث مع نظيره الموريتاني سبل توسيع آفاق التعاون الثقافي بين البلدين    الجزائر-موريتانيا: فرق طبية من البلدين تجري عمليات لزرع الكلى بالجزائر العاصمة    الجزائر نموذج للكفاح من أجل الحرية    نتمنى تحقيق سلام عالمي ينصف المظلوم    علامات ثقافية جزائرية ضمن قوائم الأفضل عربيّاً    فتح باب المشاركة إلى 20 أوت المقبل    قصة عابرة للصحراء تحمل قيم التعايش    الزمالك يصر على ضم عبد الرحمن دغموم    الرئيس إبراهيمي يريد جمعية عامة هادئة ودون عتاب    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تذاكى ترامب فانفضح نتنياهو!

من يعتقد أنّ الضربة الأميركية قد حلّت شيئاً في معادلة الصراع المحتدمة منذ هجوم الجمعة 13/6/2025 التي حيكت بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو ليس أكثر من هاوٍ أو انفعالي متسرّع.
هذه الضربة أدخلت المنطقة في مرحلة جديدة من الحرب عنوانها [المفاوضات لن تتقدّم قبل أن تتراجع دولة الاحتلال عن كل ما كانت تتشدّق به قبل الضربة الأميركية هرباً من حرب الاستنزاف].أصلاً الضربة الأميركية لم تكن سوى للإسراع في الخروج من القصف والقصف المقابل بعد فشل ضربة الصدمة والترويع.
أزعم هنا أنّ القصة كلها ليست قصة المفاعلات النووية من الأساس، وليست بعد أو قرب إيران من تصنيع السلاح النووي، لأن نتنياهو منذ أكثر من 10 سنوات وهو يردّد بأن إيران باتت على بعد عدّة أشهر، أو عدّة أسابيع من الوصول إليه.
وحتى الذي وُضع على طاولة ترامب لم يكن سوى حصيلة لعبة دنيئة قام بها رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية حين وظف نفسه كجاسوس صغير عند الدولة العبرية، وحين زوّر تقريراً ليس له أي فصل أو أصل، ولم يمرّ على أيّ لجنة فنية أو قانونية للوكالة، وتمّ سحبه من الملفّ بعد احتجاج اللجان المختصة في الوكالة، واعتُبر لاغياً، لكن النسخة التي أُلغيت هي التي قُدّمت لترامب، وعليها دار النقاش في البيت الأبيض، وعليها استند الأخير في تحديد درجة "الخطر" الذي وصل إليه البرنامج الإيراني.
باختصار فمن يحتلّ منصب رئيس الوكالة حاك هذه اللعبة بالتعاون مع نتنياهو لإقناع ترامب، ليس لأنه يحتاج لهذا الإقناع، وإنّما ليستند إلى "التقرير" في الحصول على رأي الأغلبية داخل الإدارة. وهذه الواقعة بالذات تثبت لكل عاقل ومُنصف أن البرنامج النووي ليس هو الموضوع، ولا هو المسألة.
ترامب توافق مع نتنياهو على الخدعة بالكامل، وبأدقّ تفاصيلها، ووزّعت الأدوار، ووزّع المدى الزمني لكل دور، وتمّ التنسيق بين هذه الأدوار، والجداول الزمنية لإنجازها في إطار لجان عسكرية وفنّية واستخبارية، وتمّت المصادقة النهائية على هذه الخطة في المكالمة الشهيرة، والتي دامت 40 دقيقة، كما أشرنا أكثر من مرّة.الخطّة لم تكن، ولم تبدأ من البرنامج النووي.. الخطّة بدأت وكانت أساساً لإسقاط النظام، والفشل في إسقاط النظام هو الذي فرض الذهاب إلى التدخل الأميركي للخروج من تبعات الفشل الذي أطاح بالخطّة الأصلية.
حسب بعض التقارير التي أتيح لي متابعتها فقد كانت الضربة الإسرائيلية تستهدف قتل حوالى 400 شخصية إيرانية من عسكريين وأمنيين وسياسيين.. وتمّ استخدام أكثر من 200 طائرة مسيّرة انطلقت من طهران وضواحيها، وبعضها من خارجها، بمساندة آلاف مؤلّفة من العناصر المدرّبة تدريباً عالياً على عمليات التخريب والاتصال والتنصُّت، وعلى سرعة الاستجابة، وكان المرشد علي خامنئي على رأس أولويات هذه الخطّة، وكل ما قيل حول جواز أو عدم جواز قتل أو اغتيال الأخير لم يكن سوى أكاذيب مضحكة.
ترامب أدرك كما نتنياهو أن الضربة الأميركية ليست هي العصا السحرية، خصوصاً بعد أن نشرت موسكو بأنّ المصانع الإيرانية تعمل كالمعتاد، وأنّ المفاعلات تعمل كالمعتاد بعد كلّ الهجمات الإسرائيلية، وزاد الطّين بلّة بعد إعلان طهران بأنّها نقلت المواد المطلوبة، ونقلت أجهزة الطرد المركزي إلى أماكن جديدة وآمنة.
