جمع فنانون ومختصون في الفن التشكيلي المعاصر على ضرورة تمسك الفنان الافريقي بجذوره الثقافية حتى يحافظ على خصوصيته وهويته مؤكدين أهمية الدفاع عن الموروث الحضاري الإفريقي في ظل التحولات التي يشهدها الفن العالمي. وجاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان "الفن الإفريقي المعاصر بين الاعتراف الدولي والتحديات المحلية"، ضمن منتدى دولي نظمته محافظة المهرجان الثقافي الدولي التاسع للفن التشكيلي المعاصر بالمدرسة العليا للفنون الجميلة، حيث استعرض المشاركون تجاربهم في تفعيل ممارساتهم الفنية المعاصرة وترسيخ حضورهم في الساحة العالمية إلى جانب التحديات التي يواجهونها لدعم هذا الفن والترويج له محليا. وأوضح الفنان النيجيري عزيز سلامي أن الفن "مهما بلغ من انتشار دولي يبقى ملزما بأن يعكس الثقافة المحلية" مشيرا إلى أن الفنان قادر على ابتكار أعمال تستقطب الجمهورين المحلي والعالمي دون التخلي عن هويته. وأضاف المتحدث أن العالم بات "أكثر فضولا" لاكتشاف الثقافات المحلية ما يستوجب حسبه منح الفنان الاعتراف والتقدير الضروريين لتمكينه من إنتاج فن يعبر عن حضارته ومرجعياته مبرزا من جهة اخرى "الدور الكبير" الذي تلعبه التكنولوجيا الحديثة في نشر الأعمال الفنية وتجاوز الحدود التقليدية. وأما الفنان المصري محمد فتحي أبوالنجا فقد تطرق إلى تنوع وثراء اللغات والثقافات في القارة الإفريقية مشيرا في الوقت ذاته إلى السياسة الاستعمارية التي همشت الكثير من الأسماء الفنية وقدمت الفنون الإفريقية في صورة ثانوية، كما حذر المتحدث من "التأثيرات السلبية" للتمويل الخارجي للمشاريع الفنية ومن الخضوع لإملاءات السوق الفني العالمي معتبرا ذلك "شكلا جديدا من الاستعمار الثقافي" داعيا الفنانين إلى "إيجاد خطاب بصري قوي ومبتكر يفرض وجوده على الآخر". ومن جهتها شددت الجزائرية ياسمينة عزي على أهمية تمكين الفنان الجزائري من الظهور والمشاركة في الفعاليات الفنية الدولية من خلال عرض أعماله ومناقشة تجربته ورؤيته الفنية. ورأت عزي أن "قوة الحضور الخارجي تبدأ أولا من الاعتراف بالفنان محليا" مؤكدة على ضرورة إنشاء سوق فنية في الجزائر "تبرز الطاقات الإبداعية المتنوعة القادرة على تمثيل الثقافة الجزائرية في المحافل الدولية". كما اعتبرت المتحدثة أن للفن دورا محوريا في تغيير الصورة النمطية التي خلفها الاستعمار عن طريق إبراز الغنى الفني الذي يميزه بما في ذلك إبراز البعد الإفريقي مشددة على أهمية التبادل الفني بين الدول الإفريقية وتسهيل تنقل الفنانين بينها.