وانكشفت الأكاذيب الأميركية والإسرائيلية حول تدمير المخزون الصاروخي لإيران، وحول "القضاء" على أكثر من نصف منصّات إطلاق الصواريخ، وتبيّن أن قدرة إيران الصاروخية تتصاعد كل يوم من حيث درجة التحكُّم، ونوعية الصواريخ، والأهمّ من حيث دقّة تحديد الأهداف وإصابتها.
التدحرج في الخطّة الأميركية الإسرائيلية جاء في ضوء الفشل الذريع لضربة السيطرة والترويع، والتي حقّقت نتائج مبهرة على كل حال لكنها فشلت في الهدف. والذي جرى لهما معاً هو أنهما قاما بعملية جراحية ممتازة لكن النتيجة كانت موت المريض.نعم مات المريض، والمريض هنا هو كان إسقاط النظام، وليس أيّ شيءٍ آخر، أو بصياغة أخرى انتقلت الخطّة بالهدف من إسقاط النظام إلى البرنامج النووي والصواريخ، أي تمّ الانتقال من السبب إلى الذريعة.
وعندما يتحوّل العمل العسكري الكبير وعلى هذا المستوى من الحساسية والخطورة، وتختلّ معادلة الخطّة إلى هذا المستوى المنحدر تصبح الحلقات التالية كلّها مُربكة وعشوائية، بل وعبثية أحياناً.
صور الأقمار الصناعية، حسب صحيفة "واشنطن بوست" أظهرت وكشفت أن المواد عالية التخصيب قد تمّ نقلها بشاحنات تم تصويرها، وأجهزة الطرد المركزي، أيضاً، لأن الصور أثبتت خروج أكثر من 20 شاحنة من مبنى المفاعل إلى خارج المنطقة.
هنا نحن لسنا أمام ادّعاء إيراني فقط، وإنما أمام صور موثّقة، ما يعني أن الضربة لم تكن بالكيفية التي تحدث بها ترامب على الإطلاق.
ثم من المستحيل أن تتم ضربة بهذه الضخامة، وباستخدام 6 قنابل من الثقيلة الخارقة للتحصينات، ولا يشاهد أثر لموجات كهرومغناطيسية، أو لا يتم دمار في محيط عدة كيلومترات من حول المفاعل، ولا يتم أي تسريب لأي نوع من الإشعاعات.
فإمّا أنّ القنابل لم تصل إلى الصحن الداخلي للمفاعل، وهنا يثبت فشل هذه القنابل، وإمّا أنّ المواد الحسّاسة، والأجهزة الحسّاسة لم تكن داخل المفاعل. وسواء هذه أو تلك، أو كلاهما معاً فإنّ ترامب يكون قد ضلّل نفسه، وضلّل المؤسّسات الأميركية، وضلّل جمهوره الأميركي والعالم كلّه.
أما نتنياهو، والذي سارع قبل أن يثبت له، ولحكومته أيّ شيء على الإطلاق للقول إنه "تعهّد فأوفى" فحالته أصعب بكثير من حالة ترامب. والمهمّ الآن أنّ كليهما أمام فشل جديد بصرف النظر عن حجم الأضرار التي تسبّبت بها الضربة الأميركية دون شكّ.والحقيقة الأخرى التي تثبت أنّ إسقاط النظام وتقويض الدولة الإيرانية هو الهدف الحقيقي لهذه الحرب، والذي يجب أن نراه هو أن أميركا كانت، وما زالت ترى في الموقع الجيوسياسي لإيران المدخل الأهمّ في زعزعة التفوّق العسكري الروسي، وزعزعة التفوق الصيني على الصعيد الاقتصادي، وهو ما يحولّ إسقاط النظام الإيراني، وتقويض الدولة الإيرانية إلى أكبر إنجاز إستراتيجي في التوازن الدولي كلّه.
هذا يُرتّب على كلّ من روسيا والصين التزامات عالية في الدفاع عن الدولة الإيرانية، لأنّ المسألة من زاوية كبيرة تتعلّق بنظام الهيمنة الأميركي على حسابهم وبالضدّ من مصالحهم. هذه حرب بدأت مرحلتها الجديدة مع الضربة الأميركية، لن تنتهي هنا، وستمتدّ لفترة طويلة نسبياً.
لو كنت في مكان إيران لأجّلت الاشتباك مع القوات الأميركية، ولما أقدمت على أيّ خطوةٍ باستثناء التركيز الشديد على حرب الاستنزاف مع دولة الاحتلال، لأن الاستنزاف وحده كفيل باستعادة إيران لحقوقها في التطوير السلمي المشروع والشرعي لبرامجها النووية.
طالما أن دولة الاحتلال ما زالت قادرة على تحمّل حرب الاستنزاف فإن المفاوضات لا طائل منها، وفقط عندما تفقد قدرتها على التحمّل ستكون إيران قد حقّقت لنفسها، ولشعوب المنطقة أكبر إنجاز في تاريخ الصراع مع المشروع الصهيوني.
تجنّب الصدام مع ترامب هو الذي يضيّق عليه هوامش المناورة والخداع، والابتعاد عن "العنتريّات" هو الذي يجعل من معركة إيران معركة بأعلى درجات الحسابات المتوازنة شريطة ضمان أن تبقى المعركة محصورة مع دولة الاحتلال، وشريطة أن تلتزم أميركا بعدم معاودة الرجوع للحرب المباشرة على إيران.
الأيام الفلسطينية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.